مؤتمر في واشنطن حول «سمعتك في الإنترنت»

شركات متخصصة لمساعدة المتقدمين للوظائف وللشركات أيضا

مؤتمر في واشنطن حول «سمعتك في الإنترنت»
TT

مؤتمر في واشنطن حول «سمعتك في الإنترنت»

مؤتمر في واشنطن حول «سمعتك في الإنترنت»

مع زيادة ظاهرة مراجعة الشركات لسمعة كل من يتقدم لوظيفة للعمل معها، والاطلاع على ما كتب هو، وما كتب عنه في الإنترنت، عقدت، في الأسبوع الماضي، شركة «غوفيش ديجتال» (بحث المعلومات الرقمية) في مقرها في ضاحية ماكلين خارج واشنطن العاصمة، مؤتمرا لتقديم نصائح لهؤلاء.
تتخصص هذه الشركة في «إدارة السمعة في الإنترنت»، لكن ليس فقط لمساعدة الذين يريدون تقديم طلبات لوظائف في شركات أو مصالح، ولكن، أهم من ذلك، لتقديم استشارات لهذه الشركات والمصالح عن كيفية مراجعة سمعة الذين يتقدمون بطلبات للعمل معها.
في عام 2005 أسس الشركة دان هنكلي، وبريان باترسون، بعد أن عملا مستشارين في شركات لمساعدتها على وضع خطط لملء الوظائف الشاغرة فيها، وخطط في مجالات أخرى. ووضعا الشعار الآتي لشركتهما: «توجد أمامك فرصة واحدة فقط لتقديم الانطباع الأول عنك أمام الناس. ومع تطور التكنولوجيا، صارت هذه الفرصة هي نقرة على اسمك في الإنترنت».
ويعالج قسم السمعة المواضيع الآتية:
أولا: كيف تعرف الأشياء السيئة التي يعثر عليها كل من يستعمل محركات البحث؟
ثانيا: كيف تمسح، أو تغير، هذه الأشياء؟
ثالثا: ماذا تفعل لأشياء مثل: جرائم ارتكبتها، قضايا رفعت ضدك، إعلان إفلاس، اعتقالات؟
في مؤتمر الأسبوع الماضي، جلس الحاضرون أمام شاشة عملاقة، وشاهدوا تغريدات في موقع «تويتر» كتبها أشخاص عن أنفسهم، من بينها تغريدة من رجل نشر كمية كبيرة من الصور له يرتدي أشياء غير عادية: حزاما من الحديد، سروالا ضيقا جدا، وشما على الكتفين واليدين.
وقال بريان باترسون للحاضرين: «لا أعتقد أن هذا الرجل يقدم أي انطباع إيجابي عنه». وأضاف: «لكن، نحن نعرف أنه طالب في الجامعة. وجاء إلينا يطلب نصائح لتحسين سمعته».
ليست هذه الشركة هي الوحيدة التي تقدم مثل هذه الخدمات. خلال السنوات القليلة الماضية، زاد هذا النوع من الخدمات الرقمية. وحل محل مراكز كانت تقدم معلومات عن كيفية كتابة طلبات الحصول على وظيفة. مثل: معلومات عن الدراسة، والخبرة، والعائلة، والهوايات.
لكن، مع زيادة مواقع الإنترنت التي تنشر معلومات شخصية، ومع كتابة كل شخص تقريبا معلومات عن نفسه في الإنترنت، صار الكثير من الشركات تلجأ إلى الإنترنت عندما تريد تقييم طلب شخص ما. ويزيد نشاط هذه الشركات مع نهاية العام الدراسي، ومع حفلات التخرج من الجامعات. وعن هذا يقول باترسون: «في الوقت الحاضر، نواجه موجة من الطلاب والخريجين الذين يتصلون بنا، يريدون منا مساعدتهم.» لكنه رفض، لأسباب قانونية، تقديم معلومات مفصلة.
وعن هذا الموضوع، قالت د. كيلي بيشوب، مديرة مركز الأبحاث الوظيفية في جامعة ماريلاند: «في الوقت الحاضر، نوضح للطلاب أهمية مراجعة ما يكتب كل واحد في الإنترنت، خاصة عن نفسه. نقول لهم بأن الإنترنت لا يقدر فقط على تشويه سمعة شخص، ولكن، يقدر أيضا على تحسينها. ونشجعهم، وهم طلاب، وقبل سنوات من التخرج، أن يبنوا لأنفسهم سمعة طيبة في الإنترنت. نقول لهم بأن يتصلوا مع الذين يعملون في نفس مجال دراستهم، وأن يستفيدوا من خبراتهم».
وأضافت: «ليست المشكلة هي الأشياء السيئة في الإنترنت. المشكلة هي الاستفادة من الإنترنت لوضع الأشياء الإيجابية».
كيف يحسن الشخص سمعته؟ وماذا تفعل شركات تحسين السمعة؟
قالت كيتلين جبسون، صحافية في صحيفة «واشنطن بوست»، بأنها شاهدت ما يحدث في شركة «غوفيش ديجيتال». وكتبت: عادة، يجمعون أربعة أشخاص لمراجعة سمعة شخص معين. يجلسون حول طاولة في غرفة الاجتماعات، ويشاهدون شاشة عليها معلومات عن الشخص في الإنترنت. ويدون كل واحد ملاحظات. ثم يعقدون اجتماعا لتحديد استراتيجيتين:
الأولى: «وقف النزيف».
الثانية: «التلميع».
ذكر واحد من المجموعة الخاصة بمراجعة سمعة شخص ما: «ليمسح كل تغريدة كتبها في (تويتر)».
وأضافت واحدة: «ليكتب تغريدات جديدة إيجابية. حتى يرى الذين يزورون صفحته الجوانب المضيئة، لا صور شاب قيد نفسه بسلاسل حديدية».
وحذر آخر: «ليتوقف عن البحث عن سمعته في الإنترنت. كلما زاد البحث عن كلمات معينة لها صلات باسمه، زادت أهمية موقعه على محرك غوغل وتبوأ مكانة متقدمة. لنقل له: إذا توجد معلومات سلبية عنك، لا تنظر إليها، أو، لا تكرر النظر إليها».
وقال مايك موريارتي، خبير في الشركة: «نحاول ألا نفرض رسوما مطلقة على الطلاب والخريجين الجدد». وقال: إن رسوم «إدارة سمعة الأفراد» تبدأ عند نحو ألف دولار شهريا. وأضاف: «نعم، نعرف أن هذا المبلغ ليس في مقدور معظم الأشخاص. لكن، أحيانا، يرى متقدمون أن تحسين سمعة كل واحد منهم تستحق هذا المبلغ».
واعترف بأن كثيرا من الناس يقدرون، هم أنفسهم، على معرفة سمعتهم في الإنترنت. لكن، المشكلة بالنسبة لهم هي كيف يتخلصون من الأشياء السلبية، أو كيف يحسنون سمعتهم.
مثلا: أبحث عن اسمك مع «فتاة الجامعة»، أو عن معلومات مثل: «خطاب فتاة الجامعة»، أو «غضب فتاة الجامعة»، أو «فتاة جامعة ماريلاند قالت عن صفحتها».
هذه الجملة الأخيرة ليست افتراضية. إنها عن ربيكا مارتنسون، طالبة في جامعة ماريلاند، واشتهرت مؤخرا لأنها تعمدت كتابة خطابات غرامية، وخطابات فاضحة لتشويه سمعة كل من يربط اسمه بها.
واشتهرت بسبب ذلك. وبدلا عن تشويه سمعتها، صارت تحاول استغلال الشهرة لتحسين هذه السمعة. وكتبت آراء في عدة مواقع وصحف (رغم أنها آراء إباحية في كثير من الأحيان). منها رأي عنوانه: «كيف حولت مشروبا كحوليا إلى بودرة، ثم استنشقتها؟».
اليوم، صار مئات الآلاف من الناس يتابعونها، ووجدت «وظيفة» رغم سوء سمعتها. لكن، طبعا، هذه حالة استثنائية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».