توثيق نادر في الجنادرية لتطور استخراج النفط

عروض بتكنولوجيا متقدمة في جناح وزارة الطاقة السعودية تجذب زوار المهرجان

جناح وزارة الطاقة في الجنادرية
جناح وزارة الطاقة في الجنادرية
TT

توثيق نادر في الجنادرية لتطور استخراج النفط

جناح وزارة الطاقة في الجنادرية
جناح وزارة الطاقة في الجنادرية

امتزج معرض وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في المهرجان الوطني للتراث والثقافة ما بين نشر قصص وصور ماضية ونادرة لمراحل التنقيب عن النفط، وما صاحبها من عمليات تكرير، وبين عرض قصص حديثة تتعلق بالمنتجات الجديدة التي أطلقتها الجهات التابعة للوزارة في مجالات البحث والعلم المرتبطة بالطاقة والصناعات الحديثة.
وفي جناح وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية الذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز هذا العام، بحضور المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، عرضت الوزارة مشروعات الشركة السعودية للكهرباء، التي تُعد الشركة الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجال إنتاج وصناعة الطاقة الكهربائية، ومدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، والهيئة الملكية للجبيل وينبع، والشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك»، وهيئة المساحة الجيولوجية السعودية، وشركة معادن، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وصندوق التنمية الصناعية السعودي، ومركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية، والبرنامج الوطني لتطوير التجمعات الصناعية، وهيئة تنمية الصادرات السعودية، والهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية «مدن».
وقدمت الجهات المشاركة تحت مظلة منظومة وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية لجمهور المهرجان العديد من المطبوعات الإرشادية، كما عرضت المواد الفيلمية وغيرها من المنتجات الإعلامية التوعوية الرامية إلى التعريف بهذه الجهات، ودورها البارز في دعم رؤية السعودية 2030، إضافة إلى المواد الإعلامية الهادفة إلى توعية جمهور المهرجان بسُبل المحافظة على الطاقة، وترشيد استهلاكها، والمستقبل الواعد للطاقة الجديدة والمتجددة في السعودية، والخطط والفرص الواعدة في مجالات النفط والغاز والتعدين والثروات المعدنية.
واطّلع الزائر لجناح «أرامكو» السعودية على صور نادرة لمراحل هذا التطور من تنقيب وحفر وإنتاج وتكرير وتدريب وتطوير الموارد البشرية في الشركة.
وأبرزت «أرامكو» السعودية في مهرجان الجنادرية عبر جناح وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، الذي ضم مشاركة 18 جهة أخرى، التطور الكبير الذي شهدته السعودية في صناعة الزيت والغاز، وقطاع الطاقة بشكل عام. وعرض الجناح المشارك في المهرجان أفلاماً وثائقية وصوراً قديمة وحديثة تستعرض مراحل تطور أعمال الشركة المختلفة منذ أوائل الأربعينات وحتى عصرنا الحاضر، كما اطّلع الزوار على صور نادرة لمراحل هذا التطور من تنقيب وحفر وإنتاج وتكرير وتدريب وتطوير الموارد البشرية في الشركة.
كما تضمنت أجنحة المعرض أيضاً، عدداً من الروبوتات التي ابتُكرت في «أرامكو» السعودية، وهي: روبوت فحص وتفتيش أنابيب وخزانات النفط، للتأكد من سلامتها، وروبوت تنظيف اللوحات الشمسية من الغبار والشوائب، وروبوت الفحص والتفتيش في المياه الضحلة، القادر على فحص أنابيب النفط الموجودة تحت سطح البحر، وروبوت معايرة حجم خزانات النفط، الذي يقيس كمية النفط المبيعة بدقة عن طريق استخدام أشعة الليزر. فيما شاركت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) في المهرجان الوطني للتراث والثقافة الجنادرية 32 المقام ضمن معرض وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، بتقديم عرض لبعض النماذج الأولية من ابتكار علماء «كاوست»، والمشاريع الناشئة التي تحتضنها الجامعة.
وعرض خلاله «شاهين 2»، وهو الكومبيوتر الخارق الأول في الشرق الأوسط الذي تملكه «كاوست»، والذي يعمل عليه علماء وباحثو الجامعة، بالإضافة إلى عدد من المؤسسات والجهات الوطنية، وذلك لتحليل قواعد البيانات العملاقة ولتطوير الأعمال البحثية عالية التعقيد.
وبتقنيات متقدمة ينتقل الزوار بجولتهم من أمواج البحر الأحمر إلى نسخة مصغرة عن مختبرات «كاوست»، التي تعرف بـ«الغرفة النظيفة»، والمُجهَّزة بأحدث المعدات والأدوات لإجراء البحوث التجريبية المتقدمة في مختلف المجالات العلمية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».