غارات دموية على الغوطة مع استمرار «النزوح الجماعي» للمدنيين

قوات النظام تعلن السيطرة على ثلثي شرق دمشق

جانب من عملية اجلاء مدنيين من الغوطة الشرقية لدمشق أمس (إ.ب.أ)
جانب من عملية اجلاء مدنيين من الغوطة الشرقية لدمشق أمس (إ.ب.أ)
TT

غارات دموية على الغوطة مع استمرار «النزوح الجماعي» للمدنيين

جانب من عملية اجلاء مدنيين من الغوطة الشرقية لدمشق أمس (إ.ب.أ)
جانب من عملية اجلاء مدنيين من الغوطة الشرقية لدمشق أمس (إ.ب.أ)

واصلت قوات النظام السوري وحليفتها روسيا ضرباتها المكثفة على جيب داخل الغوطة الشرقية المحاصرة، موقعة عشرات القتلى، تزامناً مع استمرار تدفق المدنيين إلى مناطق سيطرتها فارين من العنف والموت الذي حصد المئات منذ شهر.
وبينما يستمر التصعيد الدموي، تعهد وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران خلال محادثات حول سوريا أجروها في آستانة، بالاستمرار في «تصفية جبهة النصرة»، في إشارة إلى هيئة تحرير الشام والمجموعات الأخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة.
وأفاد الجيش النظامي السوري في بيان نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بسيطرة قوات النظام على «70 في المائة من الأراضي التي كانت خاضعة للمعارضة في الغوطة الشرقية»
وخرج الجمعة مئات المدنيين من جيب تحت سيطرة «فيلق الرحمن» في الغوطة الشرقية، تزامناً مع غارات روسية كثيفة استهدفت بلدتي كفربطنا وسقبا وتسببت بمقتل 76 مدنياً على الأقل.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية إن «64 مدنياً على الأقل بينهم 13 طفلاً قتلوا وأصيب عشرات آخرون بجروح جراء غارات روسية استهدفت بلدة كفربطنا» في حصيلة جديدة. كما قتل 11 مدنياً صباح الجمعة جراء غارات روسية على بلدة سقبا. وأعلنت منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني) مقتل أحد متطوعيها في البلدة. وقتل طفل على الأقل في مدينة حرستا، بحسب المرصد.
وتسبب الهجوم المستمر على الغوطة الشرقية، آخر أبرز معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق منذ 18 فبراير (شباط)، بمقتل أكثر من 1340 مدنياً بينهم 270 طفلاً، وفق آخر حصيلة للمرصد. وتمكنت قوات النظام من السيطرة على أكثر من سبعين في المائة من مناطق الفصائل المعارضة وفصلها إلى ثلاثة أجزاء.
وأشار المرصد إلى «تفحم جثث القتلى» في كفربطنا، مرجحاً استخدام «مواد حارقة» في القصف الذي استهدف شارعاً تجمع فيه المدنيون في محاولة للخروج.
وشاهد مصور متعاون مع وكالة الصحافة الفرنسية في كفربطنا ثماني جثث محترقة على الأقل في الشارع، موضحاً أن معظم مراكز الدفاع المدني باتت خارج الخدمة. وأضاف أن الجرحى ما زالوا في الطرقات ولا يتمكن أحد من سحبهم.
وتضيق كفربطنا بآلاف العائلات النازحة من البلدات المجاورة التي تقدمت إليها قوات النظام السوري.
وتتعرض بلدات عدة تحت سيطرة «فيلق الرحمن» منذ أيام لغارات روسية وسورية، لا سيما حمورية وكفربطنا وسقبا، وهي المناطق التي خرج النازحون منها وفق المرصد. ولـ«هيئة تحرير الشام» وجد محدود في هذه المنطقة.
واستعادت قوات النظام الجمعة السيطرة على بلدة حمورية بعدما خسرتها لساعات إثر شن «فيلق الرحمن» و«هيئة تحرير الشام» هجوماً مضاداً عليها، وفق المرصد.
وكانت قوات النظام سيطرت بالكامل على البلدة الخميس وأعلنت فتح ممر إنساني تدفق منه آلاف المدنيين. بينما انسحب المقاتلون الذين كانوا في البلدة إلى المناطق الأخرى المتبقية تحت سيطرتهم.
وقدر المرصد أعداد الذين خرجوا الجمعة بنحو ألفي مدني معظمهم من بلدة سقبا.
وخرج الخميس نحو عشرين ألفاً من جنوب الغوطة الشرقية في «نزوح جماعي» يعد الأكبر من المنطقة المحاصرة، بحسب المرصد.
ونقل نحو 3000 نازح ليل الخميس إلى بلدة عدرا، وشاهد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية عشرات المدنيين يفترشون باحة المركز حيث أمضوا ليلتهم في ظل نقص في الخدمات وانتظار العشرات في صف طويل للدخول إلى الحمامات. وقال عبد الرحمن إن عدداً كبيراً من المدنيين أمضوا ليلتهم في العراء بعد وصولهم إلى مناطق سيطرة قوات النظام التي لم تكن تتوقع خروج هذا العدد الكبير.
وأعلنت الأمم المتحدة الخميس أن «الأعداد الحقيقية للأشخاص الذي خرجوا من الغوطة الشرقية ليست معروفة، كما هو الحال بالنسبة لوجهة جميع النازحين».
وفي بيان إثر زيارة إلى سوريا استمرت أياماً، قال رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير إن «الغوطة الشرقية هي المثال الأحدث على مستوى المعاناة التي يئن تحت وطأتها المدنيون».
إلى ذلك، أكد مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري الجمعة أن أكثر من 40 ألف مدني خرجوا الخميس من الغوطة الشرقية.
وقال الجعفري إن المدنيين «توجهوا إلى مراكز إيواء وفرتها الحكومة والهلال الأحمر العربي السوري»، مشيراً إلى أن القوات السورية والروسية فتحت «ممرات» لخروج المدنيين. وتحدث الجعفري بعد مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستفان دي ميستورا الذي حذر من تصعيد النزاع رغم قرار مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار.
في مدينة عفرين شمالاً، قُتل 27 مدنيا الجمعة بينهم سبعة أطفال في قصف مدفعي للقوات التركية، أثناء محاولتهم النزوح، تزامناً مع معارك تدور على حدود المدينة الشمالية، وفق المرصد.
وتشنّ تركيا منذ 20 يناير (كانون الثاني) بدعم من فصائل سورية موالية لها هجوماً تقول إنه يستهدف وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة «إرهابية».
وصعدت القوات التركية منذ مطلع الأسبوع قصفها للمدينة التي باتت تطوقها مع تسعين قرية تقع غربها، ما أدى إلى نزوح أكثر من ثلاثين ألف مدني منها، بحسب المرصد في اليومين الأخيرين.
وبحسب المرصد، نزح منذ منتصف الليل حتى اللحظة ما لا يقل عن 2500 شخص من عفرين.
وقالت الناطقة باسم مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في لقاء مع صحافيين في جنيف إن «مئات الآلاف من المدنيين معرضون للخطر» في عفرين.
وأضافت: «نشعر بقلق عميق من خطر مرتفع لتعرض مدنيين عالقين للقتل والجرح والحصار واستخدامهم كدروع بشرية أو نزوحهم بسبب المعارك».
ويربط مدينة عفرين منفذ وحيد بمناطق سيطرة قوات النظام يمر عبر بلدتي نبل والزهراء المواليتين لدمشق. لكنه بات منذ الاثنين تحت مرمى النيران التركية.
ويحتمي السكان في الأقبية أو يفرون إلى حقول الزيتون في ضواحي المدينة التي تشهد اكتظاظاً سكانياً جراء حركة النزوح الكبيرة إليها. ويقدر المرصد عدد المقيمين فيها بنحو 350 ألفاً بالإضافة إلى عشرات الآلاف في القرى المجاورة لها.
وتعاني المدينة من انقطاع خدمات المياه والكهرباء إثر سيطرة القوات التركية على سد ميدانكي، المزود الرئيسي لها.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.