لماذا تسير السيارات في بريطانيا على يسار الطريق؟

لماذا تسير السيارات  في بريطانيا على يسار الطريق؟
TT

لماذا تسير السيارات في بريطانيا على يسار الطريق؟

لماذا تسير السيارات  في بريطانيا على يسار الطريق؟

قد يُصاب زوّار المملكة المتحدة بالفزع لدى رؤيتهم سيارة قادمة إلى يسار الطريق، ظناً منهم أنّها ستصطدم بهم، فيما يتساءل كثيرون عن سبب قيادة السيارات في هذا البلد على يسار الطريق، وجلوس السائق في المقعد اليمين.
يعتقد غاريث إدموندز (59 سنة)، من مدينة بريستول في المملكة المتحدة، أنّ تفسيره المفضل للأمر، يعود إلى الزمن الغابر، وحسب رأيه، فإنّك عندما تقابل شخصا غريبا في الطريق، ستمر من جهة اليسار حتى تكون يدك الأكثر استخداما تجاهه، ويضيف قائلا إنه يتفق مع ستيفن لينغ، أمين متحف السيارات البريطاني في مدينة وريكشير الذي يرى بدوره، أنّ تلك النظرية تعود إلى العصر الروماني. وحسب تفسيره: «يستخدم غالبية الناس يدهم اليمنى، ولذلك كان من الفطري أن يمتطي المحاربون في ذلك العصر ظهور الجياد من اليسار، لكي يعطي ليده اليمنى حرية الحركة والقتال»، ويضيف: «إن الجيوش الرومانية كانت تسير إلى يسار عربات الحرب، وهو التقليد الذي توارثناه حتى اليوم».
فيما يفيد غيلز تشامبان، المحرّر والمؤلف المختص بالسيارات، بأنّ قانون المرور في الطرق السريعة الذي صدر عام 1835، قد أقر السير إلى يسار الطريق في المملكة المتحدة وفي مستعمراتها، ويتابع: «صُدّر هذا القانون إلى اليابان حيث صمم المهندسون البريطانيون سككها الحديدية لتكون قيادة القطار إلى يسار الطريق، القانون الذي طُبّق على المركبات أيضا»، حسبما ذكر موقع «بي بي سي».
أمّا رداً على سؤال لماذا تسير السيارات في دول أخرى إلى يمين الطريق؟ يقول ريتشارد ماس (63 سنة)، يعيش بالقرب من مدينة تشاثام في جنوب شرقي إنجلترا، إنّه كان يتعجب دوماً من قيادة الأميركيين سياراتهم إلى يمين الطريق. ويضيف: «يعود السبب الذي عرفته إلى العصر الذي كانت الثيران تُستخدم فيه لجر العربات، وكانت تسير إلى يمين الطريق».
وفي السياق ذاته، كتب ماك ألبين، المحرر في شبكة أخبار «بي بي سي أميركا» قائلاً: «في نهاية القرن الثامن عشر، باتت العربات التي يجرها جوادان منتشرة بصورة كبيرة. وكان السائق يجلس خلف الحصان الأيسر ويضرب الحصانين بكرباج يمسكه بيده اليمنى». ويوضح: «كانت أفضل طريقه لمرور عربة الخيل إلى جوار عربة أخرى من دون احتكاك العجلات، أن تسير على يمين الطريق».
حاولت الحكومة البريطانية، تغيير نظام القيادة في عام 1969، بعد عامين من تحوّل السويد للقيادة إلى اليمين؛ لكنّ الفكرة رُفضت، بسبب دواعي الأمان. وقد بلغت الكلفة المادية المترتبة على تغيير اتجاه السير حينها، 264 مليون جنيه إسترليني، أي ما يعادل 4 مليارات جنيه إسترليني بحساب اليوم، ولكن بالنظر إلى التطور الكبير الذي طرأ على البنى التحتية بعد هذا العام، فإنّ التكلفة ستكون أقل بكثير من الواقع.
من جانبه، أفاد أمين المتحف البريطاني للسيارات، ستيفين لينغ، بأنّه لا يتخيّل بريطانيا وقد غيّرت اتجاه سير مركباتها: «فقد صممت الطرق على أساس السير إلى جهة اليسار، ولا أستطيع أن أتصوّر تغيير ذلك مستقبلاً». وفي تصريح رسمي، قالت وزارة المواصلات: «لا نملك خطة في هذا الشأن، لأنّ ذلك لا يدخل في نطاق اهتماماتنا في الوقت الحالي».


مقالات ذات صلة

«تسلا» تتألق في الصين... و«أبل» تواجه تحديات

الاقتصاد سيارة «تسلا» معروضة بأحد المعارض في بكين (أ.ف.ب)

«تسلا» تتألق في الصين... و«أبل» تواجه تحديات

قالت شركة صناعة السيارات الكهربائية الأميركية «تسلا»، الجمعة، إن مبيعاتها في الصين ارتفعت إلى مستوى قياسي بلغ أكثر من 657 ألف سيارة في 2024

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد سيارة «تسلا سايبركاب» في معرض «أوتوموبيلتي LA» للسيارات في 21 نوفمبر 2024 (أ.ب)

«تسلا» تسجل تراجعاً سنوياً لأول مرة منذ 2015 رغم ارتفاع مبيعات الربع الأخير

شهدت مبيعات «تسلا» العالمية زيادة بنسبة 2.3 في المائة بالربع الأخير، رغم البداية البطيئة للعام، التي ساهمت في تسجيل أول انخفاض سنوي في مبيعات الشركة.

«الشرق الأوسط» (ديترويت (الولايات المتحدة))
الاقتصاد سيارات كهربائية بانتظار الشحن في ميناء يانتاي شرق الصين (أ.ف.ب)

شركات السيارات الكهربائية الصينية تمدد «حوافز الشراء»

مددت شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية حوافز الشراء حتى بداية عام 2025، مع استمرار حرب الأسعار، في أكبر سوق للسيارات في العالم، للعام الثالث على التوالي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد رجل يمر أمام لوحة تعرض تحركات الأسهم في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)

إنتاج تويوتا العالمي يتراجع للشهر العاشر رغم ارتفاع المبيعات

قالت شركة تويوتا موتور اليابانية لصناعة السيارات، يوم الأربعاء، إن إنتاجها العالمي انخفض، للشهر العاشر على التوالي، في نوفمبر

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد ماكوتو أوشيدا رئيس «نيسان» وتوشيهيرو ميبي رئيس «هوندا» في مؤتمر صحافي بطوكيو (رويترز)

ستَكون ثالث أكبر شركة سيارات في العالم... هوندا ونيسان لبدء محادثات الاندماج

قالت شركتا هوندا ونيسان، اليوم الاثنين، إنهما اتفقتا على درس إمكانية الاندماج وتأسيس «قابضة» مشتركة، وهو ما من شأنه تكوين ثالث أكبر شركة سيارات في العالم.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».