المغرب: اتفاق وشيك بين الحكومة والنقابات

بعد موافقتها على تحسين دخل العمال

TT

المغرب: اتفاق وشيك بين الحكومة والنقابات

أطلقت الحكومة المغربية منهجية جديدة للحوار مع النقابات، من أجل التوصل إلى اتفاق يضم أيضا ممثلي أصحاب العمل، سيمتد ثلاث سنوات. وأعلنت أنه من المقرر التوقيع على الاتفاق في غضون أبريل (نيسان) المقبل.
ووافقت الحكومة، للمرة الأولى، على مناقشة تحسين دخل العمال، وهو أحد المطالب الرئيسية للاتحادات العمالية، بعدما ظلت الحكومة السابقة، التي كان يرأسها عبد الإله ابن كيران، ترفض هذا المطلب، لأنها جعلت من أولوياتها تحسين ظروف عيش الفئات الفقيرة التي لا تتوفر على دخل قار، مما أدى إلى توتر العلاقة بين الطرفين.
وعقد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، مساء أول من أمس، اجتماعا بمقر رئاسة الحكومة بالرباط مع رؤساء المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، وهي الاتحاد المغربي للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب. وعرض عليها «منهجية تقضي بفتح حوار ثلاثي الأطراف من خلال ثلاث لجان، هي: لجنة تحسين الدخل، ولجنة القطاع الخاص لمدارسة تشريعات الشغل والحريات النقابية، ولجنة القطاع العام لمدارسة القضايا المتعلقة بالإدارة العمومية، يفضي إلى اتفاق يمتد على ثلاث سنوات في أفق اعتماده خلال شهر أبريل 2018، على أن ينطلق التفاوض بشأنه في أقرب الآجال»، وفقا لبيان أصدرته رئاسة الحكومة.
وأعرب عبد الإله الحلوطي، الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الذراع النقابية لحزب العدالة والتنمية، عن أمله بتتويج هذه الجولة من المفاوضات بتوقيع اتفاق قبل منتصف أبريل المقبل «يحمل تحقيق المطالب العادلة، ويسهم في تحسين المستوى المعيشي للطبقة العاملة المغربية».
وكشف الاتحاد العمالي أن النقاش أفضى إلى الاتفاق على تشكيل لجنة تقنية عامة تجتمع خلال الأيام المقبلة، تضم أطراف الحوار الثلاثة (ممثلو النقابات وممثلو الحكومة وممثلو أصحاب المعامل) لتضع هندسة عامة للحوار. كما جرى الاتفاق على تشكيل لجنة عليا للتشاور برئاسة العثماني، وعضوية الأمناء العامين للنقابات، تتابع سير جولة الحوار، وتتدخل في القضايا المستعصية خلال عملية التفاوض.
من جهته، سلم الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وهو اتحاد عمالي تابع لحزب الاستقلال، مذكرة مطالب لرئيس الحكومة، شدد فيها على «ضرورة تحسين دخل عموم الأجراء عبر الزيادة المباشرة في الأجر، وتوحيد الحد الأدنى للأجر، والرفع من قيمته بالقطاع العام والخاص، وتخفيض الضريبة على الدخل، وكذا الرفع من التعويضات وتقوية القدرة الشرائية للعمال». كما طالب بتنفيذ كل ما تبقى من اتفاق 26 أبريل 2011 من دون معاودة التفاوض بشأنه، فضلا عن مأسسة الحوار الاجتماعي الثلاثي الأطراف، وإرجاع الملفات الكبرى كالتقاعد وقانون الإضراب، وقانون النقابات إلى طاولة التفاوض.
وحسم المدى الزمني للتفاوض الثلاثي في أفق نهاية أبريل يتوج باتفاق يستجيب إلى انتظارات الطبقة العاملة المغربية.
وتعهد العثماني بالتوصل إلى اتفاق بين الحكومة والنقابات وأصحاب العمل، قبل عيد العمال المقبل، مشددا على وجود «إرادة لدى الحكومة لإنجاح هذه الجولة من الحوار الجاد والمسؤول»، وعزمها على «تقوية وتعزيز دور النقابات، بما يجعلها قادرة على رصد المطالب الاجتماعية وتمثيل العمال وتأطيرهم».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم