أوراق الفاكهة وروبوت الحلوى في المعرض الدولي بكولون

الأطعمة النباتية قليلة السكر والدهن النزعة السائدة > شاركت فيه 1660 شركة من 73 دولة

TT

أوراق الفاكهة وروبوت الحلوى في المعرض الدولي بكولون

يتزايد في هذا العصر الحديث عن أضرار السكر الصحية وحسب استطلاع لـ«معهد نيلسن لدراسات السوق» (أُجرِي سنة 2017) يودّ 73 في المائة من الناس تقليل السكر في الطعام. هذا الأمر انعكس على الشركات المصنعة للحلوى والشوكولاته، على المستوى العالمي، التي بدأت الاستجابة إلى هذه النزعات، وهو ما ظهر في عبر المعرض الدولي للحلوى 2018 الذي أقيم في كولون هذا الأسبوع.
يشجع قطاع الشوكولاته في منحاه هذا حقيقة أن العزوف عن السكر والملح لم يوقف نهم المستهلكين للحلوى. وتشير إحصائية «منتل» لاستطلاعات الرأي إلى أن الألمان خصصوا مبلغ 13.8 مليار سنة 2017 لشراء الحلوى والمعجنات. وهذا يعني أن كل ألماني يستهلك 30 كغم من الشوكولاته والمعجنات في السنة.
وتحبذ نسبة 28 في المائة من المستهلكين التمتع بالحلوى النباتية الخالية من كل منتج حيواني، وهي نسبة كبيرة مقارنة بالإحصائيات السابقة. وترتفع هذه النسبة إلى 46 في المائة بين فئة الأعمار بين 25 و34 سنة.
شارك في المعرض الدولي للحلوى في كولون هذا العام 1660 شركة من 73 دولة احتلت عروضهم جميع قاعات المعرض الـ11 الضخمة. وذكرت إدارة المعرض أن النزعات السائدة هذا العام، تحت شعار «الحلو ليس سكرياً بالضرورة»، هي تحبيذ الأغذية النباتية و«الفيغانية»، وسيادة الحلويات اللاسكرية، والنزوع إلى الأغذية الصحية القليلة «الكوليسترين»، والخالية من الغلوتين واللاكتوز.
ومعروف أن «الفيغاني» يختلف عن النباتي في أنه يرفض تناول المنتجات الحيوانية مثل البيض والجبنة والزبدة أيضاً. أما اللاكتوز فهو سكر الحليب الثنائي الناتج عن اتحاد وحدة من الغالكتوز وأخرى من الغلوكوز. ويوجَد سكر الحليب بشكل طبيعي في الحليب ويشكل ما بين 1.5 في المائة و8 في المائة من وزن الحليب.
شاع استخدام نبتة ستيفيا بديلاً للسكر منذ أكثر من 15 سنة في الولايات المتحدة وسويسرا، ومنذ أقل من عشر سنوات في بقية أوروبا. وهي نبتة تعيش في أميركا لجنوبية ومذاقها أشد حلاوة من سكر السوق 200 مرة.
والمالتيت، أو المالتيتول، هو سكر كحولي (بوليول) ينتج عن طريقة هدرجة المالتوز، ويستخدم كبديل للسكر، نسبة حلاوته هي 75 إلى 90 في المائة من حلاوة سكر المائدة ويشبهه كثيراً في الخواص. يمنح الملتيت المستهلك نصف السعرات الحرارية الناتجة عن سكر المائدة، ولا يعزز تسوس الأسنان، وله تأثير أقل على سكر الدم، ويعد بديلاً جيداً للسكر.
وهكذا قدمت شركة «غولون» الإسبانية بسكويتاً محلى بمادة ستيفيا. ولا يختلف البسكويت من ناحية المظهر عن البسكويت الاعتيادي من الشركة ذاتها، إلا أن حلاوته أقل، ومذاقه مثل مذاق «الكوكالايت».
وعرضت شركة «ديلكاتو» السويدية كريات من الشوكولاته وجوز الهند سمتها «ديلكاتو بول» واستخدمت المالتيت في التحلية. وتقول مصادر الشركة إن طعم جوز الهند المبروش ورائحته تعوضان عن قلة حلاوة الكرات.
وللمرضى الذين يعانون من السكري، وللأطفال، عرضت شركة «زيرو» اليونانية (القاعة 11) حلوى محلاة بالمالتيت والزبدة قليلة الدهن. كما قدمت الشركة نفسها نوعاً آخر من الحلوى محلّى بالستيفيان ولم يكن الطعم يختلف كثيراً.
وعلى المنوال ذاته استعرضت شركة «داي كيت» الألمانية ساندويتشاً من الحلويات باستخدام التحلية بستيفيا ومالتيت. ويبدو الساندويتش مثل قطعة جبنة من المارزيبان بين قطعتي خبز من الشوكولاته (القاعة 4).
و«وولي» عبارة عن قطع فواكه باللبن الزبادي من شركة «تروللي» الألمانية. وهي حلوى قليلة السكر، لكنها خالية من الجيلاتين الحيواني ومن اللاكتوز، ومناسِبة تماماً للنباتيين والمعانين من حساسية اللاكتوز وللمسلمين.

- فواكه ورقية
ورغم النزوع العالمي لتقليل السكر، لا يبدو أن ذلك يشمل الفواكه المجففة التي تدخل في صناعة الحلوى والمعجنات. ولكن الجديد في الأمر هو تقديم الفواكه المجففة بشكل أوراق خفيفة.
شركة «دورفيرك» البرلينية (القاعة 11) قدمت «أوراق الفاكهة» القليلة السكر والسهلة الهضم، خصوصاً المصنوع منها من التفاح والبرتقال والبرقوق...إلخ. وذكرت مصادر الشركة أنها صنعت هذه الأوراق من فاكهة طازجة، لكنها تستعصي على البيع بسبب «خلل بصري»، بمعنى أن شكلها لا يساعد على بيعها.
وحولت شركة «دورفيرك» الطماطم، التي تعاني من «خلل بصري» أيضاً، إلى رقائق بطاطس تحمل اسم «توماتو تشيبس». وأضافت إليه الليمون والفلفل الحار وقليلاً من الملح كي تعزز قدرتها على منافسة «تشيبس البطاطا». وتقول الشركة إن استخدام الفواكه والمخضرات ذات «الخلل البصري» في صناعة الحلوى يقلل ظاهرة تبديد الطعام في العالم الصناعي.
شركة «كوشله» الألمانية اختارت أن تخاطب الأطفال بلغة النقود والرياضيات، فعرضت أوراقاً نقدية من عدة فئات مصنوعة من المعجنات والشوكولاته. وغني عن القول إنه من الممكن للطفل أن يأكل ورقة من فئة 10 يوروات، كي يعرف كم تبقّى له من هذه النقود اللذيذة.
ويقول كريستوف شبيلفوغل، من شركة «كوشله»، إن «الـ(كرابر كاش) تعين الطفل على تعلم الحساب، وتعلمه كيفية التصرف بالنقود. ويضيف أن لعبة النقود المحلاة تقلل نهم الطفل أيضاً إلى الحلوى».

- اصنعها بنفسك
رصدت إدارة المعرض منحى جديداً في إنتاج شركات الحلوى، ألا وهو «افعلها بنفسك!»، إذ يمكن للإنسان أن يشتري الطماطم المجففة من شركة «دوروفيرك» ثم يحوِّلها إلى رقائق بطاطس مفلفلة بنفسه، وبحسب كمية الملح والفلفل التي يريدها.
هذا ينطبق على حلوى «غومي بيرشن» (الدببة المطاطية) من شركة «لوليبوب» السويسرية (القاعة 11) التي صارت تبيع منتجها المشهور مصحوباً بأدوات ومواد تساعد المستهلك على تحضيرها بنفسه، إذ يمكن للمستهلك أن يصب المادة الحلوة «المطاطية» بنفسه في قوالب صغيرة من السيليكون ثم يتمتع بأكلها. ويعتقد منتجو حلوى «اصنعها بنفسك» أن تحضير الإنسان للحلوى بنفسه يقلل استهلاكه لها.
وزادت معروضات الحلويات والمعجنات، المصنوعة من المواد المستوردة بالتجارة العادلة (فير تريد) بنسبة 40 في المائة، في هذا العام، قياساً بمعرض سنة 2013.
والمميز بين ما تم عرضه من منتجات «التجارة العادلة» كان عبارة عن فول سوداني مملح قليلاً بملح البحر ومغلف ككتل بالشوكولاته. وهو من منتجات شركو «لامبرتز» الألمانية في مدينة آخن.

- روبوت من الحلوى يصارع وشماً
وما عاد القول إن الأطفال يخصصون مصروفهم اليومي لشراء الشوكولاته ممكناً، والحقيقة أن النزوع نحو شراء الألعاب الإلكترونية أصبح الأقوى. وتحاول شركات الشوكولاته استعادة شيء مما خسروه من قطاع الأطفال، عن طريق مزج الحلويات بألعاب الكومبيوتر.
و«الروبوت الواقعي»، أو «ذي ريالتي روبوت»، عبارة عن روبوت صغير من الحلوى (مصاصة) يوضع على اليد قرب وشم يشبهه، ثم يستخدم المستهلك (الطفل) تطبيقاً على «السمارت فون» ليجعلهما يصارعان بعضهما على شاشة الجهاز.
فالحلوى، بحسب شركة «دوك» (القاعة 3)، التي صنعت الروبوت الواقعي، صارت تلعب دوراً ثانوياً بالنسبة للطفل، فالمهم بالنسبة للأخير هو التسلية وقضاء الوقت. ويمكن للطفل أن يصارع الروبوتات وأن يتلذذ بطعمها في الوقت ذاته.
فضلاً عن ذلك، عرضت شركة «لقمسان» التركية في الجناح 11 «شيش دونر كباب» (الشاورمة التركية)، واستخدم أحد العارضين سكين الدونر الكبيرة لقطع شرائح اللحم عن الشيش وتقديمها إلى الجمهور. وكل طبقة محشوة بنوع من المكسرات، مثل الفستق والبندق والجوز... إلخ.
ومن شركة «شتيغنر» الألمانية يمكن لشركات إنتاج الحلوى الحصول على أغلفة طبيعية مصنوعة من «التشيبس» لحفظ منتجاتها. وهي أغلفة نباتية ذات عمر طويل، كما تؤكد الشركة في القاعة 10، كما أنها صالحة 100 في المائة للأكل. ومن لا يحبذ أكل هذا النوع من الأغلفة يمكنه أن ينتظر تحللها بيولوجيّاً إلى عناصرها الأولية.
وذهبت جائزة المعرض هذا العام إلى سيدة ألمانية تعيش في الولايات المتحدة هي ديلان لورنس، ابنة مصمم الأزياء رالف لورنس. والسيدة لورنس تدير في الولايات المتحدة محلاً اسمه «ديلان كاندي بار» يقدم العروض الفنية والموسيقية إضافة إلى الحلوى.
يعول قطاع إنتاج الحلوى الألماني في هذه السنة على مونديال كأس العالم لكرة القدم في روسيا في زيادة مبيعاته. والمعتقد أن كميات الحلويات والمكسرات والمعجنات والتشيبس التي سيستهلكها جمهور كرة القدم ستتضاعف خلال مشاهدة المباريات. ويرتفع الاستهلاك كلما توغل منتخب ألمانيا (المانشافت) في المونديال، وصولاً إلى المباراة النهائية.
وينتظر القطاع أن يحقق في شهر واحد من مباريات كأس العالم زيادة في الدخول بنسبة 5 في المائة مقارنة بسنة 2017.
مع ذلك، يقول فرانز رودولف ايشن رئيس معهد أبحاث السوق الألماني، إن القطاع يعاني من مشكلة قديمة رغم النزعات الجديدة في كل معرض. فنحو 70 في المائة من هواة الحلوى يجربون المنتجات الجديدة في الأشهر الستة التي تلي المعرض. لكن هذه الحلوى الجديدة، التي تعبر عن النزعات السائدة، تختفي تدريجياً من السوق بعد فترة وتترك الساحة إلى المنتجات القديمة. ولا بد للقطاع من تثبيت النزعات الجديدة مثل تقليل السكر والدهن والميل إلى المنتجات النباتية.


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».