إثيوبيا تسعى لامتصاص انتقاد واشنطن إعلان حالة الطوارئ

الاتحاد الأوروبي يدعو إلى حوار يضم المعارضة والحكومة

تواجه إثيوبيا احتجاجات لا تتوقف منذ عام 2016  خصوصاً في أوروميا وأمهرة والولايات الإقليمية الجنوبية (رويترز)
تواجه إثيوبيا احتجاجات لا تتوقف منذ عام 2016 خصوصاً في أوروميا وأمهرة والولايات الإقليمية الجنوبية (رويترز)
TT

إثيوبيا تسعى لامتصاص انتقاد واشنطن إعلان حالة الطوارئ

تواجه إثيوبيا احتجاجات لا تتوقف منذ عام 2016  خصوصاً في أوروميا وأمهرة والولايات الإقليمية الجنوبية (رويترز)
تواجه إثيوبيا احتجاجات لا تتوقف منذ عام 2016 خصوصاً في أوروميا وأمهرة والولايات الإقليمية الجنوبية (رويترز)

سعت إثيوبيا أمس لطمأنة المجتمع الدولي على استقرار الأوضاع فيها، بعد إعلان حالة الطوارئ إثر الاستقالة المفاجئة مؤخرا لرئيس وزرائها هيل ماريام ديسالين، بينما دخلت بريطانيا والاتحاد الأوروبي على خط الضغوط الأميركية على السلطات الحاكمة في العاصمة أديس أبابا. وأبلغ أمس ورقنه غبيهو وزير الخارجية الإثيوبي، أعضاء السلك الدبلوماسي في أديس أبابا، أن بلاده تحترم اتفاقيات جنيف المنظمة لعملهم، وقال إن مرسوم إعلان حالة الطوارئ الأسبوع الماضي، لن يؤثر على أنشطتهم. وقال للدبلوماسيين الذين تجمعوا في فندق بالعاصمة: «سيتم احترام امتيازات المجتمع الدبلوماسي وحمايته».
وقالت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية إن ممثلي البعثات الدبلوماسية أعربوا عن تقديرهم للمبادرات التي تضطلع بها حكومة إثيوبيا لضمان السلام والأمن لشعبها. ونقلت عن سفيرة كينيا، كاترين موانجي، أن الإحاطة التي قدمها وزير الخارجية الإثيوبي حول آخر التطورات المتعلقة بحالة الطوارئ ورسالة الاستقالة التي قدمها رئيس الوزراء كانت واضحة تماما. وبعدما عدّت أن «الاستقالة كانت منفتحة وصادقة وشفافة جدا، لذا فإننا سعداء بالسلام والنظام السائد في هذا البلد الجميل»، أضافت: «بصفتنا دولة مجاورة، نؤيد الحكومة الإثيوبية والشعب الإثيوبي في الإصلاحات الجارية كافة». لكن بنغت فان لوسدرشت، سفير هولندا لدى إثيوبيا، قال في المقابل، إن حالة الطوارئ «شيء يجب التعامل معه بحذر شديد وبشكل متسق يمكنها من ضمان الاستقرار والأمن».
وقالت هارييت بالدوين، وزيرة شؤون أفريقيا في وزارة الخارجية البريطانية، في بيان أمس: «نشعر بالقلق والخيبة إزاء قرار فرض حالة طوارئ جديدة». وحثت حكومة إثيوبيا على ضمان احترام حقوق الإنسان والدستور، لافتة إلى أنه «ينبغي تجنب الاستخدام واسع النطاق لسلطات الاحتجاز ومنع الإنترنت». كما دعت الحكومة الإثيوبية إلى «ضمان انتقال سريع وسلمي وشفاف ودستوري إلى قيادة جديدة تتواصل وتعجل بعملية الإصلاح»، مضيفة أن «المملكة المتحدة صديق قديم لإثيوبيا، ونحن لا نزال على أهبة الاستعداد لدعم جدول أعمال إصلاح هادف وتقدمي».
وكانت بعثة الاتحاد الأوروبي قد حثت الحكومة الإثيوبية على إجراء حوار بين جميع الأطراف المعنية لحل الأزمة السياسية. وفي بيان لم يعارض الأحكام العرفية التي فُرضت على نحو صريح، حث الاتحاد الأوروبي الحكومة الإثيوبية على تقييد حيز تطبيق الأحكام العرفية واحترام حقوق الإنسان. وقال الاتحاد الأوروبي في بيانه: «الحوار البناء بين الأطراف المعنية كافة - والتي تضم السلطات والمعارضة والإعلام والمجتمع المدني - هو وحده ما سوف يسمح بالتوصل إلى حل سلمي ودائم للأزمة».
وأجرى وزير الخارجية الإثيوبي مناقشات مع مسؤول إدارة أفريقيا في وزارة الخارجية الأميركية سيريل سارتور، كما اجتمع مع أعضاء الكونغرس الأميركي، الذين أكدوا بحسب الخارجية الإثيوبية، دعمهم برنامج الإصلاح الحالي في إثيوبيا التي لفتوا إلى أن «العمل معها ضرورة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة».
وكانت السفارة الأميركية في أديس أبابا قد دعت في بيان لها إلى إعادة النظر في قرار فرض الأحكام العرفية، قائلة إنها «تعارض بشدة» هذه الخطوة. وبمناسبة الاحتفالات بمرور 120 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين أديس أبابا وموسكو، أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغى لافروف عن أمله في أن «تستمر الشراكة التي صمدت أمام الزمن بين البلدين، في التطور، من أجل ضمان السلام والاستقرار في القارة الأفريقية».
وأسفرت الأزمة السياسية عن استقالة رئيس الوزراء ديسالين الأسبوع الماضي، في سابقة هي الأولى من نوعها في البلاد التي كانت المرة الأخيرة التي تشهد فيها استقالة رئيس الوزراء منذ 44 عاما. وحث مجلس الأمن الوطني الإثيوبي المواطنين على احترام حالة الطوارئ التي دخلت حيز التنفيذ يوم الجمعة الماضي، فيما قالت الحكومة الإثيوبية إن فرض حالة الطوارئ يأتي في إطار حماية دستور البلاد ومواطنيها وممتلكاتهم من المظاهرات العنيفة التي تنتشر حاليا في بعض أجزاء البلاد.
وتواجه إثيوبيا احتجاجات لا تتوقف منذ عام 2016، خصوصا في 3 من أكثر المناطق سكانا، وهي ولايتا أوروميا وأمهرة، والولايات الإقليمية الجنوبية، وأثارت هذه الاضطرابات المخاوف بشأن استقرار إثيوبيا التي تعد أكبر اقتصاد في منطقة شرق أفريقيا.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.