القرية الكونية في القاهرة.. شاهد جميع معالم مصر في ساعتين

تضم رحلات سفاري وكهوفا مائية وآثارا ومعابد تاريخية

نموذج لقلعة صلاح الدين الأيوبي
نموذج لقلعة صلاح الدين الأيوبي
TT

القرية الكونية في القاهرة.. شاهد جميع معالم مصر في ساعتين

نموذج لقلعة صلاح الدين الأيوبي
نموذج لقلعة صلاح الدين الأيوبي

للوصول إلى «القرية الكونية» التي تضم جميع المعالم التاريخية المصرية تقريبا لا بد من قطع رحلة تستغرق بالسيارة أقل من 30 دقيقة في منطقة صحراوية غرب القاهرة. على طريق الفيوم - الواحات المتجه إلى مدينة السادس من أكتوبر، وبالتحديد في منطقة «حدائق الأهرام» تقودك في نهاية الأمر إلى صرح مصري عملاق شيد على مساحة 190 فدانا شكله أقرب إلى الخيال وجماله جعل أعداد الزائرين الكبيرة في حيرة من وصفه بالكلمات.
وعلى امتداد مساحته الشاسعة تظهر هنا جميع معالم مصر التاريخية والحضارية في مكان واحد مقام على شكل هندسي دقيق بشكل لافت للنظر.. فهذه أهرام الجيزة، وهذا أبو الهول، وهذا هرم سقارة المدرج، وهذه قلعة صلاح الدين الأيوبي، وهذا معبد الدير البحري، وهذا نهر النيل الذي نشأت على ضفتيه أقدم الحضارات الإنسانية في العالم.
هنا «القرية الكونية». ربما كان حلم تحقيقها على أرض الواقع أقرب إلى الخيال قبل عدة سنوات، وبالتحديد عام 2007 عندما بدأت عملية تشييدها تأخذ منحى الجد بميزانية بلغت 355 مليون جنيه مصري (الدولار يساوي نحو 7.15 جنيه) من ميزانية وزارة التربية والتعليم لينتهي المشروع بشكل كامل عام 2011. ولكن يبدو أن الأيدي المصرية والكفاءات الشبابية والهندسية التابعة للقوات المسلحة، تعلن عن نفسها وبوضوح لتقول إنها «قادرة علي فعل أي شيء». ومن هذا المنطلق شيدت القرية التي اتخذت اسم «كوزموس» ولقب «مصر الصغيرة» كونها تحوي جميع معالم وآثار ومعابد مصر بمحافظاتها المختلفة، مرورا بحقبها وفترات حكمها المتعاقبة على مر التاريخ.
يقول اللواء مجدي خليفة، المشرف على «القرية الكونية لـ«الشرق الأوسط»: «جرى إنشاء القرية الكونية (كوزموس) في المقام الأول كمشروع لتطوير منظومة التعليم في مصر. ويأتي هذا التوجه في إطار حشد الجهود نحو التطوير العلمي والثقافي في البلاد وإنشاء قاعدة جماهيرية تؤمن بالعلم كأسلوب حياة ومدخلا إلى التقدم.. كما يسعى المشروع إلى إنشاء واجهة حضارية جديدة لمصر الحديثة أمام العالم وخلق منطقة جذب سياحي عالمي لا يوجد لها نظير في الشرق الأوسط، من خلال جمع جميع آثار ومعالم مصر التاريخية والحضارية المنتقاة من محافظاتها المختلفة في مكان واحد مع اتباع أحدث الأنظمة الجديدة والتكنولوجيا المتطورة الحديثة».
وتعد القرية الكونية التي لم تفتتح رسميا بعد أحد المشاريع الجديدة ذات التوجه الاستكشافي الذي يترجم معاني التعليم الحر وإعطاء أولوية للاتساع البصري كونها تهدف في المقام الأول إلى الاحتواء العلمي لطلبة المدارس والشباب وتوفير حلقة ارتباط وجداني للتأكيد أن المدخل الحقيقي للعلم هو الاستكشاف وحب العلوم والبحث عن المعرفة، لتصبح مدينة علمية ترفيهية متكاملة الخدمات تقدم العلم والتاريخ والترفيه كذلك في آن واحد وبأسلوب شيق ومتميز.
ويضيف اللواء مجدي: «قسمت مساحة القرية الكونية إلى عدة مناطق مختلفة التصميم والأهمية وتشمل منطقة الاستقبال التي تضم مبنى لكبار الزوار ومنطقة القرية الشمسية وتضم مجموعة الكواكب الشمسية ومنطقة كوكب الأرض التي يستطيع الزائر التعرف من خلالها على قارات العالم من خلالها، بالإضافة إلى منطقة المشاهدة ومنطقة مصر المحروسة التي تهدف القيام برحلة جغرافية تاريخية عبر مركب في نهر النيل من جنوب مصر إلى شمالها تحتوي على نموذج واقعي ومصغر لنهر النيل يبدأ من السد العالي ونماذج لمعابد مصر القديمة وقلاعها مثل قلعة قايتباي التي بنيت مكان فنار الإسكندرية القديم وهو من عجائب الدنيا، كما يوجد مسطح للبحر الأحمر وسلسلة جباله ومنطقة سيناء وقناة السويس أيضا».
وعلى الرغم من عدم افتتاح القرية بشكل رسمي فإنها تفتح أبوابها للزوار بشكل دائم. ولوحظ ذلك من خلال أعداد الزائرين التي لم تخلُ من الرحلات المدرسية والجامعية وبعض الرحلات الخاصة بالمرشدين السياحيين، إلا أنها لم تبدأ بعد في استقبال أفواج السائحين العرب والأجانب كونها لم تسوق نفسها بشكل رسمي بعد، وإن كانت بدأت في استقبال أعداد الزائرين حتى قبل موعد افتتاحها الرسمي، وهو ما تؤكده هبة مجدي، المرشدة السياحية بالقرية الكونية لـ«الشرق الأوسط»، قائلة إن أعداد الزائرين بدأت في الارتفاع خلال الشهر الأخير خاصة من قبل الرحلات المدرسية التي تهدف إلى تلقي طلابها للعلم في مكان ترفيهي تعليمي، ولكن بشكل مبسط، وإذا بدأنا في تقسيم القرية يمكن تسمية ثلاثة أجزاء رئيسة لها، وهي منطقة الاستقبال التي تحتوي على مبنى المشاهدة البالغ ارتفاعه 24 مترا والذي يتيح للزائر رؤية القرية كلها من أعلى منطقة فيه كما تضم هذه المنطقة آلة الزمن التي تنقل الزائر من زمن إلى زمن عبر شاشات العرض المتاحة والتي تتبع أحدث نظم التشغيل العالمية بجانب احتواء المنطقة على مبنى الكرة الأرضية ومبنى القبة السماوية الذي تعرض فيه الأفلام السينمائية على شاشة نصف كروية.
وتضيف هبة: «الجزء الثاني من القرية نطلق عليه مصر المحروسة ويضم جميع آثار ومعالم محافظات مصر على الضفة الشرقية والغربية لنهر النيل مع عرض نموذج واقعي ومصغر لها شيد بنفس الشكل حتى لا يفقد مصداقيته مثل مبنى السد العالي في محافظة أسوان ومعابد فيلة ومعبد حتشبسوت ومعبد الكرنك ومعبد أبيدوس ومقابر بني حسن وقلعة صلاح الدين الأيوبي وأهرام الجيزة وأبو الهول وقلعة صلاح الدين الأيوبي، بالإضافة إلى معبد إدفو والأقصر ومعبد حابو بمحافظة الأقصر، وينتهي الجزء الثالث والأخير بالقرية في المنطقة الترفيهية والتي تتمثل في سلاسل جبال البحر الأحمر.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».