«الحالة الحرجة»... خلطة سحرية من أدب اللامعقول

رواية السعودي عزيز محمد دخلت القائمة القصيرة لجائزة «بوكر» العربية

«الحالة الحرجة»... خلطة سحرية من أدب اللامعقول
TT

«الحالة الحرجة»... خلطة سحرية من أدب اللامعقول

«الحالة الحرجة»... خلطة سحرية من أدب اللامعقول

تُهيمن ثيمتا العزلة والصراع مع مرض السرطان على رواية (الحالة الحرجة للمدعو «ك») للروائي السعودي عزيز محمد، التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة «بوكر» العربية لهذا العام. وهي الرواية الأولى للكاتب، إذ لم يَكتب قبلها سوى عدد من القصائد، والقصص القصيرة، والمقالات السينمائية التي نشرها في مجلات ثقافية، ومواقع إلكترونية متخصصة بالأدب والفن.
يتعالق الراوي، وهو الشخصية الرئيسية في هذه الرواية، مع أفكار كثير من الكُتّاب والروائيين الأجانب، فلا غرابة في أن يكتظ النص بأسماء وعناوين الكتب التي يفضِّلها بعد أن قرأها بإمعان، وتماهى مع مضامينها الفكرية والإنسانية، مثل كتب فرانز كافكا، وأرنست همنغواي، وتوماس مان، وكنوت هامسون، ودستويفسكي، ومونيتشيرو تانيزاكي، وهاروكي موراكامي، وفريدريك نيتشه، وسوزان سونتاغ، وسيدهارثا موكيرجي، وجورج جونسون، إضافة إلى كُتب شعراء أميركيين ويابانيين، وقصص أطفال مسليّة، واسعة الخيال، تؤنسه في عزلته التي اجترحها بنفسه، سواء في البيت أم العمل أم في الأماكن العامة التي خلت من التسميات، تماماً كما خلت الرواية من أسماء الشخصيات والمدن التي يتحرك فيها هذا الراوي المُحتفي بوحدته، وحياته الخاصة المحصورة بين ثلاثة أماكن، وهي: «شركة البتروكيماويات الشرقية» التي يعمل فيها منذ ثلاثة أعوام، والمستشفى الذي يتعالج فيه من السرطان، والبيت الذي يقيم فيه مع أسرته التي تشظّت هي الأخرى إلى أُسَرٍ صغيرة متباعدة، كلّما تقادمت الأعوام.
تشكّل أسرة الراوي بيئة طاردة للثقافة المعاصرة، والكتاب الحديث. فالأم التي تحاول أن تفرض سيطرتها على المنزل، تطالبه بأن يقلع عن الكتب والسجائر، بينما يشعر الراوي مذ التحق بهذه الشركة، بميله إلى الكتابة والاسترسال في تدوين مذكراته الشخصية؛ خصوصاً بعد أن كرّس اسمه كشاعر ضمن دائرة الأسرة والأقرباء، غير أن قراءاته المكثّفة للروايات العالمية سوف تسحبه من الشعر إلى الفضاء السردي، كي يكرس موهبته الإبداعية التي لا تحظى باهتمام العائلة برمتها، فهم يريدونه أن يعتمد على نفسه، ويؤسس أسرة صغيرة، وينهمك في تربيتها طوال حياته.
لم تكن شخصية الراوي غريبة على القارئ العربي أو الأجنبي، فقد ألفنا هذه الشخصيات المتوحدة والمعزولة التي تشعر بأنها لا تنتمي إلى واقعها، فهو يقول بالفم الملآن: «لقد وُلدت منطوياً، ثم كافحتُ بكل غرائزي الدفاعية، عاماً بعد عام، كي أعزل نفسي» وأكثر من ذلك، فإن الأم تشكوه إلى الطبيب وتصفه «بأنه يغرق في عالم يائس كئيب»؛ خاصة بعد اكتشافه أنه مُصاب بالسرطان، وتحديداً باللوكيميا، أو «ابيضاض الدم». ففي واحدة من حالاته المقرفة يقول: «أستيقظ متعرّقاً. غثيان، صداع، دم على المخدة، آلام في المفاصل، كأني خضتُ عِراكاً في نومي».
يستمر تعالق الراوي مع كُتّابه المفضّلين، وخاصة كافكا، حيث يكتب قصة اسمها «قاعة المؤامرات» بطلها (ك) لكن النهاية تعذّرت عليه، بسبب قصور في الإلهام، ومع ذلك فلم يتذمّر؛ لأن كافكا نفسه لم ينهِ كثيراً من رواياته. وكلما أوغل الراوي في القراءة والتأمل، رفض أن يكون جزءاً من القطيع، ولهذا انشقّ عن المجتمع وانطوى على نفسه المُحتفية بنيتشه، وسواه من آبائه الروحيين الذين يغذّونه بإكسير الحياة.
يعتمد الروائي عزيز محمد على الأسلوب الساخر، والكوميديا السوداء في كثير من الأحيان، الأمر الذي يخفف من وطأة الثيمة الرئيسة التي تتمحور حول الراوي المريض، الذي يتعرض لانتكاسات متواصلة على مدى أربعين أسبوعاً من جلسات العلاج، التي تكشف كل صغيرة وكبيرة عن هذا المرض اللعين، وكأن مبدع النص متخصص بمرض السرطان، وعارف بأسراره، وطرق علاجه الحديثة، التي لا تخلو من قسوة مريرة، وما تسببهُ من مضاعفات وأعراض جانبية، مثل الفشل الكُلوي، واختلال وظائف الكبد، والاضطرابات القلبية، وتساقط الشعر، والعُقم، والعجز جنسي، والضعف في الذاكرة، والتقرّحات في الفم، والصعوبات في التنفس، واحتمال الإصابة بنوع آخر من السرطان.
يتعرف الراوي في أثناء علاجه على عدد من المرضى؛ لكن تظل المرأة المصابة «بورم بحجم البيضة» في رأسها، هي الأقرب إليه روحياً؛ لأنها قارئة من الطراز الرفيع، وتصارع المرض ذاته الذي يعاني منه، وهي التي نصحته بقراءة كتاب سونتاغ المعنون «المرض كاستعارة». وبما أنه يحتاج إلى نقل ثلاثة أكياس من الدم إلى شرايينه، فينصحه الطبيب بالذهاب إلى العاصمة، وأخذ خزعة منه لأنها ستؤكد المرض، وتحدّد نوعه، والمرحلة التي وصل إليها.
ولكي يتقدم النسق السردي بخط مستقيم، يعود الراوي من إجازته المرضية إلى العمل، ليقدم استقالته؛ لكن المدير ينصحهُ بأخذ إجازة مرضية أخرى، كي لا يخسر التأمين الصحي الذي توفره الشركة للموظفين. وبما أن الراوي لا يستطيع التكتّم على مرضه، فيتوجب عليه أن يخبر ذويه وأعمامه جميعاً، كما تقتضي الأعراف المتّبعة في حال الإصابة بهذا المرض المُهلك. وإذا كان البعض من الإخوة والأعمام يتلقون هذا الخبر كقدرٍ لا بد منه، فإن الأم والجد هما اللذان يُصدَمان فقط؛ حيث يُغمى على الأم غير مرة، وتترقرق الدموع في عيني الجد الذي لم يبكِ إلا في وفاة ابنه، وإصابة حفيده بمرض السرطان.
تكمن سخرية النص في العادات والتقاليد الاجتماعية، فبينما يعاني الراوي من أعراض مرض السرطان، يطالبه شقيقه الأكبر بألا يحرجه أمام ضيوفه وأنسبائه الجدد، وحينما يأكل رغم نفوره من الطعام، يسقط في الحمّام مغشياً عليه، وكادت روحه أن تفارق جسده.
يواصل الراوي رحلته العلاجية رغماً عنه، وتُجرى له فحوصات جديدة متعددة، مثل «الرنين المغناطيسي»، ثم يزرعون في جسده «نظائر مشعة» ليتأكد من «أن الألم هو الحقيقة الوحيدة» التي بات يستشعرها في حياته. وبما أن العلاج الكيميائي قد قضى على 40 في المائة من الخلايا السرطانية، فإن عليه الاستمرار بدورة ثانية من العلاج، وثمة خيار آخر متوفر، وهو زرع الخلايا الجذعية التي تقترح أخته أن تتبرع بها مقابل أن يخرج من البيت كي تبيعه، بعد أن وجدت عروساً من عائلة ثرية لشقيقها الأكبر؛ لكنه يرفض هذا المقترح، فتفقد أعصابها وتخرج صارخة متذمرة، عندها فقط يشعر بأنه «أكثر حرية مما كان في أي وقت مضى».
لم يجد الراوي عزاءه في قصص كافكا ورواياته فحسب، وإنما في كافكا الإنسان المغترب، الذي أورثه السل آلاماً كثيرة في الرئة والروح والمزاج معاً.
تنتهي الرواية ببارقة أمل؛ خلافاً لتوقعات القرّاء الذين ظنوا أن الموت سوف يلتهم هذا الكائن، الهش، الغريب، المجبول على العزلة، غير أن التقارير الطبية كشفت أن الإشعاع قد عالج الكبد من الخلايا السرطانية ولم يبق أمامه سوى مواصلة رحلته العلاجية في اليابان، ومع ذلك فهو لا يستبعد أن يستفيق ذات صباح ليجد نفسه قد تحوّل إلى حشرة ضخمة، كما حدث لغريغور سامسا في رواية «المسخ».
تعددت القراءات النقدية لهذه الرواية المحبوكة، فمنهم مَنْ قارنها بغريب كامو، ومَنهم مَن ربطها بجوزيف ك، أو غريغور سامسا، أو ببعض شخصيات تانيزاكي، ولكنها في واقع الحال أقرب إلى الخلطة السحرية من أدب العبث واللامعقول، الذي يمجد البطل المغترب الذي ينفصل عن واقعه تماماً، ويعيش حياة عدمية لا تحطِّم إيقاعها الرتيب حتى علاقة عاطفية عابرة، أما شقيقته الصغرى، فقد كانت تمثل نموذجاً قاسياً للمناكدة الفظّة، والتناحر الأهوج.



 في أي عمر تبدأ الشيخوخة؟

تصور وإدراك الشيخوخة تغيرا عبر الأجيال (رويترز)
تصور وإدراك الشيخوخة تغيرا عبر الأجيال (رويترز)
TT

 في أي عمر تبدأ الشيخوخة؟

تصور وإدراك الشيخوخة تغيرا عبر الأجيال (رويترز)
تصور وإدراك الشيخوخة تغيرا عبر الأجيال (رويترز)

على الرغم من كثرة الدراسات التي تحدثت عن الشيخوخة وتأثيراتها على الجسم والصحة، فإن السن التي تبدأ فيها التغيرات البيولوجية والجسمانية المرتبطة بالشيخوخة ما زالت موضع خلاف. فبعض العلماء يرى أن أعراض الشيخوخة تبدأ في سن الستين في المتوسط، في حين يؤكد البعض الآخر أنها قد تبدأ قبل ذلك أو بعد ذلك بسنوات.

فمتى تبدأ الشيخوخة بالفعل؟

وفقا لصحيفة «نيويورك بوست» الأميركية، فقد وجدت دراسة جديدة أن تصور وإدراك العمر تغيرا عبر الأجيال وبمرور الوقت، وأنه كلما رأي الأشخاص أنهم ما زالوا صغارا وأنهم لا يصنفون على أنهم مسنون، عانوا بشكل أقل من أعراض الشيخوخة.

وقام باحثون من جامعة برلين، بالتعاون مع أكاديميين في جامعة ستانفورد وجامعة لوكسمبورغ وجامعة غرايفسفالد بألمانيا، بفحص ردود أكثر من 14 ألف ألماني على استطلاعات حول الشيخوخة، تم إجراؤها بين عامي 1996 و2021.

وكان من بين الأسئلة: «في أي عمر تصف شخصا ما بأنه كبير في السن؟».

وفي الإجابات التي تم جمعها عام 2021، أصر كثير من المشاركين الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً على أنهم ما زالوا بعيدين عن تصنيفهم على أنهم كبار السن، مؤكدين أن الشيخوخة تبدأ عند 74 عاماً في المتوسط.

ومع ذلك، كان لدى المشاركين الذين يبلغون من العمر 25 عاماً وجهة نظر مختلفة تماماً، حيث رأي معظمهم أن الشيخوخة في سن 66 عاما في المتوسط.

وتسلط هذه الفجوة الضوء على مدى اختلاف إدراك الأجيال لعملية الشيخوخة.

وقال الباحثون إن المشاركين الأكبر سنا كان لديهم «انفصال عن الفئة العمرية»، وهو مصطلح يستخدم لوصف «التجاهل النفسي لحالة الشيخوخة غير المرغوب فيها».

ومع ذلك، فإن هذه النتيجة لم تكن ثابتة في جميع الاستطلاعات التي أجريت على مدار 25 عاما. وقد استنتج الباحثون أن تصورات الأشخاص عن الشيخوخة قد تغيرت بمرور الوقت.

وكتب الباحثون في دراستهم، التي نشرت في مجلة علم النفس والشيخوخة: «بشكل عام، فقد تراجع متوسط العمر الذي يعد فيه الشخص (كبيراً في السن) بمرور الوقت».

فخلال السنوات الأولى من الدراسة، قال المشاركون البالغون من العمر 65 عاماً إن الشيخوخة تبدأ عند 71 عاماً في المتوسط، أي قبل ثلاث سنوات من العمر الذي ذكره المشاركون البالغون من نفس السن في عام 2021.

وقال مؤلف الدراسة ماركوس ويتستاين في بيان: «لقد زاد متوسط العمر المتوقع للشيخوخة بمرور الوقت، وهذا الأمر قد يساهم في تأخير ظهور أعراض الشيخوخة. فكلما رأي الأشخاص أنهم ما زالوا صغارا وأنهم لا يصنفون على أنهم مسنون، عانوا بشكل أقل من أعراض الشيخوخة».

وأضاف أن نتائجهم تشير إلى أن «الأشخاص في سن معينة، والذين كانوا يعدون كباراً في الماضي، قد لا يعدون كباراً في الوقت الحاضر».


خيول للجيش البريطاني فرَّت إلى وسط لندن تُذهل المارَّة

الخيل يصطدم بسيارة (د.ب.أ)
الخيل يصطدم بسيارة (د.ب.أ)
TT

خيول للجيش البريطاني فرَّت إلى وسط لندن تُذهل المارَّة

الخيل يصطدم بسيارة (د.ب.أ)
الخيل يصطدم بسيارة (د.ب.أ)

تسبّبت خيول تابعة للجيش البريطاني، هربت صباح الأربعاء وشوهدت تركض في وسط لندن، بإصابة 4 أشخاص على الأقل بجروح، إذ أحدثت بلبلة واصطدمت بمركبات وسط ذهول المارّة، قبل أن تنجح السلطات في السيطرة عليها.

وأظهرت صورٌ حصانَيْن يحمل كل منهما سرجاً ولجاماً، أحدهما أبيض ومضرَّج بالدماء والآخر أسود، يركضان بسرعة كبيرة على إحدى الجادات، ويتجاوزان دراجة «سكوتر»، ويبدوان للحظة كأنهما يصطدمان بسيارة أجرة بعد تجاوزهما إشارة المرور الحمراء.

ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن ناطق باسم الجيش أنّ «عدداً من خيول الجيش هرب خلال تدريب روتيني». وأوضح أنّ «كل الخيول (...) أعيدت إلى المعسكر»، مشيراً إلى «إصابة عدد منها ومن الموظّفين»، وأنّ الجميع «يتلقّى العلاج الطبّي المناسب».

وأفادت هيئات الإسعاف بأنها تدخّلت قرابة الـ8 والدقيقة الـ25 صباحاً بالتوقيت المحلّي (07.25 ت غ) لمساعدة شخص سقط مِن على حصان بالقرب من قصر باكنغهام؛ وهي المنطقة الواقعة فيها إسطبلات عدد من الأفواج العسكرية الفخرية؛ ومن المألوف أن تُشاهَد فيها دوريات للخيّالة.

في المجمل، هرعت سيارات الإسعاف إلى 3 مواقع مختلفة ونُقل 4 أشخاص إلى المستشفيات.

وأفادت وسائل الإعلام البريطانية بأنّ 5 أحصنة شوهدت طليقة في الشوارع، ونقلت عن شهود أنّ زجاج حافلة وسيارة أجرة تحطَّم.

وروى سائق تاكسي يُدعى روبي لـ«بي بي سي»: «نظرتُ في المرآة، ورأيتُ الخيول تصل إلى خلفي مباشرة. في تلك اللحظة كنت أنقل راكبَيْن جالسَيْن في المقعد الخلفي، لذلك قلقتُ عليهما». وأضاف: «لحُسن الحظّ أنّ الأحصنة اتّجهت إلى وسط الطريق ومَضت، لكنها كانت تركض بسرعة».

وأوضحت شرطة لندن أنها قبضت على اثنين منها وسيطرت عليهما في حي لايمهاوس على بُعد نحو 8 كيلومترات إلى الشرق من قصر باكنغهام.


«يوغا» ورياضة في اللوفر خلال تأمُّل اللوحات الشهيرة

ستُتاح نشاطات بجانب تأمُّل الروائع (إ.ب.أ)
ستُتاح نشاطات بجانب تأمُّل الروائع (إ.ب.أ)
TT

«يوغا» ورياضة في اللوفر خلال تأمُّل اللوحات الشهيرة

ستُتاح نشاطات بجانب تأمُّل الروائع (إ.ب.أ)
ستُتاح نشاطات بجانب تأمُّل الروائع (إ.ب.أ)

يخطّط متحف اللوفر في باريس لتنظيم جلسات يوغا ورياضة في صالات العرض الشهيرة، ضمن برنامج ثقافيّ على مستوى المدينة قبل انطلاق الألعاب الأولمبية الصيفية.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، يُقدّم أكبر متحفٍ في العالم فرصة لزائريه للمشاركة في الرقص، اليوغا وتمارين رياضية مع مدرّبين أثناء تأمُّل اللوحات والمنحوتات العالمية فيه.

وقالت مديرة المتحف لورانس دي كار: «اللوفر سيكون في قلب الألعاب الأولمبية».

تابعت، وفي جانبها رئيس اللجنة المنظِّمة للألعاب توني استانغيه: «ندخل في السباق النهائي لجلب الروح الأولمبية داخل القاعات، وفتح الأبواب لجمهور لا يزور اللوفر عادة».

ومن المقرّر إقامة حفل افتتاح الألعاب على نهر السين الذي يمرّ بجانب اللوفر، بينما يُبنى ملعب مؤقت لاستضافة الـ«السكايتبوردينغ» (رياضة التزلّج على الألواح) والـ«برايك دانسينغ» (الرقص البهلواني) في ساحة كونكورد القريبة من المتحف. كما من المقرّر إيقاد الشعلة الأولمبية في حديقة التويلري.

وأيضاً، يُنتَظر أن تستضيف 4 مواقع فنّية أخرى، من بينها متحف أورسي، مقرّ الروائع الانطباعية، أنشطة رياضية أو ثقافية مرتبطة بالأولمبياد.

وكشفت بلدية باريس عن خططها لتوفير مرافق رياضية عامة وحفلات موسيقية، ومناطق مخصّصة للجماهير في الهواء الطلق بجميع أنحاء «مدينة النور» خلال فترة الألعاب الأولمبية والبارالمبية.

وسيُخصَّص 26 موقعاً للجماهير حول العاصمة، بالإضافة إلى موقعَيْن خاصين بالاحتفالات في وسط باريس وشمال شرقها، حيث سيلتقي المتوَّجون بالميداليات مع المشجّعين.

من جهته، قال مكتب رئاسة البلدية: «للمرّة الأولى في تاريخ الألعاب، تهدف المدينة المستضيفة إلى خلق ألعاب شعبية حيث يُمكن مشاركة هذه الرياضات داخل الحدث وخارج الملاعب أيضاً، في قلب المدينة، وفي كل منطقة».

وطُرح تطبيق إلكتروني خاص بالتنقّل للمرّة الأولى، الثلاثاء، حيث سيُشجّع الزائرون إلى باريس باستخدام تطبيق «Transport public Paris 2024» الذي سيقودهم نحو الوجهات الأولمبية، باستخدام معلومات فورية عن حركة المرور وعدد المستخدمين.

وقال المطوّرون إنّ الطرق المقترحة ليست بالضرورة «الأقصر» أو «الأسرع»، لكنها ستكون الأكثر ملاءمة، وستضمن توزيع المسافرين على خيارات النقل المختلفة.

ويُشكّل الازدحام في شبكة القطارات في الأنفاق بباريس قلقاً قبل الألعاب، في حين طالب السياسيون بالمشي أو استخدام الدراجات.

تنطلق الألعاب الأولمبية الأولى في باريس منذ 100 عام والثالثة في تاريخ المدينة بعد عام 1900، في 26 يوليو (تموز) المقبل، حتى 8 أغسطس (آب). واحتضن اللوفر في نسخة 1924 اجتماعات اللجنة الأولمبية الدولية في غرف نابليون الثالث، وفق دي كار. وإلى مرور الشعلة الأولمبية في قاعاته يوم 14 يوليو، سيستضيف في باحاته الخارجية مسابقات الدراجات في 3 و4 أغسطس، بالإضافة إلى الماراثون في 10 و11 منه.


كاتب «غالية البقمية» لـ«الشرق الأوسط»: الدولة السعودية الأولى غنيّة درامياً

مشهد من الإعلان التشويقي للمسلسل (الشرق الأوسط)
مشهد من الإعلان التشويقي للمسلسل (الشرق الأوسط)
TT

كاتب «غالية البقمية» لـ«الشرق الأوسط»: الدولة السعودية الأولى غنيّة درامياً

مشهد من الإعلان التشويقي للمسلسل (الشرق الأوسط)
مشهد من الإعلان التشويقي للمسلسل (الشرق الأوسط)

تستوقف المطّلع على تاريخ الدولة السعودية الأولى شخصية غالية البقمية، ودورها البارز في التصدّي للحملات العسكرية العثمانية. واليوم، تحاول الدراما السعودية سبر أغوار هذه المرأة المُلهمة في عمل ملحمي ضخم يُصوَّر حالياً، ويُمهّد للتعريف بأثرها التاريخي الخالد. لتفاصيل أكثر عنه، يتحدّث كاتب السيناريو والحوار علي سعيد لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «تاريخ الدولة السعودية الأولى غنيّ درامياً، وغزير بالحكايات، وهذا العمل سيشرّع الباب لأعمال جديدة مُستلهَمة منها».

من محافظة تربة التي شهدت إحدى أهم المعارك إبان الدولة السعودية الأولى (صور الكاتب)

نجوم الفن وأشعار البدر

مسلسل «غالية البقمية» عمل ضخم من 19 حلقة، تنتجها «هيئة الإذاعة والتلفزيون»، مع المنتج المنفّذ شركة «المها للإنتاج الفني»، وبطولة الفنانين: رشيد عساف، وإلهام علي، وفايز المالكي، وخالد صقر، إلى نجوم آخرين. كما أنّ الأشعار للأمير بدر بن عبد المحسن، وغناء الفنان راشد الماجد، بألحان الفنان أحمد الهرمي.

الكاتب علي سعيد (حسابه الشخصي)

عمل تاريخي

يكشف الكاتب تفاصيل اختياره لهذا النص: «كان من المقترح أن أكون ضمن كتّاب مسلسل (خيوط المعازيب) الذي عُرض مؤخراً ونال تقييماً عالياً، بعدما حصلتُ على العرضين في الوقت عينه. كان عليَّ أن أقرر خلال أسبوع واحد أيهما سأكتب، فاخترتُ (غالية البقميّة)».

ويؤكد سعيد مجدداً أنّ تاريخ الدولة السعودية الأولى من شأنه أن يصنع فارقاً وتحوّلاً كبيراً في الدراما المحليّة، بوصفه «منطقة بكر درامياً»، كاشفاً عن أنه مغرم بقراءة التاريخ، ويدرك أنّ هذه المنطقة مُغرية بحكاياتها وأحداثها لأي كاتب يمتاز برؤية: «ثمة فارق ما بين العمل التاريخي والتراثي، وأنا أنحاز إلى الأول، مع تقديري لمكانة الصنف الثاني».

رحلة البحث

من هنا، بدأ سعيد رحلة البحث والتقصّي. فيها انطلق من مكتبة دارة الملك عبد العزيز، ثم سافر إلى تربة، وهي محافظة واقعة في جنوب غربي المملكة على حدود نجد مع الحجاز؛ تبعد عن مدينة الطائف نحو 160 كيلومتراً، وقد شهدت إحدى أهم المعارك التاريخية. هناك، مكث أياماً، وتجوّل بين طرقاتها وجبالها، ثم انتقل إلى إسطنبول التركية، موضحاً أنه زار المتحف الحربي وشاهد المعدّات التي استخدمها الجيش العثماني في حقبة محمد علي.

الفنانة إلهام علي تُجسّد شخصية «غالية البقمية» (إنستغرام)

شخصية «غالية»

وعمَّا شدَّه تجاه شخصية غالية البقمية، يجيب: «تمثّل المرأة المستنيرة، ونحن بحاجة إلى هذا النموذج. من شأنها أن تُلهم الأجيال القادمة، لكونها شخصية تقدّمية تطلّعت نحو المستقبل وشغلها وطنها»، مؤكداً أنّ هذا العمل المُنتظر يُعدّ «نقلة كبيرة في تاريخ الإنتاج الدرامي السعودي، رغم مروره بتحدّيات، منها شحّ المصادر التي تناولت هذه الشخصية المهمّة».

يُذكر أنّ لغالية البقمية التي ستجسّد دورها الفنانة السعودية إلهام علي، حكاية عظيمة تستحق أن تُروى، لدورها في صدّ الغزاة والدفاع عن أرضها قبل أكثر من قرنين، ضمن ملحمة قادت خلالها معركة تربة الشهيرة، وانتصرت فيها مع جيشها ضدّ قائد الدولة العثمانية وقواته الغازية إبان الدولة السعودية الأولى.


دراسة: تناول المستحلبات يرتبط بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري

شخص يُجري فحصاً لداء السكري (رويترز)
شخص يُجري فحصاً لداء السكري (رويترز)
TT

دراسة: تناول المستحلبات يرتبط بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري

شخص يُجري فحصاً لداء السكري (رويترز)
شخص يُجري فحصاً لداء السكري (رويترز)

يرتبط الاستهلاك المتكرر لبعض المستحلبات بزيادة طفيفة في خطر الإصابة بمرض السكري، على ما بيّنت دراسة كبيرة نُشرت، الأربعاء، لكنّ منهجيتها تعرضت لانتقادات كثيرة.

وأوضح بيان صادر عن المعهد الوطني الفرنسي للصحة والبحوث الطبية «إنسيرم»، الذي أسهم في هذه الدراسة المنشورة بمجلة «لانسيت دايبيتيس آند إندوكرينولوجي»، أن «استهلاك بعض المستحلبات الغذائية المُضافة يرتبط بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني».

والمستحلبات هي المضافات الغذائية الأكثر شيوعاً في مجال تصنيع المواد الغذائية، وتُضاف إلى عدد كبير من المنتجات وتُستخدم لتحسين ملمس المنتج وزيادة استهلاكه.

وتُصنف الدراسة الجديدة، التي أُجريت في فرنسا، بأنها «أترابية» (Cohort Study)، وهو نوع بحثي يلحظ متابعة مجموعة كبيرة من الأشخاص على مدى سنوات.

وشملت الدراسة، التي أجرتها «إنسيرم» نحو مائة ألف بالغ جرت متابعتهم لنحو خمسة عشر عاماً، وانبثقت عن الدراسة أبحاث علمية كثيرة توصّل بعضها إلى وجود صلة بين استهلاك مواد التحلية، والإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية أو السرطان.

وخلص الباحثون، هذه المرة، إلى أن تناول أطعمة تحتوي على مستحلبات مثل الكاراجينان أو صمغ الزانثان بشكل كبير، يزيد خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.

وعلى غرار الدراسات السابقة التي أجراها الفريق نفسه، اتخذ باحثون آخرون موقفاً حذراً من نتائجها، مشيرين إلى أوجه قصور في منهجيتها.

وأشار بعض الباحثين إلى أن الدراسة لا تجعل من الممكن إنشاء علاقة سببية مباشرة بين استهلاك هذه المواد المضافة والإصابة بالسكري.

وقال غونتر كوهنلي، المتخصص في التغذية، في حديث لموقع «ساينس ميديا سنتر» البريطاني: «ليس من الواضح ما إذا كان خطر الإصابة بالسكري يرتبط تحديداً باستهلاك هذه المستحلبات».

وأضاف: «من المرجح أن هذه الدراسة تُظهر وجود صلة بين مرض السكري والأطعمة التي تحتوي على مستحلبات معينة، لا رابط بين المرض والمستحلبات نفسها. على أية حال، إن حجم الآثار محدود جداً».


وجوه الدجاج تحمرّ حسب حالتها العاطفية

مشاعر الدجاج تتحكّم بلونها (أ.ف.ب)
مشاعر الدجاج تتحكّم بلونها (أ.ف.ب)
TT

وجوه الدجاج تحمرّ حسب حالتها العاطفية

مشاعر الدجاج تتحكّم بلونها (أ.ف.ب)
مشاعر الدجاج تتحكّم بلونها (أ.ف.ب)

توصّل باحثون من المعهد الوطني الفرنسي للبحوث المتعلّقة بالزراعة والأغذية والبيئة (Inrae)، إلى أنّ المشاعر تُحوّل وجوه الدجاج إلى اللون الأحمر، في اكتشاف يوفّر طريقة جديدة لتقييم وضع هذه الحيوانات وصحّتها.

وأشاروا، في بيان تطرّق إلى دراسة نُشرت في مجلة «أبلايد أنيمال بيهييفير ساينس»، ونقلتها «وكالة الصحافة الفرنسية»، إلى أنّ لون وجوه الدجاج «يتحوّل إلى الأحمر بدرجات متفاوتة استناداً إلى حالتها العاطفية».

وبفضل برنامج للتصوير و18 ألف صورة لـ6 دجاجات من سلالة «ساسكس» خضعت مختلف زواياها للدراسة طوال 3 أسابيع، ميَّز الباحثون تدرّجات من الاحمرار لدى هذا النوع.

وفي بستان في فال دو لوار، لاحظ فريق المعهد أنّ وجوه الدجاج تتحوّل إلى الأحمر عندما ترى ديدان الطحين، وتتحوّل إلى القرمزي عندما تواجه موقفاً سلبياً مثل الأَسْر. وعندما تكون في وضع مرتاح، يبدو لون جلدها فاتحاً أكثر.

واستناداً إلى هذه الاستنتاجات، عزل الفريق 13 دجاجة لجَعْلها معتادة على وجود إنسان في محيطها لـ5 أسابيع. وبعد إجراء مقارنة مع دجاجات أخرى، لاحظوا أنّ لون وجوه المجموعة التي أُخضعت للتجربة كان أفتح، مما «يعكس حالة من الهدوء» في ظلّ وجود شخص معها.

وقال المعهد: «هذه العلامة تؤشّر إلى تصوّر إيجابي للوجود البشري، مقارنةً بالدجاج غير المعتاد على البشر، وتُشكل أداة جديدة لتقييم وضع الحيوانات وصحتها».

وتفتح هذه الدراسة آفاقاً أخرى لفريق الباحثين الذي يرغب في استكشاف الرابط بين احمرار وجوه الدجاج وتعابير أخرى مثل حركة الريش الموجود فوق رؤوسها.

ويريد الباحثون أيضاً فهم معاني هذا الاحمرار في وجوه الدجاجات، تحديداً خلال التفاعلات في ما بينها إما للهيمنة وإما للتبعية.


انطلاق العمل الأوبرالي السعودي الأكبر في الرياض

العمل استثنائي جديد على مسرح «مركز الملك فهد الثقافي» بالرياض (هيئة المسرح)
العمل استثنائي جديد على مسرح «مركز الملك فهد الثقافي» بالرياض (هيئة المسرح)
TT

انطلاق العمل الأوبرالي السعودي الأكبر في الرياض

العمل استثنائي جديد على مسرح «مركز الملك فهد الثقافي» بالرياض (هيئة المسرح)
العمل استثنائي جديد على مسرح «مركز الملك فهد الثقافي» بالرياض (هيئة المسرح)

نافذة تعبُر بالزمن إلى عُمق التاريخ، أتاحها العرض الأوبرالي السعودي الأكبر، «زرقاء اليمامة»، الذي أعاد رسم الأسطورة العربية وتشكيلها، وكان جزءاً من حكاية صراع درامي يعكس آلام الإنسان وآماله.

بأداء مُتقَن، وعرض باللغة العربية، قدّمت أوبرا «زرقاء اليمامة»، أمس (الثلاثاء)، أول عروضها الخاصة على مسرح مركز الملك فهد الثقافي في الرياض، بسردية مدهشة تخلّلتها صور فنّية مستوحاة من جماليات القصة الأصلية.

بدأ العرض بظهور الشخصية العربية «زرقاء اليمامة» التي تجسّدها الأوبرالية العالمية سارة كونولي، البارعة في الغناء بلغات عدّة، إلى جانب الإنجليزية؛ لغتها الأم. وفي تلك الأمسية، أضافت إليها اللغة العربية بعد استثمار كثير من الوقت في التمارين. تقود فريقاً من المغنّين الرئيسيين لسرد الحكاية أمام الجمهور بهدوء، فتُصوّر أحوال الإنسان في غضبه وأسفه، وفي مواجهة التحدّيات والعقد.

وتقود المرأة الحكيمة المتحدّرة من قبيلة جديس، مهمَّة للنجاة بقومها من مخاطر الثأر، وتُواجِه في طريقها كراهية وأحداثاً ملحمية تُنذر بأخطار عظيمة.

يردّد الكورال في كل مقطع من العرض الأوبرالي «الحب يحييكم... الحب ينقذكم»، للوعي بطريق النجاة من مخاطر بطش «الملك عمليق»، إحدى الشخصيات الرئيسية؛ وقد ظهر بجبروته وأُبّهته السلطانية وحاشيته الهائلة وأوامره النافذة للبطش ببني جديس. هنا؛ يصوّر العرض أرض اليمامة التي كانت المسرح التاريخي لأسطورة «زرقاء اليمامة»، وامتازت وقتذاك بأنها من أخصب البلاد وأعمرها.


التاريخ والحاضر ومسرح العرائس في الجناح المصري ببينالي فينيسيا

من عرض وائل شوقي في الجناح المصري ببينالي فينيسيا  («غاليري صفير زملر» ليسون غاليري وليا روما وغاليري بركات كونتمبوراري)
من عرض وائل شوقي في الجناح المصري ببينالي فينيسيا («غاليري صفير زملر» ليسون غاليري وليا روما وغاليري بركات كونتمبوراري)
TT

التاريخ والحاضر ومسرح العرائس في الجناح المصري ببينالي فينيسيا

من عرض وائل شوقي في الجناح المصري ببينالي فينيسيا  («غاليري صفير زملر» ليسون غاليري وليا روما وغاليري بركات كونتمبوراري)
من عرض وائل شوقي في الجناح المصري ببينالي فينيسيا («غاليري صفير زملر» ليسون غاليري وليا روما وغاليري بركات كونتمبوراري)

لم يأخذ الأمر طويلاً لتتناقل الألسنة النصائح بزيارة «الجناح المصري» في أرض الغارديني ببينالي فينيسيا للفنون، وسرعان ما توافد الزوار على الجناح لرؤية عرض الفنان وائل شوقي هناك تحت عنوان «دراما 1882»، ووصل الازدحام لدرجة أن اضطر القائمون على الجناح لتنظيم طابور الجناح امتد لمسافات طويلة وجذب المزيد من الزوار المترقبين لحضور العرض الذي أشادت به المجلات الفنية ونقاد الفنون على أنه أحد أفضل الأجنحة في البينالي عامة، ووصف ناقد بريطاني بارز وائل شوقي بأنه «عبقري». ولكن ما الذي قدمه الجناح ليكون مثار الحديث بين زوار البينالي في أثناء الافتتاح وما بعده؟ الإجابة ببساطة هي أن الفنان وائل شوقي قدم عرضاً باهراً بكل معنى الكلمة.

جانب من فيلم «دراما 1882» للفنان وائل شوقي في الجناح المصري ببينالي فينيسيا («غاليري صفير زملر» ليسون غاليري وليا روما وغاليري بركات كونتمبوراري)

ندخل إلى القاعة التي ترفل تحت إضاءة خافتة احتلت جانباً منها شاشة عرض ضخمة، وعلى الجوانب خزانات زجاجية تحمل بعض الأطباق الخزفية وقطعاً أخرى. ربما تماثل محتويات الخزانات ظاهرياً ما يوضع في صالونات العائلات الثرية من أطباق خزفية وقطع فضية.

لمعرفة ما الذي تعنيه تلك القطع، لا بدَّ للزائر من الجلوس لحضور الفيلم الغنائي، وهي تجربة ممتعة وثرية وجدانياً وبصرياً لأبعد حد.

لمتابعة الفيلم وفر الجناح مقعداً خشبياً يستوعب عشرة أشخاص لمن يرغب منهم في الجلوس، وسرعان ما شغل الحاضرون المقعد وافترشوا الأرض أمامه. المدهش أنه لم يغادر أحد من الحاضرين في أثناء العرض على طول مدته، فهو مكون من ثمانية مقاطع ومدته 45 دقيقة. انغمس المشاهدون في العرض وغاصوا في ثنايا المشاهد الدرامية والديكورات الباهرة والأداء الغنائي المتفوق للممثلين والمؤدين.

«دراما موسيقية 1882»

العرض الدرامي يمكن عده أوبرا ومسرح عرائس في آن واحد، يعرض الفيلم الذي صور على أحد أقدم مسارح مدينة الإسكندرية جانباً من التاريخ المصري في القرن التاسع عشر، وهي اللحظات التاريخية المفصلية التي سبقت الاحتلال البريطاني لمصر في 1882.

ثورة أحمد عرابي ظلت لسنوات طويلة جانباً ثابتاً من مناهج التاريخ في المدارس المصرية، واتخذت منها الروايات والأفلام السينمائية مادة خصبة لعرض الوقائع التاريخية وتحليلها والحديث عن المكايد السياسية والثورة الشعبية وحيل القوى الأجنبية لاستعمار البلاد. ولكن ما رأيناه في فيلم وائل شوقي يمكن عدّه من أبلغ وأجمل المعالجات الفنية للموضوع بشكله التاريخي. فقد عرض الفيلم ببراعة وسلاسة وجمال لقصة القائد العسكري أحمد عرابي ومطالباته بتعديل أحوال الضباط المصريين في الجيش وما تبع ذلك من صدامات مع الخديو توفيق وقتذاك ومناورات الحاكم العثماني والخديو المصري لاحتواء التذمر. من جانب آخر نرى الثورة الشعبية، وهي تبدأ، وتتطور مع عجرفة الجاليات الأجنبية وما نتج عنها من قتل 300 شخص في الإسكندرية أو ما أطلق عليها «مذبحة الإسكندرية». تمضي الأحداث لتصل للنهاية المعروفة بقيام السفن البريطانية بقصف الإسكندرية والاحتلال العسكري.

عرض درامي غنائي في «دراما 1882» لوائل شوقي في الجناح المصري ببينالي فينيسيا («غاليري صفير زملر» ليسون غاليري وليا روما وغاليري بركات كونتمبوراري)

ربما يبدو أن موضوعاً كهذا قد لا يكون عملاً فنياً يجذب زوار أكبر معرض فني عالمي مثل بينالي فينيسيا، ولكن ما قدمه وائل شوقي هنا تجاوز القصة المحلية ليغزل منسوجة أخذت من التاريخ خيوطه، وصبغها ولوّنها بالموسيقى والغناء والمشاهد المنسقة على نحو فائق ليأخذ الزائر لأحوال العالم قديماً وحالياً، الحيل والمكايد السياسية التي تجري خلف الستار ما زالت تحكم العالم، وتبدو أحداث غزة دليلاً حياً وواضحاً في العرض.

العرض يمتد 45 دقيقة، ولكنها دقائق مليئة بالمتعة و«الفرجة». استخدم الفنان أسلوب مسرح العرائس لينقل أفكاره، وهو أسلوب عمد إليه في أعمال سابقة. ما يجعل «دراما 1882» عرضاً فائقاً؛ التجانس المدهش بين السيناريو والموسيقى والغناء والتمثيل والديكور الذي صممه، وخطط له، وكتب كلماته، وألف ألحانه وائل شوقي. مجهود جبار بالفعل، ولكنه أيضاً مليء بالجمال والمتعة، تدهشنا الألحان، وتدهشنا أكثر أصوات المغنين، يشارك وائل شوقي في التمثيل والغناء، ويوقع بصوته على العرض الذي استغرق منه خمسة أشهر إعداداً وتنفيذاً.

جانب من فيلم «دراما 1882» للفنان وائل شوقي في الجناح المصري ببينالي فينيسيا («غاليري صفير زملر» ليسون غاليري وليا روما وغاليري بركات كونتمبوراري)

بعد العرض ألتقي الفنان، وفي جعبتي كثير من الأسئلة حول الموضوع والرسالة والتنفيذ، والأثر الذي يتركه العرض في ذهن المتفرج.

الفنان وائل شوقي في الجناح المصري ببينالي فينيسيا («غاليري صفير زملر» ليسون غاليري وليا روما وغاليري بركات كونتمبوراري)

اللحظة التاريخية وتحليلها أطلقا حديثي مع الفنان بسؤاله عن السبب في اختيار تلك اللحظة التاريخية المهمة في تاريخ مصر ليصنع منها عمله الفني: «لماذا عرابي ولماذا الآن؟». يقول شوقي: «عرابي يمثل فكرة الأمل في الثورة الذي لم يتحقق. أرى شخصية أحمد عرابي مثالاً ومحاولة للثورة غير أن محاولته أجهضت من طرف الحاكم والقوى الاستعمارية، من إنجلترا، ومن الدولة العثمانية. هذا جانب، وهناك جانب آخر مهم، وهو يرتبط بكتابة التاريخ ومن يكتبه. صحيفة «الأهرام» المصرية عندما ألقي القبض على عرابي في 1882 وصفته بالخائن والإرهابي، ولكن اليوم لن تكتب أي صحيفة عنه بهذه الطريقة. «يشير إلى أن العرض يرتبط بأحوال العالم اليوم وبالقوى الاستعمارية المتحكمة في اقتصاد العالم، ويضرب المثل بإحدى خزانات العرض في الجناح التي تحتوي على ما يبدو وكأنها قطع من قصب السكر المطلية بالفضة».

لماذا قصب السكر؟ لأن مصر في عهد الخديو توفيق كانت معتمدة في اقتصادها على القطن، ولكن الخديو وجه باستبدال قصب السكر بالقطن، لأن أوروبا كانت في حاجة مستمرة للسكر.

يتعامل شوقي في أعماله كثيراً مع التاريخ، ويرى في تقديمه فنياً «محاولة لقراءة الواقع». ويضيف أن العمل «هو محاولة لقراءة الواقع وأيضاً قراءة التاريخ». يفعل ذلك عن طريق الفن والإبداع، وليس فقط عن طريق تقديم الحقائق «أحب أكثر أن أتحول لمترجم للتاريخ، وأن أعمل على تحليله والتعامل معه كحالة نقدية». ينبه أن عمله «دراما 1882» مستمد من التاريخ الحقيقي ضارباً المثل بعمل سابق له «عندما قدمت (كباريه الحروب الصليبية) لم أخترع تاريخاً، بل حاولت أن أظل ملتزماً بالسياق الحقيقي المكتوب الذي كتبه أسامة بن منقذ، وابن القلنسي، وابن الأثير، هذه هي المصادر الحقيقية التي عدت لها، واستعنت أيضاً برواية أمين معلوف (الحروب الصليبية كما رآها العرب) للاستفادة منها في الدراما الحركية، ولا سيما في الانتقال من بلد لآخر». نصل هنا لنقطة مهمة نراها متجسدة في فيلمه بالجناح المصري، وهي استخدامه للحركة الدرامية لتكوين صورة مرئية مختلفة عن النص المكتوب، ويبرر ذلك بقوله «أحاول دائماً الالتزام بالسيناريو المكتوب، وأغير في الصورة المرئية، وهو ما يخلق حالة سوريالية تدفعنا لعمل قراءات جديدة للموضوع أمامنا».

جانب من فيلم «دراما 1882» للفنان وائل شوقي في الجناح المصري ببينالي فينيسيا («غاليري صفير زملر» ليسون غاليري وليا روما وغاليري بركات كونتمبوراري)

تطوف بالذهن لوحات درامية من «1882» على وقع الموسيقى الجميلة والأداء الغنائي المبدع، وعلى خلفية ملونة مركبة بطريقة مسرح العرائس، هنا نتخيل ذلك المشهد الدرامي المتمثل في واقعة مقتل «صاحب الحمار» في الإسكندرية حين طعنه الرجل المالطي بعد مشاجرة، المشهد كله يخلط بين الواقع التاريخي والمعالجة الدرامية التي تومئ لمسارح الأطفال والقصص الشعبية، بدا في لحظة أن ما أراد الفنان إيصاله للمشاهد حدث بالفعل، حيث أخذ الجالسون في الجناح بمشهد القتل، وندت منهم أصوات الصدمة، خرج شوقي وقتها بالمشاهد من المشهد الدرامي ليغمسه في الحقيقة التاريخية. يعبر عن ذلك ضارباً المثل بما يحدث في غزة: «نرى صور ما يحدث في غزة أمامنا كل يوم على شاشات التلفزيون، تفقد الصور معناها بعد وقت، ونتعود عليها، ولهذا فنحن بحاجة لعمل قراءة جديدة للموضوع، أن نقوم بعمل نوع التغيير في الشكل المرئي مع الالتزام بالحدث التاريخي نفسه، أعتقد أن ذلك يولد لدينا القدرة على التحليل».

التحضير للعمل

يبدو العمل متشعباً، وحيث إن الفنان كتب النص والموسيقى والغناء وتصميم الديكور والإخراج، إضافة إلى القطع الفنية المعروضة في الجناح المرتبطة بالفيلم، فالسؤال هنا هو عن الوقت الذي استغرقه التحضير للعمل؟ يقول: «بدأت في كتابة النص في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ثم بدأ التصوير في شهر يناير (كانون الثاني)، استغرق المشروع خمسة أشهر».

الدراما الشعبية في عمل وائل شوقي للجناح المصري ببينالي فينيسيا («غاليري صفير زملر» ليسون غاليري وليا روما وغاليري بركات كونتمبوراري)

ولا يصلح الحديث عن «1882» من دون الحديث عن الموسيقى والغناء اللذين سمّرا زوار العرض في أماكنهم طوال فترة العرض، تبقى الجمل الموسيقية مع الزائر حتى بعد مغادرته للجناح، أسأله عن التلحين والغناء اللذين شارك فيهما أيضاً، يقول إنَّ عملية كتابة الموسيقى للعرض كانت صعبة، مشيراً إلى أنه بدأ بكتابة الموسيقى والأغاني كلها، وسجل الأغاني بصوته قبل أن يدرب المغنين. «يبدو جهد الفريق ضخماً للخروج بمستوى رفيع من الأداء والغناء». وأسأله إن كان ذلك صعباً في مدة قصيرة نسبياً (5 أشهر). يقول «لدينا مواهب كبيرة في مصر وفنانون يتهافتون على العمل، ويمنحون العمل كل ما لديهم. لن تجدي مثل هذا التفاني في أوروبا، مع أنني نفذت غالبية أعمالي السابقة في أوروبا».


الهوية البصرية للقاهرة «حائرة» بين «الطابع الفرعوني» والعصر الحديث

مصر تضع اللمسات الأخيرة على المتحف الكبير (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مصر تضع اللمسات الأخيرة على المتحف الكبير (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

الهوية البصرية للقاهرة «حائرة» بين «الطابع الفرعوني» والعصر الحديث

مصر تضع اللمسات الأخيرة على المتحف الكبير (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مصر تضع اللمسات الأخيرة على المتحف الكبير (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعادت أزمة الجداريات على البنايات المحيطة بالمتحف المصري الكبير النقاش والجدل مجدداً حول قضية «الهوية البصرية» للقاهرة ما بين اتخاذها «الطابع المصري القديم» أو المستلهم من مفردات وعناصر العصر الحديث.

وكانت أعمال تشكيل الهوية البصرية لـ(الطريق الدائري) بالقاهرة قد بدأت بالتزامن مع الاستعدادات الخاصة لافتتاح المتحف المصري الكبير، وتضمن مشروع التطوير إنشاء منطقة أنشطة سياحية تطل على الأهرامات والمتحف المصري الكبير، في الوقت الذي تم فيه إضافة صور لرموز وملوك من الحضارة المصرية القديمة، فضلاً عن تعليق عناصر تراثية وجداريات على المباني السكنية العشوائية القريبة من المتحف.

جانب من اللوحات المثيرة للجدل (محافظة القاهرة)

وأكد اللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة في بيان أصدره مؤخراً استمرار العمل على تحسين الهوية البصرية بـ(الطريق الدائري) بقطاع شرق النيل، وذلك في المسافة ما بين أول طريق الأوتوستراد حتى النيل بطول 12، وذلك بالتعاون مع جامعة عين شمس طبقاً لرؤية عامة تتضمن تقسيم الطريق إلى قطاعات لإنجاز الأعمال بها، وفقاً لجدول زمني محدد سينتهي بالتزامن مع قرب افتتاح المتحف المصري الكبير.

وأمام الانتقادات الموجهة للمشروع، علقت وزارة التعليم العالي في بيان لها أخيراً : «تقوم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من خلال كليتي الهندسة بجامعتي عين شمس والقاهرة بعمل معالجة متكاملة لعناصر الرؤية البصرية على جانبي الطريق من خلال تطوير واجهات المباني غير المنظمة، وعمل لافتات دعائية لتاريخ ومكانة القاهرة والجيزة، سواء بطول بعض جوانب الواجهات أو بمُحاذاة أسوار (الطريق الدائري) مع تزويدها بعناصر الإضاءة المُناسبة، بالإضافة إلى عناصر التشجير والمناطق الخضراء وفقاً للفراغات المُتاحة على جانبي (الطريق الدائري)، وذلك على اعتبار أن (الطريق الدائري) أحد المسارات الرئيسية للمتحف المصري الكبير».

أحد رسومات «الطريق الدائري» (محافظة القاهرة)

وعقبت الوزارة على ما أثير بشأن تشابه بعض التصميمات التي تم تنفيذها على (الطريق الدائري) مع بعض التصميمات المنفذة بدول أخرى، قائلة: «الشركات المسؤولة عن تنفيذ هذه التصميمات أوضحت أن هذه التصميمات كانت بمثابة عينة تجريبية فقط لدراسة الألوان والمقاييس على الطبيعة، وتمت إزالتها فور انتهاء الدراسة، وليس لها علاقة بالتصميم النهائي الجاري تنفيذه حالياً على (الطريق الدائري)».

وتم البدء في تنفيذ عشرات اللافتات الفعلية المُبتكرة والمُصممة من خلال مسابقة بين طلاب كليات الهندسة، وتمت مراعاة ألا تكون هذه التصميمات متشابهة مع تصميمات سابقة سواء محلية أو عالمية.

ووفق وزارة التعليم العالي فإنه من المنتظر أن يعكس المشروع في صورته النهائية صورة مُضيئة لمحافظتي القاهرة والجيزة، سواء لسكانها أو للسائحين الذين سيترددون على المتحف المصري الكبير ليشاهدوا تاريخ الحضارة المصرية القديمة.

من جهتها، تقول الدكتورة سهير زكي حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بجامعة القاهرة لـ«الشرق الأوسط» إن «العمل في المنطقة المحيطة بالمتحف الكبير على وجه الخصوص ينبغي أن يتم بناءً على رؤية عظيمة، تتوافق مع كونه أحد إنجازات القرن، وأن العالم كله ينتظر افتتاحه بوصفه أكبر متحف في العصر الحديث».

وتتابع: «ينبغي أن يكون العمل في إطار عموم الرؤية الشاملة المتكاملة التي تتوافق مع هذا المشروع الكبير، بمعنى أن الأمر يتطلب عقولاً تتنافس فيما بينها، وتتصادم وصولاً إلى الرؤية الصحيحة والتخطيط السليم، ولن يتحقق ذلك من دون طرح الأهداف المراد تحقيقها وإتاحتها للخبراء وللمجتمع لمناقشتها وإبداء الرأي حتى يبني المتخصصون رؤيتهم عليها قبل الشروع في التنفيذ».

الهوية البصرية للقاهرة أثارت جدلاً (فيسبوك)

وبينما يثني المعماري محمود صالح على توسع الحكومة أخيراً في اعتماد الحضارة المصرية القديمة بوصفها هوية بصرية لمشروعاتها القومية الكبرى، وما يرتبط بها من أمكنة واحتفالات، آملاً أن تتوسع مصر في اعتماد هذه الهوية للقاهرة على اعتبار أن الحضارة المصرية القديمة هي الأعظم، ولم يأت مثلها في أسرارها وهويتها، وأنها لا تزال باقية حية متفردة، فإن الدكتور جلال عبادة أستاذ العمارة والتصميم العمراني بجامعة عين شمس يرى أن «هناك مفاهيم غير دقيقة ينبغي تصحيحها والاتفاق عليها أولاً قبل التحدث عن الطابع العمراني للقاهرة».

ويوضح عبادة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ما يسمى مفهوم الهوية البصرية للمدن؛ وهناك خلط بين هذا الاسم وما هو معروف في التصميم العمراني بالصورة البصرية للمدينة، وهو مجال مختلف تماماً عن موضوع الجدل الدائر حالياً».

ويتابع: «المدن لها طابع عمراني مركب ومتداخل من عدة عوامل، وفي القاهرة، وهي مدينة متضخمة تتكون من (قاهرات) متعددة ومتباينة ومتداخلة، و(الطريق الدائري) على سبيل المثال يمر بعدد من مناطق عمرانية مختلفة، ولا يمكن إلباس ثوب معين لهذه المناطق لكي أغير مظهرها أو طبيعتها، وإنما يمكن تحسين مظهرها بوسائل معروفة؛ فالمدينة ليست (مانيكان) تتخذ ملابس يمكن توحيدها لتتغير في طابعها من حين إلى آخر».

أهرامات الجيزة أبرز معالم القاهرة الكبرى (الشرق الأوسط)

ويشدّد عبادة على أن «المدينة تعبر عن طابعها العمراني والتاريخي والطبيعي، وشخصيتها الحضارية والعوامل المختلفة التي صاغتها وشملت طابعها، وما نستطيع أن نقوم به هو أن نهذب المكان ونعيد تنظيمه وتنسيق عناصره وتفاصيله المتغيرة، وأن نزيل عوامل التشويه المختلفة، مع رفض استخدام ألوان متنافرة وصاخبة، وإلصاق موتيفات سطحية أو صور مباشرة بدعوى تأكيد الانتماء لطابع قديم أو حديث؛ فذلك غير مناسب إلا في مناطق معينة استثنائية، مثل بعض أماكن الجذب السياحي أو مدن الملاهي وما شابهها».

وتعد القاهرة الكبرى من أكثر المدن تنوعاً من حيث المستويين الثقافي والحضاري، ومن أكبر المدن الأفريقية، وتمتد مساحتها على عشرات الكيلومترات ويتوسطها نهر النيل.

وتضم القاهرة الكبرى المكونة من القاهرة والجيزة والقليوبية عدداً من المعالم القديمة والحديثة التي ترجع لحقب تاريخية مختلفة على مر العصور، كما تضم آثاراً فرعونية ويونانية ورومانية وقبطية وإسلامية، ووصفها المؤرخ والفيلسوف ابن خلدون قائلا: «إنها أوسع من كل ما يُتخيَّل فيها».

وتزخر القاهرة بعدد من المتاحف الأثرية والفنية، منها المتحف المصري، والمتحف المصري الكبير، ومتحف الفن الإسلامي، والمتحف القومي للحضارة بالفسطاط، ومتحف أم كلثوم، ومتحف الفن الحديث، ومتحف المركبات الملكية.


«زرقاء اليمامة» في عرضها الأول... صراع درامي يعكس آلام الإنسان وآماله

العمل استثنائي جديد على مسرح مركز الملك فهد الثقافي بالرياض (هيئة المسرح)
العمل استثنائي جديد على مسرح مركز الملك فهد الثقافي بالرياض (هيئة المسرح)
TT

«زرقاء اليمامة» في عرضها الأول... صراع درامي يعكس آلام الإنسان وآماله

العمل استثنائي جديد على مسرح مركز الملك فهد الثقافي بالرياض (هيئة المسرح)
العمل استثنائي جديد على مسرح مركز الملك فهد الثقافي بالرياض (هيئة المسرح)

نافذة تعبُر بالزمن إلى عمق التاريخ، أتاحها العرض الأوبرالي السعودي الأكبر، «زرقاء اليمامة»، الذي أعاد رسم الأسطورة العربية وتشكيلها، وجمع حدّة البصر مع دقّة البصيرة، وكان جزءاً من حكاية صراع درامي يعكس آلام الإنسان وآماله.

بأداء مُتقَن، وعرض باللغة العربية، قدّمت أوبرا «زرقاء اليمامة»، الثلاثاء، أول عروضها الخاصة على مسرح مركز الملك فهد الثقافي في الرياض، بسردية مدهشة تخلّلتها صور فنّية مستوحاة من جماليات القصة الأصلية، ومن مشهدية الصحراء والعيون التي تمتاز باللون الأزرق، والليالي المقمرة.

بدأ العرض بظهور الشخصية العربية «زرقاء اليمامة» التي تجسّدها الأوبرالية العالمية سارة كونولي، البارعة في الغناء بلغات عدّة، إلى جانب الإنجليزية؛ لغتها الأم. وفي تلك الأمسية، أضافت إليها اللغة العربية بعد استثمار كثير من الوقت في التمارين. تقود فريقاً من المغنّين الرئيسيين لسرد الحكاية أمام الجمهور بهدوء، فتُصوّر أحوال الإنسان في غضبه وأسفه، في همّته ونقمته، وفي مواجهة التحدّيات والعقد.

وتقود المرأة الحكيمة المتحدّرة من قبيلة جديس، مهمَّة للنجاة بقومها من مخاطر الثأر، وتُواجِه في طريقها كراهية وأحداثاً ملحمية تُنذر بأخطار عظيمة.

يردّد الكورال في كل مقطع من العرض الأوبرالي «الحب يحييكم... الحب ينقذكم»، للوعي بطريق النجاة من مخاطر بطش «الملك عمليق»، إحدى الشخصيات الرئيسية؛ وقد ظهر بجبروته وأُبّهته السلطانية وحاشيته الهائلة وأوامره النافذة للبطش ببني جديس. هنا؛ يصوّر العرض أرض اليمامة التي كانت المسرح التاريخي لأسطورة «زرقاء اليمامة»، وامتازت وقتذاك بأنها من أخصب البلاد وأعمرها. ثم انتهى الملك إلى رجل ظالم من «طسم»، يُسمَّى «عمليق» أو «عملوق»، ذلَّ جديس، وأهانها، فثارت وقتلته ومَن كان معه من حاشيته، واستعانت «طسم» بـ«حسّان بن تبع»، فوقعت حرب أفنت الجميع.

تستكمل «هيئة المسرح والفنون الأدائية» عروض عملها الاستثنائي الجديد «أوبرا زرقاء اليمامة»، الذي استوحى الشاعر السعودي صالح زمانان فصوله التاريخية من الكتب ونقله إلى خشبة المسرح، حتى 4 مايو (أيار) المقبل. وهو يُعدّ أول أوبرا سعودية وأكبر إنتاج أوبرالي باللغة العربية، يُقدّم قصة خالدة من عمق تراث الجزيرة العربية عبر أداء أخّاذ يجمع المواهب السعودية مع تلك العالمية، وذلك بإخراج السويسري دانيال فينزي باسكا، بينما تولّى التأليف الموسيقي الأسترالي لي برادشو، وقيادة الجوقة الموسيقية الإسباني بابلو غونزاليس.