السعودية بصدد تغيير خريطة الغاز الصخري العالمي من باب «الجافورة»

الحقل قد يجعل المملكة خامس منتجيه... و«أرامكو» تبحث خفض التكلفة والتطوير الكلي

إحدى منصات الحفر في حوض البريميان العملاق في تكساس (رويترز)
إحدى منصات الحفر في حوض البريميان العملاق في تكساس (رويترز)
TT

السعودية بصدد تغيير خريطة الغاز الصخري العالمي من باب «الجافورة»

إحدى منصات الحفر في حوض البريميان العملاق في تكساس (رويترز)
إحدى منصات الحفر في حوض البريميان العملاق في تكساس (رويترز)

خلال أيام بسيطة ستبدأ «أرامكو» السعودية إنتاج أول كميات من الغاز غير التقليدي في تاريخها من شمال المملكة، بهدف إمداد شركة الكهرباء هناك ومشروع «وعد الشمال» بالوقود اللازم لتشغيل المشروع، ولكن في مكان آخر من المملكة، يجري العمل على إنتاج الغاز من مكامن من شأنها تغيير وجه الطاقة في السعودية والمنطقة إذا ما نجح المشروع.
ففي منطقة لا تبعد كثيراً عن الجهة الشمالية والشرقية لحقل الغوار أكبر حقل نفطي في العالم، تجري «أرامكو» السعودية أعمال الحفر والاختبارات المبدئية لإنتاج الغاز الصخري من حقل الجافورة، الذي يعتبر في تقديرات شركة «أرامكو» موازياً في الكميات والمساحة لحقل «إيغل فورد» للنفط الصخري في تكساس، وهي ثاني أكبر حقول حوض البريميان العملاق.
والغاز الصخري هو أحد أنواع الغاز غير التقليدي، الذي تتطلب استخراجه عمليات أكثر تعقيداً من الغاز التقليدي. فهناك أنواع أخرى مثل الغاز المحبوس في الجيوب الرملية، وهذا الغاز موجود في شمال المملكة وفي مناطق في جنوب حقل الغوار. أما الغاز في الجافورة فهو غاز صخري.
ويبرز هنا سؤال، وهو ما الذي يجعل «أرامكو» تتجه للغاز غير التقليدي رغم أنها تمتلك خامس أكبر احتياطي للغاز التقليدي في العالم؟ الإجابة هي حجم الغاز وإمكانية استخراجه. فكميات الغاز الطبيعي غير التقليدي قد تصل إلى ضعفي - أو أكثر - كميات الغاز التقليدي. كما أن الغاز غير التقليدي هو غاز حر ليس مصاحباً للنفط، ويمكن استخراجه بمفرده، بينما غالبية احتياطيات المملكة من الغاز التقليدي هي مصاحبة للنفط في المكامن، ولهذا لا يمكن استخراجها من دون استخراج النفط.
وقدر وزير النفط السعودي السابق علي النعيمي احتياطات المملكة من الغاز الصخري بنحو 600 تريليون قدم مكعبة، بما يعادل ضعف الاحتياطات المقدرة للغاز التقليدي. ولكن هذه التقديرات كانت مبدئية، وقد تحتوي أراضي المملكة على كميات أكبر من ذلك بكثير، وقد تحوي الجافورة بمفردها على هذه الكمية من الغاز أو أكثر.
ويبرز سؤال آخر كذلك، وهو هل تكلفة استخراج الغاز الصخري أو غير التقليدي مقاربة لتكلفة استخراج الغاز التقليدي؟ وهل يمكن إنتاجه بصورة تجارية؟ وفي حقيقة الأمر إن تكلفة استخراج وإنتاج الغاز غير التقليدي - وخصوصاً الصخري - في السعودية باهظة جداً، لأن إنتاجه يعتمد على ما يعرف بالتكسير الهيدروليكي، وهي العملية نفسها التي يتم استعمالها في الولايات المتحدة. وفي التكسير الهيدروليكي يتم ضخ المياه مع بعض الكيماويات وطين خاص للحفر بضغط عالٍ جداً داخل طبقات المكمن، مما يؤدي إلى تكسيره وإخراج الغاز المحبوس بين الصخور.
وفي الولايات المتحدة يكلف حفر بئر واحدة للغاز الصخري ما بين 6 إلى 8 ملايين دولار، وهذا الرقم يتضاعف خارج الولايات المتحدة في بولندا والأرجنتين وغيرها. ولهذا من الأرجح أن تكون تكلفة حفر بئر واحدة في السعودية ما بين 15 إلى 20 مليون دولار في أفضل الأحوال.
والسبب في ارتفاع التكلفة هو تقنية الحفر من جهة، وشح المياه في المملكة، حيث تحتاج هذه الآبار إلى كميات كبيرة من المياه لتكسير الصخور. لهذا فإن إنتاج الغاز الصخري ليس تجارياً في السعودية في الفترة الحالية.
ولكن هذا الأمر لن يجعل من إنتاج الغاز الصخري من الجافورة أمراً مستحيلاً، فالتكلفة في انخفاض مستمر، وتعمل «أرامكو» على تقنيات كثيرة لإيجاد حلول لضخ أشياء أخرى غير الماء لتكسير الصخور مثل ثاني أكسيد الكربون.
ولا يزال هناك تحد آخر للجافورة ذكره المدير العام للموارد غير التقليدية في شركة «أرامكو» السعودية خالد العبد القادر في مؤتمر في البحرين الأسبوع الماضي، وهو أن كميات الإنتاج من الجافورة يجب أن تكون عالية حتى تكون تجارية، ولهذا فإن «أرامكو» تنوي تطوير كامل الحقل، وستعمل على خفض التكلفة قبل الإنتاج الفعلي منه.
والسؤال الأهم هو كيف يمكن للجافورة أن تغير خريطة الطاقة في المنطقة وفي السعودية؟ والإجابة أنه إذا صحت التقديرات حول كمية الغاز الصخري في الجافورة، فإن المملكة تمتلك احتياطيات من الغاز الصخري هي الخامسة على مستوى العالم. ولو تمكنت «أرامكو» من إنتاج الغاز تجارياً من الجافورة، فإن هذا قد يحرر مئات الألوف من براميل النفط التي يتم حرقها يومياً في محطات الكهرباء، ويجعلها قابلة للتصدير. وقد تتمكن المملكة من تصدير الغاز، سواء من الأنابيب أو من محطات الغاز المسال إلى الدول المجاورة إذا ما كانت الكميات ضخمة.
والبحث عن الغاز الطبيعي أولوية رئيسية للسعودية، بينما تسعى جاهدة لتلبية طلب محلي على الكهرباء يتزايد بسرعة، كما تعهدت المملكة بخفض انبعاثاتها من الكربون. والغاز أكثر نظافة من النفط في توليد الكهرباء.
وقالت «أرامكو» السعودية إن إنتاجها من الغاز سيتضاعف إلى 23 مليار قدم مكعبة قياسية يومياً في غضون عشر سنوات، بما في ذلك ملياران إلى ثلاثة مليارات قدم مكعبة يومياً من الغاز الصخري.
وعبر العبد القادر عن ذلك في حديثه الأسبوع الماضي قائلاً إن السعودية تحرق الكثير من النفط والسوائل في محطات الكهرباء، وهذه البراميل التي يتم حرقها هي جزء من حصة إنتاج المملكة في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). وتحرير هذه البراميل سيزيد من صادرات المملكة النفطية من دون أن تخل المملكة بالتزاماتها تجاه المنظمة.
- باكورة إنتاج الغاز غير التقليدي
ومن المتوقع أن تبدأ «أرامكو» إنتاجها من الغاز غير التقليدي في المملكة نهاية الشهر الحالي، بحسب ما أوضحه العبد القادر، على أن يصل المشروع إلى طاقته الإنتاجية المستهدفة نهاية العام، مشيراً إلى أن موارد السعودية من الغاز الصخري والمصادر الأخرى البديلة ضخمة.
وقال تحديث بشأن المشروع في التقرير السنوي لـ«أرامكو» لعام 2016 الذي نشر في يوليو (تموز) الماضي، إن 55 مليون قدم مكعبة قياسية من الغاز سيجري تسليمها إلى منشآت صناعية ومحطة الكهرباء في وعد الشمال بحلول نهاية 2017.
وقدرت توقعات أولية أن كميات الغاز الصخري التي ستغذي مجمع التعدين ومحطة الكهرباء اللذين يجري بناؤهما لحساب شركة التعدين العربية السعودية (معادن) ستبلغ 200 مليون قدم مكعبة يومياً بحلول 2018، ومن المتوقع أن يصل المجمع إلى الطاقة الكاملة بحلول 2019.


مقالات ذات صلة

«كاتريون» للتموين بالسعودية توقع عقداً مع «طيران الرياض» بـ612.7 مليون دولار

«كاتريون» للتموين بالسعودية توقع عقداً مع «طيران الرياض» بـ612.7 مليون دولار

«كاتريون» للتموين بالسعودية توقع عقداً مع «طيران الرياض» بـ612.7 مليون دولار

وقّعت شركة «كاتريون» للتموين القابضة السعودية عقداً استراتيجياً مع «طيران الرياض» تقوم بموجبه بتزويد رحلات الشركة الداخلية والدولية بالوجبات الغذائية والمشروبات

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الطاقة السعودي في مؤتمر البترول العالمي في كالغاري (رويترز)

عبد العزيز بن سلمان: «نظام المواد البترولية» يضمن تنافسية عادلة للمستثمرين

قال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، إن «نظام المواد البترولية والبتروكيماوية» يدعم جهود استقطاب الاستثمارات ويضمن بيئة تنافسية عادلة للمستثمرين

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ناطحات سحاب في مركز الملك عبد الله المالي بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)

السعودية تجمع 12 مليار دولار من سندات دولية وسط طلب قوي

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية بأول طرح لها لسندات دولية هذا العام استقطب طلبات بنحو 37 مليار دولار وهو ما يظهر مدى شهية المستثمرين.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

ارتفاع موافقات التركز الاقتصادي في السعودية إلى أعلى مستوياتها

حققت الهيئة العامة للمنافسة في السعودية رقماً قياسياً في قرارات عدم الممانعة خلال عام 2024 لعدد 202 طلب تركز اقتصادي، وهو الأعلى تاريخياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد العاصمة الرياض (رويترز)

وسط طلب قوي... السعودية تبيع سندات قيمتها 12 مليار دولار على 3 شرائح

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية، في بيع سندات على 3 شرائح، وسط طلب قوي من المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

اليوان الصيني بأضعف مستوياته في 16 شهراً

عملة ورقية من فئة 100 يوان وفي الخلفية علم الصين (رويترز)
عملة ورقية من فئة 100 يوان وفي الخلفية علم الصين (رويترز)
TT

اليوان الصيني بأضعف مستوياته في 16 شهراً

عملة ورقية من فئة 100 يوان وفي الخلفية علم الصين (رويترز)
عملة ورقية من فئة 100 يوان وفي الخلفية علم الصين (رويترز)

تعرضت أغلب عملات الأسواق الناشئة لضغوط مقابل الدولار يوم الأربعاء بعد تقرير قوي عن الوظائف أضاف إلى توقعات بارتفاع أسعار الفائدة الأميركية لفترة أطول، وهبط اليوان الصيني إلى أدنى مستوى في 16 شهراً، تحت ضغط من قوة الدولار وتهديدات بفرض تعريفات من جانب إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، رغم أن البنك المركزي حدد توجيهات أقوى من المتوقع.

وقالت وانغ تاو، كبيرة خبراء الاقتصاد الصيني في «يو بي إس»: «من المتوقع أن يواجه اليوان ضغوطاً لخفض قيمته؛ ليس فقط من زيادات التعريفات، ولكن أيضاً من الدولار الأقوى بشكل كبير... ولكن رغم هذه التحديات، فإننا نعتقد أن الحكومة الصينية عازمة وقادرة على إدارة خفض قيمة معتدل نسبياً».

وقبل فتح السوق حدد بنك الشعب الصيني سعر النقطة الوسطى الذي يسمح لليوان بالتداول حوله في نطاق 2 في المائة عند 7.1887 للدولار، وهو ما يزيد بمقدار 1548 نقطة عن تقديرات «رويترز».

وافتتح اليوان الفوري عند 7.3250 للدولار، وكان في آخر تداول منخفضاً بمقدار 31 نقطة عن إغلاق الجلسة السابقة عند 7.3315 يوان للدولار اعتباراً من الساعة 02:26 بتوقيت غرينتش، وهو أدنى مستوى منذ سبتمبر (أيلول) 2023.

وقالت وانغ إنها تتوقع أن يتم التحكم في سعر الصرف حول 7.4 للدولار على الأقل خلال النصف الأول من العام، وإذا تم الإعلان عن زيادات التعريفات الجمركية، فقد يضعف اليوان إلى 7.6 للدولار بحلول نهاية العام.

ونفى ترمب، الذي يتولى منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) الجاري، تقريراً صحافياً قال إن مساعديه كانوا يستكشفون خطط التعريفات الجمركية التي ستغطي الواردات الحرجة فقط، مما أدى إلى تعميق حالة عدم اليقين بين قادة الأعمال بشأن سياسات التجارة الأميركية المستقبلية.

ومن جانبه، انخفض مؤشر «إم إس سي آي» الذي يتتبع عملات الأسواق الناشئة 0.3 في المائة في الساعة 09:33 بتوقيت غرينتش بعد جلستين من المكاسب، مع ضعف أغلب العملات الأوروبية الناشئة مقابل الدولار وانخفاض الليرة التركية 0.2 في المائة.

وفي جنوب أفريقيا، ضعف الراند بنسبة 0.8 في المائة بعد مكاسب في الجلسة الماضية، وانخفض مؤشر الأسهم الرئيس في البلاد بنسبة 0.5 في المائة بعد أن أظهر مسح مؤشر مديري المشتريات المحلي أن نشاط التصنيع انخفض للشهر الثاني على التوالي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وصعد الدولار الأميركي قليلاً خلال اليوم مع ارتفاع عائدات الخزانة على نطاق واسع بعد أن أشار أحدث تقرير لبيانات الوظائف إلى سوق صحية باستمرار يوم الثلاثاء، مما خفف الآمال في عدة تخفيضات لأسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا العام.

وانخفض الدولار الأميركي في وقت سابق من هذا الأسبوع رغم نفي الرئيس المنتخب دونالد ترمب للتقارير التي تفيد بأن التعريفات الجمركية التي يعتزم فرضها ستكون أقل صرامة، وهو ما رفع مؤشر العملات الناشئة.

وقال هاري ميلز، مدير «أوكو ماركتس»، مسلطاً الضوء على التحركات الحادة في البيزو المكسيكي واليوان الصيني: «إذا كانت حقيقة التعريفات الجمركية أقل مما قاله ترمب خلال الأشهر الثلاثة الماضية أو نحو ذلك، فقد تشهد العملات الناشئة ارتفاعاً وتخفيفاً للآثار التي عانت منها في الشهرين الماضيين».

وكان اليورو مستقراً أو مرتفعاً مقابل أغلب عملات أوروبا الناشئة، حيث بلغ أعلى ارتفاع له 0.2 في المائة مقابل الزلوتي البولندي. وكان أداء الأسهم البولندية أضعف من نظيراتها بانخفاض 0.4 في المائة.

وكان الروبل قد ارتفع في أحدث تعاملات بنسبة 2.1 في المائة مقابل الدولار، ليتجه للجلسة الخامسة من المكاسب، رغم أن التداول كان ضعيفاً حيث تحتفل روسيا بعطلة عامة حتى التاسع من يناير. كما ارتفع الشلن الكيني بنسبة 0.5 في المائة مقابل الدولار.

وانخفض مؤشر أسهم الأسواق الناشئة الأوسع نطاقاً بنسبة 0.8 في المائة ويتجه صوب أول خسارة له في أربع جلسات، مع هبوط الأسهم الآسيوية ذات الأوزان الثقيلة.

وقال ميلز «إذا رأينا رقماً قوياً للغاية لبيانات الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة في وقت لاحق من الأسبوع، فإن هذا من شأنه أن يعطي المزيد من الارتفاع للدولار الأقوى».

وأنهت أغلب الأسواق الناشئة الربع الأخير على نغمة قاتمة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن البنك المركزي الأميركي اتخذ موقفاً متشدداً وتوقع تخفيضات أقل من المتوقع في السابق هذا العام.