بريطانيا تحتفل بـ100 عام على حصول النساء على حق الاقتراع

على مدى عام كامل في جميع أنحاء البلاد

صديق خان عمدة لندن دشن معرضاً عن حركة المطالبة بحق النساء في التصويت بـ«ترافلغر سكوير» أمس (أ.ف.ب)
صديق خان عمدة لندن دشن معرضاً عن حركة المطالبة بحق النساء في التصويت بـ«ترافلغر سكوير» أمس (أ.ف.ب)
TT

بريطانيا تحتفل بـ100 عام على حصول النساء على حق الاقتراع

صديق خان عمدة لندن دشن معرضاً عن حركة المطالبة بحق النساء في التصويت بـ«ترافلغر سكوير» أمس (أ.ف.ب)
صديق خان عمدة لندن دشن معرضاً عن حركة المطالبة بحق النساء في التصويت بـ«ترافلغر سكوير» أمس (أ.ف.ب)

كتبت تيريزا ماي، ثاني امرأة ترأس الحكومة في تاريخ بريطانيا، على صفحتها في «تويتر»: «لا توجد طريقة أفضل من أن نبدأ احتفالات اليوم بجمع كل نائبات البرلمان الموهوبات، يجب أن نحقق المزيد، ولكنني فخورة بأن هناك أكثر من 200 نائبة اليوم، وبهذا تقوى ديمقراطيتنا». كلمات ماي صحبت صورة جمعتها مع النائبات في البرلمان للاحتفال بالمناسبة، معظمهن ارتدين شعارات الحركة مثل هاريت هيرمان عضوة حزب العمال، التي ارتدت دبوساً على هيئة إيميلين بانكهيرست، أشهر الناشطات في الحركة.
واحتفلت بريطانيا أمس، بمرور 100 عام على السماح للنساء بالتصويت في الانتخابات في 6 فبراير (شباط) 1918. وتبنى البرلمان البريطاني الحدث عبر عدة مبادرات وفعاليات تستمر على مدى عام كامل. كما احتفل على موقعه في «تويتر» من خلال مجلسيه، العموم واللوردات، بأهمية اليوم في التاريخ البريطاني وكرّم سيدات حركة «تحرير المرأة» وقادتها.
الاهتمام كان منصبّاً على النائبات وعلى رئيسة الوزراء إلى جانب السيدات العاملات في مجال السياسة، فهن قد استفدن من حصيلة المعركة التي خاضتها سيدات حركة المطالبة بحق النساء في الاقتراع، وكانت وقفتهن عرفاناً بالجميل وإصراراً على التمسك بالحقوق المكتسبة والمطالة بغيرها. وعبرت ماي في برنامج «وامنز آور» عن مشاعر الكثيرات في أن الحصول على حق الاقتراع كان خطوة أولى لانخراط النساء في الحياة العامة، وأضافت: «كانت تلك النقطة التي شعرت فيها النساء بأنهن يستطعن إحضار تجاربهن وآرائهن وأفكارهن في الحياة العامة». وتابعت من خلال البرنامج الذي تم تسجيله في بيت رائدة حركة «حق النساء في الاقتراع» إميليا بانكهيرست بمدينة مانشستر، في نصيحة للنساء بأن «يكنّ على طبيعتهن وأن يؤمنّ بما يفعلن».
من جانبه افتتح عمدة لندن صادق خان، معرضاً في «ترافلغر سكوير» مخصصاً لذكرى رائدات المطالبة بحق المرأة في التصويت للانتخابات. اشتمل المعرض على لوحات ضخمة لـ59 ناشطة من سيدات الحركة ورائدتهم إميلين بانكهيرست. وكتب صادق خان على «تويتر»: «في مثل هذا اليوم من 100 عام نالت أول بريطانيات الحق في الانتخاب. اتجهوا إلى ترافلغر سكوير لتروا معرضنا الذي يحتفل ببعض الوجوه المشهورة وغيرها من الأبطال المنسيين في حركة (حق النساء في الاقتراع والتصويت)». المعرض حمل اسم «سجل موقفاً»، وهو من سلسلة احتفالات تشمل بريطانيا كلها. وإلى جانب الأسماء المعروفة في الحركة ضم المعرض أسماء شخصيات أخرى لم تأخذ حقها تاريخياً، وهو ما أكدته نائبة عمدة لندن للثقافة جاستين سيمونز، قائلة إن الاهتمام كان بضم أسماء لم تلقَ الكفاية من التنويه. وأضافت لصحيفة «إيفننغ ستاندر»: «حققت حملة المساواة بين المرأة والرجل الكثير خلال الـ100 عام الماضية، ولكن من الواضح أن الطريق ما زال طويلاً. نريد أن نحتفل في هذه اللحظة بإخراج الشخصيات الرئيسية في الحركة من طيات الأرشيف لنضعهن في ترافلغر سكوير الذي شهد عدداً كبيراً من خطاباتهن منذ 100 عام».
وكان للمتاحف البريطانية دور في الاحتفال أيضاً، حيث أقام معرض البورتريه الوطني (ناشيونال بورتريه غاليري) عرضاً خاصاً بعنوان «الاقتراع للنساء»، كما عرض متحف «تيت بريتان» لوحة لرائدة الحركة ميليسنت فوسيت.
والمعروف أن رائدات الحركة النسوية في بريطانيا تعرضن للاعتقال بسبب نشاطهن، وبسبب بعض الأساليب العنيفة التي اتبعتها بعضهن مثل إضرام النيران في البيوت أو إلقاء الأحجار على النوافذ، وكان لهذا الأمر تأثيره عند اختيار الشخصية التي سيتم تكريمها منهن بإقامة تمثال لها خارج البرلمان. وبالفعل وقع الاختيار على ميليسنت فوسيت التي لم تلجأ إلى العنف أبداً. وأمس أعلنت الفنانة التي كُلِّفت بصنع التمثال، جيليان ويرنغ، عن تفاصيل التمثال وعن موعد إزاحة الستار عنه. وحسب الـ«غارديان» سيدشَّن في ميدان البرلمان في شهر أبريل (نيسان) القادم. ويعد التمثال أول مجسم لامرأة يوضع في وسط لندن وسيحمل على قاعدته صوراً لأهم قائدات الحركة النسوية. وعلقت الفنانة في حديث لصحيفة الـ«غارديان»: «من المهم أن ندرك أن المعركة في سبيل المساواة لم تكن سهلة. كان جهاداً طويلاً وشاقاً، لا أستطيع تخيل الإحباط في حياة ميليسنت فوسيت وهي التي قضت 6 عقود في المطالبة بحق النساء في الاقتراع».
في خطة الاحتفال بالمناسبة التاريخية خصصت الحكومة مبلغ 5 ملايين جنيه إسترليني لمختلف الفعاليات في أنحاء البلاد، خصص منها مليون جنيه لعمل تماثيل لنساء مناضلات في الحركة مثل فوسيت في لندن، وتمثال آخر لإميلين بانكهيرست سيقام في مانشستر حيث عاشت.
من جانب آخر قال جيريمي كوربين زعيم حزب العمال، إنه سيعمل على إسقاط العقوبات التي نالتها المطالبات بحق المرأة في الانتخاب إذا ما انتُخب رئيساً للوزراء. ولكن وزيرة الداخلية في حكومة المحافظين آمبر راد، قالت إنها ستدرس الأمر، غير أنها تحفظت على إسقاط التهم عن بعض الناشطات اللاتي استخدمن وسائل تخريبية مثل الحرائق، وأضافت في حديث لبرنامج «توداي» على محطة «راديو 4»: «يجب أن أكون صريحة هنا، الأمر معقد».
وفي اسكتلندا أعلنت الوزيرة الأولى نيكولا ستيرجن، عن تخصيص مبلغ 500 ألف جنيه إسترليني لصندوق تشجيع النساء للانخراط في السياسة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».