مقرات الحكومة المصرية في وسط القاهرة... فنادق ومتاحف ومكتبات

«التخطيط» تعد لنقل الوزارات إلى العاصمة الإدارية

مبنى مجمع التحرير («الشرق الأوسط») - مقر وزارة التربية والتعليم في وسط القاهرة
مبنى مجمع التحرير («الشرق الأوسط») - مقر وزارة التربية والتعليم في وسط القاهرة
TT

مقرات الحكومة المصرية في وسط القاهرة... فنادق ومتاحف ومكتبات

مبنى مجمع التحرير («الشرق الأوسط») - مقر وزارة التربية والتعليم في وسط القاهرة
مبنى مجمع التحرير («الشرق الأوسط») - مقر وزارة التربية والتعليم في وسط القاهرة

تعمل وزارة التخطيط والإصلاح الإداري المصرية حاليا، على وضع خطة نقل الوزارات والهيئات الحكومية المصرية، إلى العاصمة الإدارية الجديدة، التي من المنتظر أن تنفذ منتصف العام المقبل، وفقا للتصريحات الرسمية للمسؤولين عن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، في الوقت الذي لم يتم فيه تحديد مصير مقار الحكومة الحالية بعد تفريغها من الموظفين.
وقالت الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني في كلية الهندسة بجامعة القاهرة، رئيسة لجنة حصر مباني المنطقة الغربية، لـ«الشرق الأوسط» إن مصير المباني الحكومية في وسط القاهرة، كان محل نقاش منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، «حيث وضع مجموعة من الأساتذة بكلية التخطيط العمراني بجامعة القاهرة عام 2005 تصورا لكيفية استغلال هذه المباني.»
وأضافت: «كان لجهاز التنسيق الحضاري ملاحظات على هذا التصور، لأنه كان يعتمد على إزالة بعض المباني، وفتح مساحات خضراء، وتحويل مربع الوزارات، إلى مركز ثقافي ترفيهي يضم متاحف ومكتبات»، مشيرة إلى أنه تم عرض ملاحظات جهاز التنسيق الحضاري، وما يراه مخالفا لقوانينه، في ندوة ناقشت تفاصيل هذا التصور، موضحة أن «مبدأ إزالة المباني مرفوض، لأنها مبان ذات طراز معماري متميز، وفي عام 2008 صدر قانون رقم (119) لسنة 2008 باعتبار المنطقة بالكامل منطقة ذات قيمة متميزة.»
ومع بدء تنفيذ العاصمة الإدارية الجديدة، عادت الفكرة للظهور على السطح مرة أخرى، وشكل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لجنة عليا برئاسة المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء الأسبق، ومساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية، وعضوية محافظ القاهرة ورئيس هيئة التخطيط العمراني، ورئيس جهاز التنسيق الحضاري، لوضع تصور لمنطقة القاهرة التراثية، التي تشمل القاهرة الخديوية والفاطمية، وتضم بين جنباتها مجموعة من الوزارات والهيئات الحكومية، وتتضمن الخطة وضع تصور لإعادة توظيف المقرات الحكومية في «وسط البلد»، بعد نقلها للعاصمة الإدارية الجديدة.
وقال المهندس محمد أبو سعدة، رئيس جهاز التنسيق الحضاري، مقرر لجنة إعادة إحياء القاهرة التاريخية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك فرصة لإعادة إحياء القاهرة، بعد انتقال الوزارات إلى العاصمة الإدارية الجديدة، حيث ستكون هناك مبان خالية يمكن إعادة استخدامها بشكل أفضل»، مشيرا إلى أنه «تتم حاليا صياغة رؤية جديدة للمنطقة ككل.»
وأوضح أن المنطقة تتضمن مباني مسجلة بوصفها طرازا معماريا متميزا، وأخرى غير مسجلة، «وسيتم وضع تصور لكل مبنى وفقا لحالته ولتصنيفه، لإيجاد السبيل الأفضل لاستغلاله».
وقالت حواس إن «بعض المباني يمكن تحويلها لفنادق، مثل مبنى (مجمع التحرير)، وأخرى تصلح لتكون مباني إدارية، أو مكتبات أو متاحف»، موضحة أن «مبنى الهيئة العليا للتخطيط العمراني يحتل قصرا مهما جدا، ويوجد بحديقته برج ضخم بنته وزارة الإسكان، من الممكن تحويله إلى فندق على غرار فندق (ماريوت) بالقاهرة، بحيث يخصص البرج لغرف النزلاء، ويستخدم القصر كصالونات وقاعات مثلا».
إلى ذلك، تعد حالة المبنى وطرازه المعماري المحرك الرئيسي لعمل اللجنة، وبناء عليه ستحدد الطريقة التي ستتم بها إعادة استغلاله بعد تفريغه من الموظفين الحكوميين، ويقترح البعض أن يتم طرح هذه المقرات للاستثمار، لكن المسألة ما زالت قيد الدراسة، خصوصا أن هذه المباني ملك للوزارات والهيئات الحكومية، وتعد جزءا من الأصول المملوكة لها.
وقالت حواس: «لا يمكن تعميم طريقة واحدة أو شكل واحد، لاستخدام هذه المباني، فلكل مبنى وظيفته، واللجنة تعمل على إعادة توظيف هذه المباني وفقا لحالتها، لرفع كفاءة المنطقة بشكل كامل.»
وقال أبو سعدة إن «إعادة استخدام المباني الحكومية جزء من خطة أكبر لتطوير المنطقة ككل وتحويلها إلى منطقة سياحية بشوارع للمشاة فقط، ومزارات سياحية وثقافية».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».