«دار الشعر» بمراكش تستضيف محمد بنطلحة

يمثل «تجربة رائدة في حركة الشعر المغربي المعاصر»

الشاعر محمد بنطلحة
الشاعر محمد بنطلحة
TT

«دار الشعر» بمراكش تستضيف محمد بنطلحة

الشاعر محمد بنطلحة
الشاعر محمد بنطلحة

لأنه يمثل «تجربة رائدة في حركة الشعر المغربي المعاصر»، استضافت «دار الشعر» بمراكش، أول من أمس، الشاعر محمد بنطلحة، في لحظة تأمل ومقاربة لتجربة ساهمت في تطوير الشعر المغربي الحديث، بعد أن نحت صاحبها، عميقاً، اختياراته ورؤيته الشعرية، في انتصار بليغ لما تفتحه اللغة من إمكانات خلاقة، ما أعطى لمنجزه الشعري الكثير من الفرادة، مغربياً وعربياً.
وانطلقت أمسية «تجارب شعرية» بتقديم لعبد الحق ميفراني، مسؤول «دار الشعر» بمراكش، وورقة نقدية للباحثة نادية لعشيري، وشهادة في حق المحتفَى به، قدمها الناقد والكاتب حسن بحراوي، قبل أن يمتع شاعر «قليلاً أكثر» الحضور بعدد من أشعاره، أتبعها بورقة تحدث فيها عن علاقته بمراكش، وطرق اشتغال النص الشعري، أبرزت قدرته على تتبع تفاصيل كتابة وتلقي القصيدة، في تحولاتها وسياقاتها.
كما شهدت الأمسية مساهمة الخطاط والتشكيلي الحسن الفرساوي بتخطيط وتشكيل لوحة اشتغلت على قصيدة للشاعر المحتفَى به، ومصاحبة موسيقية للفنان حسن شيكار، الذي أدى قطعاً، بكلمات شعراء من المغرب وتونس وفلسطين، حملت عناوين «لست جبلاً لأعاند كل البحر» للشاعر عزيز حجاج، و«نحب البلاد» للصغير أولاد أحمد، و«لي قارب في البحر» لمريد البرغوثي.
وقال عبد الحق ميفراني إن بنطلحة يبقى أبرز من رسّخوا وقعّدوا للقصيدة المغربية المعاصرة مشروعها الأدبي والجمالي، واحتفوا بخصوصيتها وأفقها الإنساني والأدبي، مشدداً على أنه شاعر متميز، حظي بـ«جائزة الأركانة العالمية للشعر»، لعام 2016، في دورتها الحادية عشرة، وقبلها بتتويج الشعر المغربي في أن يكون صوتاً خاصاً، متميزاً، مختلفاً، نابضاً بأفق القصيدة وازدهاراتها.
وفي سياق رصدها لمعالم تجربته الشعرية الغنية، اختصرت نادية العشيري، قيمة بنطلحة، في قولها: «لو مثّل وحده المغرب في محفل شعري لكفَّى ووفَّى». بينما قدم حسن بحراوي شهادة تجاوزت السياق الأدبي والشعري، لتقدم جانباً من علاقته وصداقته بالشاعر، مشدداً على أن بنطلحة «شاعر لا يختلف اثنان حول أهميته وريادته لطريق جديد في القصيدة المغربية»، مبرزاً أنه «تميز، من بين مجايليه، بأنه لم يترك الآيديولوجيا تتغلغل في نصوصه، على عكس نظرائه ممن كانت نصوصهم أقرب من البيان إلى القصيدة». وزاد، قائلاً إن بنطلحة «كتب الشعر من أجل الشعر». مذكراً بأن ذلك كان في سبعينات القرن الماضي، حين كانت كتابة الشعر من أجل الشعر «شتيمة»، بحيث «كان لا بد للأدب أن يكون ملتزماً بفكرة وقضية ودعوة، فيما كان يفترض في الشعر أن يكون صدى وترجيعاً للآيديولوجيا».
ورأى بحراوي أن بنطلحة «كان الشعر عنده قارة وحده، لذلك لا نعثر في شعره على تلك النبرة القتالية التي ميزت منجز عدد من شعراء السبعينات».
ولاحظ بحراوي أن بنطلحة يذكّرنا بأن «الشعر لا يُكتب بالموهبة، ولكن، أساساً، بالثقافة والانفتاح على الإنساني، في شموليته». مستدركاً بالحديث عن المكانة التي نجدها للحياة في شعره، حيث التجربة والمعاناة والحلم؛ علاوة على أنه «تميز بظاهرة صارت غريبة، مع مرور الوقت، وهي الوفاء للجنس الشعري، وعدم الهجرة إلى أجناس تعبيرية أخرى، كالرواية، كما فعل ويفعل عدد من الشعراء».
واعتبر بحراوي أن تجربة بنطلحة، منذ أول دواوينه إلى آخرها، تمتد في تشكل دائم، على مدى أكثر من 4 عقود، من متاهة إلى أخرى.
ولاحظ بحراوي أن بنطلحة «ليس شاعراً سهلاً»، ولذلك «يفترض قارئاً ألمعياً متسع الفكر والثقافة»؛ متحدثاً، في هذا السياق، عن حيرة النقاد في تصنيفه ووضع يافطة تحدد قصيدته، متحدثين، مثلاً، في سبيل ذلك، عن «شاعر الأعالي» و«خيميائي العبارة» و«الغائص بقدمه في أرض شائكة».
وختم بحراوي شهادته بالحديث عن عدد من خصال بنطلحة، مركزاً على «ميزة التواضع الشعري الذي يبلغ درجة الخجل»، علاوة على أنه «دائم الإقرار بمبدأ النقص في المنجز الشعري»، مشدداً على أن «هذا الاعتراف بالنقص هو دليل على الاكتمال والرجولة الشعرية».
إثر ذلك، تحدث بنطلحة عن تجربته من الداخل، وصمت الشعراء، وجديد الانتقال من الصفحة البيضاء إلى الشاشة البيضاء، مؤسساً لذلك، بجمل لعدد من كبار الإبداع الإنساني، ومن ذلك: «ما يبقى يؤسسه الشعراء»، و«هل يهبني القدر هذا الشقاء الناعم: أن أكون شاعراً؟». وُلد بنطلحة عام 1950 بمدينة فاس، حيث حصل على الإجازة في الأدب العربي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية سنة 1972، قبل أن ينتقل إلى الرباط، حيث حصل على دبلوم الدراسات المعمقة في النقد الأدبي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية سنة 1978، ليحصل، بعد ذلك، على دكتوراه السلك الثالث من جامعة «إكس إن بروفانس» بفرنسا عام 1987. ومن دواوينه الشعرية «نشيد البجع» 1989، و«غيمة أو حجر» 1990، و«سدوم» 1992، و«بعكس الماء» 2000، و«ليتني أعمى» 2000، و«قليلاً أكثر» 2002، و«صفير في تلك الأدراج» 2013، و«أخسر السماء وأربح الأرض» 2014.
ولُخصت حيثيات اختيار بنطلحة للفوز بجائزة «الأركانة»، في دورتها الحادية عشرة، لتجربته وقيمته، من جهة تأكيد أنه «فتحَ، بتجربَتِه الشعريّة، أفقاً كتابياً ارتقى باللغة العربيّة إلى مَدَارجَ عُليا في التركيب والتخييل والمعنى، وأسْهمَ في تَمْكينها من مُحاوَرَة شعريّات عالميّة، برُؤية حداثيّة تنتصرُ للخيال والجَمال والحُلم والمُستقبل»؛ وأنه «يَكتبُ قصيدتَهُ بكامل التأنّي الذي يُوجبهُ الصّبرُ الشعريّ»، بينما «تنطوي تجربته الشعرية على معرفة خصيبة، لا لأنّها تَبني نصوصَها بالإصغاء إلى التجارب العالميّة الشعريّة وحسب، بل أيضاً لأنّها تبني تصوّراً عن المعنى الشعري ظلَّ دوماً حاملاً لدمغة الشاعر».
لذلك لم يكفّ، مُنذ «نشيد البجع»، مجموعته الشعريّة الأولى، عن «صَون المجهول الشعري واكتشاف أراضٍ شعريّة جديدة والتوغّل باللغة نحو كثافتها العُليا»، والتوَجَّه إلى «ابتكار تركيب شعري مُختلف يَحتفي بالقدرات الكامنة في اللغة عندما تقتاتُ من اللعب والتجريد والمُغامَرة لتضعَ الجُملة الشعريّة دوماً في الحُدود القصوى للمعنى أو اللامعنى»؛ الشيء الذي يجعل من تجربته الشعريّة «لحظة مُضيئة في الشعريّة العربيّة المُعاصرة»، اِنبَنت على «تفاعُل خلاّق لا مع الشعريّة العربيّة وحسب، بل أيضاً مع الشعريّات العالميّة، وتمكنّت من أن تنحت لذاتها ملمَحَها الخاصّ، الذي يَحملُ دمغة الشاعر في بناء رُؤية شعريّة مُركَّبة، وفي النزوع الدائم إلى اكتشاف أشكال جديدة، وفي الانتصار الجمالي للغة العربيّة».



«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)
الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)
TT

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)
الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية»، التي تمنحها القناة التابعة للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام «SRMG»، بالتعاون مع «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2024»، وذلك خلال حفل أُقيم بمنطقة «البلد» في جدة.

وتدور أحداث الفيلم حول 4 صحافيّين مكسيكيّين، يخاطرون بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» العنيفة في بلادهم. وتأتي الجائزة ضمن التزام القناة بدعم صناعة الأفلام، وتعزيز المواهب الناشئة في الوثائقيات، وتسليط الضوء على الجهود المستمرة لتوفير منصّة تفاعلية لعرض القصص.

وشهدت هذه النسخة مشاركة واسعة ومتنوعة شملت أفلام «يلّا باركور» للمخرجة عريب زعيتر (الأردن)، و«مركب فرسان: 128 كيلو عن بر الأمان» لموفق العبيد (السعودية)، و«ماي واي» لليزا أزويلوس وتيري تيستون (فرنسا - أميركا)، و«حالة من الصمت» لسانتياغو مازا (المكسيك)، و«لوميير السينما (تستمر المغامرة)» لتيري فريمو (فرنسا)، و«توليف وحكايات على ضفاف البوسفور» لزينة صفير (مصر - لبنان - تركيا)، و«عندما يشع الضوء» لريان البشري (السعودية) ، ضمن فئة الأفلام القصيرة.

محمد اليوسي يُتوّج المخرج سانتياغو مازا بالجائزة (الشرق الأوسط)

من جانبه، قال محمد اليوسي، المدير العام لقناتي «الشرق الوثائقية» و«الشرق ديسكفري»، إن الجائزة «تعكس التزامنا الراسخ بدعم المواهب، وتقديم محتوى أصلي وحصري لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، مهنّئاً المخرج سانتياغو مازا على فيلمه الوثائقي المميز.

بدورها، ثمّنت شيفاني باندايا مالهوترا، المديرة الإدارية للمهرجان، الشراكة الاستراتيجية مع «الشرق الوثائقية» لتقديم جائزتها للعام الثاني على التوالي، مبيّنة أن هذه المبادرة «تجسّد التزامنا الراسخ بدعم صُنّاع الأفلام الموهوبين، وتوفير منصّة رائدة لعرض أعمالهم وإبداعاتهم للعالم أجمع».

وتقدم «الشرق الوثائقية» أفلاماً تتناول مواضيع عدة، تتنوّع بين السياسة والاقتصاد والأعمال والتاريخ، وتستعرض رؤًى فريدة وتحليلات ثاقبة حول آخر التوجهات والأحداث والشخصيات المؤثرة التي تشكل عالم اليوم.

وبفضل قدراتها الإنتاجية الداخلية، تبثّ القناة مجموعة برامج تتسلل إلى عمق الأخبار وعناوين الصحف، وتوفّر تحليلات جريئة وشاملة. ويُمكن مشاهدة محتواها من خلال البثّ التلفزيوني، والمباشر عبر الإنترنت، وخدمة الفيديو عند الطلب عبر «الشرق NOW»، وحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.