إسرائيل تعاود درس بناء ميناء ومطار لقطاع غزة على جزيرة اصطناعية

تشترط التوصل إلى صفقة أسرى مع «حماس» أولاً... ورئيس أركانها يحذِّر من انفجار عنيف

TT

إسرائيل تعاود درس بناء ميناء ومطار لقطاع غزة على جزيرة اصطناعية

بعد مماطلة دامت أكثر من سنة، وافقت الحكومة الإسرائيلية على إعادة البحث في المشروع الذي طرحه وزير المواصلات والمخابرات، يسرائيل كاتس، لبناء جزيرة في البحر الأبيض المتوسط مقابل قطاع غزة، وإقامة ميناء بحري ومطار، يؤديان إلى كسر الحصار وحل مشكلة الضائقة الإنسانية الشديدة التي يعانيها السكان الفلسطينيون هناك.
جاء هذا القرار في أعقاب التحذير الذي طرحه أمام الحكومة رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال غادي آيزنكوت، خلال جلستها، أول من أمس (الأحد)، وقال فيه إن هناك احتمالاً قوياً لاندلاع انفجار عنيف في قطاع غزة، خلال العام الحالي، جرّاء الأزمة الإنسانية الشديدة التي يعاني منها القطاع. وقال كاتس، صاحب الاقتراح، إن بناء الجزيرة الاصطناعية في قلب البحر هو أفضل حل لأزمة غزة. وأكد أن إسرائيل تخشى بالأساس من أن يؤدي فك الحصار إلى إدخال كميات من الأسلحة ومجموعات من الإرهابيين إلى القطاع ضمن الحرب على إسرائيل. لكن هذه المسألة يمكن إيجاد حل لها بواسطة فرض مراقبة على كل ما يدخل إلى ويخرج من القطاع. وعلى إسرائيل أن تصر على أن يكون المراقبون أجانب بمرافقة دائمة من إسرائيل ومصر، بوصفهما الدولتين المعنيتين بالدفاع عن أمنهما.
وأكد كاتس أن مشروعه يحتاج إلى سنوات من التخطيط والعمل، وخلال هذه الفترة يجب على «حماس» أن تطلق سراح الإسرائيليين الموتى والأحياء المحتجزين لديها، وهم: الجنديان هدار غولدين وأورون شاؤول (اللذان أعلنت إسرائيل أنهما قتلا وتطالب برفاتهما، بينما يعتقد آخرون أن أحدهما «شاؤول» ما زال حياً)، وكذلك المواطنون الإسرائيليون أبراهام أبرا منغيستو (وهو إثيوبي الأصل)، وهشام السيد وجمعة إبراهيم أبو غنيمة (وهما مواطنان عربيان من فلسطينيي 48).
وكان آيزنكوت قد صرح بأنه «على إسرائيل القيام بخطوات ملموسة لمنع انهيار القطاع». وعرض أمام الحكومة، السيناريوهات المحتملة في أعقاب تدهور الأوضاع في القطاع. وكرر تصريحات قالها ضباط كبار في لقاءات مختلفة، في الآونة الأخيرة. وقد تم في أكثر من مناسبة التوضيح للقيادة السياسية أن تجميد المساعدات لـ«أونروا» من قبل الإدارة الأميركية قد يفاقم من الأوضاع في القطاع. وأوضح أن انخفاض الدورة المالية وغياب الأموال النقدية في غزة يؤديان إلى تخفيض الاستيراد بشكل كبير. وعلى سبيل المثال، فقد دخلت نحو 300 شاحنة بضائع فقط، من إسرائيل إلى قطاع غزة، أول من أمس، ما يشير إلى انخفاض كبير في القوة الشرائية لسكان غزة.
وأوضح قائد الجيش الإسرائيلي أنه مع تدهور الوضع سيصل المزيد من المتظاهرين إلى السياج، ويتزايد عدد المتظاهرين كل أسبوع، وأن الاشتباكات بالقرب من السياج تشكل نقطة ضعف كبيرة، ويعتقد أن وقوع حادث استثنائي قرب السياج قد يقود إلى التصعيد. وعزا آيزنكوت هذا الاحتمال إلى الأزمة الإنسانية الشديدة التي يمر بها القطاع، وأخطرها في مجال الكهرباء، ناهيك بمجالي المياه والمواد الغذائية. لكن رغم هذه التحذيرات، فإن رئيس الأركان الإسرائيلي قال إن إعادة إعمار القطاع تجب أن تكون مشروطة بحل قضية الأسرى والمفقودين الإسرائيليين لدى «حماس» في قطاع غزة.
من جهته، أعلن جيسون غرينبلات، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط، موقفاً مؤيداً لإسرائيل في موضوع قطاع غزة. وهاجم حركة «حماس» والسلطات الإيرانية، وكتب في سلسلة من التغريدات على حسابه في «تويتر» أن «على (حماس) تحسين حياة أولئك الذين تطمح إلى حكمهم، ولكنها بدلاً من ذلك تختار زيادة العنف والتسبب بالمعاناة لسكان غزة».
وأضاف: «تصوروا ما الذي يمكن لسكان غزة عمله مع المائة مليار دولار التي تقدمها طهران لـ(حماس) سنوياً، والتي تستخدمها (حماس) للسلاح والأنفاق من أجل مهاجمة إسرائيل»؟! وأضاف غرينبلات أن «على (حماس) السماح بإعادة رفات هدار غولدين وإطلاق سراح أورون شاؤول، وكذلك المواطنين الإسرائيليين أبراهام أبرا منغيستو، وهشام السيد، وجمعة إبراهيم أبو غنيمة».
وعقّب الناطق باسم «حماس»، فوزي برهوم، على ذلك بقوله: إن تصريحات المسؤول الأميركي «عدائية للتغطية على جرائم الاحتلال وانتهاكاته، ودور الإدارة الأميركية في الوقوف وراء العنف والإرهاب الإسرائيلي ضد قطاع غزة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.