نجوم شبكات التواصل الاجتماعي.. وجوه إعلانية

مع اختلاف الخبراء حول مدى التزام هذا التوجه بأخلاقيات الإعلان

مشاهير برنامج «إنستغرام» استثمروا شعبيتهم  في الترويج الإعلاني عبر حساباتهم («الشرق الأوسط»)
مشاهير برنامج «إنستغرام» استثمروا شعبيتهم في الترويج الإعلاني عبر حساباتهم («الشرق الأوسط»)
TT

نجوم شبكات التواصل الاجتماعي.. وجوه إعلانية

مشاهير برنامج «إنستغرام» استثمروا شعبيتهم  في الترويج الإعلاني عبر حساباتهم («الشرق الأوسط»)
مشاهير برنامج «إنستغرام» استثمروا شعبيتهم في الترويج الإعلاني عبر حساباتهم («الشرق الأوسط»)

لم يعد نجوم السينما ولاعبو كرة القدم هم وحدهم الوجوه الإعلانية الأكثر شهرة وحضورا، إذ دخل شريك جديد ينافسهم الآن بشراسة، متمثلا في نجوم شبكات الإعلام الاجتماعي، الذين يكون بعضهم إما طلبة جامعات أو موظفين مغمورين في إحدى الشركات؛ ثم أصبحوا اليوم بمثابة الوجوه الإعلانية لعدد كبير من المنتجات والجهات الخدمية التي تعقد معهم اتفاقات للترويج لها من خلال ألوف المتابعين الذين يستقبلون هذا الإعلان المصور أو المكتوب، ويبدون تفاعلا إلكترونيا حوله.
هذا التوجه الغربي الشهير وصل حديثا إلى دول الخليج العربي، إذ أصبحت أفضل وسيلة إعلانية مؤخرا هي دعوة أصحاب الحسابات الإلكترونية الشهيرة في «تويتر» و«إنستغرام» وغيرهما إلى تناول وجبة الغداء في مطعم معين ومن ثم يغردون حول المطعم عبر حساباتهم على هيئة تجربة شخصية، في حين تعمد معارض الأزياء إلى تقديم منتجاتها مجانا إلى الوجوه الشهيرة إلكترونيا، كي تحقق الشعبية ذاتها وتضمن انتشارها في وقت قصير.
إلا أن هذا الانفجار الإعلاني على الشبكات الاجتماعية رافقه الكثير من الاتجاهات السلبية في الإعلان، من ذلك الإطراء المبالغ فيه والثناء على السلعة بآراء ذاتية تستخدم صيغ المبالغة بطريقة عمومية وغامضة، دون وقائع محددة تستند إليها، الأمر الذي يجعل مشاهير الإعلام الاجتماعي عُرضة للهجوم في أحيان كثيرة من جمهورهم الذي يكتشف لاحقا أنه وقع ضحية التضليل الإعلاني.
ويسيطر برنامج «إنستغرام» على نصيب الكعكة من هذا التوجه، فالتطبيق الذي انطلق في أكتوبر (تشرين الأول) 2010، أصبح اليوم هو الوجهة المفضلة لنجوم العالم ورواد الأعمال، لكونه يركز على الصور ومقاطع الفيديو القصيرة، مما يسهل إمكانية تصوير المنتجات وعرضها عن طريق هؤلاء المشاهير، وليصبح هذا البرنامج اليوم واحدة من أهم وسائل الإعلان وتسويق وترويج المبيعات بطريقة سهلة وممتعة وغير مكلفة في الوقت ذاته.
ويرى قسورة الخطيب، وهو رئيس وكالة «فول ستوب» السعودية للإعلان، أن المبدأ الأساسي في الإعلان هو «الانتشار» يلي ذلك الوصول إلى الشريحة المستهدفة، قائلا «بناء على ذلك، فأي طريقة للتواصل بإمكانها أن تكون إعلانا». ويضيف «بعض مشاهير برنامج (إنستغرام) لديهم نسب مشاهدة عالية جدا، فتتم معهم اتفاقات على استخدام منتج أو الحصول على خدمة من الجهة المعلنة».
وبسؤال الخطيب عن مدى أخلاقية تمرير الإعلان دون إبلاغ المتابعين بأنه إعلان مدفوع، والإيحاء بأنها مجرد تجارب شخصية عاشها هؤلاء المشاهير مع منتج أو خدمة معينة، يقول الخطيب «هذا سؤال صعب، اختلف عليه خبراء الإعلان، فهناك من يرى أنه أخلاقيا وأدبيا يجب أن يتم إبلاغ المتلقي بكون هذه المادة إعلانية.. ولكن أحيانا لا يكون الشخص المشهور عمل الإعلان بناء على اتفاق مع الشركة صاحبة المنتج، فهذا أمر يبدو غير مؤكد وغير معروف».
ويوضح الخطيب أن معظم إعلانات برامج التواصل الاجتماعي تستخدم أسلوب التلميح وليس التصريح، من خلال محاولة توصيل معلومات عن المنتج للمستهلك والإيحاء له بجودة المنتج، مفيدا بأن هذا التوجه الإعلاني ساعد المعلنين على التواصل مع الجمهور المستهدف، وبالتالي قياس الرأي العام مباشرة دون الحاجة لإجراء أبحاث ودراسات كما كان معمولا به سابقا، خاصة عبر خاصية الإعجاب والتعليق على صورة المنتج، التي يوفرها برنامج «إنستغرام» بصورة أوسع.
في حين يوضح عمار محمد، وهو خبير في الإعلام الاجتماعي من قطر، أن الـ«إنستغرام» أصبح أداة فعالة في التسويق، قائلا «من خلال استبيان أجري على أكبر 500 شركة عالمية، أجراه موقع (ماركميفين)، أكدت النتيجة أن 91 في المائة من الشركات تلك لديها حساب في (إنستغرام)». ويتابع بالقول «في عالمنا العربي يجري توظيف المؤثرين في الإعلام الاجتماعي للترويج للمؤسسات والشركات التي يكون الإقبال على منتجاتها أو خدماتها بشكل ضعيف. الناس يتأثرون من أشخاص لا مؤسسات، خصوصا لو كانت هناك مشاعر تجاه الجمهور أو تخضع للتجربة بشكل شخصي، وهذا سر فاعلية الـ(إنستغرام) مقارنة بالمواقع الأخرى».
ويبدي عمار محمد، الذي عمل سابقا كمدير لمشاريع الإعلام الجديد في قناة «الجزيرة»، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، تفاؤله بالدور الذي يلعبه برنامج «إنستغرام» في الترويج الإعلاني، قائلا «نظرا لاعتماده على الصورة والفيديو في آن واحد، فإن هذا يجعل المشاهير يستغلون كل الإمكانيات لإقناع المتابعين بالفكرة، وسيزداد الاهتمام بهذا النوع من الترويج نظرا لارتباط الـ(إنستغرام) بقاعدة بيانات الـ(فيس بوك) وجمهوره الكبير، مما سيجعل الفترة المقبلة تظهر تقنيات وآليات تساعد على التفاعل وكذلك أدوات لقياس أثر المحتوى والتأثير في المتابعين. هي توقعات ستظهر عما قريب».
من ناحيتها، ترى فاديا الفواز، وهي مسؤولة التسويق في مؤسسة «موفون» للعلاقات العامة والإعلام شرق السعودية، أنه «إذا كان المنتج لا يلائم المجتمع الذي يروج فيه أو كان يحمل تدنيا في معايير الجودة فإن النتيجة ستكون عكسية، أي أن الشخصية المشهورة ستتأثر سلبا ولن ينتفع المنتج من ذلك».
وتتابع الفواز حديثها لـ«الشرق الأوسط» متوقعة أن تشهد الفترة المقبلة اعتمادا كبيرا على مشاهير الإعلام الاجتماعي في توصيل رسائل الإعلانات، قائلة «إجمالا، تعد الشخصيات الجماهيرية إحدى وسائل الترويج منذ زمن ليس بقريب، وهي من الوسائل المفيدة في كثير من الحالات، خصوصا في ترويج المنتجات غير الربحية: مثل ترويج منتجات العمل الخيري».
يأتي ذلك في حين قدرت دراسة حديثة قيمة الإنفاق الإعلاني عبر الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط بـ300 مليون دولار أميركي، وبمعدل نمو يبلغ 37 في المائة سنويا، مع توقعات بأن يصل إلى مليار دولار بحلول عام 2017. ويكرس مديرو الإعلان المزيد من الاهتمام بوسائل الإعلام الاجتماعي، لأنها تؤثر على نحو متزايد على القرارات الشرائية للمستهلك، إذ تكشف الدراسات ما لوسائل الإعلام الاجتماعي من تأثير كبير على المستهلك في اختيار الذهاب إلى مطعم معين أو العثور على الأماكن مثل المحلات التجارية ومراكز التسوق؛ أو التعرف على المنتجات الجديدة.
جدير بالذكر أنه وفقا لدراسة حديثة أجرتها الغرفة التجارية في الرياض، فإن إجمالي حجم السوق الإعلانية السعودية خلال عام 2013، بلغ ما بين 1.2 إلى 1.5 مليار ريال، فيما تفاوتت نسب توزيع الإعلان بالنسبة لوسائل الإعلام ما بين 70 في المائة للصحافة الورقية، ثم 17 في المائة لإعلانات الطرق، فيما جاءت أخيرا إعلانات التلفاز والراديو والإعلام الإلكتروني بنسبة 13 في المائة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».