تعهدت العراق بتقديم تسهيلات واسعة للشركات الروسية لتيسير أعمالها على الأراضي العراقية، وشددت بالمقابل على ضرورة احترام السلطات المركزية في بغداد، وعدم تجاوزها خلال توقيع اتفاقيات مع الأقاليم في العراق، فيما يبدو إشارة إلى إقليم كردستان. هذا ما أشار إليه مسؤولون عراقيون في تصريحات من موسكو أمس، في أعقاب اجتماع اللجنة الحكومية الروسية - العراقية للتعاون التجاري الاقتصادي والتقني العلمي.
وترأس الاجتماع عن الجانب الروسي دميتري روغوزين، نائب رئيس الحكومة الروسية، المسؤول عن ملفات التعاون الاقتصادي والتصنيع الحربي وملفات أخرى استراتيجية، وعن الجانب العراقي وزير الخارجية إبراهيم الجعفري الذي ترأس وفداً ضم كبار المسؤولين من الفريق الاقتصادي، فضلاً عن شخصيات أخرى.
وبحث الجانبان مختلف ملفات التعاون التجاري – الاقتصادي بن البلدين. وقال روغوزين: إن اللجنة الحكومية المشتركة تناولت التعاون في مجالات النقل، والصناعات، ولفت إلى نقاشات مثيرة للاهتمام دارت حول التعاون في المجال الزراعي، وتصدير المنتجات الزراعية، فضلاً عن التعاون في مجالات التقنيات عالية الدقة.
وأبدى المسؤول الروسي ارتياحه لوتيرة تطور التعاون بين البلدين، ولا سيما على خلفية ما رأى فيه تحسناً للوضع الأمني في العراق، وأشار إلى أن مسألة أمن العاملين الروس في العراق لم تكن ضمن الموضوعات الرئيسية كما جرت العادة في اللقاءات السابقة، وإنما جرى بحثها ضمن آخر الموضوعات خلال المحادثات المغلقة بين كبار المسؤولين من البلدين.
كما عبر روغوزين عن ارتياحه لارتفاع ميزان التبادل التجاري بين البلدين خلال عام 2017 بنسبة 53 في المائة، وقال إنه بلغ نحو 1.402 مليار دولار. وأشارت تقارير إلى أن الجزء الرئيسي من حجم التبادل التجاري صادرات روسية إلى العراق، بينما لم تتجاوز صادرات العراق إلى روسيا خلال العام الماضي ما قيمته 100 ألف دولار.
من جانبه، أكد وزير الخارجية العراقي أن بلاده تسعى إلى توفير تسهيلات للشركات الروسية خلال المحادثات معها حول تنفيذ مشروعات في العراق.
وعلى الرغم من أن اللجنة المشتركة بحثت خلال اجتماعها السادس في موسكو مختلف ملفات التعاون التجاري - الاقتصادي، بما في ذلك ملف حساس مثل الصادرات العسكرية الروسية إلى العراق، ورغبة بغداد بشراء منظومة «إس – 400» الصاروخية، فقد كان للنفط الحظ الأكبر من اهتمام الجانبين، وبصورة خاصة الجانب الروسي، وذلك على ضوء الأزمة التي خلفها توقيع شركة «روسنفت» الروسية صفقات مع إقليم كردستان العراق، دون العودة إلى الحكومة الاتحادية في بغداد.
وأكد الجعفري أن الجانبين بحثا سبل تسوية تلك الأزمة. وقالت صحيفة «كوميرسانت» الروسية، إن إيغر سيتشين، رئيس «روسنفت» سيزور العراق خلال الأيام المقبلة لبحث هذا الأمر مع الحكومة الاتحادية.
ويعود تاريخ أزمة شركة «روسنفت» الروسية مع الحكومة في بغداد إلى اتفاقيات وقعتها الشركة الروسية مع حكومة إقليم كردستان، منها اتفاقية تعاون ملزمة في مجال التنقيب وإنتاج النفط، وقعها الجانبان على هامش منتدى بطرسبورغ الاقتصادي، وقبل ذلك وقّع الجانبان اتفاقية لتصدير النفط، تقوم الشركة الروسية بموجبها بشراء النفط من كردستان ابتداء من عام 2017 وحتى 2019، لتأمين احتياجات مصانع تكرير تملكها «روسنفت» في ألمانيا. وأخيراً وقعت الشركة الروسية مع حكومة الإقليم اتفاقية يوم 19 أكتوبر (تشرين الأول)، لبدء التنقيب عن النفط في خمسة حقول مختلفة بالإقليم الواقع شمالي العراق.
على أن تتحمل «روسنفت» تكاليف الدراسات التي تقدر بنحو 400 مليون دولار، تستعيد نصفها من عائدات إنتاج الآبار النفطية.
وانتقدت بغداد بشدة الاتفاقية الأخيرة، لأن توقيعها جاء بعد أقل من شهر على استفتاء جرى في إقليم كردستان، أثار أزمة مع الحكومة الاتحادية في بغداد، التي اضطرت إلى إرسال قوات عسكرية وفرض سيطرتها على مدن كبرى هناك، بينها مدينة كركوك النفطية. حينها قال وزير النفط العراقي جبار علي اللعيبي، إن نية «شركات أجنبية» توقيع عقود نفطية مع جهات عراقية دون علم الحكومة الاتحادية أو وزارة النفط «يعد تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي العراقي، وانتقاصاً من السيادة الوطنية ومخالفة صريحة للأعراف الدولية». رغم ذلك واصلت «روسنفت» عملها مع حكومة إقليم كردستان، وسلمتها مليار دولار أميركي في إطار تنفيذ الاتفاقيات السابقة للتعاون في مجال التنقيب عن النفط والإنتاج والتصدير.
وبعد أن أكد عزت صابر، رئيس لجنة المالية في إقليم كردستان في العراق، هذه المعلومات، عاد وقال إن الاتفاقيات مع «روسنفت» لا يمكن تنفيذها بعد فقدان سلطات إقليم كردستان العراق السيطرة على الحقول النفطية في كركوك. وأوضح أنه على «روسنفت» بدء محادثات مع الحكومة الاتحادية في بغداد للتفاهم على تنفيذ الاتفاقيات المبرمة مسبقاً مع أربيل.
وكانت هذه الأزمة من الموضوعات الرئيسية التي بحثها الجانبان الروسي والعراقي في موسكو يوم أمس، خلال محادثات أجراها قال وزير النفط العراقي، جبار اللعيبي مع ديديه كاسيميرو، المدير الإقليمي لشركة «روسنفت» الروسية.
وأكد اللعيبي في أعقاب المحادثات أن بغداد لا تمانع توسيع نطاق عمل شركة «روسنفت» في جميع حقول محافظة كركوك، بعد التنسيق والاتفاق مع شركة «بي بي» البريطانية. وعاد وشدد على ضرورة أن يتم توقيع جميع الاتفاقيات والعقود في الأراضي العراقية من خلال الحكومة الاتحادية ووزارة النفط العراقية.
8:17 دقيقة
أزمة عقود «روسنفت» تهيمن على محادثات اقتصادية عراقية ـ روسية
https://aawsat.com/home/article/1190366/%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%B9%D9%82%D9%88%D8%AF-%C2%AB%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%86%D9%81%D8%AA%C2%BB-%D8%AA%D9%87%D9%8A%D9%85%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%AB%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D9%80-%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A9
أزمة عقود «روسنفت» تهيمن على محادثات اقتصادية عراقية ـ روسية
تناولت التعاون في مجالات النقل والصناعات والتكنولوجيا
- موسكو: طه عبد الواحد
- موسكو: طه عبد الواحد
أزمة عقود «روسنفت» تهيمن على محادثات اقتصادية عراقية ـ روسية
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة