«استوديو النجوم» عرض مسرحي غنائي مستوحى من التسعينات

يعود بنا إلى حقبة تلفزيونية شهدت أولى برامج الهواة في لبنان

لقطة من عرض «استوديو النجوم» لإحدى المواهب الغنائية في التسعينات  -  «استوديو النجوم» عرض مسرحي ينتظره اللبنانيون على مسرح «تياترو فردان»
لقطة من عرض «استوديو النجوم» لإحدى المواهب الغنائية في التسعينات - «استوديو النجوم» عرض مسرحي ينتظره اللبنانيون على مسرح «تياترو فردان»
TT

«استوديو النجوم» عرض مسرحي غنائي مستوحى من التسعينات

لقطة من عرض «استوديو النجوم» لإحدى المواهب الغنائية في التسعينات  -  «استوديو النجوم» عرض مسرحي ينتظره اللبنانيون على مسرح «تياترو فردان»
لقطة من عرض «استوديو النجوم» لإحدى المواهب الغنائية في التسعينات - «استوديو النجوم» عرض مسرحي ينتظره اللبنانيون على مسرح «تياترو فردان»

ما أن تُفتح ستائر المسرح في عرض «استوديو النجوم» حتى تعود بك الذاكرة إلى حقبة تلفزيونية ذهبية شهدها لبنان في الماضي، شكلت أساسا لزمن الفن الحالي. فبرامج الهواة التي أفرزت في تلك الحقبة أسماء لامعة في عالم الغناء طالت شهرتهم العالمين العربي والغربي، يستعيدها هذا العرض في شريط مسرحي يعبق بذكريات وحنين لزمن فني لن يتكرر.
هذا العرض الذي تستضيفه شهريا خشبة مسرح «تياترو فردان» (يعرض في 18 الجاري)، يخرجه الفنان ريان الهبر بعدما اطلع بشكل مكثف على برامج تلفزيونية خاصة بالهواة اشتهرت في التسعينات، ويندرج على لائحة الفن الافتراضي، إذ يستخدم أدوات ونماذج فنية ماضية تم تحديثها لمقاربتها مع الحاضر. وكما تسريحات الشعر والأزياء والفرقة الموسيقية إضافة إلى أحداث سياسية تذكرك بحقبة لبنان ما بعد الطائف، يتضمنها هذا العرض الذي يعود بنا في الذاكرة إلى أعمال نجوم حفظنا أغانيهم أمثال وليد توفيق ونجوى كرم ونوال الزغبي ومايز البياع وغيرهم. ويوضح الفنان ريان الهبر خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لقد شكلت برامج مواهب تلفزيونية ماضية أمثال «استوديو الفن» و«كأس النجوم» (على شاشة إل بي سي) و«نجوم المستقبل» (على شاشة تلفزيون المستقبل)، الباب العريض لظهور نجوم نتغنّى بهم اليوم وما زالوا يتربّعون على عرش الفن. ولقد استعنت بركائز تلك البرامج مثل إحدى مقدماته هيام أبو شديد ورئيس الفرقة الموسيقية لـ«استوديو الفن» المايسترو رفيق حبيقة (يجسد شخصيته على المسرح)، إضافة إلى مواقف طريفة عادة ما يتعرض لها هواة الغناء في هذا النوع من البرامج. ولقد نقلتها من زمنها الحقيقي إلى زمن افتراضي نعيشه في التسعينات فيما أنّ أدواته الحقيقية تتألف من ممثلين وفنانين ينتمون إلى العصر الحالي».
وتشكل الأعمال الغنائية 90 في المائة من محتويات العرض، فيما يترك مخرجها النسبة المتبقية منها لاسكتشات طريفة وانتقادية لا تتجاوز مدة كل واحدة منها الدقائق الثلاث لتلوين العرض بحضور طريف وخفيف الظل.
ولا يستخدم ريان الهبر أغاني خريجي تلك البرامج فقط، إذ عمد إلى تلوينها بأخرى للراحلة صباح وسميرة توفيق وجورج وسوف وغيرهم. «أردت إعادة تنفيذ هذه الأغاني كما عرفناها تماما بنسختها الأصلية وبنفس التقنية والتوزيع الموسيقي المرافقين لها، كي يتخيل المشاهد بأنّه يستمع إلى أغاني تأتيه من المذياع أكثر مما هي متأثرة بعالم صورة التلفزيون». وتمنى ريان الهبر لو استطاع إدخال أعضاء لجان حكم تلك البرامج في مسرحيته من فنانين وأكاديميين وشعراء وملحنين وغيرهم، إلا أنّ مساحة المسرح الصغيرة لم تساهم في ذلك، فاكتفى بالعناصر الأخرى التي نشاهدها في هذا العرض.
ويوضح الهبر: «لا يتضمن العرض أي انتقادات أو عمليات تقليد بل رسائل سياسية مبطنة، ولوحات غنائية تعود بنا إلى ما بعد اتفاق الطائف في أوائل التسعينات (90 - 92)». ويضيف: «القصة ليست قصة حنين على قدر ما هي تمثل العودة إلى زمن فني ذهبي شهده لبنان، كانت خلاله حتى الأغنية التجارية منها تتمتع بمعايير فنية معينة تختلف تماما عن تلك التي تُصنع اليوم».
أغاني ميدلاي (يصل عددها إلى 8) لنوال الزغبي ومايز البياع وسيمون وطوني حدشيتي، وأخرى كاملة لنجوى كرم وغيرها، يتضمنها عرض «استوديو النجوم» الذي يفرض حماسا وأجواء فنية حلوة على مشاهديه. واللافت هو أنّ غالبية المنخرطين في هذه التجربة ليسوا محترفي تمثيل بل يعملون في مجال الموسيقى والغناء وذلك من أجل تقريب صورة اليوم من خيال الأمس.
في عرض «استوديو النجوم» الذي سيقدم يوم غد على مسرح «تياترو فردان» في بيروت، سيعيش اللبنانيون سهرة من العمر مع أغاني عالبال وقفشات مضحكة تعيد شاشات تلفزيون لبنان التسعينية إلى الحياة في قالب حماسي ومشوق.


مقالات ذات صلة

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

يوميات الشرق أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

بعد انقطاع 12 عاماً، عادت مدينة بنغازي (شرق ليبيا) للبحث عن الضحكة، عبر احتضان دورة جديدة من مهرجان المسرح الكوميدي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».