سوق للفخار الخليجي وورش وندوات علمية في معهد الشارقة للتراث

انطلقت فعاليات النسخة الـ11 من ملتقى الشارقة للحرف التقليدية بتنظيم معهد الشارقة للتراث، الأربعاء، تحت شعار «صناعات الفخار في الخليج، للفخار حكاية»، بمشاركات من الإمارات، والسعودية، وسلطنة عمان، والبحرين، والكويت، ويستمر طيلة ثلاثة أشهر.
افتتح الملتقى الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، بحضور الشيخ سيف بن محمد القاسمي مدير المدينة الجامعية ومدير الجامعة القاسمية الدكتور رشاد سالم، وشارك فيه إضافة إلى الإمارات، فرق ووفود وباحثون من السعودية والبحرين والكويت وسلطنة عُمان. وينشط معهد الشارقة للتراث في مسألة حفظ وصون وتوثيق الحرف والمهن التقليدية، لأنّها جزء أصيل من التراث الثقافي، لما تمثّله من رمزية وضرورة اقتصادية نموذجاً للممارسات التقليدية، ومظهراً من مظاهر الهوية الثقافية. ويحتفل معهد الشارقة للتراث منذ عقد ونيف بملتقى الحرف التقليدية، بتوجيهات من الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة.
ولعلّ ما جذب الجمهور الغفير الذي حضر الفعالية التراثية أنّ المعرض قدم عرضاً حياً لهذه الصناعة المتأصلة في بلدان الخليج وفي تراثه الشعبي الذي يمتد إلى قرون. ولاقى المعرض تفاعلاً وإقبالاً كبيرين، حيث عرض كل جناح ما لديه من منتجات فخارية. وأغلب هؤلاء المشاركين تعلموا الطريقة اليدوية واستخدام الدولاب في عمل الأشكال الفخارية الفنية التي تعتمد على المهارة والصنعة.
وصرّح الدكتور المسلم لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «إن النسخة الـ11 من ملتقى الشارقة للحرف التقليدية تركز هذا العام على حرفة الفخار، لأنّها قديمة في دولة الإمارات من ناحية الاكتشافات الأثرية، والتراث الثقافي». وأضاف: «تأتي جهود إدارة التراث في هذا الإطار لأنّها تستهدف مفهوم الحرف اليدوية والتقليدية وتوسيع قاعدتها، ودعم الحرفيين وتدريبهم وتشجيع الابتكار في هذا المجال، وتسويق المنتجات، وإبراز وتعزيز مكانة الحرف كعنصر من عناصر التنمية الاقتصادية، وتوثيق الصلة بين الحرفيين والمواطنين والمجتمع، من خلال برامج وملتقيات ومهرجانات ثقافية وتراثية، والمحافظة عليها وصيانتها من الاندثار، بتبني المشاريع التي تسعى لرصد الحرف، وإعداد قوائم بهذا الرصد، وإصدار كتب ونشرات تشمل الأدوات والخدمات المحلية المستخدمة في إنتاجها.
ورداً على سؤال، هل تعتقد أنّ الحرف التراثية ستأخذ مكانتها في عملية الجذب السياحي، قال: «إن ملتقى – الحرف التراثية – يشكّل ركيزة لبلورة استراتيجية وطنية للنهوض بالحرف التقليدية، خاصة أنّها أصبحت أحد عناصر الجذب السياحي، عبر الإسهام في كثير من المعارض والمهرجانات المحلية والإقليمية والعربية والعالمية، التي تُنظّم، وتحرص أداة التراث على المشاركة فيها». وأضاف: «سنواصل جهودنا في الميادين المتنوعة للتراث، بما يحقّق تنفيذ أحد الأهداف الاستراتيجية الوطنية لحماية التراث والتعريف به، وتعميمه محلياً وإقليمياً ودولياً، كونه يشكل الماضي الذي انبثق من خلاله هذا الازدهار في المجالات كافة».
ويضّم الملتقى سوقاً للفخار، وورش تدريب للصغار، بالإضافة إلى ندوة علمية على مدى يومين تناقش أوراقاً علمية تركّز على صناعة الفخار في الخليج والجزيرة العربية.
جدير ذكره، أنّ الملتقى يشمل معرضاً متخصّصاً يستمر على مدار ثلاثة أشهر، حول تاريخ الفخار في الإمارات، شملت إصدار أربعة كتب علمية في الفخار بالوطن العربي والعالم. ويتضمن الملتقى أيضاً مجموعة متنوعة من الأنشطة تستهدف المختصين والمهتمين بمجال التراث والحرف التقليدية، والمجتمع المحلي، وموظفي الحكومة المحلية في الشارقة، وطلبة المدارس الحكومية والخاصة في الإمارة.
وبجانب السوق التراثية والورش التفاعلية في مركز التراث العربي، هناك ندوات عدّة تُنظّم على مدار يومين في معهد الشارقة للتراث، منها الجلسة الأولى التي كانت بعنوان «الفخار في الذاكرة الشفاهية لأهل الإمارات» وقد تحدث فيها الباحث عبد الله عبد الرحمن، والباحثة في التراث فاطمة المغني التي تناولت المرأة الإماراتية الفخار إرث وجمال، وأدار الجلسة الدكتور محمد يوسف. أمّا عن الجلسة الثانية فتناول الدكتور محمد يوسف تشكيل الفخار، فيما تحدث الباحث خالد حسين صالح عن الفخار في الشارقة خلال العصور القديمة، ثم تناول عزيز رزناة الباحث في معهد الشارقة للتراث أهمية التكوين في تطوير الحرف التقليدية. وتحدث د. سالم البحري عن الفخار في عُمان في محاضرته «حرفة» و«الفخار في عمان بين الماضي والحاضر»، وخالد السندي تناول «صناعة الفخار... التقنيات والمخرجات قرية عالي نموذجاً»، وأحمد المعشني تحدث عن «صناعة الفخار في سلطنة عمان، محافظة ظفار نموذجاً»، وألقى د. حمد محمد بن صراي «الرموز والمقتنيات الفخارية ودلالاتها التاريخية والثقافية»، وأحمد الطنيجي تناول «حرفة الفخار في جبل حقيل».
وقدم المعهد ورشا عديدة في ملتقى الشارقة للحرف التقليدية، مثل ورش تلوين الفخار، وورشة الخزف في مدرسة جمانة بن أبي طالب، ومدرسة النخيلات، ومدرسة رابعة العدوية.
وعُرضت الأزياء التراثية، كما يقول الدكتور المسلم: «ركّزنا في الملتقى على الأزياء التراثية الإماراتية بكل تفاصيلها، بدءاً بصناعتها، مروراً بصباغتها، ووصولاً إلى حياكتها، من خلال تسليط الضوء على الأدوات والتقنيات والأساليب التي كانت تستخدم في تحقيقها».
وشملت هذه الأزياء صناعة البشوت وخياطة الأثواب والملابس والكندورة وخياطة الثوب الميزع، وغيرها. إضافة إلى عرض الأزياء التقليدية في السعودية والبحرين والكويت وقطر، وجسدت المعروضات التقارب والتشابه الموجود في منطقة الخليج.