مباريات {المونديال}.. أحدث أعذار تأخر الموظفين في السعودية

دراسة: 89 في المائة من الموظفين في الشرق الأوسط يعتزمون مشاهدة بعض المباريات رغم فارق التوقيت

حفل افتتاح مونديال البرازيل يوم الخميس الماضي
حفل افتتاح مونديال البرازيل يوم الخميس الماضي
TT

مباريات {المونديال}.. أحدث أعذار تأخر الموظفين في السعودية

حفل افتتاح مونديال البرازيل يوم الخميس الماضي
حفل افتتاح مونديال البرازيل يوم الخميس الماضي

يواجه الموظفون السعوديون تحديا كبيرا في الجمع بين التزاماتهم المهنية وشغفهم الكروي بمتابعة مباريات مونديال البرازيل 2014، حيث يعد هذا الأسبوع هو الأول للعودة إلى العمل بعد انطلاقة فعاليات العرس الكروي العالمي يوم الخميس الماضي، وهو ما يمثل أزمة للشغوفين بمتابعة منافسات كأس العالم، في ظل فارق التوقيت الكبير جدا بين السعودية والبرازيل، مما يجعل المباريات تستمر حتى ساعات الفجر الأولى، وهو ما يكبد كثيرا من الموظفين عناء السهر والذهاب مرهقين إلى الدوام.
ويعترف كثير من أرباب العمل أن أمس الأحد مثل يوما استثنائيا في تراخي عدد من الموظفين عن الحضور في الوقت المحدد والانضباط خلال ساعات العمل، وذلك بسبب كون مباريات كأس العالم تقام في أوقات متأخرة جدا من الليل، خاصة أن كرة القدم تمثل اللعبة الشعبية الأولى في السعودية وتحظى باهتمام فئة كبيرة من السعوديين، وهو ما يمثل معاناة لفئة {الموظفين} تحديدا، من المهووسين بهذه اللعبة.
في حين لجأ بعض موظفي القطاعين العام والخاص، لتقديم إجازات سنوية خلال هذه الفترة، لضمان متابعة منافسات المونديال والتفرغ لهذا الحدث الكروي العالمي، كما يوضح المهندس إبراهيم عدساني، وهو مدير إحدى الشركات بمدينة الدمام، قائلا «نتوقع أن نواجه أزمة في انضباط الموظفين بسبب مباريات كأس العالم التي تقام آخر الليل، لكننا نحاول أن نظهر بعض المرونة في التعامل مع الموظفين خلال هذه الفترة كي لا تتعطل مصلحة العمل، خاصة أننا مقبلون على شهر رمضان الذي تخف فيه الإنتاجية بصورة كبيرة».
ويوضح فضل البوعينين، وهو خبير اقتصادي سعودي، انعكاسات ذلك بالقول {برنامج نقل المباريات لا يتوافق مع توقيت السعودية، خاصة بالنسبة للمباراة الأخيرة التي تقام فجرا، لذا نجد أن المهتمين بكرة القدم - وهم كثر في المجتمع السعودي - لا يفوتون فرصة مشاهدة هذه المباريات التي تقام في وقت متأخر جدا، وهذا يؤثر سلبا على أدائهم المهني، لأسباب مرتبطة بالسهر والتعب، مما ينعكس على عمل الموظف في اليوم التالي، في حال استطاع أن يأتي إلى العمل».
ويتابع البوعينين حديثه لـ{الشرق الأوسط} قائلا «لا يستطيع أي إنسان طبيعي أن يسهر طوال الليل ثم يقوم بأداء عمله على أكمل وجه.. والمشكلة لا تكمن في الموظفين الإداريين، لأن الموظف الإداري في الغالب يوجد هدر متوقع لديه في ساعات العمل، خاصة ممن يعملون في القطاع الحكومي، لكن ربما المخاطر التي تصاحب ذلك تكون أقل من المخاطر التي تقع لدى الموظفين الذين يعملون في المصانع الخطرة}.
ويرى البوعينين أن «أي ضعف في التركيز ناتج عن قلة النوم قد يؤدي إلى أخطاء فادحة وقد يتسبب بمخاطر كبيرة لمرتكبها وللشركة التي يعمل بها وللبيئة أيضا، كما هو الحال في قطاع البتروكيماويات على سبيل المثال، والقطاعات الأخرى الخطرة التي لا يمكن التعامل معها إلا ضمن تركيز فكري عال، وهذا لا يتوفر لمن يقضي الليل في السهر على متابعة مباريات كرة القدم»، بحسب قوله.
تجدر الإشارة إلى أن دراسة متخصصة أجرتها شركة {غلف تالنت} للتوظيف عبر شبكة الإنترنت، أظهرت أن كأس العالم لكرة القدم 2014 قد يؤثر سلبا على إنتاجية الموظفين في كل أنحاء الشرق الأوسط. وعلى الرغم من عدم تأهل أي دولة خليجية للمشاركة في البطولة، أكدت الدراسة أن 89 في المائة من الموظفين في المنطقة يعتزمون مشاهدة بعض المباريات، حيث يجري نقل مباريات البطولة المقامة في البرازيل خلال الفترة من 12 يونيو (حزيران) إلى 13 يوليو (تموز)، بين الساعة السابعة مساء والثالثة فجرا في السعودية.
وطرحت دراسة {غلف تالنت} على الموظفين أسئلة حول خططهم لإحداث توازن بين مشاهدة المباريات في ساعات متأخرة من الليل وبين التزامات العمل في اليوم التالي، إذ قال نحو واحد من كل 10 مشاركين في الاستطلاع إنهم سيذهبون متأخرين إلى العمل لتعويض ساعات النوم، بينما قال عدد مماثل إنهم سيطلبون يوم إجازة من إجازاتهم السنوية، وأفاد 3 في المائة أنهم سيطلبون إجازة مرضية لتجنب الذهاب للعمل، بينما قال ثلث المشاركين في الدراسة إنهم سيستغنون عن بعض ساعات النوم للوصول إلى أماكن عملهم في الوقت المحدد.
وعند مقارنة الفئات الوظيفية المختلفة، وجدت الدراسة أن العاملين في مجال تقنية المعلومات سيصلون متأخرين إلى أماكن عملهم أكثر من غيرهم، أو سيأخذون إجازة مَرَضية بعد المباريات التي تبث في وقت متأخر من الليل. أما العاملون في مجال الموارد البشرية، فمن المتوقع أن يأخذوا أياما من إجازاتهم السنوية المقررة، بينما يخطط العاملون في مجال التسويق أكثر من غيرهم لخفض ساعات النوم والحضور للعمل متعبين.
وأشار بعض المشاركين في الاستطلاع إلى أن الجزء الثاني من كأس العالم سيتزامن مع شهر رمضان المبارك، حيث يجري تخفيض ساعات عمل الموظفين في الشرق الأوسط، مما يتيح لهم أخذ قسط كافٍ من النوم بعد العمل والاستيقاظ في الوقت المناسب لمشاهدة المباريات، وعند سؤالهم عما إذا كانوا سيقضون بعض الوقت بمشاهدة أو مناقشة المباريات خلال ساعات العمل، أجاب نحو ثلث المشاركين في الدراسة أنهم سيمضون بعض الوقت في مناقشة تفاصيل المباريات مع زملائهم، أو مشاهدة الأحداث الرئيسة للمباريات على شبكة الإنترنت.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».