فنانة تشكيلية مصرية تكرس «الماندالا» لمواجهة العنف ضد المرأة

دينا يحيى قالت لـ«الشرق الأوسط» : أخاطب العقل عن طريق الرسم

ترسمان «الماندالا» في ورشة فنية من إعداد دينا يحيى («الشرق الأوسط»)
ترسمان «الماندالا» في ورشة فنية من إعداد دينا يحيى («الشرق الأوسط»)
TT

فنانة تشكيلية مصرية تكرس «الماندالا» لمواجهة العنف ضد المرأة

ترسمان «الماندالا» في ورشة فنية من إعداد دينا يحيى («الشرق الأوسط»)
ترسمان «الماندالا» في ورشة فنية من إعداد دينا يحيى («الشرق الأوسط»)

تعكف الفنانة التشكيلية المصرية دينا يحيى على حل بعض المشكلات الاجتماعية بنقوش فن «الماندالا»، من خلال الورش الفنية الكثيرة، التي تقدمها بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، من أجل تبصير وتوعية المشاركات بحقوق المرأة الصحية والقانونية، وخطورة العنف والتمييز ضدها.
وقد شهد هذا الفن إقبالاً من السيدات اللاتي ارتسمت على وجوههن البسمة أثناء الورش الفنية؛ لأنه يساعدهن على التخلص من التوتر والاكتئاب من خلال تفريغ الشحنات المكبوتة الناجمة عن ضغوط الحياة اليومية التي يتعرضن لها.
يعتمد فن «الماندالا» على النقوش الدقيقة المتوازنة التي يمكن رسمها بسهولة على هيئة مربعات متداخلة مع بعضها بعضاً، أو أشكال دائرية، أو أشكال تجمع بين المربعات والدوائر، وإذا نجح الفرد، في تكوين تصميم كامل متوازن ومتساوي الزوايا إلى حد كبير، فتمنحه رسوم الماندالا حالة من الرضا والسلام الداخلي، وهو الفن الذي اشتهرت به الفنانة التشكيلية دينا يحيى التي لم يحالفها الحظ للالتحاق بكلية الفنون الجميلة، فأصقلت موهبتها ومهاراتها من خلال المشاركة في الورش الفنية، حتى تطور مستواها تدريجياً، فأصبحت تقدم دورات تدريبية في فنون الرسم بالفحم، والرسم بالرصاص، والرسم على الزجاج، والقماش، حتى تخصّصت في فن «الماندالا» وأصبح رسالتها التي تؤديها في الحياة.
تبدأ دينا يحيى، مدير برامج التدريب في مؤسسة «رسايل آدم للتنمية»، حديثها لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «الفن والحياة وجهان لعملة واحدة... فالفن يعطي للحياة روحاً، والحياة تعطي الفن معنى؛ ولذلك قررتُ التخصص في فن (الماندالا) الذي يعتبر أحد الفنون القديمة التي ظهرت في القرن الحادي عشر، في منطقة التبت بالهند، فكان يمارسه الرّهبان لجلب الطاقة الإيجابية، والخير من خلال رسم دوائر على الرمال رمزاً للكون، ويوضع داخلها رموزاً بشكل متوازٍ، لكن في القرن التاسع عشر، اكتشف الطبيب النفسي (كارل يونغ) هذا الفن واستخدمه في العلاج النفسي؛ إذ اعتقد أن العقل الباطن يعبّر عن رغباته من خلال الرسم والتلوين. وكتب يونغ عن أهمية العلاج بفن (الماندالا) في كتابه (الأنماط والعقل الباطن)، ومن هنا بدأ هذا الفن في الانتشار بالكثير من دول العالم ومنها مصر، حيث أدرك الكثيرون أهميته في صفاء الروح والذهن، وتفريغ الشحنات السلبية، والتخلص من التوتر والاكتئاب، وبالتالي أصبح يطلق عليه (فن البهجة)».
وأضافت يحيى: «فن الماندالا، يعتبر أنسب أنواع الفنون، للتعبير عن قضايا المجتمع؛ لما فيه من تحرير العقل الباطن والوصول إلى الهدوء النفسي، ومخاطبة العقل عن طريق الرسم والتلوين». موضحة: «إن ورش فن (الماندالا) تبدأ بشرح مختصر لأصول هذا الفن وتأثيراته النفسية، قبل أن توزّع رسوماته التي صُممت من قبل، ليتعرف المشاركون في الورشة على قواعد الشكل المصمم، ثم يبدأ المشاركون بالتلوين فقط، حتى يتعودوا على أشكال وتصميمات هذا الفن، وبعد ذلك تأتي مرحلة شرح الألوان ومدلولها النفسي، وتوزيع نموذج تعليمي على الأفراد المشاركين في الورشة الفنية لتعليمهم قواعد تصميم الماندالا ووضع الرموز بداخل النموذج، وصولاً لمناقشة القضية المراد طرحها ومعالجتها بمنظور كل متدرب من خلال قيام كل فرد بالرسم الحر لتفريغ الشحنات السلبية وتحرير العقل الباطن».
يشار إلى أن الفنانة التشكيلية دينا يحيى، قدمت الكثير من المبادرات والورش الفنية بالتعاون مع الجهات الرسمية والمنظمات الأهلية في مصر وخارجها، من أبرزها: مبادرة «قولي لأ» لمواجهة العنف ضد المرأة بفن الماندالا، وذلك بمعرض الكتاب في عام 2016، وقدمت ورشة فن «الماندالا» ضمن فعاليات معسكر «الفن حياة» الذي أقيم بمركز التعليم المدني بقرية شكشوك بمحافظة الفيوم في 2017، وقد شاركت في الورشة مجموعة من الفتيات في محافظات الفيوم، وبني سويف، والمنيا، وأسيوط، وذلك في إطار التعاون بين وزارة الشباب والرياضة، ومؤسسة «رسايل آدم للتنمية»، ومؤسسة المشرق للتنمية والسكان، ومركز المحروسة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ولم تكتفِ الفنانة التشكيلية دينا يحيى بهذا القدر، بل حرصت على إعداد أول دليل تدريبي عالمي، مترجم بفن الماندالا، بعنوان «قوة الحياة»، وذلك بالتعاون مع عدد من الفنانين الموهوبين في الفن التشكيلي من أجل إنهاء العنف ضد المرأة، وذلك تحت إشراف مؤسسة «رسايل آدم للتنمية»، والإدارة العامة للمرأة التابعة لوزارة التضامن، ويهدف هذا الدليل إلى التوعية بجميع أنواع العنف والتمييز ضد المرأة في العالم.



مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
TT

مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)

تختصر المخرجة مايا سعيد زمن الوفاء للوالدين بمسرحية «5 دقايق». اختارت عرضها في موسم عيد الميلاد، الموعد نفسه الذي خسرت فيه والدها. فكرّمته على طريقتها ضمن نص بسيط ومعبّر، يترك أثره عند متابعه ويتسلل إلى مشاعره من دون أن تفرض عليه ذلك. لا مبالغة في الوقت ولا في الحوارات.

رسالة إنسانية بامتياز تمرّ أمامك بـ50 دقيقة لتستوعب هدفها في الدقائق الخمس الأخيرة منها. على مسرح «ديستركت 7» في بيروت يقام العرض. ومع بطلي المسرحية طارق تميم وسولانج تراك وضعت مايا سعيد الشخصيتين اللتين يؤديانهما بتصرفهما، فأدركا دقّة معانيهما بحيث جسّداهما بعفوية تليق بخطوطهما.

مسرحية «5 دقايق» تحية تكريمية في ذكرى من نحبّهم (مايا سعيد)

بحوارات تميل إلى الكوميديا رغبت مايا سعيد في إيصال رسالتها المؤثرة. لم تشأ أن تحمّل المشاهد همّاً جديداً. ولا أن تُغرقه بمشاعر الأسى والحزن. فموسم الأعياد يجب أن يطبعه الفرح، ولكن لا بأس إذا ما تحررنا من أحاسيس حبّ مكبوتة في أعماقنا، وتكمن أهميتها بمنبعها فهي آتية من ذكرى الأهل.

تحكي المسرحية عن ليلة ميلادية تقتحم خلالها سيدة غريبة منزل «الأستاذ حرب»، فتقلبه رأساً على عقب بالشكلين الخارجي والداخلي. وتجري أحداث العمل في مساحة ضيقة على خشبة تتزين بديكورات بسيطة. وتتألّف من شجرة عيد الميلاد وكنبة وطاولة. وإذا ما تفرّجنا على هذا المكان بنظرة ثلاثية الأبعاد، سنكتشف أن الخشبة تُشبه شاشة تلفزيونية. فحلاوتها بعمقها وليس بسطحها العريض. مربّعة الشكل يتحرّك فيها البطلان براحة رغم ضيق المكان. يشعر المشاهد بأنه يعيش معهما في المكان والزمان نفسيهما.

وتعلّق مايا سعيد، كاتبة ومخرجة العمل، لـ«الشرق الأوسط»: «ينبع الموضوع من تجربة شخصية عشتها مع والدي الذي رحل في زمن الميلاد. وعندما تدهورت حالته الصحية عاش أيامه الخمسة الأخيرة فاقداً الذاكرة. ومثله مثل أي مريض مصاب بألزهايمر لم يكن في استطاعته التعرّف إليّ. وهو أمر أحزنني جداً».

من هذا المنطلق تروي مايا سعيد قصة «5 دقايق». وضمن أحداث سريعة وحوارات تترك غموضاً عند مشاهدها، يعيش هذا الأخير تجربة مسرحية جديدة. فيحاول حلّ لغز حبكة نصّ محيّرة. ويخيّل له بأنها مجرّد مقتطفات من قصص مصوّرة عدّة، ليكتشف في النهاية سبب هذا التشرذم الذي شرّحته المخرجة برؤية مبدعة.

طارق تميم يجسّد شخصية مصاب بألزهايمر ببراعة (مايا سعيد)

وتوضح مايا سعيد: «رغبت في أن يدخل المشاهد في ذهن الشخصيتين وأفكارهما. وفي الدقائق الخمس الأخيرة وضعته في مكان الشخص الذي يعاني من مرض الطرف الآخر. أنا شخصياً لم أتحمّل 5 أيام ضاع فيها توازن والدي العقلي. فكيف لهؤلاء الذين يمضون سنوات يساعدون أشخاصاً مصابون بمرض ألزهايمر».

وعن الصعوبة التي واجهتها في إيصال رسالتها ضمن هذا العمل تردّ: «كان همّي إيصال الرسالة من دون سكب الحزن والألم على مشاهدها. فنحن خرجنا للتو من حرب قاسية. وكان ذلك يفوق قدرة اللبناني على التحمّل. من هنا قرّرت أن تطبع الكوميديا العمل، ولكن من دون مبالغة. وفي الوقت نفسه أوصل الرسالة التي أريدها بسلاسة».

يلاحظ مشاهد العمل طيلة فترة العرض أن نوعاً من الشرود الذهني يسكن بطله. وعرف طارق تميم كيف يقولبه بحبكة مثيرة من خلال خبرته الطويلة في العمل المسرحي. وبالتالي كانت سولانج تراك حرفيّة بردّ الكرة له بالأسلوب نفسه. فصار المشاهد في حيرة من أمره. وتُعلّق مايا سعيد في سياق حديثها: «طارق وسولانج ساعداني كثيراً في تلقف صميم الرسالة. فتقمصا الشخصيتين بامتياز بحيث قدماهما أجمل مما كُتب على الورق».

ضمن نص معبّر تدور«5 دقايق» (مايا سعيد)

طيلة عرض المسرحية لن يتوصّل مشاهدها إلى معرفة اسمي الشخصيتين. فيختلط عليه الأمر في كل مرة اعتقد بأنه حفظ اسم أحدهما. وكانت بمثابة حبكة نص متقنة كي يشعر المشاهد بهذه اللخبطة. وتستطرد مايا: «لا شك أن المسرحية تتضمن مفاتيح صغيرة تدلّنا على فحوى الرسالة. والتشابك بالأسماء كان واحداً منها».

حاولت مايا سعيد إيصال معاني عيد الميلاد على طريقتها. وتختم: «لهذا العيد معانٍ كثيرة. وأردتها أن تحمل أبعاداً مختلفة تخصّ الأشخاص الذين نحبّهم حتى لو رحلوا عنّا. فغيابهم يحضر عندنا في مناسبات الفرح. وبهذا الأسلوب قد ننجح في التعبير لهم عن ذكراهم في قلوبنا».