ظهور قيادات عسكرية من الجيش العراقي السابق.. وسكان بغداد في حالة صدمة

«المجلس العسكري» يسعى لتعيين محافظ جديد لنينوى > قصف مواقع لـ {داعش» في تكريت

سيارة تمر أمس بالقرب من جسر في الموصل معلق عليه شعار داعش (رويترز)
سيارة تمر أمس بالقرب من جسر في الموصل معلق عليه شعار داعش (رويترز)
TT

ظهور قيادات عسكرية من الجيش العراقي السابق.. وسكان بغداد في حالة صدمة

سيارة تمر أمس بالقرب من جسر في الموصل معلق عليه شعار داعش (رويترز)
سيارة تمر أمس بالقرب من جسر في الموصل معلق عليه شعار داعش (رويترز)

ظهرت قيادات عسكرية من الجيش العراقي السابق الذي حله الأميركيون عام 2003 في الموصل خلال الأيام الماضية، إذ أعلن «المجلس العسكري» للمسلحين في المحافظة الساقطة عن سيطرة الحكومة العراقية عن تعيين محافظ جديد كان عسكريا في جيش النظام السابق. ووردت أنباء عن تداول أسماء عدة، منها العميد هاشم الجماز واللواء ركن أزهر العبيدي من الجيش العراقي السابق، لتولي منصب المحافظ ولكن لم تؤكد شخصية المحافظ حتى مساء أمس.
وأفاد بيان من «الإعلامية المركزية لدعم العراق» تسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منه، وهي مجموعة مرتبطة بالمسلحين الذين سيطروا على محافظة نينوى أن «النصر يتحقق بسرعة» مؤكدا الوصول إلى «بوابات كركوك وتكريت وصولا إلى طوق بغداد». وهناك مساع من بعض الأطراف العراقية على انتزاع صفة «الدولة الإسلامية في العراق والشام» عن المسلحين أو «المجلس العسكري»، إذ أوضح البيان أن «الثورة تشارك فيها كل الفصائل القومية والوطنية الإسلامية فلا تكرروا ما ينشر حول داعش أو غيرها فكل مجاهد مشارك فيها لأن الهدف الأساس والذي لا يعلوه هدف هو القضاء التام على النفوذ الإيراني في العراق وتحرير العراق».
وطالب البيان «عدم ترويج أي معلومة إلا إذا نشرت في شبكتي البصرة وذي قار أو وردتكم من مصادر رسمية لنا تعرفونها»، مضيفا: «هناك الكثير ممن أخذوا يصدرون البيانات باسم الثورة أو الجيش أو غيرهما سواء بحسن نية أو بغيرها، وترديد معلومات غير دقيقة أو خاطئة يشكل إرباكا للناس الذين لم يعودوا يتحملون الإرباك، لذا نرجو منكم التقيد التام بنشر ما ينشر في المصادر التي ذكرناها». وتابع البيان «أن الثورة وكما أكدنا مرارا هي ثورة كل العراقيين وهي ليست ثورة جماعة أو حزب وإنما هي ثمرة نضال كل القوى الوطنية والقومية والإسلامية لذلك تجنبوا تضييق نطاق وقيمة الثورة بنسبها لجماعة ما مهما كانت فعالة».
وبينما كانت الأجواء في الموصل أمس توصف بـ{الهدوء الحذر»، أقامت القوات التابعة لـ{داعش» استعراضا عسكريا وسط الموصل للمعدات العسكرية التي استحوذت عليها. وبقيت المدارس والدوائر العامة في الموصل، ثاني مدينة في العراق، مغلقة، فتحت بعض المحلات الصغيرة أبوابها ليحصل المدنيون على بعض المواد الغذائية الأساسية. وبقيت أزمة الوقود الأكثر الحاحا في المدينة التي شهدت انقطاعا كاملا للكهرباء في بعض الأحياء خاصة في الساحل الأيمن من المدينة. وأكد شهود عيان منع المسلحين في الموصل التعرض لمنازل النازحين ومنع حالات السرقة في المدينة.
وبينما تزايدت المخاوف في الموصل من قصف جوي للمدينة، أكدت مصادر أمنية ان طائرات عراقية قصفت مواقعا في تكريت التي يسيطر عليها المسلحون. ولم تكن هناك انباء محددة عن اعداد المقتولين أو المجروحين من جراء القصف.
وعاشت العاصمة العراقية بغداد يوم أمس يوما من الترقب والقلق بعد أنباء عن وصول المسلحين الى مشارف العاصمة. وجلس زيد عبد الوهاب وأمامه صديقه وحدهما في مطعم شعبي في وسط بغداد، بانتظار وصول الطعام الذي طلباه، يراقبان شارعا عادة ما يكون مزدحما عند متصف النهار، غير أنه الآن فارغ من المارة والسيارات. ويقول زيد (33 عاما) الذي يعمل صحافيا متحدثا لوكالة الصحافة الفرنسية: «بغداد فارغة منذ يومين. المواطنون لا يخرجون، ولا أحد في الشارع. الناس خائفة والمسلحون باتوا على بعد 90 كلم، يعني عند أطراف العاصمة، وقد يدخلون على غفلة».
ويضيف، بينما يهم شخص بتوزيع قطع من الكبة العراقية على الطاولة البيضاء: «فعلا، لا نعرف ماذا يحصل. أين الجيش الذي أنفقنا عليه المليارات؟ كيف يترك جيش مدافع وطائرات في أيدي مسلحين؟». وتابع زيد: «أنا شخصيا خائف على نفسي، وعلى عائلتي. لماذا لا أخاف؟ لو كان هناك مكان أسافر إليه، ولو كنت قادرا على ذلك لسافرت اليوم، ولما بقيت في بغداد».
ويعيش العراق منذ يومين على وقع صدمة سقوط مدينة الموصل (350 كلم شمال بغداد) ومحافظة نينوى في أيدي مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، أقوى المجموعات الجهادية المقاتلة في العراق وسوريا، بعد انسحاب الجيش منها.
وبعدما أحكم المقاتلون المتطرفون قبضتهم على مدينة الموصل عاصمة الشمال، تمكنوا من السيطرة على مدينة تكريت (160 كلم شمال بغداد) مركز محافظة صلاح الدين، وبعض النواحي الواقعة إلى جنوبها، وبلغوا منطقة الضلوعية التي تبعد نحو 90 كلم عن شمال العاصمة.
ودعا المتحدث باسم التنظيم أبو محمد العدناني في كلمة صوتية مقاتلي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» إلى مواصلة «الزحف» جنوبا نحو بغداد ومدينتي كربلاء والنجف الشيعيتين. ويروي زيد أنه توقف منذ يومين عن التوجه إلى عمله المسائي، وأصبح يلتزم بعمل صباحي فقط. ويقول: «هناك نقاط تفتيش في بغداد انسحبت، حتى السيطرات قل عددها، وبتنا نسمع إطلاق نار في المساء. ما يحصل في البلاد لم نر مثله منذ عام 2003. وأصبحنا نعيش على وقع صدمة وقلق وخوف لم نختبرها منذ ذلك العام». وبدت شوارع بغداد أمس أقل ازدحاما مما تكون عليه عادة، حتى إن بعض المحلات التي نادرا ما تغلق أبوابها في منتصف النهار، فضل أصحابها عدم التوجه إليها وإبقاءها مغلقة. وقال مصور صحافي يعمل في وسط بغداد: «وصلت إلى مكان عملي اليوم بربع ساعة، علما بأنني عادة ما أحتاج إلى ساعة وربع الساعة للوصول إليه». وفي شارع الكرادة، في وسط العاصمة التي بدأت منذ مساء الأربعاء تغلق مداخلها ومخارجها من العاشرة مساء (19:00 ت.غ) وحتى السادسة صباحا (03:00 ت.غ)، فرغت محلات الحلاقة والملابس الرجالية والمطاعم الشعبية من الزبائن، بينما أبقت بعض المحلات أبوابها مغلقة.
وقال سلام (25 عاما) الذي يملك محل حلاقة: «العمل تراجع كثيرا خلال اليومين الماضيين. ليس فقط محلات الحلاقة التي تعاني، بل كل أنواع الأعمال تراجعت بسبب الظروف الأمنية الأخيرة»، وأضاف: «نخشى التطورات طبعا».
وفي بداية الشارع الذي غالبا ما يتعرض إلى تفجيرات بسيارات مفخخة وأحزمة ناسفة، وقف أبو علاء (54 عاما) وفي يده قطعة من الحديد يرسم بها علامات على قطعة كبيرة من الزجاج وضعها على طاولة رمادية.
وقال أبو علاء من خلف نظاراته الدقيقة، وقد فتح معظم أزرار قميصه الأبيض بسبب الحر الشديد: «الوضع كله تغير. الناس كلها مشوشة، كل شخص يشعر أنه بات وحده وليس هناك من يحميه». وأضاف: «إنها صدمة غير طبيعية، كما صدمة الكويت، الفاجعة نفس الفاجعة. يوم دخول الكويت الناس كانت تائهة لا تعلم بما يجري، واليوم الأمر هو نفسه، لكن معنوياتنا في الأرض الآن. انتهت معنوياتنا».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».