إردوغان يتوقع دخول قوات «غصن الزيتون» إلى عفرين في أي لحظة

الجيش التركي ينشئ نقطة مراقبة جديدة في إدلب

مقاتلون من المعارضة السورية قرب عفرين أمس (رويترز)
مقاتلون من المعارضة السورية قرب عفرين أمس (رويترز)
TT

إردوغان يتوقع دخول قوات «غصن الزيتون» إلى عفرين في أي لحظة

مقاتلون من المعارضة السورية قرب عفرين أمس (رويترز)
مقاتلون من المعارضة السورية قرب عفرين أمس (رويترز)

شرع الجيش التركي في إقامة نقطة مراقبة جديدة في منطقة خفض التصعيد في إدلب، في وقت أطبقت القوات المشاركة في عملية «غصن الزيتون» حصارها حول مركز مدينة عفرين من مختلف الجهات، وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن قوات الجيشين التركي والسوري الحر باتت «قاب قوسين أو أدنى» من دخول المدينة.
وقال إردوغان، في كلمة أمام مؤيدي حزب العدالة والتنمية في مؤتمر جماهيري في مدينة ماردين (جنوب شرق)، أمس: «أوشكنا على دخول عفرين، وسنزفّ لكم البشرى في أي لحظة».
وواصل إردوغان هجومه على الولايات المتحدة بسبب دعمها السابق لوحدات حماية الشعب الكردية التي تستهدفها تركيا في عفرين قائلاً: «نحن نرى الحقائق، وبعدما باتت أكاذيبكم مكشوفة وصناديق الأسلحة والذخائر واضحة، ما الأكاذيب التي ستطلقونها؟ كونوا صادقين». وأضاف: «بواسطة المساعدات المقدمة لهم من قبل أصدقائنا الغربيين (الولايات المتحدة)، حفروا الأنفاق التي يمكن أن تسير فيها شاحنات، هل رأيتم مخازن الأسلحة؟ تضم كل أنواع الأسلحة المقدمة إليهم من قبل هؤلاء الذين يتظاهرون بأنهم أصدقاؤنا والآن نحن ندمّرها تماماً».
وتمكنت قوات الجيشين التركي والسوري الحر، أمس، من إكمال حصار وسط مدينة عفرين. وقال الجيش التركي إن الوحدات المتقدمة من الشرق والغرب التقت مع نظيرتها المتقدمة من الاتجاه المعاكس في شمال عفرين ضمن عملية «غصن الزيتون».
وسيطرت القوات على قرى «حاج قاسملي» في ناحية «معبطلي»، و«أشكان شرقي» في ناحية «جنديرس»، وقرية «استارو» التابعة لمركز عفرين بعد سيطرتها في وقت سابق على 4 قرى أخرى ليرتفع عدد النقاط التي تم تطهيرها ضمن العملية إلى 268، بينها 224 قرية، و44 منطقة استراتيجية.
ودفع الجيش التركي بمزيد من عناصر القوات الخاصة إلى الحدود مع سوريا في إطار دعم القوات المشاركة في عملية «غصن الزيتون» التي انطلقت في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي.
ونفى الجيش التركي أنباء تحدثت عن استهداف قواته لمستشفى في عفرين السورية، مؤكداً أن تلك الأنباء «عارية عن الصحة تماماً».
وقالت رئاسة الأركان التركية، في تغريدة عبر حسابها على موقع «تويتر»، أمس، إن «الأنباء التي وردت حول استهداف قواتنا لمستشفى في عفرين، عارية عن الصحة».
وشددت على أن عملية «غصن الزيتون» تجري دون إلحاق أي ضرر على الإطلاق بالمدنيين، أو حتى بالبيئة. كما أعلنت رئاسة الأركان التركية تحييد 3567 مسلحاً منذ انطلاق عملية «غصن الزيتون» في عفرين.
في الوقت نفسه، قالت الأمم المتحدة إن تقارير وردت إليها عن أن المعارك في منطقة عفرين تسببت في نزوح أكثر من 48 ألفاً من سكانها، بينما قالت مسؤولة كردية كبيرة، والمرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، إن أكثر من 150 ألفاً نزحوا من مدينة عفرين في الأيام القليلة الماضية.
وقالت هيفي مصطفى، وهي عضوة بارزة في الهيئة المدنية التي تدير شؤون منطقة عفرين، إن السكان يفرون من المدينة الرئيسية إلى مناطق أخرى يسيطر عليها الأكراد في المنطقة وإلى مناطق تسيطر عليها الحكومة، حسب «رويترز».
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن طائرات ومدفعية تركية قصفت المدينة خلال ليل الجمعة – السبت. وأضاف أن 150 ألفاً فروا على الأقل منذ يوم الأربعاء الماضي. وأكدت وسائل الإعلام التركية أن مركز مدينة عفرين تعرض لقصف مكثف من جانب الطيران الحربي التركي.
وفي السياق ذاته، بحث إردوغان، مساء أول من أمس، مع السكرتير العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، ينس ستولتنبرغ، عملية «غصن الزيتون». وذكرت مصادر في الرئاسة التركية أن إردوغان أطلعه على معلومات حول العملية العسكرية، وشدد على أن «غصن الزيتون» لا تشكل عائقاً أمام مكافحة تنظيم داعش الإرهابي، إنما تعد جزءاً من مكافحته. وأكد إردوغان أن تركيا تكافح جميع التنظيمات الإرهابية في وقت معاً. وأعرب عن أسفه لاعتبار بعض الدول الأعضاء في الحلف، أن مكافحة الإرهاب تقتصر على «داعش» فقط، مشيراً إلى مواصلة تركيا التزامها بقيم حلف الناتو.
من جانبه أكد ستولتنبرغ أن تركيا حليف مهم بالنسبة إلى الناتو ولديها مساهمات كبيرة، وعبّر عن تفهمه للمخاوف الأمنية التركية، مشيراً إلى أهمية العمل المشترك في مكافحة الإرهاب.
في سياق موازٍ، وصلت قافلة تابعة للجيش التركي إلى منطقة «عندان» في ريف حلب الغربي، لتأسيس نقطة مراقبة جديدة لوقف إطلاق النار في إطار اتفاق مناطق خفض التصعيد التي تشمل مدينة إدلب وأجزاء من حلب واللاذقية وحماة في سوريا.
وذكرت وكالة الأناضول، أن القافلة وصلت بشكل آمن إلى إحدى قرى مدينة «عندان» من أجل إنشاء نقطة لمراقبة منطقة خفض التصعيد في إدلب تبعد عن الحدود التركية قرابة 35 كم.
وأُقيمت منطقة خفض التصعيد في إدلب في إطار محادثات آستانة، من أجل وقف إطلاق النار في سوريا، ومراقبة تطبيقه وضمان استمراره، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، وتوفير الظروف الملائمة لعودة النازحين.
ومنذ 21 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، تواصل القوات المسلحة التركية تحصين مواقع نقاط المراقبة على خط إدلب - عفرين، بهدف مراقبة «منطقة خفض التصعيد» في إدلب.
وقال إردوغان، أول من أمس، إن القوات التركية ستواصل إقامة مناطق خفض التصعيد وستنتهي من عملية عفرين ومن ثم ستتجه إلى منبج.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.