ماكرون طالب طهران بالضغط لوقف عملية الغوطة

لودريان يخيّر إيران بين العقوبات الدولية وتبديد المخاوف من «برنامج الصواريخ»

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يغادر قصر الإليزيه عقب انتهاء اجتماع الحكومة بداية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يغادر قصر الإليزيه عقب انتهاء اجتماع الحكومة بداية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

ماكرون طالب طهران بالضغط لوقف عملية الغوطة

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يغادر قصر الإليزيه عقب انتهاء اجتماع الحكومة بداية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يغادر قصر الإليزيه عقب انتهاء اجتماع الحكومة بداية الشهر الماضي (أ.ف.ب)

استبق رئيس الجمهورية الفرنسية وصول وزير خارجيته إلى طهران في زيارة رسمية اليوم، باتصال هاتفي أمس مع نظيره حسن روحاني. وشكل الاتصال مناسبة للطرفين لاستعراض الملفات الرئيسية التي سيتناولها جان إيف لودريان مع السلطات الإيرانية؛ على رأسها برنامج الصواريخ الباليستية.
وقبل أن تهبط طائرة لودريان بمطار في طهران، نقلت عنه أسبوعية «جورنال دو ديمانش» في عددها الصادر أمس قوله إن «البرنامج الصاروخي الإيراني ضمن أولويات الزيارة»، مشددا على أنه «يخالف قرارات مجلس الأمن ويتجاوز حاجة إيران خارج حدودها»، داعيا المسؤولين الإيرانيين للعمل على «تبديد المخاوف من البرنامج الصاروخي الإيراني، وإلا واجهت عقوبات دولية».
بموازاة ذلك، أصدرت وزارة الخارجية الفرنسية بيانا فصلت فيه الموضوعات التي ستطرح في اللقاءات الموسعة التي سيجريها لودريان، خصوصا إعادة التأكيد على المواقف الفرنسية من الملفات الرئيسية الثلاثة المطروحة؛ وهي تباعاً: مصير الاتفاق النووي المبرم مع إيران، وملف البرامج الصاروخية - الباليستية التي تطورها طهران، وسياستها الإقليمية. يضاف إلى ذلك كله؛ استعراض العلاقات الثنائية وما ينتظره الطرفان كلاهما من الآخر، ومن بين أهداف لودريان التحضير للزيارة التي ينوي إيمانويل ماكرون القيام بها شخصيا كما وعد في بحر العام الحالي إلى إيران.
ويشير بيان صادر عن قصر الإليزيه إلى أن ماكرون هو من بادر إلى الاتصال بروحاني الذي سبق له أن التقاه في نيويورك الخريف الماضي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. ويفهم من البيان الرئاسي أن الملف السوري، وتحديدا الوضع في الغوطة الشرقية كان الهدف الرئيسي للاتصال.
ورسالة ماكرون لنظيره الإيراني هي «دعوته بشدة لممارسة الضغوط الضرورية» على النظام السوري لوضع حد لـ«الهجمات العشوائية» على الغوطة الشرقية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وإجلاء الحالات الطبية الخطيرة.
ويركز البيان على «المسؤولية الخاصة التي تقع على عاتق إيران بفعل علاقاتها مع النظام» السوري لدفعه إلى احترام الهدنة المنصوص عليها في القرار الدولي رقم «4201». وخلاصة الاتصال أن الرئيسين توافقا على «العمل معاً» في الأيام المقبلة من أجل الحصول على «نتائج ميدانية» بخصوص الهدنة وإيصال المساعدات الإنسانية؛ الأمر الذي تعده باريس «أولوية» لها.
ويعتزم ماكرون التواصل مجددا مع روحاني في بحر الأسبوع المقبل «لتقويم النتائج الملموسة» التي تكون قد تحققت.
الجديد في البيان الفرنسي أن باريس كانت تشدد، حتى الآن، على المسؤولية الروسية؛ الأمر الذي ظهر في الأيام القليلة الماضية بمناسبة اتصالين لماكرون مع نظيريه الروسي والأميركي. وبعدما كانت المصادر الفرنسية تذكر المرة تلو الأخرى أن إيران «جزء من المشكلة» وأن تمسكها المطلق ببقاء الرئيس السوري في منصبه وبدعم النظام سياسيا وعسكريا وماديا هو ما يطيل الحرب، وصلت إلى خلاصة مفادها أنه ربما يتعين المرور عبر طهران للحصول على نتائج في سوريا.
وسيكون الملف السوري أحد أبرز الموضوعات التي سيعالجها لودريان مع المسؤولين في طهران. ولكن يرجح ألا يستطيع الوزير الفرنسي الحصول على أي تنازل في هذا المجال، لأن الحجة الأولى للطرف الإيراني هي القول إن وجودها لمحاربة الإرهاب، وإنه لولا المساعدات التي قدمتها للعراق ولسوريا لكان «داعش» يحكم بغداد ودمشق على السواء.
اللافت في زيارة لودريان أنه لن يحصر لقاءاته بنظيره محمد جواد ظريف أو بالاجتماع المقرر مع الرئيس روحاني، وكلاهما يمثلان «التيار المعتدل». ومن المقرر أن يلتقي كذلك علي لاريجاني، رئيس البرلمان وهو ينتمي إلى التيار المحافظ، وعلي شمخاني، أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي وهو ممثل خامنئي الخاص في المجلس؛ بحيث تتوفر له رؤية شاملة لتوزيع القراءات والمواقف داخل السلطة الإيرانية.
ستكون المهمة الأولى للوزير الفرنسي النظر في إمكانية الحصول على «شيء ما» من القيادة الإيرانية يسهل لباريس ولندن وبرلين الاستمرار في الدفاع عن الاتفاق النووي وإقناع الولايات المتحدة الأميركية بالامتناع عن نقضه أو على الأقل تأجيل الخروج منه. وكما جاء في بياني الإليزيه والخارجية، فإن باريس تعيد تأكيد «تمسكها بالاتفاق «النووي» و«بالتنفيذ الكامل» لمضامينه. وإذا كانت باريس تميز بوضوح بين الاتفاق النووي والمسائل الخلافية الأخرى مع إيران، فإنها تحث طهران على توفير «إجابات واضحة» بشأن المسائل التي هي «مصدر قلق»، كالبرامج الصاروخية – الباليستية، والمسائل المتعلقة بالأمن الإقليمي التي ذكر منها البيان لبنان.
وسبق لباريس أن نددت بسياسة إيران الإقليمية التي وصفتها بأنها ذات «نزعة للهيمنة» وبرامجها الصاروخية الخارجة عن أي «رقابة». وفي أي حال، فإن الرئيس الفرنسي ذكر نظيره روحاني بأن باريس تنتظر من إيران «مساهمة بناءة لخفض التوتر الإقليمي وإيجاد حلول للأزمات في الشرق الأوسط».
واضح أن من المعطيات المتوافرة أن مهمة لودريان ليست مضمونة النجاح بسبب الهوة الفاصلة بين مواقف البلدين باستثناء التمسك بالاتفاق النووي. وهذا الواقع دفع الخارجية إلى التنويه بأن الحوار الذي تقيمه باريس مع طهران «صريح ومتطلب»، مما يعني في اللغة غير الدبلوماسية أنه «صعب وعاصف».
وتجنبا لأي سوء تفسير، فقد حرصت الخارجية الفرنسية على تقديم عرض منهجي لمواقفها وتبيان الحجج التي تدفعها للتمسك بالاتفاق النووي الذي «يوفر الضمانات الصلبة» التي تمنع إيران من تسخير «النووي» لأغرض عسكرية الأمر الذي يتناقض مع رؤية الرئيس ترمب. ولتحقيق التوازن، طالبت باريس طهران باستمرار التنفيذ «الصارم» لواجباتها، واعدة إياها بالعمل على زيادة المبادلات والاستثمارات الأوروبية مع إيران.
تتصاعد حدة اللغة الدبلوماسية الفرنسية عند تناول الملف الصاروخي - الباليستي الذي تصفه بأنه «مصدر قلق رئيسي» لفرنسا وشركائها، وعامل «لنسف الاستقرار في المنطقة». وتتهم باريس الطرف الإيراني بانتهاك القرار الدولي رقم «2231»، ويعبر بيان الخارجية الفرنسية عن «القلق» بشأن نقل إيران صواريخ أو توفير المساعدة «التقنية» لبلدان أو مجموعات لا تتمتع بصفة الدولة في المنطقة، في إشارة واضحة إلى الحوثيين وحصولهم على صواريخ إيرانية يطلقونها باتجاه الأراضي السعودية. ولذا، فإن باريس تريد استخدام «لغة الحقيقة» في حوارها مع طهران بشأن هذا الموضوع. وفي الملف الإقليمي، تتهم باريس صراحة إيران بالقيام بما من شأنه «تهديد الاستقرار» في المنطقة، بينما المطلوب منها توفير «مساهمة إيجابية» لإيجاد الحلول و«احترام سيادة الدول» في حين تساق الاتهامات لإيران بأنها تتدخل في الشؤون الداخلية لكثير من البلدان. ويذكر البيان الفرنسي منها سوريا والعراق واليمن لبنان.
يبقى أن مشاغل باريس وقلقها من سياسة إيران لا يمنعانها من التأكيد على عزمها على «تعميق علاقاتها الثنائية ومواصلة (الحوار بعيد المدى) في المجالات كافة، بما فيها الثقافية والعلمية...».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.