بيروت تحتفل بـ {عيد الموسيقى} الـ14 مع نانسي عجرم وأماديوس و60 فرقة عازفة

ساحاتها وشوارعها تتحول إلى مسارح فنية للتعبير عن الحوار بين مختلف الثقافات

الفنانة نانسي عجرم
الفنانة نانسي عجرم
TT

بيروت تحتفل بـ {عيد الموسيقى} الـ14 مع نانسي عجرم وأماديوس و60 فرقة عازفة

الفنانة نانسي عجرم
الفنانة نانسي عجرم

تحيي بيروت في 21 من الشهر الحالي وللسنة الرابعة عشرة على التوالي الاحتفالات بعيد الموسيقى. ويشارك فيها، إضافة إلى نانسي عجرم والأخوين شحادة في منطقة الأشرفية، 60 فرقة موسيقية محلية وغربية وعربية وسط بيروت. ففي تظاهرة فنية بامتياز سترتدي بيروت حلة هذا العيد الذي شاركت سفارات دول غربية، كفرنسا وسويسرا ورومانيا، في دعمها وتنظيمها.
ويتضمن برنامج العيد هذه السنة حفلات غنائية ومعارض رسم وتوقيع كتب. أما الأماكن التي ستحتضن هذه المناسبة، فتتوزع على ثمانية مواقع مختلفة من وسط بيروت وهي: ساحة الشهداء، والحمامات الرومانية، وحديقة سمير قصير، وشارعا العجمي والزاوية في أسواق بيروت، إضافة إلى مجمع زيتونة باي، وكاتدرائية مار إلياس للروم الكاثوليك، وكنيسة مار لويس للآباء الكبوشيين.
أما الأشرفية، فتستضيف العيد كعادتها كل سنة من خلال حفلة غنائية واحدة تقام ليلة العيد على ساحة ساسين، وتضم كلا من نانسي عجرم والأخوين شحادة وفرقة (كتير سلبي شو).
والجدير ذكره أن جميع هذه الحفلات ستكون متاحة أمام اللبنانيين مجانا، وستبدأ في تمام الساعة السادسة مساء من 21 الحالي لتستمر حتى منتصف الليل.
تستضيف حفلات وسط بيروت التي شارك في تنظيمها كل من فرنسا ورومانيا وسويسرا بإشراف سفرائها ومراكزها الثقافية في لبنان وبالتعاون مع شركة سوليدير، الفريق الغنائي الروماني «أماديوس» والفرنسي «أكسونفالد»، والمغربي مصطفى سلامور، والأردني زائد ناعس، واللبنانية لارا عيدي، والسوري خبز دولي، والكويتي زاهد سلطان وغيرهم.
أما محبو موسيقى الجاز والبلوز والروك والبوب والراب، فهم على موعد معها، في حفلات غنائية وموسيقية لـفرق أخذت على عاتقها نشر هذا الفن وتقديمه لجمهوره في هذه المناسبة من كل عام.
هذه النشاطات التي تجري كلها في يوم واحد، تتألف من عدة برامج تتضمن ما بين السبع والتسع حفلات، يختار الراغب في حضورها الأوقات التي تناسبه لمشاهدتها وكذلك نوع الموسيقى المفضل لديه.
ومن الحفلات التي ستقدم في ساحة الشهداء وهي من نوع الروك: «خبز دولي» (سوريا) و«لوبستاش» و«ويترو بوتس» و«بينبول» (لبنان). أما الحفلات التي ستقام في الحمامات الرومانية، فهي من نوع البوب والروك إلكترو وتحييها فرق «أوديسيا» و«ساندمون» و«أوك» و«سفر» و«سوكندو بلوكو».
وفي حديقة سمير قصير ودائما في وسط بيروت، تؤدي فرق موسيقى البلوز، أمثال «آدا وجيورجي» التي تقدم البلوز الهندي، و«غورو» التي تعزف البلوز الفانكي، و«نشاز» اللبنانية والمعروفة بغنائها (البلوز - روك).
أما النسبة الأكبر من رواد هذه المناسبة، فستتوجه إلى أسواق بيروت وبالتحديد إلى شارع (العجمي)، حيث ستقام معظم حفلات موسيقى «الميتال» المنتشرة بكثرة بين الشباب اللبناني، لتبدأ في الثامنة مساء مع فرقة «فاليانت شيب» و«باتر فلاي» و«كول كامبرز» مرورا بـ«إيبيك» و«أبريل باند» ولتختتم بـ«ان سانيتي» وريبيليون». أما نجم هذا البرنامج، فهو فريق «الباتروس» الذي سيقدم إعادات في شريط غنائي حافل لفريق «بينك فلويد العالمي».
ولموسيقى الـ(هيب هوب) مساحتها أيضا في هذا المهرجان الموسيقي، فسيحتضن المدخل الرئيس لأسواق بيروت (زاوية ابن العراق) عددا من الفرق التي تعزف هذا النوع من الموسيقى وتغنيه، كـ«أبوديوبسيس» و«كميل ولوري» و«جبارة» و«مصطفى سلامور» المغربية. وفي مجمع (زيتونة باي)، سيلتقي عشاق الموسيقى الشرقية والروك والإيقاع والكمان والروك اللبناني، إضافة إلى فريق «أماديوس» الروماني، مع تلك الفرق ابتداء من السادسة مساء وحتى الواحدة صباحا، ليستمتعوا بمقاطع مغناة وأخرى معزوفة ستصدح في أجواء العاصمة مشاركة في هذه التظاهرة الفنية الكبرى.
أما كاتدرائية مار إلياس للروم الكاثوليك وكنيسة مار لويس للآباء الكبوشيين، فتقتصر برامجهما على حفلتين في الأولى، لفريقي «حبل الهوا» و«كورال غسان يمين»، فيقدمان منوعات من الموسيقى الغربية والعربية، بينما تستهل الثانية برامجها في المناسبة بحفلة لجوقة مدرسة (مار فرنسيس) للآباء الكبوشيين في السادسة مساء، ولفريق المدرسة اللبنانية للموسيقى وجوقة كورال مهرجانات فندق البستان بين السابعة والثامنة مساء.
هذه الاحتفالات التي تجري جميعها في 21 الحالي ستوازيها في المقابل معارض رسم، كتلك التي ستقام في غاليري (أفينيو) في أسواق بيروت تحت عنوان «إكسترا أوردينيري آرت أكزبيشن» وفيها لوحات للفن الكلاسيكي المصغر، وأخرى تتناول فن إعادة التدوير في أعمال لراي باربارا وتقام بسوق المجوهرات من المكان نفسه.
وكانت سلسلة من حفلات توقيع الكتب قد أقيمت بعدد من المناطق اللبنانية للمناسبة نفسها، كتلك التي وقع فيها الشاعر حبيب يونس في منطقة البترون عددا من مدوناته، وبينها «شغل محابيس» و«عكاز للسما» و«جديد الجاهلية». كما ستقام حفلة غنائية مجانية ودائما من ضمن المناسبة لجو رعد (مصفف شعر مشاهير الفن)، في 22 من الشهر الحالي في أسواق بيروت لدعم مؤسسة (جاد) لمكافحة المخدرات.
أما ساحة ساسين في منطقة الأشرفية، فستحتفل كعادتها كل سنة بعيد الموسيقى، بحيث تستقبل ليلة العيد في 21 يونيو (حزيران) وتحت عنوان (عيش الأشرفية)، الفنانة نانسي عجرم والأخوان شحادة وفريق «كتير سلبي شو» للمناسبة والدعوة مفتوحة أمام الجميع مجانا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».