«قصر موسى» السياحي بجبل لبنان أصبح يتيم الأب

رحيل صاحبه موسى معماري الذي قضى في بنائه 50 سنة

موسى معماري يقف بجانب قصره
موسى معماري يقف بجانب قصره
TT

«قصر موسى» السياحي بجبل لبنان أصبح يتيم الأب

موسى معماري يقف بجانب قصره
موسى معماري يقف بجانب قصره

حلم موسى معماري منذ كان تلميذاً على مقاعد الدراسة ببناء قصر يسكنه. وعندما أصبح في عمر الـ14 بدأ بتحقيقه. استغرق الحلم منه 52 سنة، لإنجازه واشتهر بـ«قصر موسى».
اليوم يودع اللبنانيون صاحب القصر الحلم، عن عمر ناهز الـ86 سنة، بعد أن أسعد كل لبناني شاهد إبداعه. فهذا القصر الذي بناه موسى معماري بمفرده، بأحجار ملونة، بعد أن زخرفها بيديه، يشكل محطة ذكريات طفولية لكثير من اللبنانيين الذين رافقوا أهاليهم في صغرهم لزيارته، ومن ثم لعبوا الدور نفسه مع أولادهم وأحفادهم وقصدوا منطقة الشوف، خصيصا، ليمتعوا نظرهم بقصر أحلام معماري.
لم يترك موسى معماري «القلعة» كما يحب أن يسميها طيلة حياته، فكان يبيت في منزل يملكه في بلدة دير القمر ليعود إلى القصر من الصباح الباكر. وفي ذلك تقول زوجته ماري في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كان فناناً بكل ما للكلمة من معنى، وتعاونا معاً على بناء هذا القصر الذي أصبح فيما بعد وبطوابقه الثلاثة، معلما سياحيا يقصده أجيال من اللبنانيين». وتروي ماري بأنّ زوجها طالما تمتع بصحة جيدة وكانا يترافقان يومياً في نزهات، يقومان بها سيراً على الأقدام على طرقات البلدة وأنّه رحل بعد أسبوع من إصابته بوعكة صحية عانى فيها من التهاب الرئة.
بدأ موسى معماري بناء قصره في عام 1945 وانتهى من عمارته في عام 1997. واللافت أن «قصر موسى» لا يشبه بهندسته العمارة اللبنانية المشهورة بها بلدة بيت الدين الشوفية، ولذلك منع من إكمال بنائه لفترة كون هندسته لا تتلاءم مع الشروط المفروضة من قبل بلدية بيت الدين. وعندما تبيّن أنّ العقار الذي يُبنى القصر عليه، يعود خراجه إلى بلدة دير القمر، أكمله حتى النهاية. وكان بناؤه تحقيقاً لحلم الطفل موسمي الذي حطمه معلمه وهو صغير، حين مزّق له الورقة التي كان يرسم عليها القصر. لملم موسى أجزاء الورقة واحتفظ بها، وعندما كبر بنى قصره المنشود حجراً حجراً، من دون أن يساعده أحد في البناء، ولما انتهى من إنجازه علّق الورقة على مدخله، وقسّمه إلى ثلاثة طوابق تتضمن غرفا، في كل طابق منها منحوتات من تاريخ التراث اللبناني مصنوعة من الجص، وبينها مجسّمات تُمثّل حياة العائلة اللبنانية في القرى، بالإضافة إلى بعض الأسلحة القديمة التي تعود إلى حقبة العصر العثماني والانتداب الفرنسي في لبنان. وتعدّ مجموعة هذه الأسلحة من أكبر المجموعات في الشرق الأوسط وهي تتكون من (16) ألف قطعة من السلاح القديم. كما تتضمن غرفا أخرى، تماثيل لأمراء لبنان وبينهم المير بشير إضافة إلى شخصيات سياسية وفنية معروفة كالراحلين صباح ونبيه أبو الحسن (صاحب شخصية أخوت شاناي) وغيرهما.
وتؤكد زوجته التي رافقته في إنجاز حلمه لحظة بلحظة، بأنّها وأولادها الأربعة (عبدو وزياد وبسام وريما)، سيكملون مسيرة موسى معماري بعد رحيله اليوم، لا سيما وأنّهم جميعا، شاركوا والدهم حلمه عندما كانوا في أعمار صغيرة، ليقدموا له العون عند عودتهم من المدرسة وفي عطلة الصيف.
أمّا كيف استطاع موسى بناء هذا القصر على الرغم من أنّه ابن عائلة لبنانية متواضعة الحال، فأجابت زوجته ماري في سياق حديثها: «كان يمارس مهنا عدة وعندما جمع مبلغاً من المال اشترى قطعة الأرض هذه ومساحتها 7 آلاف متر مربع ليرهنها وليبدأ بعدها في بناء القصر على مر 52 سنة بمساندة أولاده الذين كانوا قد أنهوا تعليمهم الجامعي ويمارسون العمل.


مقالات ذات صلة

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

يوميات الشرق مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.