تهديدات نوعية تُلقي بظلالها على احتفالية «اليوم العالمي لإنترنت آمن»

منها اختراقات المواقع الإخبارية واستغلال «السوشيال ميديا» في توجيه الرأي العام

تهديدات نوعية تُلقي بظلالها على احتفالية «اليوم العالمي لإنترنت آمن»
TT

تهديدات نوعية تُلقي بظلالها على احتفالية «اليوم العالمي لإنترنت آمن»

تهديدات نوعية تُلقي بظلالها على احتفالية «اليوم العالمي لإنترنت آمن»

فيما يحتفل العالم بـ«اليوم العالمي لإنترنت آمن»، تتصاعد التهديدات النوعية ضد «الفضاء السيبراني»، وتنذر بصعوبات وخسائر على أكثر من صعيد؛ فقد زادت وتيرة تعرض المواقع الإلكترونية للاختراق، كما تعددت شكاوى الأفراد من انتهاك خصوصياتهم، فضلاً عن السرقات الضخمة عبر استخدام الاختراق الإلكتروني لحسابات مصارف وكيانات كبيرة.
تقام احتفالات «اليوم العالمي لإنترنت آمن» Safer Internet Day هذا العام اليوم، تحت شعار «التواصل، وتبادل المنافع بين المستخدمين باحترام: الاستخدام الآمن للإنترنت يبدأ من الأفراد»، وهي دعوة لجميع المستخدمين من أجل خلق بيئة عمل أكثر أماناً عبر شبكة الإنترنت وبالأخص فئة الشباب (الشريحة الأكثر استخداماً)، حتى يتواصلوا معاً ويتبادلوا الخبرات والمعارف والمهارات مما يعزز فرص جميع المستخدمين في خلق بيئة رقمية أكثر توازناً واحتراماً.
يتم تنظيم فعاليات هذا الحدث بدعم من شبكة Insafe - Inhope Network، والمفوضية الأوروبية، وتمويل برنامج Connecting Europe Facility Programme.
وتتزامن احتفالات هذا اليوم مع اختراقات المواقع الإلكترونية وانتهاك خصوصية الأفراد. ومن المتوقع أن يزداد هذا الخطر في عام 2018 مع تبنّي بعض أخطر المهاجمين في العالم هذا التوجه وتشمل أهمّ التنبؤات المتعلقة بالتهديدات الموجهة في عام 2018، وفق المؤسسة المتخصصة في مجالات أمن الإنترنت «كاسبرسكي لاب»، ما يلي: «برامج خبيثة عالية المستوى تستهدف الأجهزة المحمولة، حيث تم كشف برامج خبيثة متطورة تشكل عند استغلالها سلاحاً قوياً في وجه الأهداف غير المحصنة».
كما ستستمر الهجمات المدمِّرة في الازدياد، فقد كشفت هجمات شامشون 2.0 وستون دريل التي جرى الإبلاغ عنها في أوائل العام الحالي، وهجمة ExPetr-NotPetya التي حدثت في يونيو (حزيران)، عن زيادة اهتمام المهاجمين بالهجمات الماحية للبيانات. بالإضافة إلى حدوث اختراقات كثيرة لأجهزة توجيه الإنترنت والموديم المعروف بضعفه وقلّة تحصينه، فمثل هذه الأجهزة تتيح مدخلاً مهماً للمهاجمين يسمح لهم بالدخول إلى الشبكة. كما يمكن أن ترتفع الهجمات التي تستهدف اختراق الشبكات الخاصة لدى الجهات العاملة بمجال الرعاية الصحية، لاستهداف المعدّات والبيانات الطبية، بهدف الابتزاز أو إحداث تخريب ما وذلك في ظلّ تزايد المعدات الطبية المتخصصة المتصلة بشبكات الحاسوب.
ومن المرجح أن تكون أنظمة الأمن في المنشآت الصناعية عُرضة لخطر متزايد جرّاء الهجمات الموجهة التي تستهدف طلب الفدية، فالأنظمة التقنية التشغيلية أكثر هشاشة وضعفاً من شبكات تقنية المعلومات المؤسسية، وغالباً ما تكون مكشوفة لمخاطر الإنترنت.
وفي هذا الصدد، يقول ياسر خليل، مؤسس موقع صحافي أونلاين لصحيفة «الشرق الأوسط»: «يتزامن الاحتفال مع كثرة حوادث اختراقات المواقع الإخبارية في الكثير من دول العالم، واستغلال شبكات التواصل الاجتماعي في توجيه الرأي العام كما حدث في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، فقد وجدنا حملات إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي لصالح الرئيس ترمب، إلى جانب انتهاك خصوصية الأفراد وخاصة ما يتعلق بتسريب المكالمات الشخصية، وتتبع تحركات الأشخاص والتي تقوم بها شركات تستخدم تكنولوجيات متقدمة وهو ما أشارت إليه تسريبات ويكيليكس». ويدلل على قوله بنماذج متنوعة لانتهاكات واختراقات الخصوصية والتي حدثت في العام الماضي مثل: تداول صور شخصية ومقاطع فيديو خاصة على نطاق واسع بين المستخدمين والمواقع الإلكترونية، بشكل ينتهك خصوصيات الأفراد.
من جانبه، يقول خالد البرماوي خبير تكنولوجيا المعلومات لـ«الشرق الأوسط» إن «العالم العربي يستعد لحقبة جديدة عنوانها النمو في عدد مستخدمي شبكة الإنترنت والذي يتوقع أن يبلغ نحو 226 مليون مستخدم بحلول عام 2018، وذلك وفقاً لـ(تقرير اقتصاد المعرفة العربي 2015 - 2016)، الذي تمّ إطلاقه (الثلاثاء 29 مارس (آذار) 2016) من قبل (أورينت بلانيت للأبحاث)»، وبالتالي يجب أن يتعلم مستخدمو الإنترنت كيفية الحفاظ على سرية بياناتهم الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأن تكون كلمة السر password قوية أي أن تكون مكونة من ما لا يقل عن 8 حروف ورموز وأرقام كبيرة، كما يجب أن تكون كلمة السر غير مرتبطة بكلمات مفهومة أو بيانات شخصية تخص المستخدم».
ويضيف البرماوي «يجب ألا يقوم المستخدمون بمشاركة الصور البذيئة فيما بينهم أو كتابة الآراء المتعصبة، أو المساهمة في الترويج للشائعات والأخبار الكاذبة، لأن آراءهم يتم تسجيلها في مواقع الشبكات الاجتماعية ومن الصعب محوها».
كما ينصح «وليد حجاج» خبير تكنولوجيا المعلومات مستخدمي الإنترنت باستخدام كلمات سر معقدة لهواتفهم المحمولة، وأجهزة الكومبيوتر التي يستخدمونها، مع أهمية ربط حساباتهم الشخصية برقم موبايل مستخدم، أما مواقع السوشيال ميديا فيتم ربطها أيضاً ببريد إلكتروني حقيقي مستخدم ويفضل استخدام مفاتيح حماية بلاستيكية تدعى U2F Universal 2nd Fator Authentication Key التي من شأنها أن تُتيح لمستخدميها تأمين حساباتهم على الإنترنت سواء مواقع الشبكات الاجتماعية أو حتى مواقع التجارة الإلكترونية مثل «أمازون» وغيرها، وأخيراً يفضل استخدام مخصصة لرفع مستويات الأمان.
يذكر أنه قد تم إطلاق اليوم العالمي لإنترنت آمن، الذي يحتفل العالم به خلال شهر فبراير (شباط) كل عام، لأول مرة عام 2004 كمبادرة من الاتحاد الأوروبي والمنظمة الأوروبية للتوعية بشبكة الإنترنت «إنسيف» المهتمة بالقضايا ذات الصلة بالإنترنت.
وخلال عام 2009 تم تشكيل لجان لـ«اليوم العالمي لإنترنت آمن» في الدول، لتقوية الروابط فيما بينها، وتسهيل وتعزيز التعاون في القضايا المتعلقة بالأمان والسلامة على الإنترنت. ومع مرور الوقت تخطى الاحتفال حدود أوروبا، إذ احتفلت به 14 دولة عام 2004. بينما يتم الاحتفال به اليوم في نحو 100 دولة في جميع أنحاء العالم. ويعني مفهوم «أمن الإنترنت» إبقاء المعلومات الخاصة تحت سيطرة الشخص المباشرة والكاملة، أي عدم إمكانية الوصول لها من قبل أي شخص آخر دون إذن، وأن يكون الشخص على علم بالمخاطر المترتبة على السماح لشخص ما بالوصول إلى المعلومات الخاصة.
ويهدف هذا اليوم إلى رفع درجة الوعي بالمخاطر الكامنة في الإنترنت، وأهمية الحفاظ على الخصوصية لدى الآخرين من خلال رفع درجة الوعي بحالات الخطر، والاستخدام السيئ وعواقبه القانونية، إضافة إلى تطوير معايير وأنظمة أخلاقية وسلوكية لائقة عند استخدام الإنترنت، إلى جانب توفير أدوات وبرامج تقنية وعملية مفيدة وسهلة الاستخدام، وصولًا إلى تعزيز العمل المشترك نحو إيجاد آليات مناسبة للعمل نحو استخدام آمن لشبكة للإنترنت.


مقالات ذات صلة

«تعفن الدماغ»... ما علاقته باستخدام الإنترنت ومواقع التواصل؟

صحتك قضاء ساعات طويلة في تصفح الإنترنت قد يصيبك بـ«تعفن الدماغ» (رويترز)

«تعفن الدماغ»... ما علاقته باستخدام الإنترنت ومواقع التواصل؟

تُعرف «أكسفورد» تعفن الدماغ بأنه «التدهور المفترض للحالة العقلية أو الفكرية للشخص»

ماري وجدي (القاهرة)
يوميات الشرق التدهور المفترض للحالة العقلية أو الفكرية للشخص في العصر الحديث يحدث نتيجة الإفراط في استهلاك الإنترنت وفقاً لـ«أكسفورد» (أ.ب)

«تعفن الدماغ»... كلمة عام 2024 من جامعة أكسفورد

اختيرت كلمة «تعفن الدماغ» لتكون كلمة عام 2024 في «أكسفورد».

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا كابل الاتصالات البحري «سي ليون 1» أثناء وضعه في قاع بحر البلطيق عام 2015 (أ.ف.ب)

بدء إصلاح كابل بيانات متضرر في بحر البلطيق

 بدأ إصلاح كابل اتصالات بحري متضرر بين هلسنكي وميناء روستوك الألماني في بحر البلطيق، الاثنين.  

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
المشرق العربي أطفال انفصلوا عن شقيقهم بعد فراره من شمال غزة ينظرون إلى صورته على هاتف جوال (رويترز)

انقطاع كامل للإنترنت في شمال غزة

أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل)، اليوم (السبت)، عن انقطاع كامل لخدمات الإنترنت في محافظة شمال قطاع غزة، بسبب «عدوان الاحتلال المتواصل».

«الشرق الأوسط» (غزة)
يوميات الشرق حبُّ براد بيت سهَّل الوقوع في الفخ (رويترز)

«براد بيت زائف» يحتال بـ325 ألف يورو على امرأتين «مكتئبتين»

أوقفت الشرطة الإسبانية 5 أشخاص لاستحصالهم على 325 ألف يورو من امرأتين «ضعيفتين ومكتئبتين»... إليكم التفاصيل.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».