المظاهرات وسيلة وهمية للحصول على الخدمات في العراق

وزير سابق: الحكومات المتعاقبة فشلت في إدارة البلاد

متظاهرون  يطالبون بالإصلاح في بغداد الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
متظاهرون يطالبون بالإصلاح في بغداد الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
TT

المظاهرات وسيلة وهمية للحصول على الخدمات في العراق

متظاهرون  يطالبون بالإصلاح في بغداد الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
متظاهرون يطالبون بالإصلاح في بغداد الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

رغم أن وزير الموارد المائية العراقي السابق محسن الشمري يرى أن «ملف تردي الخدمات في العراق رافق الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 وحتى اليوم بسبب التعاطي الخاطئ معه»، فإن سعد المطلبي، عضو مجلس محافظة بغداد، يرى أن «المظاهرات التي تنطلق في العراق منذ سنوات تبدو آخر الوسائل بهدف إجبار الحكومة للتعاطي مع الخدمات وإمكانية الحصول عليها».
ومع أن المظاهرات انطلقت في العراق على نطاق واسع منذ عام 2011 مع بدايات الربيع العربي لكنها سرعان ما انحسرت في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية ذات الغالبية الشيعية لتتجدد أواخر عام 2012 وطوال عام 2013 في المحافظات الغربية ذات الغالبية السنية. واقتحمت الحكومة السابقة برئاسة نوري المالكي خيم الاعتصامات على الطريق الدولي السريع الرابط بين بغداد وعمان عبر محافظة الأنبار وأضرمت فيها النيران.
وبين هذين النوعين من المظاهرات، التي موضوعها تردي الخدمات بكافة أنواعها، فإن فصل الصيف ينفرد سنويا بنوع مختلف من المظاهرات وهي التي تنطلق حصرا حول تردي الكهرباء. وبرغم أن بعضها شهد مواجهات مع السلطات أدت إلى مقتل وجرح العشرات فإنها كثيرا ما كانت ترتبط بطقوس فيها الكثير من السخرية حول أسباب وعوامل تردي الكهرباء.
ومنذ يوليو (تموز) 2015، بدأت تنطلق كل جمعة مظاهرات مطالبة بالإصلاح والتغيير قادها بالمناصفة التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر والتيار المدني والحزب الشيوعي العراقي حتى توصل الطرفان مؤخرا إلى تحالف أطلق عليه تحالف «سائرون» لدخول الانتخابات البرلمانية المقبلة.
ومنذ نحو عشرة أيام بدأت تنطلق مظاهرات في بعض الأقضية المحيطة بالعاصمة بغداد سرعان ما اتخذت أسلوبا جديدا هو الاعتصامات من خلال نصب الخيم على الطرق الرابطة بين بغداد والمحافظات الشمالية من البلاد (مظاهرات قضاء الحسينية) والطرق الرابطة بين بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية (مظاهرات قضاء جسر ديالى) جنوب شرقي بغداد. وأرسلت الحكومة العراقية وفدين إلى كل من الحسينية وجسر ديالى بهدف تسيم مطالب المتظاهرين الذين عادوا إلى منازلهم بخفي الوعود الحكومية. ويقول المطلبي في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الوعود «لن يكون لها أي مفعول سوى التخدير لسبب رئيسي هو أن الأمر مرتبط بالتخصيصات المالية التي هي بيد وزارة المالية». ويضيف المطلبي أن «المشاريع التي يتحدث عنها المواطنون في مظاهراتهم والتي لم تنفذ حتى الآن كانت قد أقرت من قبل مجلس المحافظة ومن ثم حظيت بموافقة أمانة مجلس الوزراء بل وتم التوقيع عليها من قبل رئيس الوزراء شخصيا لكن لا فائدة من هذا كله ما دامت لا توجد أموال للتخصيص».
وردا على سؤال بشأن الأسباب التي تحول دون إطلاق الأموال، يقول المطلبي إن «الحكومة تقول ليس لديها أموال في وقت أسعار النفط ارتفعت والعراق يحصل على قروض وتسهيلات، الأمر الذي لا يعني سوى سوء إدارة».
من جهته، يرى محسن الشمري، وزير الموارد المائية العراقي السابق، أن «كل الحكومات المتعاقبة لم تقدم برنامجا متكاملا واستراتيجيا لمواجهة التحديات وأهم هذه التحديات ملف الخدمات لتماسه المباشر مع كل المواطنين ولتوفيره الاستقرار النفسي والمعيشي وبالتالي الاستقرار الأمني». ويضيف الشمري قائلا إن «بناء وتأهيل البنى التحتية لا يزال مهملا بسبب انعدام التخطيط وسوء الإدارة والمحاصصة»، مشيرا إلى أن «ذلك يتطلب طرح رؤية وخريطة طريق جديدة لمعالجة التدهور ونحتاج من 5 إلى 10 سنوات وعشرات المليارات من الدولارات».
ويشير الوزير العراقي إلى أن «إهمال ملف الخدمات يعد أحد أهم المآخذ على الحكومات المتعاقبة في المؤسسات الدولية الرسمية وشبه الرسمية، حيث إن اعتماد اقتصاد البلد على النفط وغياب اﻻستثمار الحقيقي كان وما زال عاملاً مؤثراً كبيراً آخر في تردي الخدمات». وانتقد الشمري «الانكفاء على الملف الأمني واعتباره المشكلة الوحيدة في البلد وتوجيه كل الجهود لمعالجته، وهذا يعتبر دليلا آخر على عدم قدرة الحكومات وفشلها في إدارة شؤون البلد».



خفوت هجمات الحوثيين خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية

الحرائق لا زالت مستمرة في مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني رغم مُضيّ أكثر من أسبوع (رويترز)
الحرائق لا زالت مستمرة في مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني رغم مُضيّ أكثر من أسبوع (رويترز)
TT

خفوت هجمات الحوثيين خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية

الحرائق لا زالت مستمرة في مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني رغم مُضيّ أكثر من أسبوع (رويترز)
الحرائق لا زالت مستمرة في مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني رغم مُضيّ أكثر من أسبوع (رويترز)

خفتت هجمات الجماعة الحوثية ضد السفن، خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية على ميناء الحديدة اليمني، الخاضع للجماعة، فيما واصل الجيش الأميركي عملياته الاستباقية الدفاعية؛ للحدِّ من قدرة الجماعة العسكرية.

وعلى الرغم من تهديد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بالرد على قصف إسرائيل مستودعات الوقود في ميناء الحديدة، والاستمرار في مهاجمة السفن، فإن الأسبوع الأخير لم يشهد تسجيل أي هجمات مؤثرة، سواء باتجاه إسرائيل، أو ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أ.ف.ب)

ومع انطفاء الحريق الذي أتى على نحو ثلثَي القدرة التخزينية للوقود في ميناء الحديدة، جرّاء الضربات الإسرائيلية، تجدّدت، السبت، الحرائق مع انفجار أحد الخزانات بفعل الحرارة التي انتقلت إليه من الخزانات المجاورة، وسط إفادة مصادر محلية بسقوط 6 مصابين من العمال.

وكانت إسرائيل نفّذت في 20 يوليو (تموز) ضربات انتقامية ضد الحوثيين استهدفت خزانات الوقود والكهرباء في الحديدة، رداً على طائرة مسيّرة استهدفت تل أبيب في 19 يوليو، تبنّت الجماعة الموالية لإيران في اليمن إطلاقها، وأدّت إلى مقتل شخص وإصابة آخرين.

في غضون ذلك، أوضحت القيادة المركزية الأميركية، السبت، أن قواتها نجحت خلال 24 ساعة في تدمير 6 طائرات بدون طيار تابعة للحوثيين المدعومين من إيران، في منطقة تسيطر عليها الجماعة، دون تحديد للمكان.

وبشكل منفصل، أفاد البيان بأن القوات الأميركية دمّرت 3 زوارق حوثية مسيَّرة قبالة سواحل اليمن، مشيراً إلى أن هذه الأسلحة كانت تمثل تهديدًا وشيكًا للولايات المتحدة وقوات التحالف، والسفن التجارية في المنطقة، وأنه تم اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة، وجعل المياه الدولية أكثر أمانًا.

وكانت وسائل إعلام الجماعة الحوثية أقرّت، الجمعة، بالضربات التي وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، وقالت إن 4 غارات استهدفت مطار الحديدة، وهو مطار جنوب المدينة خارج عن الخدمة منذ سنوات، في حين استهدفت 4 غارات أخرى مواقع في جزيرة كمران قبالة الحديدة.

وأقرّت الجماعة بتلقّي أكثر من 580 غارة منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، وسقوط 57 قتيلاً و87 جريحاً جرّاء الضربات التي تشنّها واشنطن تحت ما سمّته تحالُف «حارس الازدهار».

وتشنّ الجماعة الحوثية الموالية لإيران منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

صورة وزّعها الحوثيون للطائرة المسيّرة التي استهدفت تل أبيب (أ.ف.ب)

كما تزعم الجماعة أنها تقوم بهجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران في المنطقة.

تهديد مستمر

كان زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي عبّر عن سعادة جماعته بالمواجهة المباشرة مع إسرائيل وأميركا وبريطانيا، وتوعّد باستمرار التصعيد البحري ضد السفن ومهاجمة إسرائيل، وأعلن أن الهجوم بالطائرة المسيّرة على تل أبيب هو بداية المرحلة الخامسة من التصعيد.

وهوَّن زعيم الجماعة الانقلابية في اليمن من أهمية الضربة الإسرائيلية على ميناء الحديدة، وقال إن جماعته ستواصل عملياتها، وإن أي ضربات أخرى لن يكون لها أي تأثير على قدراتها العسكرية، مشدّداً على أن الجماعة لن «تتراجع عن موقفها».

وتبنّت الجماعة الحوثية منذ نوفمبر الماضي كثيراً من الهجمات ضد إسرائيل، دون أي تأثير يُذكر، باستثناء هجوم المسيّرة الأخير على تل أبيب، كما تبنّت مهاجمة أكثر من 170 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

عناصر حوثيون ضمن تجمّع للجماعة في صنعاء تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة (رويترز)

وأصابت الهجمات الحوثية، حتى الآن، نحو 30 سفينة منذ بدء التصعيد، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استُهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

مساعٍ أُمَمية

قاد التصعيد الحوثي ضد السفن إلى تجميد عملية السلام في اليمن، بعد أن كانت خريطة الطريق التي تم التوصل إليها بوساطة سعودية وعُمانية، وأعلنها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ نهاية العام الماضي، على وشك أن ترى النور.

وإذ يكافح المبعوث لإنجاز ما يمكن على صعيد التهدئة وخفض التصعيد في اليمن، أفاد في بيان، السبت، أنه اختتم زيارة إلى واشنطن، حيث التقى مسؤولين أميركيين كباراً لمناقشة التطورات في اليمن، واستكشاف سبل دعم عملية سياسية جامعة لحل النزاع.

المبعوث الأُممي إلى اليمن هانس غروندبرغ يكافح لإنجاز اختراق في مسار السلام (د.ب.أ)

وأضاف أنه التقى مع القائم بأعمال وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، جون باس، ومساعدة وزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية، ميشيل سيسون، ومساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، ومنسق مجلس الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بريت ماكغورك، والمبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ.

وأوضح غروندبرغ أنه استعرض خلال اجتماعاته التحديات التي تُعيق جهود الوساطة في اليمن، بما في ذلك التطورات الإقليمية، ومسار التصعيد المُقلِق في اليمن منذ بداية العام.

وشدّد المبعوث على ضرورة منح الأولوية مسار السلام والحوار والتهدئة في اليمن. كما أكّد على أهمية الدعم الإقليمي والدولي المتضافر لتحقيق هذا الهدف.