كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية

كلية لندن للاقتصاد  والعلوم السياسية
TT

كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية

كلية لندن للاقتصاد  والعلوم السياسية

كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية London School of Economics and Political Science، التي تعرف عادة بكلية لندن للاقتصاد، هي إحدى الكليات التابعة لجامعة لندن الفيدرالية في العاصمة البريطانية.
وتأسست الكلية المرموقة التي تقع وسط العاصمة عام 1895، وانضمت إلى جامعة لندن عام 1900 لتكون كلية للاقتصاد. وبدأت الكلية بمنح الدرجات العلمية منذ عام 1902. وهي تعد حتى الآن كلية مختصة تصف نفسها بأنها «المؤسسة التعليمية الرائدة على مستوى العالم في البحث والتدريس في العلوم الإنسانية». وهي عضو في مجموعة راسل للجامعات ورابطة الجامعات الأوروبية ورابطة جامعات الكومنولث ومنظمة جامعات المملكة المتحدة وجمعية كليات الإدارة الأوروبية والشركات الدولية ومنظمة الكليات المختصة بالشؤون الدولية.
وتتصدر الكلية التصنيفات العالمية للجامعات، وفي تقييمات عام 2014 لصحيفة الـ«صنداي تايمز» ودليل الجامعات الشامل، حصدت المركز الثالث على مستوى الجامعات البريطانية، فيما تظل غالبا ضمن أفضل خمس جامعات على مستوى العالم في مختلف التقييمات الدولية الرصينة.
تلعب كلية لندن للاقتصاد دورا كبيرا وملحوظا في المجتمع البريطاني، نظرا لارتباطاتها الواسعة وتأثيرها في مجال السياسة والأعمال والقانون. وتستقطب شركات المحاسبة والبنوك الاستثمارية وشركات القانون والاستشارات خريجي هذه الكلية التي تعد الكلية المفضلة لدى أرباب الأعمال والشركات الكبرى في القطاع الخاص والخدمات المصرفية في مدينة لندن وفي الخارج. ويطلق على الكلية أحيانا اسم «حضانة البنوك الاستثمارية» حيث يتوجه 30% من خريجيها للعمل في المجال المصرفي والخدمات المالية والمحاسبة.
تعد الكلية من المؤسسات المتخصصة على الدراسة والبحث في مجال العلوم الاجتماعية وهي الجامعة الوحيدة في المملكة المتحدة التي تقتصر على تدريس هذه المباحث دون غيرها. وتوفر الكلية ما يقارب 140 برنامجا في درجة الماجستير في العلوم، وأربعة برامج ماجستير إدارة عامة ودرجة الماجستير في القانون، و30 برنامجا لدرجة البكالوريوس في العلوم. كما تمنح درجة البكالوريوس في القانون ولديها أربعة برامج بكالوريوس أخرى.
وتعد الكلية إحدى الجامعتين الوحيدتين التي تمنح درجة بكالوريوس في العلوم في تخصص تاريخ الاقتصاد والجامعة الثانية هي جامعة كمبردج. ومن بين المواضيع التي تدرس في الكلية علم الإنسان وعلم الجريمة والعلاقات الدولية وعلم النفس الاجتماعي وعلم السياسة الاجتماعي وغيرها. وهنالك مركز للغات في الكلية. ويعد التنافس للحصول على مقعد في هذه الكلية صعبا للغاية. وتبلغ نسبة القبول في بعض التخصصات، كالاقتصاد والعلاقات الدولية والإدارة والقانون والمحاسبة، 4% إلى 5% فقط. ويبلغ عدد الطلاب بدوام كامل في الكلية 7.800 طالب، أما الطلبة بدوام جزئي فيبلغ عددهم 800 طالب.
وتعد المكتبة الرئيسية في كلية لندن للاقتصاد، وهي المكتبة البريطانية للعلوم السياسية والاقتصادية، أكبر مكتبة في العالم متخصصة بشكل حصري للعلوم الاجتماعية والسياسية. ويعود تاريخ إنشائها إلى عام 1896 وكانت مكتبة وطنية للعلوم الاجتماعية في المملكة المتحدة والكومنولث. ويزور المكتبة ما يزيد على 6.500 طالب وعضو هيئة تدريس يوميا، وتوفر مجموعة خاصة للأبحاث الدولية المختصة والتي تقدم خدماتها لما يزيد عن 12.000 مشترك سنويا.
وهنالك مكتبة شو التي تقع في مبنى فخم عريق في المبنى القديم للكلية وتجد فيها الروايات والأعمال الأدبية المتعددة وكتب القراءة العامة للتسلية وقضاء الوقت.
وهناك الكثير من الأسماء اللامعة والشخصيات المعروفة التي ترتبط مع كلية لندن للاقتصاد، من بينهم 16 شخصية حائزة على جائزة نوبل في الاقتصاد والسلام والأدب، مثل جورج برنارد شو وبيرتراند راسل ورالف بنش وبول كروجمان وغيرهم.
كما أن من بين الخريجين الرئيس الأميركي الأسبق جون كيندي، والرئيس الكوستاريكي السابق أوسكار أرياس، ورئيس الوزراء الياباني السابق تارو أسو، ورئيس المفوضية الأوروبية رومانو برودي وملكة الدنمارك مارغريت الثانية.



قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية
TT

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

كانت الأراضي الفلسطينية طوال آلاف السنين مقراً وممراً للعديد من الحضارات العريقة التي تركت وراءها آلاف المواقع الأثريّة ذات الأهميّة الفائقة، ليس في تاريخ المنطقة فحسب، بل ومُجمل التجربة البشرية. وقد أصبحت المواقع بمحض القوة بعد قيام الدولة العبرية عام 1948 خاضعة لسلطة دائرة الآثار الإسرائيلية، التي لا تدخر وسعاً في السعي لتلفيق تاريخ عبراني لهذه البلاد، وإخفاء ما من شأنه أن يتعارض مع سرديات الحركة الاستعماريّة الصهيونيّة عنها.

على أن أراضي الضفة الغربيّة التي احتُلَتْ عام 1967 وتحتوى على ما لا يَقِلُّ عن 6 آلاف موقع أثَري ظلّت قانونياً خارج اختصاص دائرة الآثار الإسرائيلية، بينما تمّ بعد اتفاق أوسلو بين الدولة العبريّة ومنظمة التحرير الفلسطينية في 1995 تقاسم المنطقة لناحية اللقى والحفريات بشكل عشوائيّ بين السلطة الفلسطينية ووحدة الآثار في الإدارة المدنية الإسرائيلية، وفق تقسيمات الأراضي الثلاث المعتمدة للحكم والأمن (أ- سلطة فلسطينية، باء: سيطرة مدنية فلسطينية وسيطرة أمنية مشتركة مع الجانب الإسرائيلي، ج: سيطرة إسرائيلية تامة).

ويبدو أن غلبة التيار اليميني المتطرّف على السلطة في الدّولة العبريّة تدفع الآن باتجاه تعديل قانون الآثار الإسرائيلي لعام 1978 وقانون سلطة الآثار لعام 1989 بغرض تمديد صلاحية سلطة الآثار لتشمل مجمل الأراضي الفلسطينية المحتلّة عام 1967، بينما سيكون، حال إقراره، انتهاكاً سافراً للقانون الدّولي الذي يحظر على سلطات الاحتلال القيام بأنشطة تتعلق بالآثار ما لم تتعلق بشكل مباشر باحتياجات السكان المحليين (في هذه الحالة السكان الفلسطينيين).

ولحظت مصادر في الأرض الفلسطينية المحتلّة بأن الأوضاع الأمنيّة في الضفة الغربيّة تدهورت بشكل ملحوظ منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2023، وكثّفت السلطات الإسرائيليّة من توسعها الاستيطاني بشكل غير مسبوق منذ ثلاثة عقود، ورفعت من وتيرة هجماتها على بؤر المقاومة، وأطلقت يد المستوطنين اليهود كي يعيثوا فساداً في القرى والبلدات العربيّة تسبب بهجرة آلاف الفلسطينيين من بيوتهم، مما يشير إلى تكامل الجهد العسكري والاستيطاني مع التعديلات القانونية المزمعة لتحضير الأرضية المناسبة لتنفيذ النيات المبيتة بتهويد مجمل أراضي فلسطين التاريخيّة.

ويأتي مشروع القانون الذي قدمه عضو الكنيست عن حزب الليكود اليميني أميت هاليفي، في أعقاب حملة استمرت خمس سنوات من قبل رؤساء المجالس الإقليمية للمستوطنين ومنظمات مثل «حراس الخلود» المتخصصة في الحفاظ على ما يزعم بأنه تراث يهودي من انتهاكات مزعومة على أيدي العرب الفلسطينيين. وتردد الحملة أكاذيب مفادها أن ثمة مواقع في الضفة الغربية لها أهمية أساسية بالنسبة إلى ما أسمته «التراث اليهودي»، وخلقت انطباعاً بوجود «حالة طوارئ أثرية» تستدعي تدخل الدّولة لمنع الفلسطينيين من «نهب وتدمير آثار المواقع اليهودية ومحاولاتهم المتعمدة لإنكار الجذور اليهودية في الأرض» – على حد تعبيرهم.

وكانت اللجنة التشريعية الحكوميّة قد وافقت على التعديل المقترح لقانون الآثار، وأرسلته للكنيست الإسرائيلي (البرلمان) لمراجعته من قبل لجنة التعليم والثقافة والرياضة التي عقدت اجتماعها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك تحضيراً لعرضه بالقراءة الأولى و«التصويت» في الكنيست بكامل هيئته خلال وقت قريب.

وبينما اكتفت السلطة الفلسطينية والدول العربيّة بالصمت في مواجهة هذه الاندفاعة لتعديل القانون، حذرّت جهات إسرائيلية عدة من خطورة تسييس علم الآثار في سياق الصراع الصهيوني الفلسطيني، واعتبرت منظمة «إيميك شافيه» غير الحكومية على لسان رئيسها التنفيذي ألون عراد أن «تطبيق قانون إسرائيلي على أراضي الضفة الغربية المحتلة يرقى إلى مستوى الضم الرسمي»، وحذَّر في حديث صحافيّ من «عواقب، ومزيد من العزل لمجتمع علماء الآثار الإسرائيليين في حالة فرض عقوبات دوليّة عليهم بسبب تعديل القانون»، كما أكدت جمعيّة الآثار الإسرائيليّة أنها تعارض مشروع القانون «لأن غايته ليست النهوض بعلم الآثار، بل لتعزيز أجندة سياسية، وقد يتسبب ذلك في ضرر كبير لممارسة علم الآثار في إسرائيل بسبب التجاوز على القانون الدولي المتعلق بالأنشطة الأثرية في الضفة الغربية»، ولا سيّما قرار محكمة العدل الدولية في التاسع عشر من يوليو (تموز) الماضي، الذي جدَّد التأكيد على أن وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة برمته غير قانوني، وطالب الدّولة العبريّة بـ«إزالة مستوطناتها في الضفة الغربية والقدس الشرقية في أقرب وقت ممكن»، وألزمت سلطة الاحتلال بتقديم تعويضات كاملة للفلسطينيين بما في ذلك إعادة «جميع الممتلكات الثقافية والأصول المأخوذة من الفلسطينيين ومؤسساتهم».

وتشير الخبرة التاريخيّة مع سلطة الآثار الإسرائيلية إلى أن الحكومة تقوم لدى إعلان السلطة منطقة ما موقعاً تاريخيّاً بفرض حماية عسكريّة عليها، مما قد يتطلّب إخلاء السكان أو فرض قيود على تحركاتهم وإقامة بنية تحتية أمنية لدعم الحفريات، وتمنع تالياً الفلسطينيين أصحاب الأرض من تطويرها لأي استخدام آخر، الأمر الذي يعني في النهاية منع التنمية عنها، وتهجير سكانها وتهويدها لمصلحة الكيان العبريّ، لا سيّما وأن الضفة الغربيّة تحديداً تضم آلاف المواقع المسجلة، مما يجعل كل تلك الأراضي بمثابة موقع أثري ضخم مستهدف.

وتبرر الحكومة الإسرائيلية الحاليّة دعمها مشروع القانون للجهات الأُممية عبر تبني ادعاءات منظمات ومجالس مستوطني الضفة الغربيّة بأن الفلسطينيين يضرون بالمواقع ويفتقرون إلى الوسائل التقنية والكوادر اللازمة للحفاظ عليها، هذا في وقت قامت به قوات الجيش الإسرائيلي بتدمير مئات المواقع الأثريّة في قطاع غزة الفلسطيني المحتل عبر استهدافها مباشرة، مما يعني فقدانها إلى الأبد.

لن يمكن بالطبع للفلسطينيين وحدهم التصدي لهذا التغوّل على الآثار في فلسطين، مما يفرض على وزارات الثقافة ودوائر الآثار والجامعات في العالم العربيّ وكل الجهات الأممية المعنية بالحفاظ على التراث الإنساني ضرورة التدخل وفرض الضغوط للحيلولة دون تعديل الوضع القانوني للأراضي المحتلة بأي شكل، ومنع تهويد تراث هذا البلد المغرِق في عراقته.