برنامج رقمي يسمح بإلغاء الورق في الامتحانات الدراسية

تطبيقه في جامعة «السوربون» الفرنسية ينقذ 375 شجرة سنويا

جامعة السوربون
جامعة السوربون
TT

برنامج رقمي يسمح بإلغاء الورق في الامتحانات الدراسية

جامعة السوربون
جامعة السوربون

صمم شابان فرنسيان يعملان في حقل المعلوماتية برنامجا يسمح للطلبة والمدرسين في التعليم العالي باستخدام الحواسيب لإجراء الامتحانات. وبفضل هذا التطبيق يمكن الاستغناء عن أوراق الأسئلة التقليدية المطبوعة وكذلك عن أوراق الإجابات وما يمكن أن تتسبب فيه من مشكلات مثل صعوبة قراءة خط الطالب أو ضياع ورقته.
ويوضح كليمان رينييه، أحد مصممي البرنامج الجديد المسمى «تيست وي»، أن الأجهزة الإلكترونية اجتاحت قاعات الدرس بحيث إن معظم طلبة الجامعات يعتمدون، اليوم، على الحاسوب المحمول في تسجيل المحاضرات وتدوين ملاحظات الأساتذة. فلماذا تبقى الامتحانات رهينة مادة من مواد عصر ماض؟ ويضيف أن هناك بعض الامتحانات في الحقول الطبية، مثلا، تُجرى على أجهزة الحواسيب الخاصة بالجامعة، وكذلك اختبار اللغة الإنجليزية للطلبة الأجانب، وقد حان الوقت الذي يمكن فيه لكل طالب أن يؤدي الامتحان مستخدما حاسوبه الخاص.
البرنامج مصمم بحيث يمنع محاولات الغش أو الاستفادة من المعلومات المتوفرة عل الشبكة. وهو قادر على تحويل الحاسوب الشخصي إلى جهاز يقتصر على أداء الامتحان خلال فترة محددة لا تتيح للممتحن الخروج عن الشاشة الكاملة، ثم يعود بعدها إلى سابق استخداماته. كما أن البرنامج يوفر المساواة بين الطلبة حيثما كانوا، ويقوم مراقب القاعة بإعطائهم كلمة مرور عند بدء الامتحان لفتح صفحته والاطلاع على الأسئلة، ثم يتوقف البرنامج بعد الساعات المقررة للامتحان، في وقت واحد للجميع. أما الطلبة الذين لا يملكون حاسوبا فهناك نظام للإعارة يجري تدارسه.
ويقوم نظام البرنامج بحفظ إجابات الطلبة وتخزينها في مكانين مختلفين، كل نصف دقيقة، بالإضافة إلى نسخة منها تسجل على حاسوب كل طالب ويمكنه مراجعتها عند الحاجة. وفيما يخص تصحيح نسخ الإجابات فإن صاحبي البرنامج يؤكدان أنه يوفر وقتا إذ يسمح للمصححين بالانتهاء من مهمتهم في زمن يقل بأكثر من النصف على الزمن الذي يستغرقه التصحيح الورقي. وفي إحصائية أجراها مبتكرا البرنامج فإن الطالب يستهلك ما معدله 75 ورقة في السنة أثناء الامتحانات المختلفة. وفي جامعة كبرى مثل «السوربون»، تضم 40 ألف طالب، فإن الانتقال إلى الامتحانات الرقمية يوفر 15 طنا من الورق، أي ما يسمح بإنقاذ 375 شجرة من القطع لاستخدام أخشابها في صناعته. كما أن كلفة النسخة الإلكترونية من الامتحان تقل بنسبة الثلث عن مثيلتها الورقية.
البرنامج الجديد حصل على جائزة الابتكار التي يمنحها أصحاب الشركات. ومن المقرر أن تبدأ تجربته في إحدى كليات التجارة اعتبارا من الشهر المقبل.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».