ماذا لو تجولت في شوارع القاهرة، فداعبت أنفك رائحة الليمون والبرتقال والمروينجا، تنبعث من أشجار مثمرة منها ما يحف الطريق، ومنها ما يتربع على أسطح البنايات، لتمنحها اللون الأخضر في مشهد بديع. ما سبق هو خلاصة حلم يحاول تحقيقه مجموعة من شباب مبادرات التشجير وزراعة الأسطح والشرفات الخاصة، التي انتشرت أخيراً في مصر، ولاقت إقبالاً جيداً بين المواطنين وبعض المؤسسات الحكومية.
مبادرة «شجرها»، واحدة من تلك المبادرات التي تسعى إلى زراعة مليون شجرة مثمرة في المدن الجديدة، والمحافظات الساحلية، بهدف الحد من التلوث البيئي، ونشر هواية مسلية، تصلح لربات البيوت، وكبار السن.
في مدينة العبور، إحدى المدن الجديدة التابعة لمحافظة القليوبية، والواقعة شرق القاهرة، ظهرت نتائج تلك المبادرة، متمثلة في أشجار مثمرة زرعت في عدد من أحياء المدينة، وتحديداً الحيين التاسع والخامس، ووهبت ثمراتها للعابرين، فلا أسوار، ولا موانع.
يقول عمر الديب منسق المبادرة، إنه ومجموعة من المتطوعين، نجحوا في زراعة 16 ألف شجرة مثمرة في 6 محافظات، هي: القاهرة والجيزة والإسكندرية وكفر الشيخ والشرقية والوادي الجديد، وذلك خلال عام ونصف العام فقط من بداية المبادرة.
كما ساهمت المبادرة في زراعة 65 سطحاً وشرفة بخضراوات ورقية وطماطم، بهدف الحصول على خضراوات منزلية نظيفة بلا كيماويات، ويشترط القائمون على مبادرة «شجرها»، أن تكون المنطقة المخصصة للزراعة بعيدة عن التجمعات الصناعية وعوادم السيارات، إلى حد ما، وذلك حتى تصبح الفاكهة والخضراوات المنتجة صحية، وصالحة للاستهلاك.
ويؤكد الديب أن اختيار أشجار الموالح بشكل خاص لزراعتها ضمن المبادرة، جاء لقدرتها على تحمل الظروف القاسية، والتربة المالحة، وعدم حاجتها إلى رعاية مستمرة، كذلك لانخفاض سعر الشتلات، التي لا تتعدى الواحدة منها 30 جنيهاً، في حين تحتاج إلى 3 أعوام كاملة للإثمار.
أما شجرة المورينجا، فتعد واحدة من أسرع الأشجار المثمرة نمواً، حيث تبدأ في النمو خلال عام من زراعتها، وتتميز الشجرة بأهمية ثمارها وأوراقها وأزهارها.
زراعة الأسطح قد تكون أكثر تكلفة قليلاً، وذلك بسبب حاجتها إلى نظام مختلف في الزراعة، يعتمد على وحدات منفذة من خشب الطبال، توضع بها تربة البيتموس المخصصة للزراعة، توصل بنظام ري خاص، يوفر المياه بنسبة 90 في المائة، وتصل تكلفة النموذج في بدايته إلى 4 آلاف جنيه، لكن بعد ذلك لا يتكلف سوى الأسمدة الدورية فقط، وثمن البذور.
ويضع المهندس الزراعي زكريا راتب، صاحب مبادرة التشجير بجمعية «مجمع البيئة»، شرطاً أساسياً يجب توفره في السطح المعد للزراعة، هو أن يكون السطح معرضاً لأشعة الشمس، من 4 إلى 6 ساعات يومياً، مع اتساع مساحته، مضيفاً أن الأنظمة الحديثة لنماذج زراعة الأسطح لا تشترط توفر خبرة كبيرة لصاحبها في الزراعة، فيكفي أن يكون على علم بكيفية زراعة البذور، وجني الأوراق والثمار، ومواعيد التسميد، وقبل ذلك الرغبة في العناية بنبتته، وهو الشرط الأول الذي يضعه زكريا ومجموعته المتطوعة لنقل خبرته في زراعة الأسطح.
ويفضل زكريا زراعة الأسطح بالنباتات الورقية كالجرجير والبقدونس، التي تعطي إنتاجاً شهرياً، يمكن استهلاكه بشكل يومي، إضافة إلى الطماطم والفراولة، وغيرها من الخضراوات، التي لا تحتاج أكثر من 3 أشهر لإنتاج محصول صالح للاستهلاك.
كما يفضل زكريا زراعة أشجار الليمون على السطح، وذلك لمظهرها الجمالي، ورائحتها الذكية، وطرحها مرتين في العام، ما يعني أن ثمارها من الممكن أن تكفي استهلاك الأسرة طوال العام.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الجمعية تنظم دورات تدريبية شهرية، تضمن معرفة بالزراعة والتسميد والحماية من القوارض وتوفير المياه، كما أنها ساهمت في زراعة 70 وحدة على أسطح عدد من الهيئات الحكومية والمدارس، كمعهد تيودور بلهارسيا، ومركز شباب الوراق، وحي الوراق، ومدارس بمنطقة حلوان، ومركز ورئاسة حي طرة. وينصح زكريا بالزراعة حتى لو في أصيص ورد صغير، فكل البذور يمكن أن تورق، لتنتج محصولاً صالحاً للاستهلاك، وتعطي مظهراً جمالياً وتفيد البيئة.
وكانت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) قد أعلنت خلال العام الماضي عن دعمها لمشروع زراعة الأسطح بـ5 محافظات، هي: أسيوط، وسوهاج، وبني سويف، وأسوان، والفيوم، وذلك ضمن مشروع «تحسين الأمن الغذائي والتغذية في مصر باستهداف النساء والشباب».
مبادرات زراعة أسطح المنازل والطرقات تنتعش تدريجياً في مصر
منها أشجار الليمون والبرتقال والفراولة والطماطم
مبادرات زراعة أسطح المنازل والطرقات تنتعش تدريجياً في مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة