المرأة المصرية تعول نحو 30 % من الأسر

مريم بائعة السندوتشات ({الشرق الأوسط})
مريم بائعة السندوتشات ({الشرق الأوسط})
TT

المرأة المصرية تعول نحو 30 % من الأسر

مريم بائعة السندوتشات ({الشرق الأوسط})
مريم بائعة السندوتشات ({الشرق الأوسط})

إذا صادف ومررت في شارع الحجاز بمنطقة المهندسين بجوار حديقته الصغيرة، ستجدها هناك، مريم ابنة مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية شرق مصر، سيدة في أواخر العشرينات من عمرها، تستقبلك بابتسامة تفتح الشهية، وصوت خافت، وتبدأ بشق أرغفتها، لتقدم لك ما تريد من أنواع السندوتشات.
لفتني طفل يقف إلى جوارها، لم يتجاوز الخامسة، أعطت له سندوتشاً صغيراً، وأوصته ألا يبتعد عن الحديقة، ويلعب إلى جوارها، قالت هذا ولدي، وهناك في البيت أخ له أكبر منه قليلا، يؤنس وحدة والده، سألتها، هل زوجك في إجازة اليوم، قالت لا استغنوا عنه في العمل منذ فترة، وما عاد يخرج من البيت، كما أنّه لا يريد أن يأتي معي هنا، فما أقوم به يحتاج إلى شجاعة كبيرة، وأنا أحب خوض الصّعاب وتجاوزها بأي طريقة حتى لا تستفحل، ويصعب حلها.
مريم حاصلة على بكالوريوس في الإعلام، عندما انتهت من دراستها وتزوجت، كانت تعمل في إحدى شركات الإنتاج الإعلامي، ولم تستمر معهم طويلاً، بسبب الظروف التي تمرّ بها البلاد، استغنوا عنها كما استغنى غيرهم عن زوجها، حينها قرّرت أن تبدأ مشواراً جديداً وتواجه مصاعب الحياة، حملت منضدة كانت في مطبخ منزلها، واتفقت مع أحد باعة المواد الغذائية على أن يبيع لها ما تحتاج من مربّى وبيض وحلاوة طحينية وعسل وكريمة وخبز صباحا، على أن تعطيه مستحقاته مساء.
ووفقا لتقديرات حكومية تتولى المرأة في مصر منفردة إعالة نحو 30 في المائة من الأسر، وفي ظل غياب الرجل، أو وفاته تضطّلع نساء كثيرات بجميع الأعباء المادية والمعنوية، وفي ذلك يقول خبراء إن ارتفاع نسبة المرأة المعيلة في مصر مرتبطة بضعف معدلات التنمية وتفشي البطالة خصوصاً في المناطق الريفية والنائية، كما تتولى المرأة، في بعض الأحيان، مسؤولية عائلات يوجد بها رجال عاطلون عن العمل، ذلك على الرغم من حرص الحكومة وسعيها لتقديم يد العون للمرأة المعيلة وتدريبها على بعض الحرف اليدوية حتى تحقق لها نوعا من الاكتفاء الاقتصادي.
قلت لها ألا يحزنك كونك خريجة جامعية، ولا تجدين عملا وتلجئين إلى ما تقومين به الآن، قالت: إنّه «مرهق بالفعل، لكن ماذا أفعل، هل أصمت وأعجز بعدها عن دفع إيصالات الكهرباء والماء مثلا؟ نعم كان قراراً صعباً، وجريئاً، لكنّني اتخذته، وأقبل على العمل دون أي غضاضة أو شعور بالغبن، هل تعلم أن هناك كثيرين من الموظفين هنا، يريدون أن يقلدوني؟ لكنّهم لا يجدون من يقف معهم لإتمام مشروعهم».
صدر في العام 2017 تقرير حكومي يؤكّد مساهمة المرأة في سوق العمل والنشاط الاقتصادي، وذكر أنّ أعدادهن زادت عن السابق، وقد بلغت 22.9 في المائة مقابل 69.6 في المائة للذكور. وقد أرجع هذه الزيادة إلى عوامل اقتصادية تخص قدرة سوق العمل على استيعاب العرض من القوى العاملة النسائية، بالإضافة إلى عوامل الطرد منها التي تظهر في صورة أجور متدنية، وانخراطهن في سوق العمل بسن متأخرة، مقارنة بالذكور، ومحدودية المهن والأنشطة الاقتصادية التي يتنافسن عليها.
توقفت مريم عن العمل، وأرسلت من يأتي لها بخبز جديد، فيما تحلّق زبائنها حولها في انتظار مجيء الشاب، لم يتأخر طويلاً، وحين عاد شقت رغيفاً، وقدمته لي، وقالت «تذوق سندوتشاتي، هل تتخيّل أنّني بدأت هنا بـ20 جنيهاً (دولار واحد تقريب)، وها أنا، الحمد لله، مطمئنة على عيشي وعيش بيتي، فلا أخاف من أحد ولا أخشى أن يستغني عني أحد، أعمل لدى نفسي وأشعر بأمان».


مقالات ذات صلة

انكماش القطاع الخاص في مصر خلال ديسمبر بسبب ضعف الجنيه

الاقتصاد مبانٍ تحت الإنشاء بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

انكماش القطاع الخاص في مصر خلال ديسمبر بسبب ضعف الجنيه

واصل القطاع الخاص غير النفطي بمصر انكماشه خلال ديسمبر في الوقت الذي تدهورت فيه ظروف التشغيل مع انخفاض الإنتاج والطلبيات الجديدة بأسرع معدل بثمانية أشهر

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مدبولي مترئساً اجتماعاً لمتابعة إجراءات طرح شركتَي «صافي» و«وطنية» (رئاسة الحكومة)

مدبولي: الحكومة المصرية ستتابع إجراءات طرح 10 شركات خلال 2025

أعلن رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن الحكومة ستتابع إجراءات طرح 10 شركات خلال عام 2025، وتحديد البرنامج الزمني للطرح.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وسط القاهرة من بناية مرتفعة بوسط البلد (تصوير: عبد الفتاح فرج)

معدل نمو الاقتصاد المصري يرتفع إلى 3.5% في 3 أشهر

سجل الناتج المحلي الإجمالي في مصر نمواً 3.5 % في الربع الأول من السنة المالية 2024-2025، بارتفاع 0.8%، مقابل 2.7% في نفس الربع المقارن من العام السابق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أرشيفية لمواطن داخل أحد محلات الصرافة في القاهرة يستبدل الجنيه بالدولار (رويترز)

 «صندوق النقد» يتوصل لاتفاق مع مصر بشأن المراجعة الرابعة

توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الرابعة بموجب اتفاق تسهيل ممدد مع مصر، وهو ما قد يتيح صرف 1.2 مليار دولار بموجب البرنامج.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد حصَّادة تحصد القمح في حقل زراعي (رويترز)

روسيا تسعى لخفض التكاليف المتعلقة بمدفوعات القمح لمصر

قال رئيس اتحاد منتجي ومصدري الحبوب في روسيا إدوارد زرنين، إن مصدّري الحبوب الروس سيقترحون سبلاً لخفض تكاليف المعاملات المتعلقة بسداد أسعار تصدير القمح لمصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.