وزير الخارجية المصري يتوجه إلى روما لترؤس اجتماع «الأونروا»

لمناقشة تجاوز الأزمة المالية للوكالة والبحث عن مصادر تمويل مبتكرة

TT

وزير الخارجية المصري يتوجه إلى روما لترؤس اجتماع «الأونروا»

يرأس وزير الخارجية المصري سامح شكري، إلى جانب وزيري خارجية الأردن والسويد، المؤتمر الدولي لدعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، الذي يعقد اليوم في العاصمة الإيطالية روما، وذلك بصفة مصر الرئيس الحالي للجنة الاستشارية للوكالة.
ويبحث الاجتماع مستقبل الوكالة التي تواجه أزمة مالية غير مسبوقة، بعد أن جمدت الولايات المتحدة عشرات ملايين الدولارات من حصتها في التمويل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، المستشار أحمد أبو زيد، أمس، إن الاجتماع يعقد على خلفية العجز المالي الكبير في موازنة الوكالة لعام 2018، بما أضحى يشكل تهديداً كبيراً للوكالة عبر تقليص قدراتها على تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين؛ الأمر الذي يستوجب إعادة تقييم الوضع القائم والتباحث بشأن السبل التي يتعين اتباعها لإيجاد حلول جذرية للأزمة الراهنة، بما في ذلك مصادر تمويل مبتكرة عبر المؤسسات الدولية وإنشاء شراكات جديدة مع الدول المانحة.
وأشار أبو زيد إلى أن مصر تشدد في اتصالاتها مع الأطراف الفاعلة كافة على أهمية عدم الربط بين المساهمات المالية لأغراض إنسانية والمطالب ذات الطبيعة السياسية، لما لذلك الأمر من تسييس واضح لقضايا إنسانية في المقام الأول. كما دعا إلى تجنب اتخاذ قرارات مفاجئة تعرض العمل الإنساني في مجمله لمخاطر كبيرة، لا سيما أن الوقت المتاح أمام عمليات شحذ الموارد المالية من المانحين يعد ضيقا للغاية.
وأكد أبو زيد، في بيان لـ«الخارجية»، على الدعم المصري المستمر لعمل الوكالة، بوصفها إحدى أدوات التعامل مع قضية اللاجئين بصفتها واحدة من قضايا الحل النهائي المحورية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على عمل «الأونروا» والإبقاء على المساهمات الواردة إليها لحين حل القضية بشكل نهائي، موضحاً أن ذلك ما توافق عليه المجتمع الدولي وفقا لما جاء في قرار الجمعية العامة رقم «194» المنشئ للوكالة. كما شدد على أن عمل واستمرار ولاية «وكالة الغوث» وهياكلها القائمة في ظل الظرف الإقليمي الحالي، شديد الاضطراب، ضرورة وليس ترفاً.
وأردف أبو زيد أن الدعوة المشتركة التي وجهتها مصر للاجتماع، تأتي استكمالاً للأولوية التي تضعها لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، من منطلق مسؤولياتها التاريخية إزاء القضية الفلسطينية بأركانها كافة. وأوضح أن مصر سبق أن قامت بصفتها رئيسة اللجنة الاستشارية في أكثر من مناسبة بتوجيه رسائل إلى المانحين الدوليين، لحثهم على تحمل مسؤولياتهم تجاه تفاقم الأزمة المالية لـ«وكالة الغوث»، حيث وجه بعض هذه الرسائل بشكل مشترك بين رئاسة اللجنة الاستشارية والمفوض العام لـ«الأونروا»، بينما وُجه البعض الآخر بشكل منفرد من وزير الخارجية سامح شكري إلى عدد من نظرائه بالدول المانحة، وكذلك سبق أن طرح الوزير وضع الأزمة المالية لـ«الأونروا» على طاولة اجتماع الوفد الوزاري العربي الذي عقد في عمان في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وكان المفوض العام لـ«الأونروا»، بيار كرينبول، قد صرح بأن الوكالة لديها ما يكفي من الأموال فقط لإبقاء المدارس والمستشفيات التي تشغلها عاملة حتى مايو (أيار) المقبل. وحتى الآن التزمت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بدفع 60 مليون دولار فقط للوكالة في العام الحالي بعد أن كانت مساهمتها 360 مليون دولار في 2017.
وجمدت واشنطن دفعتين مقررتين بقيمة أكثر من مائة مليون دولار؛ واحدة للميزانية المركزية للوكالة، والثانية للمساعدات الغذائية.
ويواصل ترمب ممارسة الضغوط على الفلسطينيين ليعودوا عن مقاطعتهم إدارته ردا على قراره في ديسمبر (كانون الأول) الماضي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل عاصمة بلاده إليها.
وتسود مخاوف إزاء مستقبل المنظمة التي توظف أكثر من 20 ألف شخص في مختلف أنحاء الشرق الأوسط غالبيتهم العظمى من الفلسطينيين.
وتقدم «الأونروا» التي تأسست عام 1949 المساعدات لقسم كبير من الخمسة ملايين فلسطيني المسجلين لاجئين في الأراضي الفلسطينية والأردن ولبنان وسوريا، وهم أبناء وأحفاد مئات آلاف الفلسطينيين الذين طردوا من أراضيهم إثر إعلان قيام إسرائيل عام 1948.
ويدرس أكثر من 500 ألف طفل فلسطيني في مدارس «الأونروا» التي توفر أيضا خدمات صحية وعمليات تمويل.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم