زياد الرحباني يحيي حفلا على وقع قذائف الهاون في «البلمند»

زحف جمهوره للقائه من كل مناطق الشمال اللبناني متحديا الأخطار

زياد الرحباني يحيي حفلا على وقع قذائف الهاون في «البلمند»
TT

زياد الرحباني يحيي حفلا على وقع قذائف الهاون في «البلمند»

زياد الرحباني يحيي حفلا على وقع قذائف الهاون في «البلمند»

لم يخلف زياد الرحباني موعده، جاء إلى جامعة البلمند في شمال لبنان مساء أول من أمس (السبت)، رغم المعارك الشرسة التي كانت مشتعلة في طرابلس. الجامعة التي تقع على مرتفع مشرف على المدينة المنكوبة، لم تكن بعيدة كثيرا عن المعارك الدائرة والتي أوقعت في ذاك اليوم عشرات القتلى والجرحى، وكان دوي قذائفها المجنونة لا يزال يسمع عاليا.
لا بل على العكس، يبدو أن زياد الرحباني كان شديد الحساسية لما يدور. وصل على الموعد بدأ حفلته دون تأخير دقيقة واحدة، على غير عادته. لا مجال هنا للمزاح، بعض الحاضرين جازفوا بحياتهم كي يصلوا لملاقاته، وعليهم أن يعودوا بسرعة إلى بيوتهم، قبل أن تشتد وطأة الموت، وتصطادهم على الطريق.
عند السابعة والربع كان «أوديتوريوم الزاخم» في الجامعة قد امتلأ بالجمهور. المقاعد وكذلك كل مكان صالح لوقوف متفرج بات محجوزا. أحدهم قال إنه اضطر لحضور الحفل على رجل ونصف، لأنه لم يجد مكانا لرجله الثانية. كان لا بد من العثور على حل لهذا الزحف البشري القادم بكثافة غير عابئ بالوضع الأمني المتردي في الشمال. وضعت شاشة في ردهة خارجية واصطفت عشرات الكراسي. أكثر من 200 شخص لم يتمكنوا من حضور زياد بشكل حي، واكتفوا بمتابعته على الشاشة مصرين على التشجيع والتصفيق والتعليق وكأنما للحفل امتداد آخر.
عند السابعة والنصف، دخل زياد المسرح. في مثل هذا اليوم لا مجال للتأخير، من أجل تفاصيل تقنية مبالغ في الحرص عليها. قال زياد لجمهوره: «نحنا هون مش كثير بعاد عن طرابلس. ولسوء الحظ هيدي الليلة كثير صعبة، بس ما فيك إلا تكفي. هيدا الوضع الأمني مش عم يخلص. بتمنى انو يخلص، بس نحنا عنا حفلة».
هكذا افتتح زياد حفله، قبل أن يعزف النشيد الوطني وتغني منال سمعان - القادمة كما عرف عنها زياد هي وبعض أعضاء فرقته «أرثوذكس» من حمص - أغنية فيروز «على مهلك يا با على مهلك قدامك عيد... الليلة السهر بيندهلك والصبح بعيد».
جاء زياد ليخرج جمهوره من كابوسه، مزودا بما تحمله خزائن الأخوين رحباني من كنوز، وما في أرشيفه من إسكتشات وألحان، وكلمات تحاكي زمنهم الذي لم يتغير كثيرا منذ نصف قرن إلى اليوم.
وصل زياد إلى «البلمند» بعد أيام، من انتهاء عروض مسرحية «مجنون يحكي» من إخراج لينا خوري، التي شارك فيها تمثيلا، واستمرت لأسابيع، بعد أن اجتذبت جمهورا واسعا. يبدو أن زياد أحب اصطحاب فريق العمل الذي تعوده معه، فشاركته في الحفل لينا خوري لأداء الإسكتشات بين الأغنيات، والممثلة القديرة ندى أبو فرحات، ومعهما نقيب الإعلام المرئي والمسموع رضوان حمزة، إضافة إلى غازاروس التونيان.
تناوبت المغنيات المرافقات لزياد على الغناء، وتنافسن في أداء الفيروزيات، وبعض مما أدته لطيفة من ألحان زياد، وكذلك سلمى التي كان قد خصها بألبوم شهير حمل اسمها، إضافة إلى المقطوعات الموسيقية الرحبانية التي كانت تسمح لزياد، أثناء عزفها من قبل الفرقة، بالتواري خلف الكواليس بين الحين والآخر، لتدخين سيجارته التي يصعب عليه الانقطاع عنها، ثم يعود ليأخذ مكانه وراء البيانو، منقلا أنامله بينه وبين أورغ وضعه إلى يمينه.
أحسن زياد الاختيار. كل أغنية كانت تنقل الجمهور إلى جو مختلف عن الأخرى. بدت الألحان متنوعة إلى حد مذهل. أي عبقرية ابتكرت هذه الإبداعات الموسيقية.
جاز شرقي مع «أسعد الله مساءكم»، رومانسية عارمة مع «خليك بالبيت هلأ حبيت»، حيوية دفاقة مع «هب الهوا وماج الهوا من جنوبي... يغلي على سنين الغلا محبوبي»، حلم العشق الذي يكتمل أبدا برفقة أغنية لطيفة «مع انه خلصنا أنا واياك... هيدي معلومات مش أكيده»، وخوف المرأة التي طحنها الغرام على كلمات «أنا فزعانه تقوم عن جد تنساني»، لينتفض الجمهور حماسة على الإيقاعات السريعة النابضة لأغنية «اشتقتلك، اشتقتلي، بعرف مش رح بتقلي».
الجمهور في الصالة الرئيسة وحيث انتصبت الشاشة، كله يردد، ويعرف الأغنيات عن ظهر قلب. أغنية «تلفن عياش» هي غرام الجمهور، ظرف كلماتها، وسرعة لحنها، يشعلان المكان، ليهدأ الجو قليلا مع «قال قايل عن حبي حبك مش حلو» ويصل جنون الحضور إلى أقصاه مع «عودك رنان».
حفلة منوعة، اختيرت عناصرها بعناية. ومن جميل ما أعجب الجمهور تلك المقاطع و«الردات» الزجلية الطريفة التي كتبها زياد، وضمنها ألبوم «بما إنو» للراحل الكبير جوزف صقر. كان الحضور يستمع إلى الكلمات الزجلية، وكأنه يصغي إليها للمرة الأولى ويصفق لها إعجابا ومرحا لما تتضمنه من لعب على الكلمات من عربية وفرنسية.
من كل الأعمار جاءوا. عائلات بأكملها، بأجيالها، كبارها وصغارها. غريب أمر هذا السر الرحباني، الذي يجمع الأجيال كلها تحت ظلاله الفنية الشاهقة. لا يبدو أن آراء زياد السياسية، أثرت في شعبيته. فهو بالنسبة لجمهوره الفنان الذي يسعدهم ويفرحهم، وينتقدهم ويجعلهم يسخرون من أنفسهم، أكثر مما يسخرون من الآخرين.
زياد الرحباني بعد سنة حافلة بالحفلات والنشاطات، ومشاركة تمثيلية أعادته إلى المسرح بعد 19 عاما من الغياب في «مجنون يحكي»، يخرج من قوقعته، وحضوره إلى جامعة البلمند بينما القذائف تتساقط ومدافع الهاون تدك طرابلس، كان بمثابة فسحة أمل لجمهور يبحث عن خشبة خلاص.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.