فرنسا تتابع مسلسل صراع أبناء جوني هاليداي على تركته

قُرئت الوصية فانفرط عقد العائلة التي ظهرت متماسكة في الجنازة

الابن ديفيد والابنة لورا مع زوجة أبيهما الأخيرة في الجنازة... وفي الإطار جوني هاليداي
الابن ديفيد والابنة لورا مع زوجة أبيهما الأخيرة في الجنازة... وفي الإطار جوني هاليداي
TT

فرنسا تتابع مسلسل صراع أبناء جوني هاليداي على تركته

الابن ديفيد والابنة لورا مع زوجة أبيهما الأخيرة في الجنازة... وفي الإطار جوني هاليداي
الابن ديفيد والابنة لورا مع زوجة أبيهما الأخيرة في الجنازة... وفي الإطار جوني هاليداي

أقرت لورا سميت، ابنة المغني الفرنسي الراحل جوني هاليداي، أنها تلقت مبالغ نقدية كبيرة من والدها أثناء حياته، حيث منحها 442 ألف يورو في عام 2003، ثم 450 ألف يورو في 2007 لشراء شقتين، إحداهما في جادة «سان جيرمان»، أحد أغلى أحياء العاصمة باريس. لكن سميت تمسكت بحقها في الطعن بوصية أبيها التي ترك فيها ثروته لزوجته ليتيسيا.
وتأتي تصريحات لورا سميت (34 سنة) ابنة هاليداي من شريكة حياته السابقة الممثلة ناتالي باي، لتضيف حلقة جديدة إلى مسلسل الصراع الدائر علنا داخل العائلة والمنقول أولًا بأول عبر وسائل الإعلام، حول إرث يقدر بعشرات الملايين من اليوروات.
قبل يومين، تم تسريب معلومات عن وصية كان هاليداي قد حررها في الولايات المتحدة الأميركية وحصر فيها جميع ممتلكاته وعائدات أسطواناته بزوجته الرابعة والأخيرة وابنتيهما بالتبني، الطفلتين الآسيويتين جاد وجوي. وبهذا فإن ابنته لورا ليست المتفاجئة الوحيدة بل يشاركها الصدمة أخوها ديفيد هاليداي (51 عامًا)، النجل البكر للفنان الراحل من زوجته المغنية سيلفي فارتان. وجاء الإعلان عن تفاصيل الوصية مصحوبًا بتبريرات تشير إلى أن هاليداي الذي فارق الحياة قبل شهرين متأثرًا بمرض خبيث، كان قد منح ابنه وابنته مبالغ كبيرة أثناء حياته، لشراء منازل لهم. لكن الولدين، حسبما تسرب عنهما، لا ينويان الامتثال لما ورد في الوصية نظرًا لأن القانون الفرنسي، بخلاف القانون الأميركي، يمنع حرمان الأبناء الشرعيين من حقهم في الميراث مهما كان السبب. وبهذا، فإن شركات كبرى للمحاماة تستعد لخوض معركة قضائية تدور أطرافها ما بين فرنسا والولايات المتحدة الأميركية لتقرير المكان الذي تخضع الوصية لقانونه.
ومع اعتراف الابنة بالمساعدات المالية التي نالتها من أبيها، ومنها مرتب شهري قدره 5 آلاف يورو كانت تتقاضاه منه منذ 2004. كشفت صحيفة «لوبوان» عن أن أخاها ديفيد نال هبة قدرها 3 ملايين يورو، قبل سنوات، لتسديد جزء من ثمن فيللا فخمة في باريس كانت عائدة لوالديه، ويقدر سعرها اليوم بقرابة 20 مليون يورو. فهل توازي الهبات السابقة الإرث المنتظر من الأب؟
يأتي النزاع على تركة هاليداي ليلوث الصورة المثالية التي نقلها التلفزيون لملايين المشاهدين أثناء الجنازة الشعبية الكبرى، وشبه الرسمية، التي جرت في كاتدرائية «لا مادلين» في باريس بحضور حشد من الشخصيات السياسية والثقافية يتقدمهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت، إلى جانب رئيسين سابقين هما نيكولا ساركوزي وزوجته المغنية كارلا بروني، وفرنسوا هولاند وشريكته الممثلة جولي غاييه. وفي حين كانت العلاقة متوترة، في فترة ما، بين المغني الراحل وابنه ديفيد الذي سار على دربه في احتراف الغناء، فإن علاقته بابنته لورا، التي احترفت التمثيل، كانت دافئة وقد ترجمها بأدائه أغنية تحمل اسمها، أهداها لها. لكن عائدات أداء هذه «الهدية» لن تكون من نصيب صاحبتها، في حال تنفيذ وصية الأب. ومن هنا تأتي ثورة البنت التي نشرت رسالة موجهة إلى أبيها، تندد فيها بالغبن الذي تتعرض له. ومن جهتهم، أعرب محامو لورا سميت عن دهشتهم من ألا يكون جوني هاليداي قد خص ولديه الشرعيين بـ«أي تذكار من مقتنياته، كآلة غيتار أو دراجة بخارية من دراجاته الكثيرة، ولا حتى غلاف أسطوانة موقع بإمضائه».
حسب ما هو معروف، فإن هاليداي حافظ على جنسيته الفرنسية رغم إقامته بين البلدين وامتلاكه عقارات وراء الأطلسي. لذلك سيتعين على منفذي الوصية تقرير المسكن الضريبي للمغني الراحل نظرًا للضريبة الباهظة التي يتوجب على الزوجة الوارثة تسديدها قبل تمتعها بالإرث. ومثلما ستحصل ليتيسيا هاليداي (42 عامًا) على التركة الضخمة لزوجها، فإنها ورثت دينًا متأخرًا في عنقه لدائرة الضرائب في فرنسا، قدره 9 ملايين يورو. وهو مبلغ سيخضع للإجراءات المتشابكة لحصر التركة التي قد تستغرق سنوات. وهناك مبالغ ما زالت في علم الغيب تتعلق بأسطوانة جديدة كان المغني قد أنجزها قبل وفاته، ولم تر النور بعد، لكن من المفترض حسب الوصية أن تذهب إلى الزوجة الأخيرة.
ويبدو أن المسلسل الذي يثير شهية الفرنسيين لتمضية ليالي الشتاء الطويلة، ما زال في بداياته. وهناك من يؤكد أن جوني هاليداي ترك أكثر من وصية، ولعله كتب 4 وصايا في فترات مختلفة من حياته وفترات مرضه. فهناك وصية تعود لسنة 2011 مكتوبة في سويسرا، قبل الوصية الأخيرة التي حررها في لوس أنجليس، صيف 2014، باللغة الإنجليزية. وفي ربيع السنة ذاتها كان قد ترك وصية أخرى مكتوبة في منزله الواقع في بلدة «مارن لا كوكيت»، قرب باريس. فهل تجب الأخيرة ما قبلها؟ السؤال لا يشغل محامي ابنة هاليداي لأن الوصيتين الأخيرتين تتفقان في حرمانها من أي حقوق في التركة، وبهذا فإنها، في كل الأحوال، ستحاول الحصول على إرثها عبر القضاء.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».