اليمين الإسرائيلي يرفض خطط نتنياهو لتبكير الانتخابات

TT

اليمين الإسرائيلي يرفض خطط نتنياهو لتبكير الانتخابات

بدأت تلوح في صفوف اليمين الإسرائيلي شارات تصدع تهدد «الوحدة الصماء» التي سادت حتى وقت قريب حول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وبدأ التذمر شبه العلني يظهر من كثرة ملفات الفساد التي تفتحها الشرطة ضده، والتسريبات التي تنشر وتدل على أن تورطه بات أكبر بكثير مما عرف حتى الآن، خصوصا بعد تحول نير حيفتس، مستشار نتنياهو الإعلامي والاستراتيجي طيلة 20 سنة، إلى شاهد ملك.
وفي آخر تسريبات من التحقيق نقل على لسان حيفتس أنه كشف أمام المحققين أن نتنياهو لم يكن يرغب في وضع بوابات إلكترونية على مداخل المسجد الأقصى المبارك في شهر يوليو (تموز) من السنة الماضية، بل أراد الاستجابة لموقف المخابرات والشرطة بالبحث عن وسائل أخرى. إلا أن ابنه يائير فرض عليه ذلك. وقال «شاهد الملك» في «الملف 4000»، نير حيفتس إن نتنياهو كان رهن إشارة زوجته سارة وابنه يائير، حتى في القرارات الأمنية. وأضاف وفقا لعدة وسائل إعلام إسرائيلية تلقت هذه التسريبات، أمس أنه «خلافا لرأي المستويات الأمنية فقد كان نتنياهو يصل إلى بيته، وهناك يغير رأيه بتأثير سارة ويائير. يائير يؤثر على القرارات لدرجة تصل عدم المسؤولية الوطنية. ونتنياهو أظهر بتأثير ابنه يائير عدم مسؤولية وطنية، واتخذ قرارات مست بالمصالح القومية لإسرائيل وأمنها. إنهما يشاركان نتنياهو في إدارة شؤون الدولة».
وقال حيفتس إنه اضطر إلى الاستقالة من مكتب نتنياهو بسبب الأضرار التي جلبها ابن نتنياهو وزوجته، وتابع موضحا «لم أعد أحتمل تأثير زوجته وابنه عليه. وقد أدركت أن عصر نتنياهو قد انتهى، وأنه ستكون هناك لائحة اتهام ضده، سواء بشهادتي أو من دونها».
ومع كل تطور تحققه الشرطة في هذه الملفات، بدأت تزداد قناعة راسخة حتى داخل اليمين الإسرائيلي بأن عهد نتنياهو يجب أن ينتهي بأقل ما يمكن من الخسائر الشعبية للمعسكر. ولذلك فهم يعترضون على تبكير موعد الانتخابات فقط لخدمة حماية كرسيه، ويسعون إلى إجهاض الفكرة ودفنها. وفي هذا السياق استغل وزيرا حزب المستوطنين «البيت اليهودي» وزير التعليم نفتالي بنيت، ووزيرة القضاء أييلت شكيد، غياب نتنياهو في واشنطن لإجراء محادثات مع حلفائهما داخل الأحزاب الدينية وحزب وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان (يسرائيل بيتينو)، بهدف إيجاد حل وسط يوقف الخلاف بينهما، ويمنع انفجار أزمة ائتلافية حتى لا يستغلها نتنياهو لتفكيك الائتلاف والتوجه لانتخابات مبكرة. ولمح بنيت إلى أنه لا يستبعد إمكانية الإطاحة بنتنياهو، وانتخاب رئيس حكومة آخر من حزب الليكود نفسه.
وقال وزير الطاقة يوفال شتاينيتس، الذي يعتبر من المقربين من نتنياهو، إن حزب الليكود لا يفكر في تغيير نتنياهو بعد تطور التحقيقات ضده، لكنه لم يستبعد هذه الإمكانية نهائيا. وقال شتاينيتس في حديث إذاعي «لا أرى هذا يحدث... ليس هناك أي مبرر لذلك في الوقت الراهن، ما دام لم يصدر قرار قضائي، والتجارب السابقة تثبت أنه يجب الاستمرار». مضيفا: «آمل مثل أي مواطن عاقل أن ينتهي الأمر في نهاية المطاف، كما حدث في حالات أخرى، دون أي شيء».
لكن شتاينيتس أكد رفضه لموقف نتنياهو بتبكير موعد الانتخابات، وقال بهذا الخصوص: «الانتخابات الآن هي عدم مسؤولية قومية، وعدم استقرار مزمن».
بدورها، رفضت صديقة عائلة نتنياهو وزيرة الثقافة ميري ريغف، الانتخابات وقالت إنه «في الوقت الراهن لا أرى الانتخابات على الأبواب، الحزب الوحيد الذي لا داعي لأن يقلق بشأن الانتخابات هو الليكود، ولكن كما ترون فإننا نتقوى فقط في الاستطلاعات. ومع ذلك لا أعرف بأن رئيس الوزراء تحدث عن انتخابات مبكرة، بل على العكس، سمعت منه أنه عندما يرجع من زيارته لواشنطن سيجتمع في بداية الأسبوع مع الأحزاب ومع الأعضاء، الذين يجلسون معنا في الائتلاف لحل مشكلة قانون التجنيد».
في المقابل، دعت المعارضة نتنياهو إلى ترك منصبه، إذ قالت النائبة تمار زاندبرغ (ميرتس)، ردا على توقيع اتفاق شاهد الدولة مع حيفتس «ليس من المنطقي أن رئيس الوزراء، الذي يقر جميع المقربين منه بالجنوح، أن يواصل إدارة البلاد وكأن شيئا لم يحدث. لقد عين رئيس الحكومة في كل المناصب الرسمية جانحين ينفذون أوامره، كما لو كنا في صقلية. هكذا يبدو انهيار المافيا وليس حكومة».
من جهته، كتب النائب عوفر شيلح، رئيس كتلة يوجد مستقبل، على صفحته على «فيسبوك» «ما هو المطلوب بعد حتى يفعل نتنياهو الشيء الوحيد المعقول.. ويذهب إلى بيته؟».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.