الممثلة داليدا خليل تفوز بلقب «ديو المشاهير» في موسمه الثاني على «إم تي في»

داليدا خليل
داليدا خليل
TT

الممثلة داليدا خليل تفوز بلقب «ديو المشاهير» في موسمه الثاني على «إم تي في»

داليدا خليل
داليدا خليل

لم يشكل فوز الممثلة اللبنانية داليدا خليل بلقب برنامج «ديو المشاهير» في موسمه الثاني على قناة «إم تي في» مفاجأة للبنانيين. فهم كانوا يرشحونها لنيل اللقب عقب ملاحظتهم الجهد الذي تبذله طيلة إطلالاتها الغنائية في البرنامج، والتي حاولت تطعيمها بلوحات راقصة دفعت بأعضاء لجنة الحكم (سيمون أسمر، وأسامة الرحباني، ومنى أبو حمزة) إلى ترشيحها للقيام بعمل مسرحي استعراضي في المستقبل القريب.
وجاء فوز داليدا خليل إثر تلقيها أكبر نسبة تصويت من قبل المشاهدين، متجاوزة تلك التي حققها منافساها على اللقب، المقدم التلفزيوني جيري غزال، والممثل السوري أويس مخللاتي.
وفور الإعلان عن فوزها باللقب من قبل مقدمة برنامج «ديو المشاهير» أنابيلا هلال، أعلنت داليدا عن سعادتها لتمكنها من تأمين مبلغ 30 ألف دولار الذي ستقدمه بدورها إلى «جمعية التوحد» في شمال لبنان. ويرتكز البرنامج على مشاركة 13 نجما فيه يتنافسون على الغناء مع فنانين محترفين أسبوعياً للحصول على جوائز مالية تصاعدية تمنح للجمعيات الخيرية التي يختارونها.
واتسمت حلقة النهائيات للبرنامج المذكور بتنوع فقراتها واستضافتها الفنانين راغب علامة وأنطوني توما، إضافة إلى الممثل طوني عيسى الفائز بلقب البرنامج في العام الفائت.
وكان لإطلالة نجوم البرنامج لهذا العام الذين سبق وغادروه على التوالي في الأسابيع الفائتة أمثال: بيار شماسيان وأرزة ورندة سركيس وغيرهم، وقعها على المشاهد الذي استمتع بمشاهدتهم من جديد، مجتمعين ضمن لوحات غنائية أدوها إلى جانب الفنانين الضيوف.
وعمد البرنامج على إطلاع المشاهدين بين الحين والآخر على نتائج عملية تصويت المشاهدين للمتنافسين الثلاثة (جيري وداليدا وأويس)، والتي أشارت منذ اللحظة الأولى إلى تقدم كل من داليدا خليل وجيري غزال على زميلهما في البرنامج أويس مخللاتي. ونالت خليل إعجاب لجنة التحكيم إثر أدائها أغانيها مع الفنانين الضيوف، ولا سيما تلك التي جمعتها مع صاحب لقب «سوبر ستار» راغب علامة في أغنية «روح» التي قدمت خلالها رقصات تعبيرية ساهمت في إكمال مشهدية الأغنية.
وشغل البرنامج وسائل التواصل الاجتماعي، بحيث راح متابعوه يعلقون على كل فقرة من فقراته، داعمين المشتركين المشاهير الثلاثة الذين يتنافسون على اللقب. ولوحظ تلقي أويس مخللاتي أكبر نسبة من التعليقات التي وصفته بنجم الموسم، وبأنه يملك صوتا قديرا يستحق الفوز باللقب. فيما رأى آخرون أن جيري غزال يملك إطلالة تقطع الأنفاس وصوتا جديرا بالفوز.
وأكدت داليدا خليل فور الإعلان عن فوزها أنها تتمنى أن يترجم نجاحها هذا بعروض ملموسة من قبل أصحاب المسرح الاستعراضي في لبنان، لأنها ماضية في صقل موهبتيها الغنائية والراقصة معا، ومستمرة في التمرينات الخاصة بهما، إلى جانب مهنتها الأساسية ألا وهي التمثيل. وكان متابعوها على وسائل التواصل الاجتماعي يصفونها بـ«الأميرة» وبـ«ولادة نجمة» في كل مرة تقدم فيها وصلتها الغنائية.
والمعروف أن داليدا خليل سبق وشاركت في برنامج «رقص المشاهير» على القناة نفسها، واستطاعت أن تصل المراحل النهائية فيه، مما زودها بخبرة واسعة في مجال الرقص استخدمتها لتلوين اللوحات الغنائية التي قدمتها في موسم «ديو المشاهير 2».
كما أن «خليل» تطل حاليا في مسلسل «50 ألف» ودائما عبر شاشة «إم تي في» وتلاقي صدى طيبا من قبل مشاهديه الذين يعبرون عن إعجابهم بأدائها خفيف الظل المطلوب منها في المسلسل، والذي تقوم في بطولته إلى جانب الممثل طوني عيسى، وباقة من نجوم الدراما اللبنانية.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)