«بانام» ولمسة أناقة حديثة في قلب بيروت

تأخذك أطباقه في رحلة تذوق أصيلة لا تشبه سواها

ديكور عصري يعكس نمط المطعم
ديكور عصري يعكس نمط المطعم
TT

«بانام» ولمسة أناقة حديثة في قلب بيروت

ديكور عصري يعكس نمط المطعم
ديكور عصري يعكس نمط المطعم

«يا مي ما ألذّ هذا المذاق» هي العبارة التي لن تكف عن تردادها وأنت تتذوق أطباق مطعم «بانام» الذي افتتح أبوابه أخيرا في منطقة الصيفي وسط بيروت. ولا عجب في أن تأخذك أطباقه في رحلة طعام أصيلة لا تشبه غيرها من خلال مكوناتها الطازجة التي تندرج تحت عنوان «بيو» وكونها موقعة من الشيف يوسف عقيقي (أحد رواد الطبخ في لبنان)، وكذلك من خلال جلسته الحميمة والبسيطة في آن. فأجواؤه تدور في سماء الحداثة والعراقة معا اللتين تتجليان في ديكوراته المطبوعة بخيارات يسودها الرقي والهدوء، وبموقعه بين حنايا بيوت منطقة الصيفي ذات الأبواب والشبابيك الملونة والتي تذكرك ببيروت السبعينات وبقصص الخيال.
كل شيء في مطعم «بانام» يحفزك على تمضية أوقات ستسجلها في ذاكرتك لما تحمل من راحة واسترخاء وطعام متميز.
«نبني أطباقنا على أساس المنتج الطازج مرفق بطريقة تحضير ترتكز على الجودة والتقنية البسيطة التي تذكرنا بأطباق مطبخ «أيام زمان»، يقول الشيف يوسف عقيقي مستعرضا بسعادة ميزات هذا المطعم ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «سر أطباقنا يكمن في نكهتها التي تشكل للزبون (القطبة المخفية) فيبحث عبثا عن أسباب هذا المذاق الرائع على الرغم من أن عنوانه يختصر بـ(السهل الممتنع). فمظهره يدل على طريقة تحضير سهلة بينما هو في الواقع يتطلب منا عملا مضنيا في الكواليس لإبرازه في هذا الشكل».
وفي نظرة مدققة إلى لائحة الطعام ستعرف سلفا بأنك على موعد مع الخضراوات المعطرة برائحة تراب بلدك لبنان، ومع منتجات حيوانية تربى في مزارع جبلية في الهواء الطلق عنوانهما الرئيسي «غذاء بيو» بعيدا كل البعد عن المواد الكيمائية والحقن النافخة.
ففي زاوية «أو فير» (إلى الأخضر) تطالعك أسماء أطباق السلطة التي تجمع في مكوناتها خلطات خارجة عن المألوف: الكرنب مع الأفوكادو وسمك السلمون وأوراق الجرجير مع صلصة «واسابي» بالخل تارة، والعدس المنبّت مع جذور الشمندر السكري وخبز «كروتون» المقرمش تارة أخرى. وتكمل مشوارك مع لائحة طعام «باناما» المنتقاة أطباقها بدقة بعيدا عن الحشو وكثافة الأسماء لأصناف عشوائية لتكتشف ركن «الطازج»، تندرج فيه أطباق «كارباتشيو» من المطبخ الإيطالي و«التونا سيفيشي» من مطبخ بيرو وسمك «السلمون» الآيرلندي. وعندما تصل إلى القسم الثاني من هذه اللائحة المؤلفة من الأطباق الساخنة (الرئيسية) ستجد فيها زاوية خاصة بالمطبخ الإيطالي المرتكز على «السباغيتي» (معكرونة) والمحضر بعض منها مع قطع الباذنجان وحبات البندرورة الكرزية وأخرى من نوع «بارباديلي» المرقطة مع صلصة يغلب عليها طعم جبن البارميزان الفرنسي والحبق إضافة إلى غيرها من أطباق «السباغيتي» الإيطالية الأصيلة. وبعدها مباشرة تطالعك أسماء أطباق اللحوم من «واغي بيف بيرغر» مع البطاطا المقلية (طبيعية غير مصنعة) و«واغي ستيك هاشي» (شرائح لحم البقر) متوجة بقطعة بيض مقلية، وسمك «بلايس» المشوي المنكه بـ«الكراث» وطبق «بيف تارتار»، إضافة إلى طبق الدجاج بصلصة البرتقال مع البطاطس المحمرة المندرج تحت زاوية «أورغانيك» (الطعام العضوي).
ومع «كريب سوزيت» و«كارباتشيو البوملي» و«التيراميسو» و«موس الشوكالاتة» مع المانغو المثلج (سوربيه)، وقطعة الكيك المصنوعة مع العسل والخالية من السكر والألبان ستتلمس ختام هذه الجلسة بطعمها الحلو.
وعندما تهم بمغادرة «بانام» ستلقي نظرة أخيرة على ديكوراته الفرحة (يغلب عليها طابع الألوان البهيجة) مستصعبا ترك كرسيك الأبيض في جلسته الخارجية وأريكته الرمادية المسلطة عليها أضواء خافتة في الداخل، مع احتفاظك بذكرى جميلة لأداء لطيف من قبل أفراد فريقه الذي يغمرك بعبارات «إنجوي» (استمتع) و«أهلا وسهلا» و» بماذا أساعدك» إضافة إلى تقديمه الخدمة السريعة بأناقة وهدوء.


مقالات ذات صلة

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».