ريم الهاشمي.. نجمة «إكسبو 2020»

الوزيرة الإماراتية خريجة هارفارد.. طموح لا يعرف الحدود

ريم الهاشمي.. نجمة «إكسبو 2020»
TT

ريم الهاشمي.. نجمة «إكسبو 2020»

ريم الهاشمي.. نجمة «إكسبو 2020»

تعتقد الإماراتية ريم إبراهيم الهاشمي، أن معرض «إكسبو 2020» الذي فازت باستضافته مدينتها دبي، في معركة عالمية حامية الوطيس، فرصة للترويج لقيم التسامح واحترام الحضارات والثقافات الأخرى، حيث إن دبي هي مدينة تعددية بامتياز، إذ تتعايش فيها «200 جنسية»، ويفترض بحسب الهاشمي، أن «تستقطب نحو 25 مليون زائر بينهم 70% من الأشخاص الذين سيأتون من الخارج».
ريم الهاشمي التي كانت تشغل منصب المدير التنفيذي للجنة الخاصة بملف الترشيح للمعرض العالمي الكبير، وتعد إحدى نجماته اللامعة، كانت أصغر وزيرة عربية، حيث تسلمت أول حقيبة وزارية عندما أصدر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، مرسوما يقضي بتعيينها بالسلك الدبلوماسي والقنصلي بدرجة وزير مفوض من الدرجة الأولى، وذلك في عام 2007، عندما كان عمرها آنذاك 29 عاما، كما وافق مجلس الوزراء بعد فترة قصيرة على تعيينها مساعدة لوزير الخارجية للشؤون الاقتصادية بلقب سفيرة، وهي أول امرأة تنال هذا اللقب في تاريخ الإمارات.
ولدت ريم الهاشمي في مدينة دبي وذلك في عام 1978، وأكملت دراستها الجامعية بجامعتي تافس وهارفارد في بوسطن بولاية ماساتشوستس الأميركية، حيث تخرجت بشهادة بكالوريوس في العلاقات الدولية وشهادة أخرى في اللغة الفرنسية.
عملت موظفة في المكتب التنفيذي للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في دبي، ثم شغلت منصب نائبة سفير الإمارات في واشنطن.
تتولى الهاشمي منصب رئيسة مجلس إدارة مؤسسة دبي العطاء، وهي مؤسسة خيرية مقرها دولة الإمارات العربية المتحدة، كان قد جرى إطلاقها في سبتمبر (أيلول) 2007 كمبادرة من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بهدف تأمين فرص لأطفال الدول النامية للحصول على التعليم الأساسي.
كما تتولى منصب رئيسة مجلس الإمارات للتنافسية الذي يعمل بالتعاون مع مؤسسات القطاعين الحكومي والخاص، لوضع السياسات وتنفيذ الإجراءات التي تعزز وتدعم الخطط التنافسية لدولة الإمارات العربية المتحدة وتحقيق الازدهار والنمو المستديم، وشغلت أخيرا العضو المنتدب في اللجنة العليا لاستضافة معرض «إكسبو الدولي 2020».
شاركت بشكل فعال في الكثير من القضايا التي كان لها تأثير واسع النطاق على العلاقات الثنائية بين الإمارات والولايات المتحدة، بما في ذلك قضايا الأمن والتجارة، إلى جانب القضايا الاجتماعية والاقتصادية.
شغلت منصب رئيسة المركز الوطني للإحصاء، الجهاز الحكومي الخاص بتوفير بيانات ومعلومات إحصائية حديثة ذات جودة عالية، تساهم في صنع القرارات ورسم السياسات وتقييم الأداء.
وتحاول أن تسير على خطوات وطنها الإمارات، حيث قالت في العيد الأربعين في للدولة 2011، إن الإمارات كانت دولة صغيرة محدودة الموارد، ولكنها ملكت أحلاما وطموحات لا تحدها حدود، حينها كانت دبي تلك القرية الوادعة المعتمدة على صيد الأسماك تضج بالنشاط بطريقتها الخاصة، حيث مثلت ملتقى للتجار ولطرق التجارة من دول بعيدة في قارة أفريقيا والهند.
قالت عنها الدكتورة فاطمة المزروعي الكاتبة الإماراتية في أحد مقالاتها: «لقد وقفت الوزيرة ريم الهاشمي فوقفت معها على المنصة المرأة العربية من المحيط إلى الخليج، ونجاحها في ذلك هو نجاح يضاف لرصيد المرأة العربية وليس المرأة الإماراتية فحسب، لقد كانت الوزيرة ذكية في طرحها وفي مناقشاتها، وفي تأكيدها الدائم على الاحترام والمساواة وحقوق العمال هي ريم فخر للمرأة الإماراتية، وللطموح الذي لا يعرف حدا، وهو يمضي للعلا».
وأضافت: «تمسك بيديها أسرار النجاح ليصير منهج حياة ومتعة دائمة، ومن هذه الأسرار الكثيرة وأهمها الثقة بالذات وبالقدرات، لقد تجلى ذلك في صوتها وهي في العرض الأخير لـ(إكسبو)، فكان صداه يشي بثقة راسخة في الذات والقدرات، فما بالكم بالصوت نفسه، ومن الأسرار أيضا التعليم وإتقان اللغات فهي خريجة جامعة هارفارد، وهذا ليس كافيا، إلا إذا صاحبته العزيمة القوية والصبر والإخلاص في العمل، إضافة إلى أمر مهم هو أنها قد حددت هدفها منذ أن كانت طالبة على مقاعد الثانوية العامة، فهي تعلم ماذا تريد وكيف تحقق أحلامها».
عملت الهاشمي مع الجميع من وزراء وسفراء ومسؤولين خلال توليها ملف «إكسبو 2020»، الذين أسهموا معها في إيصال الصورة الحقيقة لقدرة الدولة على استضافة المعرض، وذلك لما تمتاز به من بنية تحتية واقتصاد قوي ومن انفتاح على الآخر.
وصفها الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات، بالنجمة اللامعة، حيث تحدث عنها في جملة حديثه عن إنجاز «إكسبو 2020» بقوله: «نجاحنا في (إكسبو) جاء نتيجة لتضافر الجهود وجماعية العمل وسلامة التخطيط ويمثل نجاحنا عربيا وخليجيا تحمل رايته الإمارات، ولعبت القيادة من خلال رؤيتها دور محوريا في النجاح وقاد التنفيذ الشيخ عبد الله بن زايد والشيخ أحمد بن زايد ونجمتنا اللامعة ريم الهاشمي».
كانت خير سفيرة للتأثير على المصوتين، حيث قدمت ريم الهاشمي العضو المنتدب للجنة الوطنية العليا لـ«إكسبو 2020» في ربع الساعة الأخير من موعد التصويت للدولة التي تستضيف المعرض الدولي الكبير عرض بلادها، والذي دام 20 دقيقة أشارت فيه إلى آخر الاستعدادات التي جرت في الإمارات ومدينة دبي تحديدا المرشحة لاستضافة هذا الحدث.
وقالت جملتها المشهورة في الخطاب الأخير قبل التصويت: «سيداتي وسادتي، اعلموا أنكم حين تصوتون اليوم، فإن أصواتكم ستغير التاريخ»، وعدت هذه الجملة لافتة في خطاب وزيرة الدولة الإماراتية وممثلتها إلى عرض ملف «إكسبو 2020» في باريس، كما كانت من أكثر اللحظات تأثيرا في خطاب السيدة الإماراتية التي قدمت نفسها كنموذج للمرأة الإماراتية بشكل خاص، والعربية بشكل عام.
وأكدت الهاشمي أن الإمارات قيادة وحكومة وشعبا ومجتمعا باتت مهيأة لاستضافة هذا الحدث وتقديم أفضل ما لديها من خدمات ووسائل للراحة والأمن والأمان للمشاركين في المعرض وزواره، والذي يتوقع أن يزوره نحو 25 مليون زائر من كل أنحاء العالم بما فيها الإمارات على مدى 6 أشهر التي يقام فيها المعرض.
وتعتقد الوزيرة الهاشمي أن العناصر والمقومات التي تمتلكها دولة الإمارات ستساعدها على إنجاح الحدث على أراضيها، مشيرة في السياق إلى التناغم الإنساني والثقافي والحضاري الذي يميز مجتمع الإمارات المكون من 200 جنسية يمثلون السواد الأعظم من دول العالم يعيشون في ظل مجتمع عربي مسلم متسامح وفي ظل كرم الضيافة العربية والاحترام وحفظ حقوق الإنسان.
كما أشارت إلى البنية التحتية المتكاملة والمتميزة من مطارات وشبكات طرق وجسور وموانئ عالمية إلى جانب المواصلات والاتصالات التي تربط دولة الإمارات مع جميع دول العالم دون معوقات أو تعقيدات، هذا إلى جانب موقع المعرض المقترح الذي يقع في منطقة جبل علي في دبي على مساحة أكثر من 20 هكتارا من الأرض والمجاور إلى ميناء جبل علي العملاق ومطار آل مكتوم الدولي الحديث ويحيط به شبكة من الطرق والجسور والأنفاق المتطورة التي تسهل عملية الوصول إلى المعرض من قلب المدينة أو من كل أنحاء الإمارات بكل سلاسة وسهولة.
كانت الهاشمي متفائلة بفوز بلادها منذ وقت مبكر، وأجابت عن توقعاتها عندما سئلت: «إنني متفائلة جدا ونتوقع التصويت لصالح الإمارات». وزادت: «الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، زرع فينا الأمل باستضافة معرض (إكسبو الدولي 2020)، استنادا إلى الإمكانات والقدرات التي تتمتع بها دولة الإمارات وتؤهلها بجدارة للمنافسة على إقامة المعرض الأكبر من نوعه عالميا في دبي».
وكانت دبي توجت مجهوداتها في شرف استضافة معرض «إكسبو 2020» بحصد 116 صوتا من الأصوات المشاركة في الجولة النهائية لاختيار المدينة التي ستنظم الحدث العالمي، حيث صوتت 164 دولة لانتخاب المدينة الفائزة بنسبة 71% مقابل 29 لمدينة إيكاترينبرغ الروسية. واستطاعت دبي أن تكون الأبرز في عملية الترويج لقدرتها على استضافة معرض «إكسبو 2020»، وسخرت جميع إمكانياتها لاستعراض مقومات التنظيم، في الوقت الذي شكلت فيه تلك المقومات قيمة إضافية حقيقية للمعرض العالمي، منح دبي ميزة أكبر من منافسيها في السباق على الترشيح لاستضافة المعرض العالمي.
وستسهم استضافة معرض «إكسبو» بزيادة الناتج المحلي الإجمالي لدبي بما يقرب 141 مليار درهم (38.3 مليار دولار)، إلى جانب توفير 277 ألف فرصة عمل خلال السبع سنوات المقبلة.
وشاركت الهاشمي في عدد من الاجتماعات الدولية، حيث شاركت في الاجتماع الثاني لمجموعة عمل أصدقاء سوريا المعنية ببناء وتأهيل الاقتصاد السوري الذي أقيم ببرلين الألمانية، وترأست الهاشمي وفد بلادها، بهدف مناقشة آخر تطورات عمل المجموعة الاقتصادية التي تهدف إلى دعم وبناء وتأهيل الاقتصاد السوري، واستعرضت في الاجتماع دور الإمارات الداعم للشعب السوري في المجالات الاقتصادية والإنسانية.
كما عقدت الهاشمي في الاجتماع الوزاري للمكتب التنسيقي لحركة دول عدم الانحياز، والذي عقد في العاصمة الكوبية هافانا، سلسلة من اللقاءات الثنائية مع عدد من وزراء الدول المشاركين في الاجتماع.
وبحثت أوجه العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية الثنائية المشتركة بين الإمارات وتلك الدول وسبل تطويرها بما في ذلك تبادل الزيارات والخبرات وتعزيز التعاون في شتى المجالات.
وتحدثت الهاشمي عن رؤيتها للمرأة الإماراتية، وقالت: «أثبتت المرأة الإماراتية نجاحها في القطاعات الحكومية والمالية والصناعية، إضافة إلى وجود سيدات أعمال يمتلكن شركاتهن الخاصة»، مشيرة إلى أن المرأة تمثل حجر الزاوية التي ترتكز عليها عملية النهضة الوطنية في الإمارات، فهي تشارك في جميع مجالات الحياة.
وزادت: «جرى دمج المرأة الإماراتية كليا في الحياة العامة، مع بعض القيود القليلة التي تواجهها المرأة في كل مكان، حتى في الدول المتقدمة، مثل الموازنة بين الأسرة والعمل والمنافسة في مكان العمل على أساس المهارة والقدرة».
وتابعت الهاشمي: «أسهم حرص المرأة الإماراتية على اغتنام فرص التعليم في منحها فرصة المشاركة في نهضة المجتمع إلى جانب الرجل، حيث تعمل في الخدمة المدنية والتعليم والمحاماة والهندسة والطب والإعلام والرياضة والأعمال، كما تولت المرأة منصب السفيرة والقاضية وشغلت مقاعد برلمانية ووظائف في الشرطة والجيش، وتشغل المرأة أربعة مقاعد برلمانية في المجلس الوطني الاتحادي، كما تقوم الإمارات بتدريب المرأة على الإفتاء لتكون أول دولة تشهد ظهور المفتيات في العالم الإسلامي».
وأكدت الهاشمي أن دستور دولة الإمارات نص على أن المرأة تتمتع بكامل الحقوق التي يتمتع بها الرجل من حيث الحصول على الوظائف والخدمات الصحية والرعاية الأسرية، إلى جانب ضمان حقوق المرأة في الإرث.



يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
TT

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني فرض الأحكام العرفية، وتعليق الحكم المدني، وإرساله قوة عسكرية مدعومة بالهيلوكوبترات إلى البرلمان. ثم اضطراره للتراجع عن قراره في وجه معارضة عارمة. بيد أن تراجع الرئيس خلال ساعات قليلة من هذه المغامرة لم يزد المعارضة إلا إصراراً على إطاحته، في أزمة سياسية غير مسبوقة منذ التحوّل الديمقراطي في البلاد عام 1980 بعد فترة من الحكم التسلطي. ولقد تطوّرت الأوضاع خلال الأيام والساعات الأخيرة من الاحتجاجات في الشوارع إلى تصويت برلماني على عزل يون. وبعدما أقر البرلمان عزل الرئيس ردّ الأخير بتأكيد عزمه على المقاومة والبقاء... في أزمة مفتوحة لا تخلو من خطورة على تجربة البلاد الديمقراطية الطريّة العود.

دبلوماسي مخضرم خدم في كوريا الجنوبية قال، قبل بضعة أيام، معلقاً على الأزمة المتصاعدة: «إذا تم تمرير اقتراح العزل، يمكن وقف (الرئيس) يون (سوك - يول) عن مباشرة مهام منصبه لمدة تصل إلى 180 يوماً، بينما تنظر المحكمة الدستورية في القضية. وفي هذا (السيناريو)، يتولى رئيس الوزراء هان دوك سو منصب الرئيس المؤقت، وتُجرى انتخابات جديدة في غضون 60 يوماً».

وبالفعل، دعا هان دونغ - هون، زعيم حزب «قوة الشعب»، الحاكم، إلى تعليق سريع لسلطات الرئيس مستنداً - كما قال - إلى توافر «أدلة موثوقة» على أن يون سعى إلى اعتقال القادة السياسيين بعد إعلانه الأحكام العرفية الذي لم يدُم طويلاً. ومما أورده هان - الذي كان في وقت سابق معارضاً للمساعي الرامية إلى عزل يون - إن «الحقائق الناشئة حديثاً قلبت الموازين ضد يون، بالتالي، ومن أجل حماية كوريا الجنوبية وشعبنا، أعتقد أنه من الضروري منع الرئيس يون من ممارسة سلطاته رئيساً للجمهورية على الفور». وتابع زعيم الحزب الحاكم أن الرئيس لم يعترف بأن إعلانه فرض الأحكام العرفية إجراء غير قانوني وخاطئ، وكان ثمة «خطر كبير» من إمكانية اتخاذ قرار متطرف مماثل مرة أخرى إذا ظل في منصبه.

بالتوازي، ذكرت تقارير إعلامية كورية أن يون يخضع حالياً للتحقيق بتهمة الخيانة إلى جانب وزير الدفاع المستقيل كيم يونغ - هيون، (الذي ذُكر أنه حاول الانتحار)، ورئيس أركان الجيش الجنرال بارك آن - سو، ووزير الداخلية لي سانغ - مين. وحقاً، تمثل الدعوة التي وجهها هان، وهو وزير العدل وأحد أبرز منافسي يون في حزب «قوة الشعب»، تحولاً حاسماً في استجابة الحزب الحاكم للأزمة.

خلفية الأزمة

تولى يون سوك - يول منصبه كرجل دولة جديد على السلطة، واعداً بنهج عصري مختلف في حكم البلاد. إلا أنه في منتصف فترة ولايته الرئاسية الوحيدة التي تمتد لخمس سنوات، شهد حكمه احتكاكات شبه دائمة مع البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة، وتهديدات «بالإبادة» من كوريا الشمالية، ناهيك من سلسلة من الفضائح التي اتهم وعائلته بالتورّط فيها.

وعندما حاول يون في خطابه التلفزيوني تبرير فرض الأحكام العرفية، قال: «أنا أعلن حالة الطوارئ من أجل حماية النظام الدستوري القائم على الحرية، وللقضاء على الجماعات المشينة المناصرة لنظام كوريا الشمالية، التي تسرق الحرية والسعادة من شعبنا»، في إشارة واضحة إلى الحزب الديمقراطي المعارض، مع أنه لم يقدم أي دليل على ادعائه.

إلا أن محللين سياسيين رأوا في الأيام الأخيرة أن الرئيس خطّط على الأرجح لإصدار مرسوم «الأحكام العرفية الخرقاء» أملاً بحرف انتباه الرأي العام بعيداً عن الفضائح المختلفة والإخفاق في معالجة العديد من القضايا المحلية. ولذا اعتبروا أن عليه ألا يطيل أمد حكمه الفاقد الشعبية، بل يبادر من تلقاء نفسه إلى الاستقالة من دون انتظار إجراءات العزل، ومن ثم، السماح للبلاد بانتخاب رئيس جديد.

بطاقة هوية

ولد يون سوك - يول، البالغ من العمر 64 سنة، عام 1960 في العاصمة سيول لعائلة من الأكاديميين اللامعين. إذ كان أبوه يون كي - جونغ أستاذاً للاقتصاد في جامعة يونساي، وأمه تشوي سيونغ - جا محاضرة في جامعة إيوها للنساء قبل زواجها. وحصل يون على شهادته الثانوية عام 1979، وكان يريد في الأصل أن يدرس الاقتصاد ليغدو أستاذاً، كأبيه، ولكن بناءً على نصيحة الأخير درس الحقوق، وحصل على شهادتي الإجازة ثم الماجستير في الحقوق من جامعة سيول الوطنية - التي هي إحدى «جامعات النخبة الثلاث» في كوريا مع جامعتي يونساي وكوريا - وأصبح مدّعياً عاماً بارزاً قاد حملة ناجحة لمكافحة الفساد لمدة 27 سنة.

ووفق وسائل الإعلام الكورية، كانت إحدى محطات حياته عندما كان طالب حقوق عندما لعب دور القاضي في محاكمة صورية للديكتاتور (آنذاك) تشون دو - هوان، الذي نفذ انقلاباً عسكرياً وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة. وفي أعقاب ذلك، اضطر يون إلى الفرار إلى الريف مع تمديد جيش تشون الأحكام العرفية ونشر القوات والمدرّعات في الجامعة.

بعدها، عاد يون إلى العاصمة، وصار في نهاية المطاف مدعياً عاماً، وواصل ترقيه الوظيفي ما يقرب من ثلاثة عقود، بانياً صورة له بأنه حازم وصارم لا يتسامح ولا يقدّم تنازلات.

مسيرته القانونية... ثم الرئاسة

قبل تولي يون سوك - يول رئاسة الجمهورية، كان رئيس مكتب الادعاء العام في المنطقة المركزية في سيول، وأتاح له ذلك محاكمة أسلافه من الرؤساء. إذ لعب دوراً فعالاً في إدانة الرئيسة السابقة بارك غيون - هاي التي أُدينت بسوء استخدام السلطة، وعُزلت وأودعت السجن عام 2016. كذلك، وجه الاتهام إلى مون جاي - إن، أحد كبار مساعدي خليفة الرئيسة بارك، في قضية احتيال ورشوة.

أما على الصعيد السياسي، فقد انخرط يون في السياسة الحزبية قبل سنة واحدة فقط من فوزه بالرئاسة، وذلك عندما كان حزب «قوة الشعب» المحافظ - وكان حزب المعارضة يومذاك - معجباً بما رأوه منه كمدّعٍ عام حاكم كبار الشخصيات، وأقنع يون، من ثم، ليصبح مرشح الحزب لمنصب رئاسة الجمهورية.

وفي الانتخابات الرئاسية عام 2022 تغلّب يون على منافسه الليبرالي لي جاي - ميونغ، مرشح الحزب الديمقراطي، بفارق ضئيل بلغ 0.76 في المائة... وهو أدنى فارق على الإطلاق في تاريخ الانتخابات في البلاد.

الواقع أن الحملة الانتخابية لعام 2022 كانت واحدةً من الحملات الانتخابية القاسية في تاريخ البلاد الحديث. إذ شبّه يون غريمه لي بـ«هتلر» و«موسوليني». ووصف حلفاء لي الديمقراطيون، يون، بأنه «وحش» و«ديكتاتور»، وسخروا من جراحة التجميل المزعومة لزوجته.

إضافة إلى ذلك، شنّ يون حملته الانتخابية بناء على إلغاء القيود المالية والموقف المناهض للمرأة. لكنه عندما وصل إلى السلطة، ألغى وزارة المساواة بين الجنسين والأسرة، قائلاً إنها «مجرد مقولة قديمة بأن النساء يُعاملن بشكل غير متساوٍ والرجال يُعاملون بشكل أفضل». وللعلم، تعد الفجوة في الأجور بين الجنسين في كوريا الجنوبية الأسوأ حالياً في أي بلد عضو في «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية».

أيضاً، أدى استخدام يون «الفيتو» تكراراً إلى ركود في العمل الحكومي، بينما أدت تهم الفساد الموجهة إلى زوجته لتفاقم السخط العام ضد حكومته.

تراجع شعبيته

بالتالي، تحت ضغط الفضائح والخلافات، انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «غالوب كوريا» أن شعبيته انخفضت إلى 19 في المائة فقط. وتعد «كارثة» الأحكام العرفية الحلقة الأخيرة في سلسلة من الممارسات التي حددت رئاسة يون وأخطائها.

إذ ألقي باللوم على إدارة يون في التضخم الغذائي، وتباطؤ الاقتصاد، والتضييق المتزايد على حرية التعبير. وفي أواخر 2022، بعدما أسفر تدافع حشود في احتفال «الهالوين» (البربارة) في سيول عن سقوط 159 قتيلاً، تعرضت طريقة تعامل الحكومة مع المأساة لانتقادات واسعة.

زوجته في قلب مشاكله!

من جهة ثانية، كانت كيم كيون - هي، زوجة الرئيس منذ عام 2012، سبباً آخر للسخط والانتقادات في وسائل الإعلام الكورية الجنوبية. فقد اتهمت «السيدة الأولى» بالتهرب الضريبي، والحصول على عمولات لاستضافة معارض فنية عن طريق عملها. كذلك واجهت اتهامات بالانتحال الأدبي في أطروحتها لنيل درجة الدكتوراه وغيرها من الأعمال الأكاديمية.

لكن أكبر فضيحة على الإطلاق تورّطت فيها كيم، كانت قبولها عام 2023 هدية هي حقيبة يد بقيمة 1800 جنيه إسترليني سراً من قسيس، الأمر الذي أدى إلى مزاعم بالتصرف غير اللائق وإثارة الغضب العام، لكون الثمن تجاوز الحد الأقصى لما يمكن أن يقبله الساسة في كوريا الجنوبية وشركاؤهم قانونياً لهدية. لكن الرئيس يون ومؤيديه رفضوا هذه المزاعم وعدوها جزءاً من حملة تشويه سياسية.

أيضاً أثيرت تساؤلات حول العديد من القطع الثمينة من المجوهرات التي تملكها «السيدة الأولى»، والتي لم يعلَن عنها كجزء من الأصول الرئاسية الخاصة. وبالمناسبة، عندما فُتح التحقيق في الأمر قبل ست سنوات، كان زوجها رئيس النيابة العامة. أما عن حماته، تشوي يون - سون، فإنها أمضت بالفعل حكماً بالسجن لمدة سنة إثر إدانتها بتزوير وثائق مالية في صفقة عقارية.

يُضاف إلى كل ما سبق، تعرّض الرئيس يون لانتقادات تتعلق باستخدام «الفيتو» الرئاسي في قضايا منها رفض مشروع قانون يمهد الطريق لتحقيق خاص في التلاعب المزعوم بالأسهم من قبل زوجته كيم كيون - هي لصالح شركة «دويتشه موتورز». وأيضاً استخدام «الفيتو» ضد مشروع قانون يفوّض مستشاراً خاصاً بالتحقيق في مزاعم بأن مسؤولين عسكريين ومكتب الرئاسة قد تدخلوا في تحقيق داخلي يتعلق بوفاة جندي بمشاة البحرية الكورية عام 2023.

وهكذا، بعد سنتين ونصف السنة من أداء يون اليمين الدستورية عام 2022، وعلى أثر انتخابات رئاسية مثيرة للانقسام الشديد، انقلبت الأمور ضد الرئيس. وفي خضم ارتباك الأحداث السياسية وتزايد المخاوف الدولية يرزح اقتصاد كوريا الجنوبية تحت ضغوط مقلقة.

أمام هذا المشهد الغامض، تعيش «الحالة الديمقراطية» في كوريا الجنوبية أحد أهم التحديات التي تهددها منذ ظهورها في أواخر القرن العشرين.