عبد العزيز الرشيد إصلاحي كويتي... بدأ معارضاً لتعليم المرأة

عبد العزيز الرشيد إصلاحي كويتي... بدأ معارضاً لتعليم المرأة
TT

عبد العزيز الرشيد إصلاحي كويتي... بدأ معارضاً لتعليم المرأة

عبد العزيز الرشيد إصلاحي كويتي... بدأ معارضاً لتعليم المرأة

عندما تتحدث عن التنوير، فقد تضطر أحياناً لأن تأتي بشواهد من الماضي، وليس من الحاضر المعاصر. ثمة أشخاص تركوا مصابيح عقولهم في دروب العتمة، ولا تزال تضيء حتى يومنا هذا، ومنهم الأديب الكويتي عبد العزيز الرشيد، الذي يبرز إلى واجهة المشهد كلما جاءت سيرة التنوير.
في كتاب صدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت، بعنوان «شعر عبد العزيز الرشيد في مسيرته الإصلاحية»، يبحث المؤلف عبد الله خلف في جوانب جديدة من حياة الرشيد، ويصل إلى جزئيات لم يسبق طرحها بهذا الشكل في حياة وأشعار الرشيد، بل إن بعض الآراء التي يطرحها عبد الله خلف ربما لم تكن واضحة في حياة الرشيد، ومنها أن هذا الأديب الإصلاحي كان في بداية حياته متحفظاً على تعليم المرأة، بل ويقارنه بالشاعر أبي العلاء المعري الذي يقول عنه خلف أيضاً إنه كان ضد تعليم المرأة. كان مستغرباً أن نقرأ هذا عن الرشيد، ولقد ساروني الشك بأن الفكرة ربما لم تصلني جيداً، فاتصلت بالأديب عبد الله خلف الذي أكد لي أن الرشيد كان موقفه هكذا في بداية حياته، لكن يتردد أنه عدل عن موقفه في سنوات لاحقة من عمره. ولكن حسب رأي خلف، فإن ذلك العدول غير مؤكد، ربما حصل وربما لم يحصل.
يقول المؤلف في كتابه: «عبد العزيز الرشيد، في بداية القرن العشرين، أيّد حجب الفتيات وعدم خروجهن للتعليم». ويستشهد خلف بذلك من كتاب للرشيد عنوانه «تحذير المسلمين من اتباع غير سبل المؤمنين»، الذي يورد فيه: «اعلم أن لزوم المرأة بيتها، وعدم الخروج منها للمدارس، لا سيما في الزمان الفاسد، أولى وأجدى، لأن جواز خروج المرأة من بيتها له شروط، وتلك قلّما توجد في المرأة من نساء هذا الوقت، فالمطلوب في حق النساء هو التستر والاختفاء والخمول».
حتى أن المؤلف خلف يأتي بأبيات شعر للرشيد، عارض فيها قصيدة للشاعر معروف الرصافي، حيث قال الثاني عن المرأة:
هي الأخلاق تنبت كالنبات
إذا سُقيت بماء المكرمات
تقوم إذا تعهدها المربي
على ساق الفضيلة مثمرات
ويقول خلف عن رد الرشيد: «سفّه الشيخ عبد العزيز الرشيد بالشاعر معروف الرصافي على ما قاله في هذه الأبيات»، ثم يورد الأبيات المعنية للرشيد:
وقالوا شرعة الإسلام تقضي
بتفضيل الذين على اللواتي
لقد كذبوا على الإسلام كذباً
تزول الشمُّ منه مزلزلات
ويعقب خلف على هذه الأبيات بقوله: «علق الشيخ عبد العزيز الرشيد على البيت الأول قائلاً: إن العلم في الإسلام فريضة، وهذا صحيح، لكن ليس فيه دليل على وجوب خروج النساء إلى المدارس»، علماً بأن الكتاب الذي ألفه الرشيد (تحذير المسلمين من اتباع غير سبيل المؤمنين)، والذي استشهد به خلف، صدر عام 1911، وكان مؤلفه لم يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره. وهنا، يبرز التناقض بين السمة الإصلاحية التي عُرف بها الرشيد، التي جاءت بالتزامن مع وعي بدأ يتفتح في المجتمع الكويتي، وكونه مناهضاً لتعليم المرأة في الفترة نفسها.
يقول خلف: «كان الوعي في المجتمع الكويتي متوقداً منذ بدايات القرن العشرين، وكانت موجات التشدد والخرافات تتكس عند شواطئ البلاد، وترفضها مجالس الشعب، وكانت مرونة ووعي الحكام تقف مع الطبقة المثقفة الواعية».
وعلى الرغم مما ذكره عبد الله خلف في كتابه عن هذه الجزئية من أفكار الرشيد في بداياته، فإنه هو نفسه يقول في موقع آخر من الكتاب إن الرشيد كان يرحب بالإصلاحيين الذين يزورون الكويت آنذاك، والذين تحدث عنهم الباحث الدكتور خليفة الوقيان في كتابه: «الثقافة في الكويت: بواكير - اتجاهات - ريادات»، قائلاً: «كان قدوم المصلحين العرب إلى البلاد أمراً يستثير القرائح ويهيج النفوس... ويلاحظ أن الزعيم التونسي عبد العزيز الثعالبي حظي بقدر من الاهتمام، فما كاد يحل بالبلاد حتى ينهض الشعراء إلى استقباله بالصورة التي تليق بمقامه».
وفي هذا الإطار، يقول خلف عن الرشيد إنه كان يشيد بالمصلحين الزائرين، أمثال رشيد رضا والشيخ محمد الشنقيطي وحافظ وهبة، ويذكر أن «الشيخ عبد العزيز الرشيد جاهد في محاربة التخلف ودعاته بالخطب البليغة، وفي كتبه، وفي مجلة الكويت التي أسسها، واستعان بكل وسائل الفكر، وآزر المتنورين». ومن هؤلاء المتنورين، كما يذكر خلف، خالد الفرج وإبراهيم العريض وحمد الجاسر.


مقالات ذات صلة

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)

أكد البيان الختامي لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي اختُتم مساء السبت، إقامة مشروع بحثي فلسفي يدرس نتاج الفلاسفة العرب وأفكارهم وحواراتهم.

وبعد اختتام مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي أُقيم بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر «بيت الفلسفة» بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة؛ اجتمع أعضاء «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» في مقرّها بـ«بيت الفلسفة»، وأصدروا بياناً دعوا إلى تأسيس نواة «اتحاد الجمعيات الفلسفية العربية»، ومقرّه الفجيرة، وتشجيع الجمعيات على الانضمام إلى «الفيدرالية الدولية للفلسفة».

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وأكد البيان أهمية مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج العربي، مثل مشكلة الهوية وتعزيز الدراسات حولها.

ودعا للسعي إلى «الإضاءة على الفلسفة في العالم العربي وتمييزها من الفلسفة الغربية؛ لأنّ هدف بيت الفلسفة المركزي تعزيز الاعتراف بالآخر وقبوله».

كما دعا البيان إلى تعزيز دائرة عمل «حلقة الفجيرة الفلسفيّة»، بما يضمن تنوّع نشاطها وتوسّع تأثيرها؛ بدءاً بعقد جلسات وندوات شهريّة ودوريّة من بُعد وحضورياً، ومروراً بتعزيز المنشورات من موسوعات ومجلّات وكتب وغيرها، وانتهاء باختيار عاصمة عربيّة في كلّ سنة تكون مركزاً لعقد اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» بإشراف «بيت الفلسفة».

وأكد توسيع دائرة المشاركين خصوصاً من العالم الغربي؛ بحيث يُفعّل «بيت الفلسفة» دوره بوصفه جسراً للتواصل الحضاري بين العالمين العربي والغربي.

كما بيّن أهمية إصدار كتاب يجمع أعمال المؤتمرات السابقة. وبدءاً من العام المقبل سيعمد «بيت الفلسفة» إلى تعزيز الأبحاث المطوّلة في المؤتمر ونشرها في كتاب خاصّ.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة هو الأول من نوعه في العالم العربي، وتشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان: «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام التي بدأت يوم الخميس الماضي واختُتمت السبت، إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً بتعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة؛ مثل: الفلسفة، والأدب، والعلوم.

وتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطوّر الفكر المعاصر.

وخلال مؤتمر هذا العام سعى المتحدثون إلى تقديم رؤى نقدية بنّاءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث، ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي، ومفاهيم مثل «نقد النقد»، وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وعملت دورة المؤتمر لهذا العام على أن تصبح منصة غنيّة للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

وشملت دورة هذا العام من مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتُتح اليوم الأول بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد «بيت الفلسفة»، وكلمة للأمين العام للاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتضمّنت أجندة اليوم الأول أربع جلسات: ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أما الجلسة الثالثة فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما ضمت الجلسة الرابعة محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، وترأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما ضمّت أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش، وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

جانب من الحضور (الشرق الأوسط)

وتكوّن برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024) من ثلاث جلسات، ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، وترأست الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وضمت الجلسة الثالثة محاضرة للدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم أي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

وتكوّن برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تناولت الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي في طلاب الصف الخامس»، شارك فيها الدكتور عماد الزهراني، وشيخة الشرقي، وداليا التونسي.

وشهدت الجلسة الثانية اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفية» ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.