تونس تراهن على قانون الاستثمار الجديد لتحفيز النمو

حزمة من الامتيازات المالية والحوافز الجبائية

TT

تونس تراهن على قانون الاستثمار الجديد لتحفيز النمو

أعدت الحكومة التونسية حزمة مهمة من الامتيازات المالية والحوافز الجبائية لفائدة المستثمرين التونسيين والأجانب من خلال القانون الجديد للاستثمار، الذي شرعت في تنفيذه منذ بداية السنة الحالية.
ويهدف هذا القانون إلى التشجيع على إنشاء المؤسسات الاقتصادية وتطويرها، وتنمية مجموعة من الأنشطة الاقتصادية التي منحتها الدولة الأولوية، وتوفير فرص العمل والرفع من نسبة الجامعيين في المؤسسات الاقتصادية، علاوة على دفع التنمية في الجهات الفقيرة والمهمشة، وفقاً لوزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي التونسية.
وتهدف تونس لزيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو ثلاثة في المائة هذا العام من 2.3 في المائة العام الماضي.
وصادق البرلمان التونسي على القانون الجديد للاستثمار منذ شهر سبتمبر (أيلول) 2016، إلا أن إصدار مجموعة من الأوامر الحكومية والنصوص التطبيقية المتعلقة لتنفيذ هذا القانون أجَّل بداية الاستفادة من الامتيازات إلى شهر يناير (كانون الثاني) الماضي.
وستمنح الحكومة المستثمرين في 13 منطقة محددة في القانون نسبة 15 في المائة من تكلفة الاستثمار، على ألا تتجاوز المنحة الحكومية حدود 1.5 مليون دينار تونسي(نحو 600 ألف دولار) ومكَّنتهم من الإعفاء من الضرائب لمدة 5 سنوات.
وفي السياق ذاته، حددت 134 منطقة تعاني من ضعف كبير على مستوى الاستثمار والتنمية وستمنح المستثمرين فيها نسبة 30 في المائة من تكلفة الاستثمار، على ألا تتجاوز المبالغ الممنوحة من قبل السلطات حدود 3 ملايين دينار تونسي (نحو 1.2 مليون دولار).
أما بالنسبة للقطاعات والأنشطة الاقتصادية ذات الأولوية على مستوى الجهات في القانون الجديد، فقد شملت القائمة على وجه الخصوص استخراج المواد الإنشائية وترويجها على حالتها، ومشغلي شبكات الاتصال ومزودي خدمات الإنترنت، وتجارة التفصيل والجملة، وخدمات المطاعم والمقاهي وخدمات الاستهلاك على عين المكان باستثناء المطاعم السياحية المصنفة، وإنتاج وتوزيع الكهرباء والغاز والمحروقات باستثناء إنتاج الطاقات المتجددة، والخدمات العقارية وخدمات الإيجار ووكالات الأسفار السياحية.
وعلى وجه العموم، قدَّم القانون الجديد للاستثمار عدداً مهمّاً من الامتيازات والحوافز على المستوى الوطني، من بينها منحة الرفع في القيمة المضافة والقدرة التنافسية، ومنحة التنمية المستدامة بعنوان مقاومة التلوث وحماية البيئة، ومنحة تشجيع التصدير والقطاعات المجددة، ومنحة القطاعات ذات الأولوية والمنظومات الاقتصادية في الصناعة والخدمات.
وفي هذا الشأن، قال عز الدين سعيدان، الخبير المالي والاقتصادي التونسي، إن رغبة الحكومة في الإقلاع الاقتصادي واضحة من خلال هذا القانون الجديد، غير أن غياب ثقافة العمل والإنتاج قد يكون من بين العوائق التي ستقف أمام أهداف القانون الجديد للاستثمار.
وأشار إلى آلية الحكم المحلي التي سيبدأ تنفيذها بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات البلدية المقبلة، وقال إن هذه الآلية قد تمثل حلاً مهماً بالنسبة للاستثمار على المستوى المحلي.
على صعيد متصل، أعلن خليل العبيدي، رئيس الهيئة التونسية للاستثمار (جهاز حكومي)، عن أن الهيئة ستشرع في دراسة المشاريع الاقتصادية التي تتجاوز قيمتها الاستثمارية 15 مليون دينار تونسي (نحو 6 ملايين دولار) في مرحلة أولى.
وحسب رئيس الهيئة التي انطلقت أعمالها بداية الشهر الماضي، ستعمل الهيئة على حل إشكالية «صمت الإدارة التونسية» تجاه ملفات المستثمرين الجدد، وستكون بمثابة المخاطب الوحيد لهم وستقوم بكل الإجراءات مع مختلف الإدارات المعنية لاستكمال مراحل إرساء المشاريع في شتى القطاعات في أقصر الآجال.



كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
TT

كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)

تعهدت وزارة المالية في كوريا الجنوبية، يوم الأحد، بمواصلة اتخاذ تدابير استقرار السوق بسرعة وفعالية لدعم الاقتصاد، في أعقاب إقالة الرئيس يون سوك-يول، بسبب فرضه الأحكام العرفية بشكل مؤقت.

وأكدت الوزارة أنها ستستمر في التواصل بنشاط مع البرلمان للحفاظ على استقرار الاقتصاد، مشيرة إلى أنها تخطط للإعلان عن خطتها السياسية نصف السنوية قبل نهاية العام الحالي، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، دعا زعيم الحزب الديمقراطي المعارض، لي جاي-ميونغ، إلى تشكيل «مجلس استقرار وطني» يضم الحكومة والبرلمان لمناقشة القضايا المالية والاقتصادية وسبل تحسين مستوى معيشة المواطنين. وأشار إلى أن التحدي الأكثر إلحاحاً هو تراجع الاستهلاك بسبب الطلب المحلي غير الكافي، وتقلص دور الحكومة المالي. وأضاف لي أن معالجة هذا الأمر تتطلب مناقشة عاجلة لموازنة إضافية يمكن أن تشمل تمويلاً لدعم الشركات الصغيرة، بالإضافة إلى استثمارات في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية، لمواجهة تحديات نقص الطاقة.

وكان البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب المعارض، قد مرر مشروع موازنة 2025 بقيمة 673.3 تريليون وون، متجاوزاً اقتراح الحكومة الذي بلغ 677.4 تريليون وون، وذلك دون التوصل إلى اتفاق مع حزب «قوة الشعب» الذي ينتمي إليه الرئيس يون والحكومة.

من جهته، أعلن بنك كوريا -في بيان- أنه سيعتمد على كافة الأدوات السياسية المتاحة بالتعاون مع الحكومة، للرد على التحديات الاقتصادية، وتفادي تصاعد التقلبات في الأسواق المالية وأسواق العملات الأجنبية. وأكد البنك ضرورة اتخاذ استجابة أكثر نشاطاً مقارنة بالفترات السابقة من الإقالات الرئاسية، نظراً للتحديات المتزايدة في الظروف الخارجية، مثل تصاعد عدم اليقين في بيئة التجارة، وازدياد المنافسة العالمية في الصناعات الأساسية.

كما أكدت الهيئة التنظيمية المالية في كوريا الجنوبية أن الأسواق المالية قد تشهد استقراراً على المدى القصير، باعتبار الأحداث السياسية الأخيرة صدمات مؤقتة؛ لكنها ستوسع من الموارد المخصصة لاستقرار السوق إذا لزم الأمر.

من جهة أخرى، شهدت أسواق الأسهم في كوريا الجنوبية ارتفاعاً للجلسة الرابعة على التوالي يوم الجمعة؛ حيث بدأ المستثمرون يتوقعون تراجع حالة عدم اليقين السياسي بعد تصويت البرلمان على إقالة الرئيس يون. كما لم يتوقع المستثمرون الأجانب أن تؤثر الاضطرابات السياسية الأخيرة بشكل كبير على نمو الاقتصاد أو تصنيفه الائتماني لعام 2025، إلا أنهم أشاروا إلى تأثيرات سلبية محتملة على معنويات السوق، مما قد يؤدي إلى زيادة في سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي، واستمرار عمليات بيع الأجانب للأسواق المحلية.

غرفة تداول بأحد البنوك في سيول (رويترز)

وفي استطلاع أجرته «بلومبرغ»، أفاد 18 في المائة فقط من المشاركين بأنهم يعتزمون تعديل توقعاتهم بشأن نمو الاقتصاد الكوري الجنوبي لعام 2025، بسبب الأحداث السياسية الأخيرة، بينما أكد 82 في المائة أن توقعاتهم ستظل دون تغيير. كما توقع 64 في المائة من المشاركين أن يظل التصنيف الائتماني السيادي كما هو، في حين توقع 27 في المائة خفضاً طفيفاً. ووفقاً للاستطلاع، يُتوقع أن يتراوح سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي بين 1.350 و1.450 وون بنهاية الربع الأول من 2025.

أما فيما يتعلق بأسعار الفائدة، فقد زادت التوقعات بتخفيضات مسبقة من قبل بنك كوريا؛ حيث توقع 55 في المائة من المشاركين عدم حدوث تغييرات، بينما توقع 27 في المائة تخفيضاً في الأسعار قريباً. وتوقع 18 في المائة تخفيضات أكبر. وأشار كيم سونغ-نو، الباحث في «بي إن كي للأوراق المالية»، إلى أن تحركات السوق ستعتمد بشكل كبير على قرارات لجنة السوق الفيدرالية الأميركية في ديسمبر (كانون الأول)؛ حيث قد يسهم أي تخفيض لأسعار الفائدة من جانب الولايات المتحدة في تعزيز توقعات تخفيض الفائدة في كوريا الجنوبية في الربع الأول من 2025.

وقد أكد كيم أن العوامل السياسية ليست المحرك الرئيسي للأسواق المالية؛ مشيراً إلى أن الاضطرابات السياسية عادة ما تكون لها تأثيرات قصيرة الأجل على الأسواق. وأضاف أن الركود الاقتصادي -وليس الأحداث السياسية- هو المصدر الرئيس للصدمات المالية الكبيرة.

كما أشار كثير من المسؤولين الماليين إلى أن إقالة الرئيس يون قد تعود بالفائدة على الاقتصاد الكوري الجنوبي. وفي مقابلة إعلامية، أكد محافظ هيئة الرقابة المالية، لي بوك هيون، أن عزل الرئيس سيكون خطوة إيجابية للاستقرار الاقتصادي في البلاد، معرباً عن اعتقاده بأن القضاء على حالة عدم اليقين السياسي أمر بالغ الأهمية لتحقيق استقرار الاقتصاد، وفق صحيفة «كوريا تايمز».

وفيما يخص التوقعات المستقبلية، أشار صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية من المتوقع أن يصل إلى 2.2 في المائة في 2024 بدعم من صادرات أشباه الموصلات، في حين يُتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 2 في المائة في 2025 مع اقتراب الاقتصاد من إمكاناته الكاملة. وأكد الصندوق أن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، والمخاطر تميل إلى الاتجاه السلبي.

وبينما يظل التضخم قريباً من هدف بنك كوريا البالغ 2 في المائة، شدد الصندوق على ضرورة تطبيع السياسة النقدية تدريجياً في ظل هذه الظروف، مع الحفاظ على تدخلات محدودة في سوق الصرف الأجنبي لمنع الفوضى. كما أشار إلى أهمية تعزيز التوحيد المالي في موازنة 2025 لمواجهة ضغوط الإنفاق الطويلة الأجل، مع التركيز على السياسات المتعلقة بمخاطر العقارات.

كما أشار إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية على المدى المتوسط والطويل لدعم النمو وسط التحولات الهيكلية؛ مشيراً إلى ضرورة معالجة تراجع القوة العاملة من خلال تحسين الخصوبة، وزيادة مشاركة النساء في العمل، وجذب المواهب الأجنبية، بالإضافة إلى تعزيز تخصيص رأس المال، وتحسين مرونة المؤسسات المالية.