ملكة جزماتي... تتطلع إلى العالمية بعد اختيار أطباقها لمهرجان «برلينالي» السينمائي

لاجئة سورية اشتهرت في ألمانيا يوم طهت للبرلمان وسحرت ميركل بنكهاتها

تذوقت ملكة جزماتي الشهرة يوم طهت في البرلمان الألماني وأغرمت أنجيلا ميركل بأطباقها
تذوقت ملكة جزماتي الشهرة يوم طهت في البرلمان الألماني وأغرمت أنجيلا ميركل بأطباقها
TT

ملكة جزماتي... تتطلع إلى العالمية بعد اختيار أطباقها لمهرجان «برلينالي» السينمائي

تذوقت ملكة جزماتي الشهرة يوم طهت في البرلمان الألماني وأغرمت أنجيلا ميركل بأطباقها
تذوقت ملكة جزماتي الشهرة يوم طهت في البرلمان الألماني وأغرمت أنجيلا ميركل بأطباقها

لا تبدو الطاهية السورية ملكة جزماتي قلقة أو متوترة، رغم اقتراب موعد انطلاق «برلينالي»، مهرجان السينما العالمي في برلين، الذي كُلفت بتحضير الطعام ليوم افتتاحه… أو على الأقل هي ليست قلقة مما ستقدمه من طعام، بل مما سترتديه.
تقول ونحن نجلس على طاولة في مطعم «Refugio» في نويكولن وسط برلين: «لا أعلم ما الذي سأرتديه. طلبوا مني أن أرتدي لباساً تقليدياً ولكن بحثت كثيراً ولم أجد شيئاً هنا».
عندما وصلت لإجراء المقابلة معها، كانت ملكة تتبادل الأحاديث مع الزبائن. تتنقل بين الطاولات والمطبخ، وتتوقف قليلاً لمداعبة طفلها حسان البالغ من العمر 18 شهراً. هو أيضاً يركض بين الطاولات مبتسماً للزبائن. تقول إنها تستيقظ في السادسة صباحاً لبدء الإعداد لوجباتها لكي يتسنى لها الحديث براحة مع الزبائن ومناقشة الأفكار.
في هذا المطعم الواقع في مبنى سكن مشترك، تملكه البلدية، ويعيش فيه لاجئون وألمان، تقدم ملكة أكلاتها السورية الشهيرة كل يوم أحد. يوم واحد في الأسبوع فقط. والمكان الوحيد الذي تقدم فيه أكلاتها الشامية حتى الآن. وكل أسبوع يمتلئ المكان بزبائن ألمان وسوريين ينتظرون تذوق البامية الشامية وورق العنب بالزيت والشاورما وغيرها من الأكلات التي تحضرها ملكة.
الحديث مع الزبائن يبدو لها بأهمية الطبخ. «أنا لست طباخة فقط»، تقول بشيء من الحدة. ترى نفسها أكثر «ناشطة اجتماعية». تشرح قائلة: «كنت أبحث عن لغة عملية ليست بحاجة إلى كلام كل يوم، ورأيت أن الطبخ لغة مشتركة بين كل الجنسيات».
شهرة هذه الطاهية السورية في ألمانيا انطلقت حقاً عندما طهت في البوندستاغ، البرلمان الألماني، العام الماضي. حينها كانت المستشارة أنجيلا ميركل حاضرة وتذوقت الشاورما التي قدمتها ملكة لأعضاء البرلمان. تضحك ملكة وهي تتذكر كيف كانت ميركل تتلذذ بأكل الشاورما وتدعو زملاءها لتذوقها قبل أن تقضي عليها.
تروي ملكة أن المستشارة توجهت إليها بالإطراء الشديد لطهيها اللذيذ، وتبادلا أطراف الكلام لبعض الوقت. سألتها ميركل عن البهارات التي استخدمتها. وملكة ردت بألمانية كافية للتعبير عما تريد قوله.
كانت هذه نقطة الانطلاق بالنسبة إلى الطاهية السورية. وقد حصلت على المهمة بعد أن أوصى بها أحد النواب الذي تذوق طعامها في فعالية خاصة سابقة كانت قد قدمت فيها الطعام.
فهي إلى جانب زوجها، أسسا شركة تقديم طعام صغيرة «Levante Gourmet» بعد وصولهما إلى ألمانيا؛ هي في نهاية عام 2015 قادمةً من الأردن من خلال برنامج لمّ الشمل، وزوجها قبلها بسنتين قدم آخذاً طريق تركيا عبر البحر وصولاً إلى أوروبا.
تتذكر أيام الأردن التي وصلتها عام 2011. هناك كانت تقدم برنامج طهي على قناة «أوريينت» السورية المعارضة. وتقول: «لم أكن أعرف شيئاً عن الطهي عندما بدأت البرنامج». تضحك كثيراً وتقول: «في سوريا كنت موظفة في شركة اتصالات، وعندما انتقلت إلى الأردن كنت أقدم برنامجاً اجتماعياً على قناة (أوريينت). بعد فترة طلب مني مدير القناة تقديم برنامج طبخ». تقول: «إنها فكرة جيدة لأني كنت قد تزوجت حديثاً وأقرأ وصفات طعام لإعداد الأكل لزوجي». حينها لم تكن تطهو إلا 4 أطباق، معظمها أجنبية هي: فريكة وتيكا ماسالا وكوردون بلو ودجاج بصلصلة السويت إند ساور. ورغم أنها لم تكن تعرف شيئاً عن الطبخ، وافقت على تقديم البرنامج.
«تعلمت كثيراً خلال البرنامج»، تقول بابتسامة عريضة. تروي كيف كانت تجد حتى أسهل الأطباق صعبة جداً، خصوصاً الأرز. تتذكر بشيء من المرح: «كنت أسأل والدتي كيف لي أن أعرف عندما يجهز الأرز؟ كانت تقول لي عندما تضعين ملعقة في الطنجرة وتقف وحدها». تضحك كثيراً وتكمل: «اليوم أصبحت أعرف كيف أطبخ الأرز حتى من دون ملعقة!».
عندما بدأت بالطهو في برنامجها عام 2014، كانت كثيراً ما تجلب الطبق جاهزاً من والدتها لعرضه في نهاية الحلقة لأنها لم تكن واثقة من قدرتها على طهو شيء. ولكن تتذكر أن فريق الإدارة كانوا يتذوقون ما تطهوه ويبدون الكثير من الإعجاب به. وهي كانت تظن أنهم يحاولون تشجيعها.
بعد عام كانت ملكة قد تحولت إلى ملكة الطهو بحق. نشرت كتاباً باللغة الإنجليزية تُرجم لاحقاً إلى الألمانية، يتضمن وصفات سورية. تقول إنها اليوم تبيع منه في يوم واحد فقط، أيام الآحاد، بين 30 و40 نسخة بثمن 35 يورو.
شهرتها في الأردن لا تضاهي الشهرة التي حققتها منذ وصولها ألمانيا. فهنا باتت الطباخة المعتمدة لحفلات رسمية وخاصة. تقول إن الدعم الذي تلقاه في ألمانيا مهم جداً بالنسبة إليها، وتعرف أنه رسالة من الألمان للاجئين السوريين بشكل عام. وهي لا تمانع لأنها بدورها تريد إيصال رسائل إلى الألمان: «هم يعتقدون أننا نساء خصوصاً لأننا محجبات، نجلس في البيت ولا نفعل الكثير. ولكن عندما يرونني ويسمعونني يغيّرون من نظرتهم إلينا».
ينضم إلينا زوجها محمد لاحقاً ويتحدث عن دوره في الشركة التي أسساها. يقول إنه يتولى التسويق والعلاقات مع الزبائن. يعلّق محمد أهمية كبيرة على مهرجان «برلينالي». يقول بعد أن تغادر ملكة الطاولة، ربما كي لا يجعلها تتوتر: «أعتقد هذا المهرجان هو الأهم بالنسبة إلينا لأنه قد يأخذنا إلى العالمية. فأشهر ممثلي هوليوود سيتذوقون طعام ملكة، مثل سكارليت جوهانسون وبينيلوبي كروز…».
هو مثل ملكة، ليس قلقاً من جودة الطعام، بل من مشكلات أخرى قد تخلقها أمور تقنية مثل اللباس. يقول: «الألمان دقيقون جداً في هذه الأمور، وهذا يوترني قليلاً». ولكنه يضيف: «إلا أننا لم نواجه مرة مشكلة مع زبائن وبقيت المشلكة. كل شيء يتبخر عندما يتذوقون طعام ملكة».
- الوصفات التي ستقدمها ملكة جزماتي في افتتاح مهرجان «برلينالي»:
> بامية.
> يالنجي (ورق عنب بالزيت).
> حراق إصبعو (عدس وعجين).
> مسبحة.
> محشي حلبي.


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات «عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».