موسكو تعزز سلاحها «الاستراتيجي» في سوريا رداً على أميركا

أرسلت مقاتلتي «سوخوي 57» وسفن إنزال وكاسحة ألغام

موسكو تعزز سلاحها «الاستراتيجي»  في سوريا رداً على أميركا
TT

موسكو تعزز سلاحها «الاستراتيجي» في سوريا رداً على أميركا

موسكو تعزز سلاحها «الاستراتيجي»  في سوريا رداً على أميركا

كشفت وسائل إعلام روسية تفاصيل عن تعزيزات نوعية على صعيد سلاحي الجو والبحرية أرسلتها موسكو خلال اليومين الأخيرين إلى سوريا، في انعطافة كبرى عن توجهات سابقة بتقليص الوجود العسكري الروسي في سوريا. وربطت مصادر عسكرية التطور بـ«ضرورات مواجهة التحركات العسكرية الأميركية». وتحدثت عن خطط لتجربة أحدث المقاتلات من الجيل الخامس «في ظروف ميدانية حقيقية».
وتسربت المعلومات عن المقاتلات الحديثة في البداية إلى وسائل التواصل الاجتماعي عبر صور بثها متابعون للتحركات العسكرية الروسية، قبل أن تؤكدها معطيات المصادر العسكرية. ورصدت الصور طائرات تعبر الأجواء في محيط قاعدة حميميم استعدادا للهبوط، بينها مقاتلتان على الأقل من طراز «سوخوي57» المعروفة لدى الأوساط العسكرية الروسية باسم «الشبح»، وهي مقاتلة ثقيلة متعددة الأغراض من الجيل الخامس، وتعد أحدث الصناعات الروسية في مجال الطيران الحربي.
وأفادت مصادر عسكرية لصحيفة «آر بي كا»، بأن موسكو أرسلت في اليوم ذاته (أول من أمس) أربع مقاتلات أخرى من الطراز نفسه، إضافة إلى عدد من الطائرات الهجومية من طراز «سوخوي25» وطائرة بعيدة المدى للمراقبة والتحكم من طراز «إيه50» المعروفة لدى العسكريين باسم «الرادار الطائر»، كون هذه الطائرة تتضمن تقنيات مركز كامل لإدارة عمليات المراقبة والتحذير والتحكم عن بعد. واللافت أن هذه الطائرة كان قد تم سحبها من سوريا أواخر العام الماضي بعدما أعلن الرئيس فلاديمير بوتين انتهاء الجزء النشط من العمليات العسكرية وأمر بتقليص الوجود العسكري الروسي.
ووفقا لمعطيات المصادر العسكرية، فإن المقاتلات «سوخوي57» التي لم يتم الإعلان عن عددها الكامل في سوريا «ستحل مكان القاذفة الثقيلة (سوخوي27)» في تنفيذ المهام العسكرية المنوطة بها، علما بأن هذه المقاتلة تعد المقابل الروسي للمقاتلة الأميركية «إف35»، وكانت موسكو تكتمت بقوة على قدراتها القتالية، وتم عرضها للمرة الأولى علنيا في معرض «ماكس2017» للسلاح في أغسطس (آب) الماضي. وكشفت مصادر أن «سوخوي57» قادرة على حمل 24 صاروخا للقتال القريب أو المتوسط، وتصل سرعتها إلى 2500 كيلومترا في الساعة وتزن نحو 18.5 طن.
تزامن التطور مع معطيات عن تحريك سفن ثقيلة إلى الشواطئ السورية، كان قد تم سحبها في إطار قرار التقليص سابقا. وعبرت سفينة الإنزال الروسية الكبيرة «مينسك»، وكاسحة الألغام «الأدميرال زاخاريين»، التابعتان للقوات البحرية الروسية، مضيق البوسفور، ودخلتا مياه البحر الأبيض المتوسط.
ونقلت صحيفة «إزفستيا» الروسية عن مواقع في مدينة إسطنبول التركية، أن سفينة الإنقاذ «إس بي - 739»، التابعة لأسطول البحر الأسود عبرت المضيق مع السفينتين، يوم الأربعاء 21 فبراير (شباط). ووفقا للمواقع التركية، فإن «مينسك» تتجه إلى ميناء طرطوس السوري، للانضمام إلى الأسطول المرابط قرب قاعدة لوجيستية تابعة للقوات البحرية الروسية في المتوسط.
وهذه الرحلة هي الأولى لسفينة «مينسك» إلى سوريا هذا العام. ونفذت رحلتين من هذا النوع في عام 2017، واستخدمت لتوجيه ضربات صاروخية من البحر عدة مرات.
ونقلت «آر بي كا» عن مصدر في وزارة الدفاع، أن التحركات الجديدة خصوصا انضمام طرازات المقاتلات الحديثة إلى القوات الروسية في سوريا «يشكل ردا مباشرا على التحركات الأميركية التي بدأت تتخذ شكلا أكثر نشاطا في الأسابيع الأخيرة»، إضافة إلى «الحاجة الروسية لتجربة (الشبح) في ظروف قتالية حقيقية». ولفتت الصحيفة إلى أن موسكو بدأت تعيد ترتيب أولويات تحركاتها لمواجهة «الاستراتيجية الأميركية الجديدة». وأن الهدف من تعزيز القدرات العسكرية لا يقتصر على تجربتها بل «يعكس قرارا حاسما لدى الكرملين بإعلان موقف عملي واضح حيال تأييد العمليات العسكرية التي بدأها الجيش السوري في الغوطة ومواقع أخرى في سوريا.
وربط بعض وسائل الإعلام التحركات الروسية بحادثة مقتل عدد كبير من «المرتزقة الروس» قرب دير الزور قبل أسبوعين، في إشارة إلى أن موسكو و«رغم عدم إعلانها رسميا عن خسائر، لكنها ترى أن الضربة الأميركية القوية تشكل رسالة إلى القيادة العسكرية الروسية، وتعكس شكلا من أشكال التحركات الأميركية الجديدة، في إطار ما يعرف باستراتيجية جديدة لواشنطن».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم