معرض يستكشف الحكايات والتصاميم وراء 12 نموذجا للمنزل اللعبة

«قصص صغيرة.. الحياة في بيت الدمية».. في «فيكتوريا آند ألبرت» نهاية العام

المطبخ في {كيلر هاوس} (متحف {فيكتوريا آند ألبرت})
المطبخ في {كيلر هاوس} (متحف {فيكتوريا آند ألبرت})
TT

معرض يستكشف الحكايات والتصاميم وراء 12 نموذجا للمنزل اللعبة

المطبخ في {كيلر هاوس} (متحف {فيكتوريا آند ألبرت})
المطبخ في {كيلر هاوس} (متحف {فيكتوريا آند ألبرت})

بيت الدمية، اللعبة المفضلة لدى الأطفال في كل مكان، حيث يقيمون حياة متكاملة يقلدون فيها عالم الكبار بكل تفاصيله، ما زال يحتفظ ببريقه رغم تغير وسائل اللعب وغلبة الكومبيوتر والألعاب الإلكترونية. ولكن الطريف أن بيوت الدمى في فترة تاريخية سابقة كانت تعد من الألعاب التي يحبها الكبار، فكان من الطبيعي أن تحتفظ امرأة أو رجل بنموذج مصغر لبيت مؤثث بقطع الأثاث الصغيرة يراعى فيه وجود دمى مصغرة ترتدي ملابس العصر. متحف «تشايلدهود» (الطفولة) التابع لمتحف «فيكتوريا آند ألبرت» اللندني سيقيم معرضا في ديسمبر (كانون الأول) المقبل لاستكشاف بعض بيوت الدمى التاريخية التي يحتفظ بها «فيكتوريا آند ألبرت» ضمن معرض بعنوان «قصص صغيرة: الحياة في بيت الدمية» يمتد عرضه حتى سبتمبر (أيلول) 2015. ويشير المتحف في نشرة صحافية إلى أن المعرض سيختار من المجموعة الدائمة 12 بيتا يحمل كل منها الزوار في رحلة عبر تاريخ البيت والحياة اليومية في العصر الذي صنع فيه. هل سيكتفي المعرض باستكشاف العالم المصغر داخل كل بيت دمية أم سيحاول أيضا تتبع قصص مالكي البيوت المصغرة؟ سؤال نطرحه على سارة لويز وود المشرفة على المعرض، فتقول: «قمنا باختيار 12 بيتا مصغرا من 100 يملكها المتحف، بحيث تعكس المجموعة المختارة تسلسلا زمنيا. أردنا أيضا أن نقول شيئا حول ملاك تلك البيوت المصغرة وأيضا حول الظروف والزمن الذي صنعت فيه. بشكل آخر قمنا بالجمع بين استخدام بيوت الدمى كأماكن تعيش فيها شخصيات خيالية وأضفنا إليها قصص ملاك تلك البيوت والأحداث التاريخية التي عاصروها، على سبيل المثال هناك بيت دمية يعكس الحياة خلال الحرب العالمية الثانية».
نتساءل إن كانت القائمون على المعرض قاموا بتغيير بعض المحتويات داخل البيوت المعروضة، فتقول سارة لويز وود: «كل بيت دمية يضم المئات من القطع الصغيرة، ولهذا قمنا باختيار بعض القطع مثل الدمى التي تصور شخصيات سكان البيت وعبر التحكم بالأزرار يستطيع الزائر التنقل من حجرة إلى أخرى ليضئ النور بها وتبدأ الدمية القابعة في الحجرة بسرد قصتها وقصة البيت».
المعرض لا يستهدف فقط الأطفال الذين يجذبهم هذا العالم الخيالي، تعلق وود وتشير إلى أن معظم المعارض التي يقيمها «متحف الطفولة» مخصصة للعائلات، ولكن بيوت الدمى لها جاذبية خاصة لدى الكثيرين، وتضيف «في الحقيقة بيوت الدمى أصبحت مؤخرا لعبا للأطفال، فهي كانت خاصة بالكبار الذين يحبون جمعها وعرضها. نتمنى أن نجذب بمعرضنا هذا الكبار أيضا والمهتمين بدراسة النظم المعمارية والتصميم».
وتشير وود إلى أن المعرض سيقوم بجولة عالمية، ولكن في حال سفره سيكون هناك مجموعة أخرى من البيوت المصغرة ستحل محل القطع المتجولة، خصوصا أن المعرض يضم 100 بيت دمية في مجموعته. يقودنا هذا العدد لتساؤل إن كانت عملية اختيار البيوت المناسبة للعرض كانت صعبة بعض الشيء، فتقول سارة لويز: «كان أمرا صعبا بالتأكيد، فقد كنا نحاول أن نعكس لمحة لثراء وتنوع المجموعة التي فيما بينها تلخص تاريخ 300 أو 400 عام مضى. أردنا أيضا أن نعكس تنوع طرز المعمار والتصميم وتغير الحياة والطقوس اليومية. الصعوبة التي واجهتنا كانت في وجود بعض البيوت المصغرة المعروفة للجمهور عبر الكتب، ولهذا قمنا باختيار بعضها واستعضنا عن الباقي بنماذج لم تعرض من قبل».
ولا يقتصر العرض على بيوت الدمى الفاخرة، بل يضم أيضا بيوتا مختلفة تعكس النمط المعماري السائد، فمن بيوت الحقبة الجورجية إلى بيوت ريفية إلى بيوت حديثة وشقق، وتتنوع قطع المفروشات الصغيرة حسب عمر كل بيت لتصل حتى الوقت الحالي.
من البيوت المعروضة هناك بيت «تيت بيبي هاوس» الذي يعود تاريخه إلى 1760 وتوارثته خمسة أجيال من الأم إلى البنت الكبرى وهكذا. يضم البيت ورق حائط أصليا وحجرة لدمية حبلى. هناك أيضا بيت «كيلر هاوس» الذي أهداه الجراح جون إيجرتون كيلر لزوجته وبناته في عام 1830 ويضم خزائن صينية الطابع وورق حائط مذهبا ومجموعة من الخدم بزي خاص. تدور قصة البيت حول الخدم الذين يعملون على الحفاظ على النظافة ونقاء البيت في أجواء مدينة صناعية تمتلئ بأدخنة المصانع. بيت آخر «وايت ليديز هاوس» يقدم نموذجا للفيلا الحديثة، البيت صمم على شاكلة البيوت الحديثة في منطقة هامستيد شمال لندن ويقدم لنا عبر الدمى حفلا على حمام السباحة. ويختتم المعرض بنموذج حديث لبيت الدمية بعنوان «ذا دريم هوم» قام بتصميم كل حجرة من حجراته أحد الفنانين المعاصرين وسيسمح للأطفال بالمشاركة في إضافة بعض القطع.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».