تحالف حقوقي يوثق انتهاكات حوثية بقتل وجرح 5 آلاف مدني خلال عام

قال إن الميليشيات تقوم بطمس الإرث الثقافي والحضاري المتنوع في اليمن

TT

تحالف حقوقي يوثق انتهاكات حوثية بقتل وجرح 5 آلاف مدني خلال عام

اتهم تحالف يمني ينشط في الدفاع عن حقوق الإنسان، ميليشيا جماعة الحوثيين الانقلابية بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين في عدد من المحافظات اليمنية، وهو ما تسبب في قتل وجرح نحو 5 آلاف شخص العام الماضي.
جاء ذلك في التقرير السنوي الذي أطلقه التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (رصد) على هامش مشاركته في اجتماعات الدورة الـ37 لمجلس حقوق الإنسان في العاصمة السويسرية جنيف. وقال المدير التنفيذي للتحالف الحقوقي مطهر البذيجي «إن حالة حقوق الإنسان في اليمن دخلت مرحلة غاية في الحساسية والتعقيد». وكشف البذيجي في ندوة أقيمت على هامش اجتماعات مجلس حقوق الإنسان، أن التحالف الحقوقي الذي يديره وثق في تقريره السنوي الثالث للعام 2017 نحو 5 آلاف انتهاك في 20 محافظة يمنية.
وشملت الانتهاكات، بحسب التقرير، مقتل 2260 شخصاً، وإصابة 2780 آخرين، بسبب الهجمات الحوثية وسلاح القناصة وزراعة الألغام وعمليات الإعدام غير المشروعة والموت تحت التعذيب والقتل بوسائل أخرى. وكشف التقرير أن من بين القتلى الذين وثق حالاتهم 337 طفلاً، و140 امرأة و128 مسناً، في حين سقط من الجرحى 544 طفلاً و283 امرأة و179 مسناً. وكشف التقرير أن أخطر المناطق اليمنية التي وثق فيها للانتهاكات، شملت مناطق واسعة في تعز، ومحافظات الجوف وحجة وصنعاء، ومأرب، وشبوة وصعدة، والبيضاء، والضالع، ولحج والحديدة.
وحمل التقرير، الميليشيا الانقلابية، المسؤولية عن زراعة الألغام في عدد من المناطق اليمنية، وبالمخالفة لحظر استخدام هذا السلاح المجرم في قوانين الحرب. وبيَّن أنه وثق هجمات متكررة وعشوائية وغير متناسبة على عدد من الأحياء والتجمعات السكانية والأسواق التجارية والمناطق والأعيان والمنشآت المدنية في عدد من المحافظات اليمنية، أبرزها محافظة تعز التي سقط فيها 341 قتيلاً وتليها الحديدة بـ92 قتيلاً وصعدة بـ84 قتيلاً ومأرب بـ76 قتيلاً والضالع بـ64 قتيلاً.
وكشف أن أغلب الهجمات استخدم فيها سلاح مدفعية «الهاون والهاوزر» وصواريخ «الكاتيوشا» وسلاح الدبابات وصواريخ «بي 10»، إضافة إلى رشاشات متعددة العيارات والقدرات التدميرية. ورصد التحالف اليمني اغتيال 157 شخصاً في عدة محافظات، بينهم 80 حالة برصاص مجهولين، و41 حالة سجل مقتلهم على يد أفراد تنظيمات متطرفة كـ«القاعدة» في محافظات حضرموت وتعز وعدن وأبين. وقال إنه وثق عمليات تعذيب وصفها بـ«الوحشية» بحق 206 محتجزين، توفي منهم 27 معتقلاً في السجون بمحافظات إب وصعدة والحديدة وتعز، إضافة إلى سقوط 41 قتيلاً من المعتقلين بسبب استخدامهم دروعاً بشرية من قبل الحوثيين.
واتهم تحالف «رصد» جماعة الحوثي الانقلابية بأنها «قامت منذ انقلابها على المؤسسات الشرعية للدولة بطمس الإرث الثقافي والحضاري المتنوع الذي كانت تتمتع به اليمن».
وقالت المحامية والناشطة أفكار الطمبشي في كلمة لتحالف «رصد» أمام جلسة لمجلس حقوق الإنسان «إن الميليشيا الانقلابية قامت على أسس عنصرية تنبذ الآخر وترفض التنوع». واستدلت الطمبشي على ذلك بقيام الجماعة الحوثية بـ«تغيير المناهج الدراسية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها تغييراً طائفياً يبرر وجودها ويكرس لدى الأجيال القادمة ثقافة الكراهية والعداوة والتحريض ضد كل من يختلف مع فكرهم العنصري».
وفي السياق نفسه شدد الناشط والباحث السياسي باسم الحاج في ورقة قدمها تحالف «رصد» على «ضرورة قيام مجلس حقوق الإنسان والأمم المتحدة، بإتباع تدابير جادة لإيقاف الحرب باليمن، وفق خطة السلام المرتكزة على المرجعيات الأساسية الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن الدولي، خصوصاً القرار 2216، واستعادة دولة اليمنيين وسلطاتهم القانونية وإزالة أسباب الحرب».
وقال الحاج «لقد تنامت وتصاعدت ظاهرة الإرهاب على نحو غير مسبوق في اليمن، حيث ينتقل من إرهاب الجماعة إلى إرهاب الدولة». وأكد العضو في التحالف الحقوقي أن انقلاب ميليشيا الحوثي الإيرانية «أثر على العملية السياسية التوافقية، ومارس أفظع صور الإرهاب المادي والمعنوي، لتتسيد على خشبة مسرح الصراع ميليشيا مختطفة للدولة ومقدراتها». يذكر أن التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، يشارك إلى جانب منظمات يمنية وعربية أخرى في اجتماعات الدورة الـ37 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، في مسعى لكشف جرائم الانقلابيين الحوثيين أمام العالم.


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.