بعد دفاع «تايم» عن الدهنيات.. «واشنطن بوست» تقلل من خطر الكولسترول

التدخين والسمنة والأكل غير الصحي وإهمال ممارسة الرياضة أهم أسبابه

الأكل غير الصحي من أسباب السمنة  -  خطر الكولسترول على الصحة ليس كبيرا  -  ممارسة الرياضة تحافظ على صحتك
الأكل غير الصحي من أسباب السمنة - خطر الكولسترول على الصحة ليس كبيرا - ممارسة الرياضة تحافظ على صحتك
TT

بعد دفاع «تايم» عن الدهنيات.. «واشنطن بوست» تقلل من خطر الكولسترول

الأكل غير الصحي من أسباب السمنة  -  خطر الكولسترول على الصحة ليس كبيرا  -  ممارسة الرياضة تحافظ على صحتك
الأكل غير الصحي من أسباب السمنة - خطر الكولسترول على الصحة ليس كبيرا - ممارسة الرياضة تحافظ على صحتك

نشرت مجلة «تايم» الأميركية، الأسبوع الماضي، على غلافها، أن كثيرا من الأطباء الأميركيين أثبتوا أن الدهنيات ليست مؤذية كما يعتقد، وأنهم قالوا إن أغلبية المشاكل الغذائية سببها الإكثار من الحلويات والنشويات. وأمس، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» أن كثيرا من الأطباء الأميركيين أثبتوا أن خطر الكولسترول على الصحة ليس كبيرا كما يعتقد.
ونقلت الصحيفة على لسان د. درويش مظفريان، وهو أستاذ في كلية الطب في جامعة هارفارد، قوله «يوجد كثير من الارتباك والجدل حول الكولسترول، حتى وسط العلماء الذين يدرسون الكولسترول في كليات الطب». وأضاف «يتحدث الناس عن الكولسترول، ويقولون إنه يزيد الدهون التي تسد الشرايين، لكن، النظرية التي تقول بأنك إذا أكلت شيئا معينا، يسارع هذا الشيء، ويدخل في مجرى الدم، ويسد الشرايين، ليست إلا نظرية كاذبة. أثبتت الأبحاث أنه لا يحدث أي شيء مثل هذا، أو حتى مشابه له».
وقال د. مايكل بلاها، مدير الأبحاث الكلينيكية في مركز منع أمراض القلب في جامعة جونز هوبكنز، إن أغلبية الكولسترول في الجسم لا تأتي من الطعام، وإن الجسم نفسه هو الذي ينتجها. أولا، ينتج الكبد مادة مثل الشمع، أو مثل الشحم. وتسهم هذه المادة في سد الشرايين. لكنها تسهم، وليست هي العنصر الوحيد مع مشتقات أخرى منها الكالسيوم.
وفي كل الحالات، لا ينتج الكبد هذه المادة كثيرا. وحتى عندما ينتجها، فإنه يهدف منها إلى القيام بمهام مفيدة في الدم، مثل المساعدة في إنتاج هرمون «الأستروجين» الأنثوي، وهرمون «التستوستيرون» الرجالي. وأيضا فيتامين «دي».
وقال د. بلاها إن تقسيم الكولسترول إلى مؤذ ومفيد يهدف إلى تصنيف نوعين منه: قليل الكثافة (إل دي إل)، وكثير الكثافة (إتش دي إل). ينقل الأول الكولسترول من الكبد إلى خلايا الجسم. ويعيده الثاني إلى الكبد. وفي كل الحالات، يجب أن يكون حجم النوعين متوازيا. وتحدث المشاكل، ليس بين النوعين داخل الأوعية الدموية، ولكن بسبب عوامل خارجية يسيطر عليها الإنسان. ومن هذه العوامل: التدخين، السمنة، الأكل غير الصحي، عدم ممارسة الرياضة.
لهذا، عندما يسهم الكولسترول في سد الشرايين، يفعل ذلك، في كثير من الأحوال، بسبب عوامل خارجية. ولهذا، يمكن القول بأن الكولسترول ليس «شيطانا». ربما «الشيطان» هو الشخص الذي يهمل صحته.
وقال د.بول ريدكار، مدير قسم أمراض الأوعية الدموية في مستشفى النساء في بوسطن «نعم، أثبتت الدراسات أن ارتفاع الكولسترول واحد من أهم عوامل خطر تطوير الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية. ونعم، توجد عندنا إثباتات قوية بأن تخفيض الكولسترول يقلل من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية. ويمكنك أن تستعمل هذا المنطق في كل الحالات الأخرى. لكن، النظر إلى رقم واحد، ومتابعته وهو يصعد، ومتابعته وهو ينخفض، لا يقدم الصورة الكبيرة. لا يقدم صورة نوعي الكولسترول وهما يحاولان موازنة بعضهما البعض، أو يفشلان في ذلك، أو ينجحان في ذلك».
أخيراً، أظهرت كثير من الدراسات، خاصة دراسة تابعت أكثر من 11.000 رجل وامرأة، أن كولسترول «إل دي إل» أخطر من كولسترول «إتش دي إل». ولهذا، سمي الأول «الضار»، وسمي الثاني «الصالح». وطبعا، يعمل الأطباء على تخفيض الضار، وزيادة الصالح.
لكن، قال د. روجر بلومنثال، أيضا في مركز جامعة جونز هوبكنز «رغم أن كثيرا من الأطباء يوصون، منذ فترة طويلة، الذين يعانون من ارتفاع في الكولسترول بتحاشي أطعمة مثل البيض، أوضحت الأبحاث مؤخرا أن هذه النصيحة قد تكون مبالغة. بالنسبة لأغلبية الناس، ليس كولسترول الطعام هو السبب الرئيس لارتفاع مستويات الكولسترول في الدم». ويشمل هذا أطعمة أخرى، مثل: الجبن والشوكولاته. وقال د.بلومنثال «إثباتات هذه ليس قوية كما كنا نعتقد».
وأظهرت دراسة أجريت عام 2006 على ما يقرب من 50.000 امرأة، أن اتباع نظام غذائي منخفض الدهون لم يحمهن من أمراض القلب، أو السكتة الدماغية. وأثبتت دراسة في هذا العام، شارك فيها د.مظفريان، وحللت بيانات من 76 دراسة شملت أكثر من 600.000 رجل وامراة، أن تجنب الدهون في الأطعمة (مثل اللحوم الحمراء والزبدة والجبن) لم يؤثر كثيرا على حماية هؤلاء من أمراض القلب.
هذه الدراسة الأخيرة أشارت إليها الأسبوع الماضي مجلة «تايم»، عندما نشرت تقريرا مطولا بأن الدهنيات ليست ضارة بالمقارنة مع الحلويات والنشويات.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».