خسائر تركية جديدة بعفرين... وإردوغان يعلن قرب «حصارها»

مقاتلون بالجيش السوري الحر بالقرب من مدينة عفرين (رويترز)
مقاتلون بالجيش السوري الحر بالقرب من مدينة عفرين (رويترز)
TT

خسائر تركية جديدة بعفرين... وإردوغان يعلن قرب «حصارها»

مقاتلون بالجيش السوري الحر بالقرب من مدينة عفرين (رويترز)
مقاتلون بالجيش السوري الحر بالقرب من مدينة عفرين (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم (الثلاثاء)، أن 32 جندياً تركياً قتلوا منذ بدء العملية العسكرية في عفرين، شمال غربي سوريا.
وقال إردوغان في خطاب ألقاه بالبرلمان، إن 60 مقاتلاً آخرين من الجيش السوري الحر، قتلوا في العملية ذاتها، التي بدأت قبل أسابيع بمشاركة فصائل سورية معارضة.
وكشف الرئيس التركي أن قوات بلاده ستحاصر خلال أيام مدينة عفرين، حيث تنفذ أنقرة عملية عسكرية منذ الشهر الماضي ضد المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم إرهابيين.
وأضاف إردوغان في خطابه: «خلال الأيام المقبلة، وبشكل سريع، سنحاصر مركز مدينة عفرين». مبينا أن العملية العسكرية «تتعرض للتشويه وإلصاق الافتراءات بها، لكن سرعان ما فضحت مؤسساتنا الإعلامية افتراءات وأكاذيب مناصري التنظيمات الإرهابية، وكشفت الحقيقة للعالم».
من جهته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم، إن قوات النظام السوري لم تدخل بعد منطقة عفرين التي يسيطر عليها المسلحون الأكراد شمال البلاد.
وأضاف أوغلو أنه من غير الواضح ما إذا كانت قوات النظام السوري ستدخل المنطقة التي يهاجمها الجيش التركي منذ شهر أم لا، وفق ما نقلت «رويترز» عن «قناة 24» التلفزيونية التركية.
وفي هذا الصدد، قال إردوغان إن بلاده أحبطت نشرا محتملا لقوات النظام السوري في منطقة عفرين بعد محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأضاف إردوغان للصحافيين بعد كلمة ألقاها في البرلمان «تم إيقاف (الانتشار السوري) بشكل جاد بالأمس... لقد تم إيقافه».
وردا على سؤال عما إذا كان نشر القوات توقف بعد محادثات مع بوتين قال إردوغان: «نعم لقد توقف بعد هذه المحادثات».
وقال متحدث باسم الحكومة إن إردوغان أجرى محادثات أمس مع كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني حسن روحاني عن سوريا. واتفقت الدول الثلاث أيضا على أن يلتقي وزراء خارجيتها في موسكو في 14 مارس (آذار). وكان إردوغان قال مرارا إن تركيا لن تتراجع عن عمليتها في عفرين.
وكانت وسائل إعلام ذكرت أمس، أن قوات موالية للنظام السوري ستدخل عفرين خلال ساعات، لكن بحلول المغرب لم تظهر أي إشارات على انتشار القوات هناك.
لكن الوحدات نفت مساء اليوم ذاته، إبرام أي اتفاق مع دمشق لنشر قوات النظام في عفرين، التي تبلغ مساحتها أكثر من 3850 كيلومتراً مربعاً.
وقالت تركيا إنها ستواجه قوات النظام السوري، إذا دخلت منطقة عفرين بشمال غربي البلاد، لمساعدة وحدات حماية الشعب الكردية.
وكانت أنقرة أطلقت في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي عملية عسكرية مع قوات سورية موالية حملت اسم «غصن الزيتون»، بغية طرد وحدات حماية الشعب الكردية من المنطقة الحدودية، وأدت العملية إلى سقوط قتلى من الجانبين.
وتعتبر أنقرة الوحدات الكردية السورية امتداداً لحزب العمال الكردستاني الانفصالي المصنف إرهابياً من قبل الحكومة التركية، وتخشى من قيام كيان كردي على حدودها الجنوبية، قد يؤدي إلى تعزيز النزعة الانفصالية لدى أكراد تركيا.
ووحدات حماية الشعب الكردية هي العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية المتحالفة مع واشنطن، وتسببت العملية العسكرية في توتر العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم