اليوان ينافس الدولار والين في خزانة المركزي الألماني

توجه عالمي تجاه العملة الصينية

اليوان ينافس الدولار والين في خزانة المركزي الألماني
TT

اليوان ينافس الدولار والين في خزانة المركزي الألماني

اليوان ينافس الدولار والين في خزانة المركزي الألماني

يرى خبراء المال الألمان في قرار المصرف المركزي الألماني شراء كميات كبيرة من اليوان الصيني خطوة جدية رسمية لإدراج هذه العملة في لائحة الاحتياطات النقدية الأجنبية للمصرف.
ويخطو المركزي الألماني على خطى المصرف المركزي الأوروبي الذي قرر تقليص احتياطاته النقدية بالدولار الأميركي في شهر يونيو (حزيران) الفائت ليشتري عملة صينية بـ500 مليون يورو. ولا شك في أن تحركات المصارف المركزية في القارة العجوز لعبت دورا جوهريا في تقوية قيمة اليوان أمام الدولار بحيث إنها وصلت إلى أعلى مستوياتها أمام النقد الأميركي منذ عامين متتاليين.
ويقول «أندرياس دومبريت»، أحد الأعضاء الإداريين التنفيذيين في المصرف المركزي الألماني، إن اعتماد اليوان عملة نقدية احتياطية في العديد من الدول الآسيوية أضحت موضة تفشت منذ أكثر من ثلاثة أعوام. أما على الصعيد الأوروبي فإن خطوة المصرف المركزي الأوروبي شجعت عدة مصارف مركزية أوروبية على تبني سياسة نقدية أوروبية منفتحة وجديدة إزاء العملة الوطنية الصينية. مع ذلك لن يقوم المركزي الألماني بشراء كميات كبيرة من اليوان الصيني، ولكن وفق سقف سنوي محدد يتم رفعه تدريجيا.
وعلى حدّ قول دومبريت فضلا عن الحوافز التي قدمها المركزي الأوروبي إلى المصارف المركزية التابعة لدول الاتحاد الأوروبي بهدف الاستثمار في اليوان الصيني، فإن إدراج اليوان الصيني في سلة «إس دي أر»، أي حقوق السحب الاستثنائية التابعة لصندوق النقد الدولي التي تحتضن تحت سقفها مجموعة من العملات الوطنية البديلة للدولار، كان له دور بارز في إقناع المركزي الألماني بقرار شراء اليوان الصيني، وهو قرار أصدره العام الفائت. ومع أنه لم يتم حتى اليوم شراء أي كمية بيد أن كافة الاستعدادات للشراء باتت جاهزة.
وينوه الخبير بأن قيمة العملة الصينية حاليا لم تستطع أن توفر بعد للمصدرين الصينيين منافع تنافسية. ويختم حديثه قائلا: «حاول المركزي الألماني بلا جدوى تحويل مدينة فرانكفورت إلى محور مالي - تجاري هام للتداول باليوان الصيني. فالآليات التي وضعها المستثمرون تحت تصرف المشغّلين لم يتم استعمالها كما يجب. مع ذلك، سيساعد إدراج اليوان الصيني داخل احتياطات المركزي الألماني في توطيد الروابط التجارية الألمانية الصينية».
وبرأي زميله، يواخيم فورميلينغ، وهو من المراقبين الماليين المهمين في المصرف المركزي الألماني فإن العملة الصينية استمدت قوتها من وجهات النظر المالية الأوروبية الصديقة التي ساهمت في مواكبتها إلى موقع بارز في الأسواق المالية الدولية. ويصل إجمالي الاحتياطي النقدي لدى المصرف من عملات أجنبية في الوقت الحاضر إلى 167 مليار يورو.
ويستطرد هذا الخبير قائلاً: «إن قرار المصرف المركزي الألماني تبني اليوان عائد إلى استراتيجيته التنويعية طويلة الأمد التي تعكس معها تزايد أهمية دور اليوان الصيني في شرايين النظام المالي العالمي. وفضلاً عن الدولار الأميركي والين الياباني باشر المصرف المركزي منذ عام 2013 شراء الدولار الأسترالي، وهو يتطلع إلى الاستثمار في عملات أجنبية أخرى بدءا باليوان الصيني. وكخطوة أولى مليئة بالحذر، نظرا لوجود ثقل سياسي صيني كبير في تحديد مسار اليوان، من المتوقع أن يستثمر المركزي الألماني أقل من 150 مليون يورو لشراء كمية محدودة من العملة الصينية. وفي الخطوة الثانية التي قد يستغرق تنفيذها عامين إلى ثلاثة أعوام، ومن المتوقع أن يرفع سقف احتياطاته النقدية الصينية إلى نحو 250 مليون يورو».
ويعتقد هذا الخبير الألماني أن إقبال المصارف المركزية في وسط وجنوب القارة الآسيوية على شراء اليوان الصيني سيتحول إلى موجة ستصل قريبا إلى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بسبب توغل العملة الصينية حاليا داخل احتياطات المصارف المركزية الأوروبية.


مقالات ذات صلة

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

آسيا شيغمي فوكاهوري أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945 (أ.ب)

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

توفي شيغمي فوكاهوري، أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945، والذي كرَّس حياته للدفاع عن السلام، عن عمر يناهز 93 عاماً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
العالم جنود يشاركون في عرض عسكري لإحياء الذكرى السبعين لهدنة الحرب الكورية في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية 27 يوليو 2023 (رويترز)

قوات كورية شمالية قد تشارك باحتفالات روسيا في الانتصار بالحرب العالمية الثانية

قال مسؤول روسي كبير إنه يعتقد بإمكانية مشاركة جنود كوريين شماليين في العرض العسكري في الساحة الحمراء العام المقبل، في ذكرى الانتصار بالحرب العالمية الثانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.