لقطات من بعض عروض الأسبوع

كريستوفر بايلي والعرض الأخير

من عرض أليس تامبرلي - من عرض «بيربري»
من عرض أليس تامبرلي - من عرض «بيربري»
TT

لقطات من بعض عروض الأسبوع

من عرض أليس تامبرلي - من عرض «بيربري»
من عرض أليس تامبرلي - من عرض «بيربري»

كان من أهم عروض الأسبوع لخريف وشتاء 2018. فقد كان عرض الوداع للمصمم كريستوفر بايلي بعد 17 عاما. ولأن بايلي يتمتع بصداقات وعلاقات على مستوى عال، فقد احتلت الصفوف الأمامية شخصيات مثل تشيلسي كلينتون وزوجها، أنا وينتور، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة الأميركية، والنجمات سيينا ميللر وناعومي هاريس وكيرا نايتلي وناعومي واتس والعارضة كايت موس والنجم إدريس ألبا وغيرهم. أغلب هؤلاء لم يأتوا ليعاينوا آخر خطوط الموضة بل لتقديم دعمهم المعنوي له.
افتتحت العرض السمراء أدوا أبوا، وهي عارضة أزياء وأيضا سفيرة منظمة الموضة البريطانية، باتت رمزا للتنوع العرقي والإثني الذي تتبناه الموضة العالمية، واختتمته كارا ديلافين التي اعتزلت مهنة عروض الأزياء لتتفرغ للتمثيل، لكنها لم تجد بدا من أن ترد الجميل للمصمم الذي اكتشفها منذ سبع سنوات. ظهرت الأولى بتنورة طويلة باللون الأبيض وخطوط ملونة بعدة ألوان، بينما تألقت الثانية في معطف طويل بألوان قوس قزح، رمز التنوع وتقبل اختلاف الآخر. كانت هناك إشارات كثيرة لإرث الدار العريقة، لأنه من المستحيل كتابة فصل النهاية في قصته مع الدار من دون أن يعود إلى إرثها وعلامتها المسجلة المُتمثلة في الكاروهات، حيث ظهرت في جاكيتات ومعاطف وحقائب يد وقبعات رأس كما اصطبغت بألوان النيون وكأنه يتحدى بها إيحاءاتها السلبية القديمة.
رغم ضخامة العرض وأهمية المناسبة، كان واضحا أنه لم يكن عن الأزياء بقدر ما كان عن مصمم يحظى باحترام وحب صناع الموضة. فأغلب الحضور هنا أتوا للتعبير عن حبهم له أكثر مما كانوا لمتابعة ما سيقدمه من جديد، لأنه وببساطة لم يقدم جديدا يُذكر بقدر ما قدم أفكارا يعشقها صناع الموضة لأنهم منها ينسجون قصصا وحكايات. بناؤه العرض على الاختلاف وتقبل التنوع والآخر، من الأفكار التي يهللون لها منذ عدة مواسم، وزادت قوتها في ظل ما يحدث أخيرا من متابعات لكل من تسول له نفسه التحرش بالآخر أو استغلال نفوذه لأغراض شخصية وطبعاً لكل من يعادي الاختلاف. كريستوفر بايلي عبر عن كل هذا من خلال صورة قوية، ولغة شبابية لا تترك أدنى شك أنها مستوحاة من ثقافة الشارع البريطاني، بدءا من القطع المنفصلة المتنوعة إلى الأحذية السميكة، مرورا بالتنسيق الذي لم يراعِ الأناقة الرفيعة أو امرأة ناضجة بقدر ما راعى مخاطبة جيل مُتمرد على المتعارف عليه، بما في ذلك مفهوم الأناقة التقليدي. فالإطلالات كانت مثيرة لكنها لم تكن أنيقة من مفهوم تقليدي، أو شرق أوسطي، رغم أننا لو فككناها وأخذنا كل قطعة على حدة لوجدنا أنها تتضمن جماليات رفيعة وتفصيلا لا يعلى عليه. كل هذا يعطي الانطباع بأن المصمم كان يريد القول بأننا من رحم الفوضى التي يعيشها العالم يمكن أن نجد الجمال والحب.
وهو ما عبر عنه بقوله إن الموضة «تحتاج أن توضع في إطار معين... هناك كثير من الأفكار التي تدور في أذهاننا وتجعلنا نتساءل حول مبادئنا وأسلوب حياتنا وكيفية استهلاكنا للأمور». من هذا المنظور قدم تشكيلة قوية ليس فقط لأنها الأخيرة بالنسبة له بل لأنها كما قال: «جعلتني أفكر جديا في أهمية الوقت... أعتقد أننا نعيش في فترة زمنية مهمة، تتخللها فوضى وتغييرات مقلقة تكمن قوتها في اختلافنا وفي قدرتنا على الابتكار، وهذا ما أردت أن أعكسه بأسلوبي هنا».
طريقة كريستوفر بايلي لخلق الفوضى والتعبير عن التمرد أن يلبس الشباب قطعا في غاية الأناقة لكن لا يجعلوها منمقة تشي بالجاه أو حتى بالجمال. في آخر العرض وعندما خرج كريستوفر بايلي لتحية ضيوفه تحت أشعة أضواء ليزر بألوان قوس قزح، وقف له الجميع لعدة دقائق. كان هناك إحساس غامر بأننا شاهدون على نهاية عهد مهم في دار «بيربري»، التي لا يزال مُستقبلها مجهولا بما أن لا أحد يعرف من سيخلفه فيها.
سيمون روشا

لعبت في المقابل على الأنيق بالمفهوم العصري المتعارف عليه حيث قدمت عرضا تخللته كثير من التصاميم المفصلة نسقتها مع تصاميم أنثوية تنسدل فوقها من الحرير أو التول. تزينها كشاكش حينا وفيونكات معقودة هنا وهناك حينا آخرا. المصممة الشابة التي تعرف بأسلوبها الشبابي القوطي المائل إلى الفخامة، استعملت التول في فساتين تظهر من تحتها تايورات مفصلة وضيقة تعمدت تنسيقها إما مع أحذية رجالية أو مستوحاة من «شباشب». قدمت ضمن تشكيلتها أيضا معاطف من الجلد الأسود اللماع أو بألوان ساطعة مثل الأخضر أو الأحمر فضلا عن الأكمام المنفوخة بشكل بارز وتطريزات وورود وحواشي من الفرو. وحتى في القطع المصنوعة من أقمشة البروكار التي لا تحتاج إلى أي تطريزات أضافت أحيانا زخرفات وترصيعات لمزيد من الدراما.
حبها للفخامة ظهر هذه المرة في استعمالها نوعية أقمشة متنوعة في الإطلالة الواحدة، وبسخاء، معترفة بأنها تأثرت فيها بلوحة لجون كونستابل معلقة في مشغلها. لوحة تعود إلى عام 1809 وتجسد فتاة شابة تلبس فستانا بسيطا من القطن الأبيض بقصة الإمباير. وهذا ما يفسر الأكمام المنفوخة والياقات المفتوحة التي ظهرت في مجموعة من تصاميمها.
رغم فنيتها وجرأتها، فإن التشكيلة تراعي الجانب التجاري التسويقي، حيث تخاطب كل الأعمار والأذواق. فأسلوب الطبقات المتعددة الذي اعتمدته يشمل قطعا متنوعة تتباين ما بين تايورات مفصلة، بعضها بطبعات خانة الكلاسيكي العصري.

جاسبر كونران

قد يكون المصمم جاسبر كونران، من جيل والد سيمون، جون روشا، بمعنى أنه ينتمي إلى الزمن الجميل الذي ساهم في تأسيس أسبوع لندن للموضة، وهذا يعني أنه تجاوز مفهوم «الجنون فنون» الذي رفعت لندن شعاره طويلا ولا يزال بعض أبنائها يتبنونه بين الفينة والأخرى لجذب الانتباه. جاسبر وفي للتصاميم العصرية التي تخدم المرأة في كل مناسباتها. قد لا يروق بالضرورة لمحررات الأزياء وفتيات الإنستغرام، لكنها دائما مضمونه بأناقتها وجمالها البعيدين عن أي فذلكة أو رغبة في كسر المتعارف عليه. هذه المرة اكتسبت تصاميمه جرأة أكبر، مقارنة بما قدمه طوال المواسم الأخيرة، على الأقل فيما يتعلق باختياراته للألوان. فقد جاءت ساطعة على غير العادة، بدءا من الأصفر إلى الأزرق والأخضر وغيرها من الدرجات التي برز توهجها أكثر باقتراحه لها في إطلالة واحدة من الرأس إلى القدمين. حتى الأبيض اكتسب جرأة عندما ظهرت به عارضة من دون أي لون آخر. من يعرف المصمم يعرف أن أغلب تصاميمه، إن لم نقل كلها، تبدو بسيطة في الظاهر، لكنها تتضمن حرفية وخبرات لا يملكها سوى الكبار، من ناحية أنها تخدم الجسم وتبرز جمالياته. ويشرح كونران أسلوبه قائلاً: «أعتقد أنه يعود إلى ما تعلمته طوال مسيرتي.. هذه هي الأشياء التي أعرفها جيدا وأشعر بالارتياح عندما أعبر عنها».
اللافت أنه حتى عندما مزج الألوان ببعضها في بعض القطع فإنه اكتفى بلونين فقط. كان يريد، كما قال، تأثيرا فنيا وليس دراميا، والسبب أن الأسلوب قد يختلف لكن النتيجة واحدة. إلى جانب الألوان، قدم كعادته مجموعة من القطع ببليسيهات دقيقة ومجموعة أخرى من معاطف الباركا بطيات ناعمة.

أليس تامبرلي

أرادت في هذه التشكيلة أن تقول للعالم إنها ليست سجينة الأسلوب الواحد وبأنها قادرة أن تغوص في عوالم أخرى غير البوهيمي والحالم. تامبرلي التي تشتهر بفساتينها الرومانسية الطويلة وتطريزاتها المبتكرة، غيرت الدفة وقدمت ما يمكن القول إنه أفضل تشكيلة لها وأكثرها خروجا عن المعتاد بتحليقها في عالم الطيران في العشرينات من القرن الماضي. هذا لا يعني أنها ألغت أو تخلت عن أسلوبها الذي تجسده فساتين السهرة والمساء، وكل ما في الأمر أنها أضافت إليه قطعا منفصلة بتفصيل رجالي، لكي توسع من خريطة زبوناتها. وحسب ما صرحت به الدار، فإن المصممة استوحت هذه القطع من أول امرأة قادت طائرة في العالم، وهو يفسر تلك الرشة من الـ«فينتاج» التي تتميز بها وبعض الأقمشة الخشنة التي استعملتها. تأثير العشرينات من القرن الماضي ظهر أيضا في بريق أزياء المساء والسهرة التي تشتهر بها أليس تامبرلي وجعلتها واحدة من المصممات المفضلات لدى دوقة كايمبريدج. فنحن لا يجب أن ننسى أن الأنوثة الرومانسية هي الملعب الذي تعرف تامبرلي أسراره وخباياه، وهو ما تُبرهن عليه مجموعة سخية من الفساتين التي يمكن أن تأخذ المرأة من النهار إلى المساء بسهولة. أغلبها من الحرير أو اللاميه وفيما تغلب على بعضها تطريزات تلمع يقطر بعضها الآخر ذهبا.
تجدر الإشارة إلى أن مسيرة أليس تامبرلي المهنية تمر بفترة يمكن تشبيهها بالنهضة، بعد أن حصلت مؤخرا على 1.8 مليون جنيه إسترليني من المساهمين ضمن برنامج تطويري تستهدف منه الدفع بشركتها إلى الأمام. الأمر الذي قد يفسر روحها الجديدة ورغبتها في خوض تحدٍ من نوع جديد عوض اقتصارها على اللعب في ركنها الأمن. فرغم أنها نجحت في استقطاب زبونات مخمليات ونجمات منذ بدايتها في عام 2000، فإن هذا النجاح لم تترجمه أرقام المبيعات سابقا.


مقالات ذات صلة

في حفل افتتاح «أولمبياد باريس 2024» أكدت الموضة أنها الوجه الجميل لفرنسا

لمسات الموضة إطلالة لايدي غاغا وفريقها صُممت ونُفذت في ورشات «ديور» لتعكس أجواء ملاهي باريس الراقصة (صوفي كار)

في حفل افتتاح «أولمبياد باريس 2024» أكدت الموضة أنها الوجه الجميل لفرنسا

كانت تصاميم ماريا غراتزيا تشيوري، المديرة الإبداعية لـ«ديور»، أنيقة، لكنها افتقرت للقوة الكافية لكي تسرق الأضواء من النجمات.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة حشد من رجال الشرطة والجيش لتأمين العاصمة الفرنسية قبل افتتاح ألعاب باريس (رويترز)

ماذا أرتدي في الأولمبياد؟ كن أنيقاً وابقَ مرتاحاً

الإرشادات المناسبة للملابس لتحقيق التوازن بين الأناقة والراحة عند حضور الألعاب الأولمبية الصيفية هذا العام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
لمسات الموضة أجواء العمل وطبيعته تفرض أسلوباً رسمياً (جيورجيو أرماني)

كيف تختار ملابس العمل حسب «الذكاء الاصطناعي»؟

اختيار ملابس العمل بشكل أنيق يتطلب الاهتمام، بعض النصائح المهمة قدمها لك «الذكاء الاصطناعي» لتحقيق ذلك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة دار «ديور» تدافع عن نفسها

دار «ديور» تدافع عن نفسها

ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي، واستنفرت وسائل الإعلام أقلامها في الأسابيع الأخيرة، تدين كلاً من «ديور» و«جيورجيو أرماني».

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف يختار الرجال ملابس العمل بشكل أنيق؟

كيف يختار الرجال ملابس العمل بشكل أنيق؟

شارك ديريك جاي، خبير الموضة ببعض نصائح للرجال لاختيار الملابس المناسبة للمكتب.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«عرسان» نمر سعادة يرتدون البدلة الملوّنة

من مجموعة "عريس صيف 2024" للمصمّم اللبناني نمر سعادة (دار أزياء نمر سعادة)
من مجموعة "عريس صيف 2024" للمصمّم اللبناني نمر سعادة (دار أزياء نمر سعادة)
TT

«عرسان» نمر سعادة يرتدون البدلة الملوّنة

من مجموعة "عريس صيف 2024" للمصمّم اللبناني نمر سعادة (دار أزياء نمر سعادة)
من مجموعة "عريس صيف 2024" للمصمّم اللبناني نمر سعادة (دار أزياء نمر سعادة)

إذا كانت من عبارة تختصر مجموعة المصمّم نمر سعادة لعريس صيف 2024، فهي حتماً «الخروج من العلبة»، ذهب مصمّم الأزياء اللبناني المتخصّص في الموضة الرجاليّة إلى أقصى الجرأة، عندما قرّر أن يُلبِس عريس الموسم بدلة ملوّنة.

الزهريّ، والأخضر، والنبيذيّ الفاتح؛ نجومٌ في المجموعة، وهي ألوانٌ تتناسب وحفلات الزفاف التي تُقام صيفاً في الهواء الطلق، وعلى شاطئ البحر، على ما يشرح سعادة لـ«الشرق الأوسط». هذه الجرأة في الألوان لا تُغيّب الكلاسيكيّة والأناقة في القَصّات، «لكني حرصتُ على إضفاء لمسة فرح وسط الأجواء الداكنة التي تمرّ بها منطقة الشرق الأوسط»، يقول سعادة.

هي المرة الأولى التي يصمّم فيها سعادة بدلات ملوّنة للعرسان (دار أزياء نمر سعادة)

اليد على القلب

لكن مَن هو العريس الذي سيتجرّأ على ارتداء ألوان كهذه في حفل زفافه؟ يصرّ المصمّم على أن «هذا النمط من البدلات مطلوب جداً، وهي لها إطارها الخاص، لا سيّما أن الأعراس في الهواء الطلق موضة رائجة»، أضِف إلى ذلك أنّ الرجل العربيّ بات يغامر أكثر عندما يتعلّق الأمر بهندامه. فوفق ما يؤكّد سعادة: «الرجل في مصر، والخليج العربي تحديداً، لا يتردّد في اتّباع الموضة، حتى وإن كانت جريئة على مستوى الألوان والتصاميم».

لا يُخفي سعادة أنه، وكما في كل مرة يُطلق مجموعة جديدة، «يضع يدَه على قلبه»؛ ترقُّباً لردود فعل الزبائن والمتابعين، «وهذه المرّة الترقّب أكبر من أي مرة؛ لأنها مجموعتي الأولى بالألوان للرجال، والعرسان منهم تحديداً».

يقول سعادة إن الرجل العربي مغامر في هندامه (دار أزياء نمر سعادة)

الداكن للأقلّ جرأةً

أما لمَن ليس مستعداً لارتداء سترة زهريّة، أو سروالاً أخضر، فالبديل جاهز؛ إذ تضمّ مجموعة «عريس 2024» بدلاتٍ أقرب إلى الكلاسيكيّة باللونَين الأسود والأبيض، تأخذ هذه المجموعة من الـ«Tuxedo» في الاعتبار التناسق بين الجسم وحركته، ويتعمّد سعادة إظهار الجسم مرسوماً من خلال خطوطه الدقيقة.

ويوضح أنه «غالباً ما يكون من الصعب استخدام الكثير من التفاصيل في بدلات الأعراس الرجاليّة، لذلك يصبح الحذر سيّد الموقف من حيث الأقمشة والموديلات». أهمّ ما في الأمر بالنسبة إلى سعادة ومعاونيه، أن يقدّموا جديداً يتقبّله الرجل الشرقيّ ولا ينفر منه.

تضمّ مجموعة «عريس 2024» بدلات كلاسيكيّة بألوانها وتصاميمها (دار أزياء نمر سعادة)

للعريس الذي قرّر اعتماد كلاسيكيّة الأسوَد، يمنح سعادة «البدلة شخصيّة، من خلال استعمال الأقمشة المناسبة، على أن تكون الـ(Tuxedo) على أقصى حدّ من البساطة».

في هذه المجموعة استخدم المصمّم الأقمشة الأوروبية الفخمة، مثل «Europiana» و«Dormeo»، إضافةً إلى «Wool 150» الذي يمتزج في بعض التصاميم مع الحرير. يقول إنه استوحى من عشرينات القرن الماضي، وهي الفترة التي شهدت صعود فخامة الملابس الرجاليّة، من تلك الحقبة استرجع سعادة تصميم الـ«Dubetti» للجاكيت، مضيفاً إليها لمسة خاصة من خلال الياقة بقماش «الساتان»، أما البنطلون فيتميّز بالخطّ العريض على جانبَيه، الذي يتلاقى وقماش الياقة؛ تكريساً للتناغم بين القطعتين الأساسيتين في تصاميم البدلات.

استخدم سعادة في مجموعته أصنافاً متنوّعة من الأقمشة الأوروبية الفخمة (دار أزياء نمر سعادة)

بدلة رجّاليّة للمرأة القويّة

في عصر المساواة بين الرجل والمرأة، والشعارات التي تنادي بتمكين الأخيرة، يحوّل نمر سعادة الشعار فعلاً على طريقته، وبما تتيح له أقلامه ومقصّاته. فمنذ سنتَين قرّر المصمّم أن يُطلق خَطّه الخاص بالأزياء النسائية؛ «إذا أردنا أن نضع علامتنا التجارية على خريطة الأزياء العالمية، فلا بدّ من خوض المجالَين، أي الموضة النسائية والرجالية، هكذا تفعل كل دُور الأزياء المعروفة»، يوضح سعادة.

لم يدخل ساحة الأزياء النسائية من الباب المتعارَف عليه، أي فساتين الأعراس والسهرة، فقد ابتكر سعادة خطاً خاصاً به، ناقلاً البصمة الرجالية إلى ثياب المرأة، «اخترتُ هوية تُشبهني، وتتلاقى ونظرتي للمرأة، انطلقتُ من نقطة قوّتي فألبستُها البدلة ذات القَصّة الرجاليّة»، يقول.

قبل سنتَين قرّر سعادة خوض تصميم الأزياء النسائية (دار أزياء نمر سعادة)

جولةٌ سريعة بين مجموعات سعادة النسائيّة تؤكّد الأمر، فعارِضاتُه يرتدين الجاكيتات ذات الأكتاف العريضة، والبناطيل المصمّمة على الطريقة الرجاليّة، ويوضح المصمّم رؤيته: «أنا أرى المرأة قوية وفاعلة في المجتمع، وغالباً ما تتفوّق على الرجل بشخصيّتها وقدرتها على التحمّل، وكما ألبستُ رجالاً ناجحين في مجالاتهم كالسياسيين والفنانين، أريد أن أُلبس تلك المرأة التي أقدّر».

خبرة أباً عن جدّ

يمثّل نمر سعادة الجيل الثالث من عائلةٍ احترفت لعبة الخيطان والإبر والأقمشة. من جدّه ووالده وأعمامه، أخذ الاسم والخبرة، لكنه أراد صناعة فرق والانتقال من لقب "خيّاط" إلى مرحلة "دار أزياء". كان له ما أراد بعد سنواتٍ أمضاها وهو "ينمو يداً بيَد مع المهنة"، ويدرسُها نظرياً وتطبيقياً وأكاديمياً.

حافظ سعادة على القَصّة الرجّاليّة فتفرّد بخطٍ نسائي خاص به (دار أزياء نمر سعادة)

خلال الحرب اللبنانية، استقرّ مصنع العائلة في القاهرة، «بعد انتهاء دوام المدرسة كنتُ أنتقل مباشرةً إلى معمل الخياطة، كنتُ في الـ14 من عمري»، يخبر سعادة. لا يجمّل الماضي بالادّعاء أن تصميم الأزياء كان شغفه، بل يقول بواقعيّة إن ظروف الحياة عجنَته به. مع مرور الوقت كان لا بدّ من أن ينصهرا، ويتحوّل عالم الموضة الرجالية إلى خبزه اليوميّ، أحبّ سعادة المهنة بالخبرة، لا بالفطرة.

مصمّم الأزياء اللبناني نمر سعادة (الشرق الأوسط)

بدلات القذّافي

تسلّق سعادة سُلّم تصميم الأزياء خطوةً خطوة، وعلى كل مفترق طريق فاجأته مكافأة، فُتحت له أبواب شخصياتٍ مؤثّرة في العالم العربي والعالم، فألبسَ الرئيس الليبيّ الراحل معمّر القذّافي عام 1999.

«تولّيتُ تلك المهمّة في سنّ صغيرة، استقبلني لـ10 دقائق من أجل أخذ المقاسات»، صمّم له مجموعة من البدلات المستوحاة من لباس العسكر، إضافةً إلى سترة الـ«Dubetti» البيضاء ذات الأوسمة والنياشين، التي عُرف بها القذّافي.

الرئيس الليبي الراحل معمّر القذّافي مرتدياً من تصاميم سعادة عام 1999 (دار أزياء نمر سعادة)

ليس القذّافي الشخصية المؤثّرة الوحيدة التي ألبسَها المصمّم اللبناني؛ إذ طالت القائمة لتشمل عدداً من الحكّام والفنانين العرب. أما خارج الحدود العربية، فقد خلع كريستيانو رونالدو ملابس كرة القدم ليرتدي بدلة من تصميم نمر سعادة.