«فيسبوك» يوقف شركة للمعلومات بسبب مخالفتها للقوانين

استخدمت معلومات 50 مليون شخص لصالح ترمب و«بريكست»

«فيسبوك» (أ.ب)
«فيسبوك» (أ.ب)
TT

«فيسبوك» يوقف شركة للمعلومات بسبب مخالفتها للقوانين

«فيسبوك» (أ.ب)
«فيسبوك» (أ.ب)

أعلن «فيسبوك»، أمس، عن توقيف حساب شركة تحليل المعلومات «كمبريدج أنالاتيكا»، بسبب احتفاظها بمعلومات عن مستخدمي منصة التواصل الاجتماعي في مخالفة لقوانين موقع التواصل الاجتماعي. القصة خلف علاقة الشركة و«فيسبوك» متداخلة ومتشابكة، وتخلط السياسة والتجارة والتكنولوجيا، وتوضح المدى الذي يمكن أن تسلكه الشركات العالمية للاستفادة من معلومات مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
ولكن بالعودة لقرار «فيسبوك»، فالموقع وافق على عقد اتفاق مع أستاذ بجامعة كمبريدج اسمه ألكساندر كوغان لتطوير تطبيق لاختبارات الشخصية جمع عبره معلومات هائلة حول المستخدمين وأذواقهم وميولهم السياسية. غير أن كوغان لم يدمر المعلومات بعد استخدامها، بل قام ببيعها لعدد من الشركات منها «كمبريدج أنالاتيكا».
وحسب ما كتب بول غروال، المستشار القانوني لـ«فيسبوك» في مدونته، فالأمر يعود إلى عام 2015 «علمنا في ذلك العام أن بروفسور في علم النفس يدعى د.ألكساندر كوغان قد خالف قوانين منصتنا». وهو ما أكده «مسرب معلومات» اسمه كريستوفر وايلي من جامعة كمبريدج، الذي عمل مع شركة تحليل المعلومات لصحيفة «أوبزيرفر»، حيث قال إن «كمبريدج أنالاتيكا» جمعت معلومات ملايين المستخدمين في «فيسبوك» من الناخبين الأميركيين، في خرق لقوانين منصة التواصل الاجتماعي، واستخدمت المعلومات في بناء برمجيات للتنبؤ والتأثير على نتائج صندوق الاقتراع. وقال وايلي: «قمنا باستغلال (فيسبوك) لاستخراج معلومات شخصية لملايين المستخدمين، وطورنا نماذج لاستغلال كل ما نعرفه عنهم».
واطلعت «الأوبزيرفر» على وثائق تؤكد أنه بحلول عام 2015 اكتشفت «فيسبوك» أن عملية هائلة لاستخراج معلومات مستخدميه قد حدثت، غير أنها لم تخبر المستخدمين، وقامت بخطوات محدودة لاسترجاع وتأمين معلومات أكثر من 50 مليون شخص. والمعروف أن كوغان قد طور تطبيقاً على «فيسبوك» بعنوان «ذيس إز يور ديجيتال لايف»، الذي يقدم اختبارات للشخصية، ويعتمد على جمع معلومات المستخدمين، الذين بلغ عددهم 270 ألف مستخدم وافقوا على أن يستخدم التطبيق معلوماتهم الشخصية، وميولهم التي يمكن استخلاصها من تحليل ما يضعون عليه علامة «لايك». وقدم التطبيق للمستخدمين على أنه اختبار للتنبؤ بالشخصية لصالح خبراء علم النفس.
يشير بيان «فيسبوك»، إلى أن المستخدمين لم يعرفوا أن معلوماتهم الشخصية قد بيعت لأطراف أخرى منها شركة «كمبريدج أنالاتيكا». وأضاف غريوال: «على الرغم من أن كوغان حصل على المعلومات بطريقة شرعية وعبر قنوات معروفة تحكم كل مطوري التطبيقات على فيسبوك»، إلا أنه لم يلتزم بقواعدنا».
من جانبها أصدرت «كمبريدج أنالاتيكا» بياناً قالت فيه إنها قامت بتدمير المعلومات التي تلقتها عبر كوغان، بعد أن علمت أن ذلك ضد قوانين «فيسبوك». كما أكدت أنها لم تستخدم تلك المعلومات خلال الانتخابات الأميركية.
شركة المعلومات «كمبريدج أنالاتيكا» تخصصت على مدى سنوات طويلة في «التأثير في أذواق المستهلكين» في مجالات عدة، وإن كانت اشتهرت بسبب دورها في الانتخابات الأميركية و«بريكست». خريطة المسؤولين في الشركة تحمل أسماء كبيرة في السياسة الأميركية، فرئيسها التنفيذي هو روبرت ميرسر الملياردير المساند لدونالد ترمب، ورأسها أيضاً ستيف بانون مدير حملة ترمب الانتخابية، كما تمتد الخيوط لنايجل فاراج السياسي البريطاني، أحد مهندسي حركة انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي.
وحسب تقرير لصحيفة «غارديان»، فروبرت ميرسر كان من أشد المعجبين بـ«كمبريدج أنالاتيكا»، وأصبح أحد المساهمين الرئيسيين فيها، وتذكر الصحيفة أن حملة دونالد ترمب الانتخابية دفعت 5 ملايين جنيه إسترليني للشركة، حتى تساعدهم في الوصول للناخبين المترددين.
وكان ألكساندر نيكس الرئيس التنفيذي لـ«كمبريدج أنالاتيكا» قد كتب مقالاً في موقع «كامباين ماغازين» في فبراير (شباط) 2016 قال فيه: «مؤخراً انضمت (كمبريدج أنالاتيكا) لحملة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي لمساعدتهم على فهم والتواصل مع الناخبين في بريطانيا. وبالفعل نجحنا في دعم حملة (لييف إي يو) على مواقع التواصل الاجتماعي بالتأكد من أن الرسائل الموجهة تصل للناخبين.
وحققت صفحة الحملة على (فيسبوك) الدعم المتزايد من نحو 3000 شخص في اليوم».


مقالات ذات صلة

المفوضية الأوروبية تغرّم «ميتا» نحو 800 مليون يورو بتهمة تقويض المنافسة

تكنولوجيا شعار شركة «ميتا» يظهر على شاشة جوّال (أ.ف.ب)

المفوضية الأوروبية تغرّم «ميتا» نحو 800 مليون يورو بتهمة تقويض المنافسة

أعلنت المفوضية الأوروبية، الخميس، أنها فرضت غرامة قدرها 798 مليون يورو على شركة «ميتا» لانتهاكها قواعد المنافسة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم الانشغال الزائد بالتكنولوجيا يُبعد الأطفال عن بناء صداقات حقيقية (جامعة كوينزلاند) play-circle 00:32

أستراليا تتجه لحظر «السوشيال ميديا» لمن دون 16 عاماً

تعتزم الحكومة الأسترالية اتخاذ خطوات نحو تقييد وصول الأطفال والمراهقين إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ تحظر «ميتا» و«تيك توك» و«يوتيوب» و«إكس» المنشورات التي تسعى إلى ترهيب الناخبين (رويترز)

كيف تعمل «ميتا» و«تيك توك» و«يوتيوب» و«إكس» على إدارة التهديدات الانتخابية؟

أكثر شبكات التواصل الاجتماعي نفوذاً -بما في ذلك «ميتا» و«تيك توك» و«يوتيوب» و«إكس»- لديها سياسات وخطط جاهزة لإدارة التهديدات الانتخابية والمعلومات المضللة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار العلامة التجارية «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر محمول (رويترز)

كوريا الجنوبية تغرم «ميتا» 15 مليون دولار لانتهاك خصوصية المستخدمين

فرضت كوريا الجنوبية غرامة قدرها 21.62 مليار وون (ما يعادل 15.67 مليون دولار) على شركة «ميتا»، المالكة لـ«فيسبوك»، بعدما تبين أنها جمعت بيانات حساسة للمستخدمين.

«الشرق الأوسط» (سيول )
العالم «قانون السلامة عبر الإنترنت» من شأنه أن ينهي عصر التنظيم الذاتي لوسائل التواصل الاجتماعي (أ.ف.ب)

قوانين أوروبية جديدة لمواجهة المحتوى الضار عبر الشبكات الاجتماعية

نشرت آيرلندا، الاثنين، قواعد ملزمة تهدف لحماية مستخدمي منصات مشاركة الفيديو بالاتحاد الأوروبي؛ بما فيها «إكس» و«فيسبوك» و«إنستغرام» و«تيك توك» من المحتوى الضار.


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».