اكتئاب ما بعد الولادة قد يستمر لسنوات ويؤثر على الأطفال

في دراسة شملت نحو 10 آلاف أمّ

سيدة تعاني من الاكتئاب - أرشيفية (رويترز)
سيدة تعاني من الاكتئاب - أرشيفية (رويترز)
TT

اكتئاب ما بعد الولادة قد يستمر لسنوات ويؤثر على الأطفال

سيدة تعاني من الاكتئاب - أرشيفية (رويترز)
سيدة تعاني من الاكتئاب - أرشيفية (رويترز)

تشير دراسة بريطانية إلى أن النساء اللاتي تستمر معاناتهن من اكتئاب ما بعد الولادة لعدة شهور، يتعرضن لخطر الإصابة باكتئاب يلازمهن لسنوات.
وقد يؤثر هذا الاكتئاب على أطفالهن ويظهر عليهم في صورة مشاكل سلوكية بالإضافة إلى تزايد خطره في سنوات المراهقة.
وشملت الدراسة عشرة آلاف أم تقريبا غير مصابات باكتئاب ما بعد الولادة. لكن بالمقارنة بهؤلاء النساء كان احتمال ظهور اضطرابات سلوكية على أبناء الأمهات اللاتي عانين من اكتئاب مستمر هو الضعف تقريبا.
وأفاد آلان ستاين، أستاذ علم نفس الأطفال والمراهقين بجامعة أكسفورد الذي شارك في إعداد الدراسة: «وجدت الدراسة أنه حين يكون الاكتئاب مستمرا وحادا فإن خطر الآثار السلبية على تطور الأطفال يتزايد».
وتابع قائلا: «قد لا تؤثر نوبات الاكتئاب الأقصر مدة والأقل حدة على تطور الطفل».
وفحص الباحثون بيانات 9848 أما تمت الاستعانة بهن خلال فترة الحمل في أوائل التسعينات.
وبلغ متوسط عمر النساء 29 عاما حين وضعن أطفالهن وتم تقييم أعراض الاكتئاب بينهن حين كانت أعمار الأبناء شهرين وثمانية شهور و21 شهرا و33 شهرا و11 عاما.
وذكر الباحثون في الدراسة التي نشرتها دورية «جاما للطب النفسي»، أنه عبر جميع مراحل التقييم لم تظهر أعراض الاكتئاب على نحو تسعة من كل عشر نساء. وكانت نسبة المصابات باكتئاب حاد ومستمر أقل من واحد في المائة.
وتوصلت الدراسة إلى أنه حين استمرت أعراض اكتئاب ما بعد الولادة بعد شهرين وثمانية أشهر، بغض النظر عن حدتها، زاد احتمال استمرارها لحين التقييم بعد 11 عاما.
وفي حالات الاكتئاب الحاد غير المستمر، زاد احتمال أن يحصل أبناء هؤلاء النساء على درجات ضعيفة في مادة الرياضيات في سن المراهقة أو أن يصابوا باكتئاب مع بلوغ الثامنة عشرة من العمر.
وأفادت ميرنا وايسمان من معهد الطب النفسي في جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك، بأن فحص النساء دوريا بعد الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة يمكن أن يفيد.
وأضافت أن الرسالة هي أنه يجب «عدم وصم الاكتئاب لأنه مرض حقيقي وله علاجات جيدة»، وتابعت: «احصلوا على العلاج سريعا واستمروا عليه مهما بلغ طول المدة اللازمة لذلك».



عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».